لا يتوانى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن استخدام شتى السبل الممكنة لتحقيق أهدافه السياسية والاقتصادية، حتى لو كان ذلك بالمزج بين الاثنين، وقد اتضح ذلك، بحسب ما تقول صحيفة "نيويورك تايمز" فى عمل الرئيس بشكل متزايد على إزالة لخط الفاصل بين الأمن القومى والاقتصادى لأمريكا، مما يمكنه من استخدام أدوات قوية التى تهدف بالأساس إلى معاقبة "لأطراف الأسوأ فى العالم"، وإعادة توجيهها صوب كل شريك تجارى تقريبا بما فى ذلك المكسيك واليابان والصين وأوروبا.
وأشارت الصحيفة فى تقرير لها اليوم، الأحد، إلى أن ترامب وعلى مدار بضعة اسابيع أعلن أن السيارات الأوروبية واليابانية ومعدات الاتصالات الصينية والمهاجرين المكسيكيين يمثلون تهديدات للأمن القومى، وهو ما منح الرئيس سلطة استخدام صلاحيات الحرب الباردة لإلحاق الاذى الاقتصادى بالدول من خلال التعريفة الجمركية أو قوائم الحظر الحكومية وغيرها من القيود.
وفى حين أن الإدارات السابقة حاولت التعامل مع التهديدات الأمنية والاقتصادية بشكل منفصل، فإن ترامب قد خلط عمدا بين الاثنين، ورأى أن الممارسات التجارية لدولة أخرى على نفس الدرجة من الخطورة للولايات المتحدة مثل قدراتها العسكرية. وقد تبنى ترامب وجهة النظر هذه منذ الحملة الانتخابية عام 2016، حيث دفع بأجندة أمريكا أولا وتعهد بحماية الشركات التى يعتقد أنها الطرف الخاسر من التجارة العالمية. فبمجرد وصوله إلى المنصب، قام ترامب بسحب الولايات المتحدة من الشراكة عبر الباسفيك التى تضم عدة دول وبدأ تحقيقات حول السلع المستوردة مثل الغسالات والألواح الشمسية التى يعتقد أنها كانت تتدفق إلى السوق الأمريكى.
وقد زاد نهج ترامب حدة على مدار العامين الماضيين، فتبنى رؤية واسعة للأمن القومى أغرقت الولايات المتحدة فى حرب اقتصادية مع كل شركائها التجاريين تقريبا، بمن فيهم حلفائها منذ زمن بعيد.
وكان ترامب قد هدد باستخدام صلاحيات الطوارىء التى تم إنشائها فى عام 1977 لفرض التعريفة على المكسيك، مما يجعله أول رئيس أمريكى يستهدف حليف مقرب بقانون يستخدم عادة لفرض عقوبات اقتصادية على الخصوم الأجانب لأسباب تتعلق بالإرهاب أو مخالفات أخرى.
واستغل ترامب أيضا مادة تعود لعام 1962 تسمح له بفرض التعريفة على الواردات التى يتبين أنها تمثل تهديدا للأمن القومى، ومؤخرا، أعلن أن السيارات القادمة من أوروبا واليابان تمثل خطرا لأمريكا.
كما أن إدارته تحولت إلى نهج الحرب الباردة مع الصين، وقامت بحظر شركات مثل عملاق الاتصالات هواوى من شراء المنجات الأمريكيى وفرض قيودا جديدة على أنواع من التكنولوجيا مثل التكنولوجيا الحيوية والحوسبة عالية الأداء، والتى يمكن تصديرها إلى الخارج.
ويقول تشاد باون، الزميل بمعهد بيترسون للاقتصاد الدولى، إنه بالنسبة لهذه الإدارة، كل شىء يتعلق بالأمن القومى، فكل ما يستطيعون أن يضعوا أيديهم عليه يقع تحت نطاق الأمن القومى. ويستخدمون ذلك ذريعة لفرض التعريفة والتى يمكن أن تنتهك القواعد التجارية.
ويقول ترامب إن هذا النهج هو رد على سنوات من الدبلوماسية الفاشلة التى لم تفعل شى لمنع مغادرة فرص العمل وقدرات التصنيع والابتكار للولايات المتحدة، وتجادل إدارته بأن تآكل الصناعات الأمريكية يمثل تهديدا مباشرا لمستقبل الولايات المتحدة.
وكان ترامب قد صرح أثناء الكشف عن خطته للأمن القومى فى ديسمبر 2017 قائلا إنه سيعيد تأكيد هذه الحقائق الأساسية، وهى أن دولة بلا جدود ليست دولة، والدولة التى لا تحمى رخائها فى الداخل لا يمكن أن تحمى مصالحها فى الخارج.
كما أن المستشار التجارى للبيت الأبيض قال فى خطاب فى واشنطن عام 2018 أن الأمن الاقتصادى هو أمن قومى، ولو فكرت فى كل ما تقوم به إدارة ترامب من حيث السياسة الاقتصادية والدفاعية، تفهم أن هذه الحكمة هى المبدأ التوجيهى.
ويقول المنتقدون إن هذه الإستراتيجية تسمح لإدارة ترامب بوضع حد نهائى القواعد التجارية التى تهدف إلى منع الولايات المتحدة والدول الأخرى من ترسيخ الحواجز والسقوط فى حروب تجارية لا نهاية لها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة