"نور النساء عنايت خان".. قصة أميرة مسلمة ضحت بحياتها لدحر النازية.. من كاتبة قصص أطفال إلى أول إمرأة جاسوسة خلال احتلال ألمانيا لفرنسا.. دفعت حياتها ثمناً لإخلاصها لوطنها.. ولندن وباريس تمنحها أوسمة البطولة

الأحد، 09 يونيو 2019 10:00 ص
"نور النساء عنايت خان".. قصة أميرة مسلمة ضحت بحياتها لدحر النازية.. من كاتبة قصص أطفال إلى أول إمرأة جاسوسة خلال احتلال ألمانيا لفرنسا.. دفعت حياتها ثمناً لإخلاصها لوطنها.. ولندن وباريس تمنحها أوسمة البطولة نور النساء ووالدها
كتب محمد جمال

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بطولة بدرجة امتياز..أميرة لا تعرف إلا العمل باتقان وإخلاص من أجل الحرية.. قتلت على يد النازيين بشكل وحشى بعد تعذيب 10 أشهر، هكذا نتكلم عن الأميرة الهندية المسلمة "نورالنساء عنايت خان" ، التى قد تظهر صورتها على أكبر عملة ورقية فى البلاد من فئة خمسين جنيه استرلينى عام 2020، تكريماً لها.

وفى تقرير نشرتة شبكة إذاعة " بى بى سى" البريطانية ، يروى لنا مدى روح البطولة والمغامرة التى تمتعت بها تلك السيدة، ولهذا أقامت المملكة المتحدة تمثالاً لتلك الأميرة المسلمة التى ولدت فى روسيا عام 1914، فى ساحة "جوردون" الشهيرة بوسط العاصمة البريطانية، لندن، وأزيح عنه الستار بحضور الأمير فيليب زوج الملكة إليزابيث، وابنتهما الأميرة آن.

 

الأميرة نور عنايت ت
الأميرة نور عنايت

عملت الأميرة التى ترعرعت فى بريطانيا وفرنسا، فى صفوف قوات النخبة فى مجال الجاسوسية لصالح بريطانيا خلال الحرب العالمية، كمشغلة للراديو اللاسلكى عام 1942 ، لتكون أول امرأة تقوم بتلك المهمة فى فترة احتلال ألمانيا النازية لفرنسا، ودفعت حياتها ثمناً "لإخلاصها لوطنها".

ألقى القبض عليها من قبل النازيين فى فرنسا، واقتيدت إلى سجن انفرادى فى ألمانيا، وتعرضت للتعذيب وللتجويع وللضرب لمدة عشرة أشهر متواصلة، إلا أنها لم تستسلم ولم تكشف عن الأسرار التى لديها ولا عن مهمتها، لتنتهى حياتها بإطلاق النار عليها وعلى 3 اعتقلوا معها فى 13 سبتمبر 1944.

بعد مقتلها تم منحها وسام "صليب جورج" فى المملكة المتحدة، وهو وسام يُمنح لمن قام بأعمال بطولية نادرة، تكريماً لها على شجاعتها وبطولتها.

والد نور النساء الذي كان موسيقياً ومعلماً صوفياً
والد نور النساء الذي كان موسيقياً ومعلماً صوفياً

 

كما منحتها فرنسا وسام "صليب الحرب" الذى يُمنح للأبطال فى البلاد، وأقامت فرنسا لها نصبين تذكاريين، بالإضافة إلى إحياء ذكرى وفاتها سنوياً.

وتحولت سيرة حيات الأميرة المسلمة إلى أفلام سينمائية ووثائقية ومسرحيات على خشبات المسارح فى الهند والمملكة المتحدة وفرنسا  وقيل الكثير عن الأميرة، وغطت جميع الصحف أخبارها لبطولتها النادرة عند الاعلان عن مقتلها.

الأميرة آن، ابنة الملكة إليزابيث خلال حفل إزاحة الستار عن تمثال نور عنايت خان
الأميرة آن ابنة الملكة إليزابيث خلال حفل إزاحة الستار عن تمثال نور عنايت خان

 

وكتبت الباحثة، باسو التى درست حياتها لمدة ثمانى سنوات بحسب " بى بى سى" : "لم تتصرف الأميرة نور مدفوعة بولائها المطلق لبريطانيا، بل بسبب كرهها للفاشية والديكتاتورية، كانت فتاة حسناء جميلة وشجاعة وذات شخصية قوية، وذكية وحساسة وموسيقية أتقنت العزف على عدة آلات موسيقية إلى جانب اتقانها للغات الهندية والفرنسية والإنجليزية".

وقالت باسو عنها: "تربت على مبادئ التسامح الدينى وكره العنف والاحتلال بكل أشكاله على يد والدها الصوفى وكانت من دعاة استقلال الهند عن بريطانيا".

واستطردت باسو" ترعرعت فى كنف والدها الموسيقى الصوفي، وعُرف عن جدها الأكبر، السلطان تيبو، رفضه الخضوع للحكم البريطانى وقاد معارك ضد الاحتلال، فقُتل فى إحداها عام 1799".

تمثال الأميرة نور عنايت خان
تمثال الأميرة نورعنايت خان

انتهى الأمر بأسرة نور النساء، الهروب إلى موسكو فى روسيا حيث وُلدت نور، فى الأول من يناير عام 1914 لأب هندى وأم أمريكية.

انتقلت العائلة بعد اندلاع الثورة الشعبية فى روسيا فى مطلع الحرب العالمية الأولى للعيش فى بريطانيا، ثم انتقلوا إلى فرنسا عام 1920 ،وبعد وفاة والدها الأمير، عنايت خان، بسبعة أعوام، قررت نور الالتحاق بالجيش، بعد أن أنهت دراستها فى علم نفس الأطفال فى جامعة سوربون.

وعندما كانت فى منتصف العشرينات من عمرها، كان لديها عمود فى صحيفة "لا فيجارو" الفرنسية، نشرت قصصاً عن حياة الأطفال الهنود، ونشرت عام 1939 كتابها "عشرون حكايا من جاتاكا"، تحدثت فيه عن الملامح الأساسية لعقيدتها ورؤيتها التى تمحورت حول استعدادها للنضال فى سبيل السلام لكل البشر حتى لو كلف ذلك حياتها.

وبعد استسلام الحكومة الفرنسية لألمانيا النازية هربت برفقة والدتها وشقيقتها إلى بريطانيا بواسطة قارب، وصلت إلى المملكة المتحدة تحت اسم نور بكر هرباً من النازيين، وانضمت إلى سلاح الجو كمشغل لاسلكي، ولاحقاً إلى فرقة النخبة عام 1942.

الأميرة نور
الأميرة نور

سافرت إلى فرنسا كجاسوسة لصالح بريطانيا تحت اسم مادلين، رغم أن التقرير الذى أصدرته الجهة التى أشرفت على تدريبها أوصى بعدم تكليفها بمهمة صعبة كونها عاطفية جداً، وعملت فى خلايا المقاومة فى فرنسا التى كانت تسمى"بروسبر"، ورغم انتشار خبر اختراق جاسوس نازى لاحقاً لهذه الخلايا، إلا أنها رفضت العودة إلى بريطانيا مخاطرة بحياتها.

ووصفتها باسو قائلةً: "لقد كانت كاتبة قصص أطفال وموسيقية، لكنها سارت فى اتجاه معاكس، وبرعت فى مجال عملها الجديد"، ورغم تصفية العديد من الجواسيس الذين كانوا معها فى الشبكة من قبل الشرطة الألمانية السرية، جيستابو، إلا أنها لم تصغِ إلى أوامر القيادة فى انجلترا بالعودة إلى الوطن، بل عملت بمفردها فى إدارة شبكة كاملة من العملاء فى جميع أنحاء باريس لثلاثة أشهر أخرى، غيرت خلال تلك الفترة اسمها ومظهرها مرات عديدة.

وفى النهاية، تعرضت للخيانة بعد أن وشت بها امرأة فرنسية، وأرسلت إلى سجن انفرادى فى ألمانيا، ورغم تعرضها لكافة أنواع التعذيب لمدة 10 أشهر متواصلة، ظلت صامدة ولم تكشف عن الأسرار التى كانت تعرفها، ووصفها وقتها النازيون بـ "الخطيرة للغاية".

بعد نقل نورعنايت و3 من العملاء الذين عملوا معها عام 1944، إلى معسكر الاعتقال "داخاو" جنوبى ألمانيا، أطلق عليها ومن معها النار لتكون نهايتها فى 13 سبتمبر من العام نفسه.

أظهرت الأميرة الجاسوسة صلابة داخلية ومقاومة وشجاعة لا مثيل لها أثناء اعتقالها رغم نشأتها فى بيئة مسالمة ومتسامحة، وتقول سابو:" أعتقد أنه يجب ألا ننسى جهود أكثر من مليونين ونصف المليون من الهنود الذين قاتلوا خلال الحرب العالمية الثانية، إنهم جزء لا يتجزأ مما نحن عليه الآن".







مشاركة



الموضوعات المتعلقة


لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة