جمال ولعب وثقافة.. جميلات المستطيل الأخضر

الأربعاء، 26 يونيو 2019 12:30 م
جمال ولعب وثقافة.. جميلات المستطيل الأخضر كأس العالم للسيدات
أ ش أ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بقدر ما يتجلى الحضور النسائى المبهج فى مدرجات المشجعين بالملاعب فى البطولة الحالية لكأس الأمم الأفريقية بمصر فإن "جميلات المستطيل الأخضر يشكلن مصدر إلهام للعبة الجميلة وثقافة الساحرة المستديرة" حول العالم فى وقت تقام فيه بفرنسا بطولة كأس العالم لكرة القدم النسائية "مونديال السيدات".

والصور التى تناقلتها الصحف وكل وسائل الإعلام حول العالم للمشجعات منذ افتتاح النسخة الثانية والثلاثين لبطولة كأس الأمم الإفريقية التى تستمر بمصر حتى التاسع عشر من شهر يوليو المقبل تؤكد أن الحضور النسائى بات جزءا جوهريا من عالم كرة القدم أو "اللعبة الجميلة والأكثر شعبية فى العالم".

وهذا الحضور فى العرس الكروى الإفريقى الذى تتوالى مبارياته يلفت لقصة الكرة النسائية والمبدعات بالأقدام وهى قصة حافلة بالقيم الرياضية النبيلة فيما تستقبل ثقافة الساحرة المستديرة المزيد من الكتب حول كرة القدم النسائية بالتزامن مع "مونديال السيدات" الحالى.

وهذه الكتب التى يصدر أغلبها بالإنجليزية تتناول بنظرة ثقافية جادة مستقبل حواء مع كرة القدم وترصد مسيرة الأقدام الرشيقة على المستطيل الأخضر لتزيد الساحرة المستديرة سحرا فوق سحرها ومن أحدثها كتاب لكايتين موراى يتناول المنتخب النسائى الأمريكى باعتباره الأكثر تتويجا بألقاب البطولات وعنوانه:"المنتخب الوطني: قصة من الداخل للنساء اللاتى حلمن أحلاما عريضة وجابهن الصعاب وغيرن كرة القدم".

وتستعرض المؤلفة وهى كاتبة رياضية مرموقة مسيرة المنتخب النسائى الأمريكى الذى توج من قبل ثلاث مرات ببطولة كأس العالم لكرة القدم النسائية كما ظفر بأربع ميداليات ذهبية أولمبية وتتوغل فى جذور التأسيس والتكوين لهذا المنتخب فى ثمانينيات القرن الماضى وتحلق عبر إنجازاته وصولا لصعوده "لمونديال السيدات الحالى فى فرنسا".

ومن الطبيعى أن يكون الحضور النسائى فى مدرجات ملاعب كرة القدم جزءا من هذا الكتاب الذى تناول أيضا البطولات المحلية لكرة القدم النسائية فى الولايات المتحدة وأجرت مؤلفته نحو 100 مقابلة مع لاعبات ومدربين ولم يخل من مقارنات طريفة بين كرة القدم للرجال وكرة القدم للسيدات اللاتى اعتبرتهن كايتين موراى "مظلومات قياسا على المزايا التى مضت تعددها للرجال".

ومن بين 24 فريقا وصلت للبطولة الحالية لكأس العالم لكرة القدم النسائية أو "مونديال السيدات"فى فرنسا والتى تستمر حتى السابع من شهر يوليو المقبل كانت هناك ثلاثة منتخبات من القارة الإفريقية هى منتخبات نيجيريا والكاميرون وجنوب إفريقيا.

ومع بطولة كأس العالم لكرة القدم النسائية التى افتتحت يوم السابع من شهر يونيو الجارى فى ملعب "بارك دى برينس"فى باريس وتختتم فى السابع من يوليو المقبل بليون يصدر أيضا كتاب جديد بعنوان "صنع مونديال السيدات" فيما يوضح هذا الكتاب الذى اشترك فى تأليفه كيرام ثيفام وجيف كاسوف أن "كرة القدم النسائية واحدة من أكثر الألعاب الرياضية تطورا وأسرعها نموا فى العالم".

ومن الأرقام الدالة والمثيرة للتأمل فى هذا الكتاب الجديد على إيقاع "المونديال الثامن للسيدات" أن عدد الفتيات اللاتى يلعبن كرة القدم حول العالم يتجاوز الـ 30 مليون فتاة، وأن مباريات فى بطولات لكرة القدم النسائية حققت معدلات قياسية لعدد المشاهدين عبر شاشات التلفزيون وخاصة فى الولايات المتحدة.

وإذ يعد المنتخب الأمريكى المتوج بثلاثة ألقاب هو الأكثر تتويجا حتى الآن فى بطولات كأس العالم لكرة القدم النسائية فإن اللاعبة السابقة هوب سولو التى توصف بأنها "حارسة المرمى الأسطورية للمنتخب الأمريكى للسيدات" رأت فى سياق المونديال النسائى الحالى أن المنتخبات النسائية الأخرى لم تعد تنحنى لأمريكا كما كان الأمر من قبل".

وفيما يرى المدير الفنى للمنتخب النسائى الاسبانى خورخى فيلدا أن "كرة القدم النسائية لم تعد موضة بل حقيقة واقعة" فإن ثمة تساؤلات أثارها نقاد ومعلقون كرويون حول أسباب عدم وصول أى منتخب عربى للمونديال الحالى للكرة النسائية بل وغياب كرة القدم النسائية العربية عن هذه البطولات العالمية رغم وجود لاعبات عربيات محترفات فى فرق للكرة النسائية بأندية أوروبية وأغلبهن من تونس والجزائر والمغرب.

والمنتخب المصرى لكرة القدم النسائية شارك من قبل فى منافسات كأس الأمم الإفريقية للكرة النسائية لكنه غائب عن "مونديال السيدات" منذ بدء هذه البطولة العالمية للكرة النسائية فى عام 1991.

فخلافا لألعاب رياضية تفوقت فيها لاعبات مصريات متوجات بألقاب وميداليات فى بطولات دولية وقارية للاسكواش والسباحة والكرة الطائرة والكاراتيه وألعاب القوى لم يصل المنتخب المصرى للكرة النسائية بعد لتحقيق ألقاب فى منافسات قارية ناهيك عن الوصول "لمونديال السيدات".

وإذا كانت ألمانيا قد بدت من قبل منافسا قويا للولايات المتحدة فى كرة القدم النسائية كما يشير كتاب "صنع مونديال السيدات" فإن فرنسا "صاحبة الأرض فى المونديال النسائى الحالى تتطلع للتتويج باللقب" فى لعبة تطرح أسئلة جادة وموضع اهتمام عالمى فى ثقافة الساحرة المستديرة ومن هذه الأسئلة :" هل يمكن القول إن كرة القدم كانت وستبقى لعبة ذكورية أم أن النساء قادمات ولو بعد حين فى لعبة يعدها الرجال لعبتهم المفضلة"؟!.

والملاحظة الطريفة فى افتتاح البطولة الحالية لكأس الأمم الإفريقية أن الحضور النسائى الرائع فى مدرجات ستاد القاهرة الدولى يبرهن بوضوح على أن للنساء نصيبهن العادل كمشجعات لكرة القدم أو "اللعبة الجميلة" كما أن لهذه اللعبة أن ترحب بلاعبات مبدعات كما هو الحال مع المبدعين من اللاعبين الرجال.

 

وليست ظاهرة تعدد الكتب التى تتحدث عن كرة القدم النسائية حول العالم إلا تعبيرا عن هذا الحضور النسائى فى عالم اللعبة الجميلة ولا يبخل الرجال فى تأليف هذه الكتب مثل جيرى لونجمان صاحب كتاب "فتيات الصيف: منتخب كرة القدم الأمريكى للسيدات وكيف غير العالم ؟!".

وفى هذا الكتاب يستعرض المؤلف جيرى لونجمان قصة النساء الأمريكيات مع الساحرة المستديرة ويتأمل مليا المنتخب النسائى الأمريكى الذى فاز ثلاث مرات ببطولة كأس العالم لكرة القدم للسيدات ويتطلع الآن للتتويج للمرة الرابعة بهذا اللقب وسط توقعات بمنافسة حادة من المنتخب الفرنسي.

فكرة القدم النسائية باتت تحظى بأهمية عالمية وأمست مجالا للتنافس المثير بين الدول حتى أن جيرى لونجمان يعتبر أن التاريخ الرياضى النسائى على مستوى العالم تغير للأبد يوم العاشر من يوليو عام 1999 عندما فاز منتخب الولايات المتحدة على منتخب الصين فى نهائى بطولة كأس العالم للسيدات أمام 90 ألف متفرج فى ملعب روز بول فى باسادينا بولاية كاليفورنيا بينما شاهد الملايين هذه المباراة على شاشات التلفزيون.

ومع أن المنتخب النسائى الأمريكى فاز قبل ذلك بأول بطولة لكأس العالم فى عام 1991 فإن بطولة عام 1991 كانت فارقة لأنها شهدت إقبالا جماهيريا كثيفا ورسخت بوضوح مكانة الأمريكيات كبطلات لكرة القدم للسيدات فى العالم قاطبة فيما شهدت هذه البطولة مواقف تدل على بسالة جميلات المستطيل الأخضر مثلما حكى جيرى لونجمان فى كتابه الذى صدر بالإنجليزية عن اللاعبة الأمريكية ميشيلى ايكرز التى صممت على مواصلة اللعب رغم أنها كانت تعانى من آلام رهيبة.

ومسألة الصعود الأمريكى فى كرة القدم للسيدات قصة لافتة ويبدو ان الولايات المتحدة الأمريكية التى لم تتوج ابدا بكأس العالم لكرة القدم على مستوى الرجال وجدت العزاء فى كرة القدم النسائية فيما يرى الكاتب والناقد الرياضى جيرى لونجمان فى كتابه ان نساء امريكا حققن مجدا مدويا وانجازات غير مسبوقة فى هذه اللعبة الجميلة.

ولعل أجمل ما فى كتاب "فتيات الصيف" أنه يطرح حقيقة كرة القدم كلعبة جماعية جميلة سواء كانت ذكورية أو أنثوية ويروى بسلاسة قصة نجاح للجميلات على المستطيل الأخضر فى فريق يسوده الحب والود فيما تحترم فيه كل لاعبة الأخرى وتحرص عليها وتلعب بجدية بدافع قوى لتحقيق النصر والحلم الوطني.

وفى هذا الكتاب الذى انطلق من لحظة فوز الأمريكيات ببطولة كأس العالم لكرة القدم عام 1999 يناقش لونجمان العوامل العرقية والتركيبة الفئوية للمنتخب النسائى الأمريكى وحتى معدلات الجمال للاعبات ويجرى مقارنات دالة بين كرة القدم الذكورية وكرة القدم الأنثوية وأوجه الاختلافات بين الرجال والنساء على المستطيل الأخضر.

وفى أية بطولة لكأس العالم لكرة القدم للرجال يشتعل العرس الكروى العالمى بالجمال وتتوالى مشاهد كرنفالات البهجة كحلم طليق فى فضاء الساحرة المستديرة وقد تلمح العيون العربية الكحيلة وهى تلمع بالبهجة فى المدرجات فى مباريات يكون طرف عربى ندا فيها حتى قيل إن المشجعات الجميلات هن بحق عطر المونديال وبهجة لياليه.

وما يزال عشاق الساحرة المستديرة يتذكرون ببهجة ما حدث فى مونديال 2010 بجنوب إفريقيا حيث كانت عارضة الأزياء لاريسا ريكيلمى البالغة من العمر عامئذ 24 عاما بحق جميلة جميلات العرس الكروى العالمى فيما حملت لقب "المشجع رقم 1" لمنتخب بارجواى.

ولم تكن جميلات اسبانيا بملامحهن الأندلسية التى تومىء لدماء عربية فى مونديال 2014 بأقل تأثرا من جميلة بارجواى فى مونديال 2010 بعد أن ودع منتخب الماتادور وبطل كأس العالم فى جنوب إفريقيا مونديال البرازيل مبكرا ومن دوره الأول!.

ومن الطريف أن الكاتب والناقد الرياضى المحنك عبد الرحمن فهمى كان قد تساءل يوما ما عن أسباب غياب التعليق النسائى التلفزيونى على مباريات كرة القدم..مشيرا إلى أنه توجد فى دول إفريقية معلقات مثقفات لهن طعم ونكهة ومذاق آخر فى الأذن بدلا من الصوت الأجش أى صوت الرجال الذى مل الناس سماعه معيدا للأذهان أنه فى بطولة الأمم الأفريقية عام 2008 كانت هناك معلقات تلفزيونيات لا تقل معلوماتهن إن لم تزد عن أى ممن نسميهم كمبيوتر بشرى.

 

وقال عبد الرحمن فهمى فى طرحه الطريف هناك فتيات وسيدات يمارسن كرة القدم النسائية سواء كلاعبات أو مدربات فضلا عن مجال التحكيم فلماذا لا تتمرن هذه الكوادر النسائية فى مجال التعليق على المباريات من باب كسر الملل الذى يصيبنا من الصوت الأجش الخشن؟!.

ومن الواضح ان الحضور الظاهر للجميلات فى الملاعب ناهيك عن مدرجات المشجعين، ظاهرة فرضت نفسها بقوة فى عالم الساحرة المستديرة حتى أن بعض المجلات فى الغرب تعرض من حين لآخر قوائم بأسماء أجمل عشر لاعبات كرة قدم فى العالم لتجد أسماء لاعبات كالأمريكية اليكس مورجان والسويدية جوزفين اوكفيست والكندية كيلين كايل ومواطنتها لوين سيسلمان والألمانية سيلينا فاجنر والفرنسية لور بيلو والكولومبية تاتيانا اريزا والسويدية جيسيكا لاندستورم.

ولئن تجولت عبر الموقع الإلكترونى للاتحاد الدولى لكرة القدم "الفيفا" ستجد حيزا وافيا لكرة القدم النسائية ومبادرات لتشجيع حواء على المستطيل الأخضر ومن بينها مبادرة لافتة ترمى لزيادة عدد الفتيات والسيدات اللاتى يلعبن كرة القدم فى شتى انحاء العالم الى 45 مليون فى العام الحالى الذى يشهد الآن بطولة كأس العالم لكرة القدم للسيدات فى فرنسا.

وإن صحت الملاحظة القائلة إنه منذ أول بطولة لكأس العالم لكرة القدم النسائية والتى أقيمت فى الصين عام 1991 لا توجد حتى الآن أية دولة عربية أو إفريقية حققت إنجازا عالميا فى كرة القدم النسائية أو تهدد زعامة أمريكا لهذه اللعبة فالصحيح أيضا أن لاعبات إفريقيات كالنيجيرية اسيسات اوشوالا التى تألقت فى الفريق النسائى لنادى ليفربول حققت حضورا فى المشهد الكروى النسائى العالمي.

ويتوجب التأكيد فى هذا السياق على حقيقة طريفة وهى أن المدربين الرجال فى الأندية المصرية ساندوا بإخلاص الجهود المبذولة لتشجيع الكرة النسائية فى مصر فيما عرفت أسماء لاعبات مصريات فى منتخب الكرة النسائية مثل انجى عطية وفايزة حيدر وسلوى منصور وأمنية محمود وميرفت فاروق وسارة عبد الله وندا نصر ونسمة فكرى ومهيرة على ومنى خليل وإيناس مصطفى وجيهان ممدوح ومريم أشرف ونهى ممدوح وغيرهن...وكما هو الحال لكرة القدم الذكورية تبقى المدارس بمثابة القاعدة المفترضة لتقديم لاعبات ناشئات موهوبات يكتبن مجدا مصريا على المستطيل الأخضر فى المنافسات الإفريقية والعالمية.

وفيما تنثر الجميلات المزيد من الجمال على المستطيل الأخضر فى البطولة الحالية لكأس أمم افريقيا فهن يكتبن فى الواقع قصة جميلة فى عالم اللعبة الجميلة وثقافة الساحرة المستديرة..قصة مصرية للبهجة البريئة والانتصار للحياة.

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة