تفسير القرآن.. ما قاله القرطبى فى "أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى"

الجمعة، 28 يونيو 2019 01:00 م
تفسير القرآن.. ما قاله القرطبى فى "أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى" قرآن كريم
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نواصل اليوم الوقوف أمام كلام الإمام القرطبى فى تفسيره المعروف بـ"الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآى الفرقان"، ونقرأ ما قاله فى تفسير سورة البقرة فى الآية السادسة عشرة (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ).
 
اشتروا
 
قوله تعالى: (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) قال سيبويه: ضمت الواو فى: (اشْتَرَوُا) فرقا بينها وبين الواو الأصلية، نحو: (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ) [الجن: 16].
 
وقال ابن كيسان: الضمة فى الواو أخف من غيرها لأنها من جنسها.
 
وقال الزجاج: حركت بالضم كما فعل فى نحن. وقرأ ابن أبى إسحاق ويحيى بن يعمر بكسر الواو على أصل التقاء الساكنين.
 
وروى أبو زيد الأنصارى عن قعنب أبى السمال العدوى أنه قرأ بفتح الواو لخفة الفتحة وإن كان ما قبلها مفتوحا. وأجاز الكسائى همز الواو وضمها كأدؤر. واشتروا: من الشراء. والشراء هنا مستعار. والمعنى استحبوا الكفر على الايمان، كما قال: (فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) [فصلت: 17] فعبر عنه بالشراء، لأن الشراء إنما يكون فيما يحبه مشتريه. فأما أن يكون معنى شراء المعاوضة فلا، لأن المنافقين لم يكونوا مؤمنين فيبيعون إيمانهم.
 
وقال ابن عباس: أخذوا الضلالة وتركوا الهدى. ومعناه استبدلوا واختاروا الكفر على الايمان. وإنما أخرجه بلفظ الشراء توسعا، لأن الشراء والتجارة راجعان إلى الاستبدال، والعرب تستعمل ذلك فى كل من استبدل شيئا بشيء. قال أبو ذؤيب:
فإن تزعمينى كنت أجهل فيكم ** فإنى شريت الحلم بعدك بالجهل
 
وأصل الضلالة: الحيرة. ويسمى النسيان ضلالة لما فيه من الحيرة، قال عز وجل: (فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) [الشعراء: 20] أى الناسين. ويسمى الهلاك ضلالة، كما قال عز وجل: (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِى الْأَرْضِ) [السجدة: 10].
 
قوله تعالى: (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) أسند تعالى الربح إلى التجارة على عادة العرب فى قولهم: ربح بيعك، وخسرت صفقتك، وقولهم: ليل قائم، ونهار صائم، والمعنى: ربحت وخسرت فى بيعك، وقمت فى ليلك وصمت فى نهارك، أى فما ربحوا فى تجارتهم.
 
وقال الشاعر: نهارك هائم وليلك نائم ** كذلك فى الدنيا تعيش البهائم
 
ابن كيسان: ويجوز تجارة وتجائر، وضلالة وضلائل.
قوله تعالى: (وَما كانُوا مُهْتَدِينَ) فى اشترائهم الضلالة.
وقيل: فى سابق علم الله. والاهتداء ضد الضلال، وقد تقدم.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة