تقف المؤسسات الراسخة شامخة عبر التاريخ بقدرة الله، رسوخ منهجها ورسالتها، ويأتى فى قدمتها من يخدمون كتاب الله ونشر رسالته الوسطية، فمن كتاب منضبط بأحكام للتلاوة نطقا وأداء وكتابة، انعكس على مؤسسات الخدمة الدينية الوسطية والعالمية التى يتقدمها الأزهر، الذى يرعى الشئون الدينية وفى مقدمتها مدارس التلاوة واستصدار طبعات المصحف الشريف.
ويخصص الأزهر، لجنة لطبع ومراجعة المصحف الشريف تتبع مجمع البحوث الإسلامية، الذى يتبع مشيخة الأزهر، ويتقدم المجامع العلمية عالميا، وتعنى اللجنة ببحث طلبات النشر الشرعى، وفى مقدمتها مراجعة وطبع المصحف الشريف لضمان النشر المنضبط، حيث هى جهة اعتماد ومراقبة وليست جهة طبع.
ويتاح لمطابع خاصة ودور نشر عملية طبع وتداول المصحف الشريف، وذلك شريطة أن يوافق شروط الطبع والتداول التى يطبقها الأزهر الشريف ويخصص لها لجنة تعطى أو تسحب تصريح الطبع والتداول، وذلك من خلال لجنة متخصصة من كبار العلماء والخبراء فى التلاوة وأحكامها.
وتضم لجنة طبع ومراجعة المصحف الشريف، كبار خبراء القرآت والتلاوة فى مصر والعالم الإسلامى، حيث تمثل رمزا عالميا فى خدمة القرآن الكريم وقدمت كبار قراء عالميا مثل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، والشيخ محمد رفعت، والشيخ مصطفى إسماعيل، والشيخ محمود خليل البنا، ويرأس الدكتور عبدالكريم إبراهيم عوض صالح، وكيل كلية القرآن الكريم بطنطا لجنة المصحف الشريف بمجمع البحوث الإسلامية بتكليف من الإمام الأكبر شيخ الأزهر د.أحمد الطيب، حيث يتخصص فى علوم التلاوة وأصدر فيها مؤلفات، هى: الإعجاز فى تنوع وجوه القراءات ،والقراءات وحروف المعانى، والمتحف فى رسم المصحف، والمتحف فى ضبط المصحف، والقول المنيف فى تاريخ المصحف الشريف، والقراءات وأثرها فى بيان الأحكام الشرعية، وتهذيب الإتقان فى علوم القرآن .
ويشترط الأزهر لعضوية لجنة مراجعة المصحف الشريف، أن يكون المتقدم من المتخصصين فى القراءات وعلومها الحاصلين على تخصص القراءات، و أن يكون حافظا للقرآن الكريم حفظا جيدا بجميع أحكامه، وأن يكون متقنا للقراءات العشر الصغرى والكبرى، و أن يكون متقنا لعلوم (الرسم العثمانى والضبط والفواصل والوقف والابتداء)، وأن يكون مبصرا، و ألا يقل سن المتقدم عن (25) سنة ولا يزيد عن (40) سنة، و أن يجتاز الاختبار التحريرى المعد لذلك ثم بعد ذلك يجتاز الاختبار الشفوى.
وتمر عملية طبع المصحف بمراحل، حيث تتم مراجعته بمعرفة لجنة المصحف، وهذه اللجنة تضم نخبة من المتخصصين فى القرآن الكريم وعلومه من أعضاء هيئة التدريس بكلية القرآن الكريم بجامعة الأزهر ومعاهد القراءات، وتتم مراجعة المصحف على مرحلتين مختلفتين، هما، المرحلة الأولى: مراجعة تجارب الطباعة، وذلك للتأكد من عدم وجود أخطاء جوهرية تخل بسلامة النص القرآنى، وفى حالة وجود أخطاء تقوم اللجنة بالتنويه عن مواضع الخطأ، ويعاد المصحف إلى الدار الملتزمة بطباعته، لعمل التصوبيات اللازمة، ثم يعاد إلى اللجنة للمراجعة بعد التصويب، وبعد التأكد من التصويب تعطى الدار صاحبة المصحف موافقة على الطبع بشرط العرض على الإدارة بعد الطباعة والجمع للمراجعة النهائية، تمهيدا للحصول على تصريح التداول للمصحف، و المرحلة الثانية: تقوم اللجنة بمراجعة التجارب المقدمة بعد الطباعة والجمع، وذلك للتأكد من سلامة النص القرآنى، وعدم حدوث أية أخطاء مطبعية أو فنية، وعند التأكد من ذلك تمنح الدار تصريحا بالتداول للمصحف الشريف، وفى حالة وجود أخطاء فى المصحف بعد تداوله بالأسواق يتم مخاطبة دار الطباعة المسؤلة عن المصحف المغلوط لإحضار نسخ من المصحف محل الشكوى، ويتم ذلك دون إفصاح عن موضع الخطأ المشكو بشأنه، ويتم مراجعة النسخ للوقوف على ما إذا كان الخطأ موجود فى النسخة فردى أم متكرر بجميع النسخ، فإذا كان حالة فردية يتم التنبيه على الدار بتوخى الحرص والحذر وعدم الإهمال فى طباعة المصحف، ويؤخذ على صاحب الدار إقرار بذلك حتى لا يتكرر مستقبلا، ويتم مصادرة جميع النسخ من المطبعة ومن الأسواق، إذا كانت كل نسخ المصحف بها أخطاء، وتقوم الإدارة بتشكيل لجنة لإعدامها مع إبلاغ الجهات المعنية قانونا، لاتخاذ الإجراءات القانونية فى هذا الشأن..
وبالنسبة للنسخ والطبع والنشر الإلكترونى، عبر الانترنت، فأن لجنة المراجعة ليس لها علاقة به، فإذا ورد معلومات أو شكاوى تفيد بأن هناك أخطاء فى النصوص القرآنية سواء مقروءة أو مسموعة تقوم اللجنة بالبحث عبر تلك الوسائل على شبكات التواصل، فتقوم بعمل اللازم حيال إبلاغ بباحث المصنفات، حيث تتبع الموقع الذى يبث المصحف المغلوط لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وتحويل صاحب هذه الكتابة الخاطئة للنيابة العامة لاتخاذ إجراءات التقاضى بالمحكمة.
ويراجع المصحف عدة مرات قبل تداوله، للتأكد من خلو الماكيت من أى أخطاء إملائية أو أخطاء بترتيب الصفحات، يعقب ذلك طباعة نسخة أولية ترسل إلى مجمع البحوث الإسلامية لمراجعتها وإصدار ترخيص للمطبعة بطباعة المصاحف، ويتم فحص كل نسخة على حده للتأكد من خلوها من أى خطأ، ثم عرض النسخة النهائية مرة أخرى لمجمع البحوث الإسلامية لمراجعتها وإصدار تصريح بتداول النسخ المطبوعة بالأسواق، شريطة أن تكون المطبعة مرخصة بالأساس، وحاصلة على ترخيص من مجمع البحوث الإسلامية ويتم طباعة أحجام مختلفة من المصاحف تناسب جميع القراء، و تقسيمات مختلفة لبعض المصاحف للتسهيل على القارئ حمله واصطحابه لأى مكان.
قال الدكتور سعيد عامر أمين عام مجمع البحوث الإسلامية المساعد: إن دورة عمل طباعة المصحف تبدأ عندما تتقدم دار طبع أو دار نشر إلى مجمع البحوث لطبع مصحف فيتم عرض طلبها على لجنة مراجعة المصحف الشريف، وهى لجنة مكونة من كبار المتخصصين لفحص الطلبات وفحص النسخة التى تتقدم بها الجهة الطالبة للتأكد من سلامة المطبوعات لتداولها وعرضها..
وأضاف عامر، لـ"اليوم السابع"، أن اللجنة تكتب ملاحظات ما قبل الطباعة وقد تجد النسخة سليمة، وقد تجد بها بعض الملاحظات، وإذا وجدتها موافقة لصحيح النص القرآنى فيتم طباعة عدد من النسخ للفحص وإذا كانت متوافقة فتحصل الجهة على تصريح بالطبع، مرة أو مرات لطبعات متعددة، وإذا وجد خلل فيتم تصحيحه، والتصريح يكون بعد التصحيح، وإذا طبع مصحف به أخطاء فتقوم اللجنة بإصدار أمر بسحبه من السوق.
وأشار عامر، إلى أن اللجنة هى الجهة الوحيدة التى من حقها التصريح بالطبع أو تكراره والتداول، أو سحبها لسبب أو لغيره يخل بالعملية لصيانة المصحف من النيل منه حتى لو بخطأ.
وتطبع وزارة الأوقاف، أجزاء صغيرة من القرآن الكريم، تناسب عمل مكاتب تحفيظ القرآن الكريم التى تتبعها، مثل طبع ربع ياسين للأطفال، وذلك من خلال مطبعتها الكبيرة بطرة، والتى تطبع آلاف الكتب بأشراف المجلس الأعلى للشئون الإسلامية التابع للوزارة، وعبر إدارة طبع المصحف بديوان الوزارة والتابعة للإدارة المركزية لشئون القرآن الكريم.
قال الدكتور محمد عزت، مدير عام شئون القرآن بوزارة الأوقاف، لـ"اليوم السابع": إن الوزارة ليست جهة التصريح بطبع المصاحف، وما تقوم به من خلال مطبعتها هى كفاية الطلب الذى يحتاجه العمل بالكتاتيب وهى لا تحتاج مصاحف كاملة، مع بعض الإصدارات التى تحتاجها الوزارة فى الكتب، بينما يختص الأزهر بالتصريح بطباعة المصحف لكافة الجهات.
يذكر أن مجمع البحوث الإسلامية، كان أعلن عن خطة جديدة لتطوير عمل لجنة المصحف الشريف بالمجمع بما يسمح بتحقيق الانضباط الشديد فى عمليات طباعة المصحف الشريف، والتقى الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، مع أعضاء لجنة المصحف بمجمع البحوث الإسلامية فى حضور الدكتور محيى الدين عفيفي، الأمين العام للمجمع، لبحث سبل تطوير عمل اللجنة. وأكد "الطيب"، خلال اللقاء، على أهمية العناية بمراجعة المصحف والتدقيق فى كل ما يتصل بطباعته أو التصريح بذلك خاصةً فى ظل عدم عناية فئة من القائمين على طباعة المصحف.
41386-اليوم-السابع-داخل-عالم-طباعة-المصحف-الشريف-(26)
48561-اليوم-السابع-داخل-عالم-طباعة-المصحف-الشريف-(7)
50837-اليوم-السابع-داخل-عالم-طباعة-المصحف-الشريف-(18)
50852-اليوم-السابع-داخل-عالم-طباعة-المصحف-الشريف-(14)
51565-اليوم-السابع-داخل-عالم-طباعة-المصحف-الشريف-(20)
57622-اليوم-السابع-داخل-عالم-طباعة-المصحف-الشريف-(13)
60794-اليوم-السابع-داخل-عالم-طباعة-المصحف-الشريف-(8)
62451-اليوم-السابع-داخل-عالم-طباعة-المصحف-الشريف-(2)
69356-اليوم-السابع-داخل-عالم-طباعة-المصحف-الشريف-(22)
74783-اليوم-السابع-داخل-عالم-طباعة-المصحف-الشريف-(3)
76088-اليوم-السابع-داخل-عالم-طباعة-المصحف-الشريف-(10)
77675-اليوم-السابع-داخل-عالم-طباعة-المصحف-الشريف-(4)
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة