"الساحرة المستديرة تحب الصحبة" ولا تحلو مشاهدة العرس الكروى الأفريقى الحالى والذى يستمر على أرض الكنانة حتى التاسع عشر من شهر يوليو المقبل إلا وسط أصدقاء وخلان، وهنا تتجلى بعض معانى "المقهى وخصوصيته فى الثقافة الشعبية المصرية كفضاء جامع لمتع متعددة من بينها كرة القدم وحتى المسامرات الأدبية".
ومن الدال حقا أن المقاهى المصرية التى تتحول بامتياز إلى "مقاهى كروية ومواقيت للبهجة" فى بطولات مهمة كالبطولة الحالية لكأس أمم أفريقيا تزيد من بهجة الساحرة المستديرة، وتقترن فى الأذهان بالمتعة البريئة للعبة الجميلة، وتشكل جزءا جوهريا من هذه الحالة المبهجة وتبقى فى ذاكرة الزائرين من السائحين.
وحسب أرقام وتقديرات غير رسمية نشرتها صحف ووسائل إعلام، فإن عدد المقاهى والكافيهات فى مصر يصل إلى نحو مليون ونصف المليون ويتجاوز فى محافظة القاهرة وحدها الـ 150 ألف مقهى وكافيه.
والمقاهى تشكل جزءا لا يتجزأ من التاريخ الاجتماعى والثقافى لأى مدينة وكثيرا ما تمتزج الثقافة بالحياة داخل المقهى، كما يرى الكثير من الكتاب والشعراء وها هو الكاتب والشاعر والصحفى المكسيكى خوان فيلورو يذهب فى دراسة صدرت بعنوان "تاريخ المدينة هو تاريخ مقاهيها :كتابة الحياة فى المكسيك" إلى أن إيقاع الحياة داخل المقهى قد يؤثر على طريقة الكتابة سواء كانت سردا أو شعرا لهؤلاء الذين يحلو لهم الكتابة فى المقاهى.
وفى هذه الدراسة، يرصد المؤلف خوان فيلورو التغيرات فى مقاهى المكسيك بفعل متغيرات الحداثة كما يعود لذكريات أيام الصبا والشباب ويعيد للأذهان أن نسبة معتبرة من المقاهى فى مكسيكو سيتى دشنها كوبيون وأسبان كما يتناول ظواهر عدة تتعلق بالمقاهى فى عاصمة بلاده ومن بينها ما يسميه "بظاهرة غزو المقاهى ذات المقاعد البلاستيكية" مقابل تراجع المقاهى الوقورة والتى تمنح روادها قدرا أكبر من الخصوصية.
ومنذ إطلالة العرس الكروى الأفريقى على أرض مصر يوم الجمعة الماضية، أخذت المقاهى زينتها فى القاهرة وعلى امتداد الخارطة المصرية وتصافح العين الكثير من الصور و"البوسترات" لنجوم المستطيل الأخضر المصرى والأفريقى فى كثير من المقاهى.
وفيما تبدو وكأنها أعلنت "حالة الاستنفار" بمناسبة العرس الكروى الأفريقى وهو "موسم" لأصحاب هذه المقاهى والعاملين فيها يعنى الكثير من الزبائن وفرص للربح فقد جرت العادة فى أن تفرض المقاهى "تعريفة إضافية" على روادها الذين يشاهدون مباريات البطولة الثانية والثلاثين لكأس أمم أفريقيا على شاشات التلفزيون الكبيرة.
وقد يسعى بعض أصحاب المقاهى لتبرير هذه الزيادة فى الأسعار بالحديث عن تكاليف تكبدوها استعدادا للعرس الكروى الأفريقى من زيادة عدد الطاولات وتجديد مقاهيهم ولم يجد بعض اصحاب المقاهى القاهرية حرجا فى الإقرار بزيادة أسعار المشروبات للزبائن أثناء مباريات البطولة الحالية لكأس أمم أفريقيا متفقين فى الرأى على أن "هذه الزيادة طبيعية ومنطقية فى ضوء التكلفة".
وإن تجاذبت أطراف الحديث فى "مواقيت البهجة" مع هؤلاء الذين يحرصون على مشاهدة مباريات العرس الكروى الأفريقى فى المقهى ستجد الإجابة تتجه غالبا نحو الرغبة فى المشاهدة الجماعية وخاصة مع الأصدقاء لأن متعة مشاهدة مباريات كرة القدم تتعاظم تتضاعف مع "الصحبة".
ومن نافلة القول إن تتردد أسماء اللاعبين المصريين والأفارقة فى المقاهى أثناء هذا العرس الكروى الأفريقى وإن تسمع الأذن أسماء "محمد صلاح ورياض محرز والشناوى وتريزجيه وجيرالدو وساسى وساديو مانيه".