سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 1 يوليو 1956.. عزيز صدقى وزيرا للصناعة وعمره 36 عاما.. وحيثيات ترشيحه: «له رؤية مستقبلية شاملة»

الإثنين، 01 يوليو 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 1 يوليو 1956.. عزيز صدقى وزيرا للصناعة وعمره 36 عاما.. وحيثيات ترشيحه: «له رؤية مستقبلية شاملة» عزيز صدقى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ذهب سامى شرف، مدير مكتب الرئيس جمال عبدالناصر، إلى الدكتور عزيز صدقى فى فيلا والده بالدقى، أبلغه بأن يحضر إلى منشية البكرى فى اليوم التالى الساعة السابعة مساء للقاء الرئيس فى منزله، حسب رواية «صدقى» لى فى حوار طويل أجريته معه فى بداية يونيو 2005، مضيفا: «ذهبت فى الموعد المحدد، وفى الصالون وجدت المهندس سيد مرعى، والدكتور مصطفى خليل، واتضح أننا الثلاثة سنكون فى التعديل الوزارى الذى جاء نتيجة إلغاء مجلس الثورة يوم 30 يونيو 1956».
 
أصبح «مرعى» وزيرا للزراعة، و«خليل» للمواصلات، و«صدقى» للصناعة، وظل فى منصبه باستثناء عامين من 1965 إلى 1967، وأصبح رئيسا للوزراء من  1972 إلى عام 1974، وأثناء توليه وزراة الصناعة قاد عملية تنفيذ أضخم برنامج صناعى فى تاريخ مصر، واكتسب من خلاله لقب «أبوالصناعة المصرية».
 
كان«صدقى» يبلغ من العمر وقتئذ 36 عاما «مواليد 1يوليو 1920»، ويحمل الدكتوراة من جامعة «هارفاد» الأمريكية حول الصناعة فى مصر، يؤكد: «سافرت إلى أمريكا عام 1946 وعدت فى فبراير 1952.. درست فى أمريكا الهندسة والتخطيط، ثم اخترت موضوع «الصناعة فى مصر» لرسالة الدكتوراة، والسبب أن الاحتلال الإنجليزى أراد لنا أن نبقى بلدا زراعيا، ولهذا لم تعرف مصر الصناعة بمعناها الحقيقى قبل ثورة يوليو 1952.. كان الطابع الزراعى يغلب على الاقتصاد، وكان التطور الصناعى بطيئا، ونسبة العاملين فى قطاعه لا تزيد عن 11% من القوى العاملة، وإسهامها فى الداخل لا يزيد عن 10%، وقامت الصناعة على الاستهلاك. التوسع الزراعى يتوقف عند حد معين، أما الصناعة فلا حدود أمامها، وهذا معنى رسالتى التى قلت فيها:«التصنيع ليس شهوة تأتى ثم تذهب، وإنما فرض حتمى للتقدم»، وتساءلت: هل يمكن أن ينجح التصنيع لدينا؟ هل لدى مصر إمكانياته؟.. أجابت رسالتى: «نعم شرط الإرادة السياسية». 
 
كان يمكن للدكتوراة التى أنجزها«صدقى» أن تبقى مجرد أمنيات على الأوراق، وكان يمكن لصاحبها أن يشق طريقا آخر، لكن وحسب قوله لى: «تحولت أمنياتى إلى واقع حقيقى على الأرض، فبعد شهور قليلة من عودتى قامت ثورة 23 يوليو»، مؤكدا: «كان عبدالناصر يبجث عن قيادات شابة جديدة». يتذكر:«عملت ثورة يوليو 1952 المجلس القومى للإنتاج برئاسة حسين فهمى، وكان وزيرا للمالية قبل الثورة، وبعد فترة قالوا نعمل «المجلس الأعلى للخدمات» برئاسة عبد اللطيف بغدادى..كان فيه وزراء أعرفهم مع الثورة مثل الدكتور وليم سليم حنا، وعباس المصرى،عرضوا على الانضمام للمجلس على أساس رسالتى للدكتوراة، فعملت عضوا متفرغا فيه، وكانت ميزانيته 14 مليون جنيه، كان معى فؤاد جلال، والدكتور عبده سلام، ولأنى درست التخطيط، أعددت دراسات حول تقديم الخدمة الصحية، والخدمة التعليمية، وفكرنا وقتها فى شىء اسمه الوحدة المجمعة، يعنى الفلاح يحتاج إلى خدمات صحية، وبيطرية، وتعليمية، ففكرنا أن نجمعها فى مجمع واحد بدلا من بعد المسافة داخل القرية بين كل خدمة وأخرى، وعملنا أنا وزملائى الذين كانوا معى فى أمريكا أكثر من تصميم هندسى للمجمع».
 
يضيف: «قرر عبدالناصر زيارتنا عام 1954، فجهزت الدراسات اللازمة للفكرة، وشرحتها أمامه وأنا غير منتبه له، كل تركيزى كان فى الشرح، بينما كان كل تركيزه معى، يستمع باهتمام، ثم يسأل، وأجيب، مشى معى تقريبا حوالى ساعة، ولما خلصنا المهمة عدنا إلى اجتماع لمجلس الإدارة، قال:أنا الحقيقة سعيد جدالأن الخطوة الأولى فى عملكم تسير فى الاتجاه الصحيح، فى اليوم التالى كلمنى الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، قال لى:«الرئيس كان عندكم إمبارح، وهو مبسوط، وقال لى: فيه واحد اسمه عزيز صدقى عايزك تروح له مجلس الخدمات، يشرح لك الحاجات اللى تكلم عنها أمامى»، يؤكد صدقى: «اكتشفنى عبدالناصر فى هذا اليوم وأصبح على علاقة بى، أصدر قرارا بتعيينى عضوا فى مجلس إدارة شركة مصر للتأمين، وشركة كفر الدوار، كان بيجربنى فى أماكن مختلفة».
 
اكتسب«صدقى» مهارات قيادية إضافية من هذه المواقع، وكان ذلك خلاصة التقرير المكتوب عنه فى«كرت ترشيحه للوزارة»، يذكر سامى شرف مدير مكتب عبدالناصر نصه فى الجزء الثالث من مذكراته، مؤكدا:«هذا الكارت محفوظ فى أرشيف سكرتارية الرئاسة بمنشية البكرى، ونصه:«عزيز صدقى،عضو مجلس الإنتاج، برز اسمه من خلال المناقشات والأبحاث والآراء التى قدمها وطرحها وناقشها، تفكيره مرتب ومنطقى فى عرض وجهة نظره بأسلوب علمى وبرؤية مستقبلية، له رؤية شاملة للأمور، ولا يحصر نفسه أوتفكيره فى نطاق محدود وضيق، بل كانت توصياته واستنتاجاته تغطى كافة الجوانب المؤثرة أوالمتأثرة بالموضوع الذى يتناوله أويعرضه، شخصية قيادية لديه القدرة على اتخاذ القرار فى التوقيت المناسب، يٌشكل دما جديدا وعنصر تغيير للشخصيات التقليدية التى كانت تتولى المناصب الوزارية».   
 
يتذكر«صدقى» لحظة تكليفه وزيرا:«ذهبت إلى عبدالناصر فى منزله بمنشية البكرى، كان يجلس فى حجرة صغيرة على كنبة ومعه أنور السادات، قال لى بعد الترحيب وكلمات الود:«انت عارف يا عزيز حاولنا نعمل مجلس إنتاج وغيره، وكلها محاولات غير كافية، نريد صناعة حقيقية، إحنا عايزين ننتقل ونعمل حاجة للبلد،هتمسك وزارة الصناعة، فكر وبعدين نتناقش»..وبدأ«صدقى» من اليوم التالى..فماذا فعل؟ 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة