"شهداء العمل".. هكذا أطلق أهالي قرية المنيرة التابعة لمركز ومدينة القناطر الخيرية بالقليوبية، على الأطفال الذين لقوا حتفهم، أمس الأول على يد سائق سيارة نقل ثقيل، لا يعرف عن الضمير، ليودي بحياة أطفال لا ذنب لهم إلا أنهم أرادوا مساعدة آبائهم ظروف المعيشة خلال فترة الأجازة الصيفية، ليغطى كل منهم مصروفات ملابس الدراسة للعام المقبل من خلال العمل بالحقول والمزارع، أو توفير ملابس أشقائهم، كمساعدة منهم لأولياء أمورهم الذين يعملون هم أيضا باليومية.
يخرج هؤلاء الأطفال يوميا يستقلون سيارة نصف نقل، في الصباح الباكر، تحملهم يوميا إلى المزارع، بإجمالى 20 طفلا، يعملون باليومية خلال فترة الإجازة الصيفية، وفي يوم الخميس الماضي الموافق 13 يونيو الجاري، وكعادتهم نهضوا مبكرا للتجمع قبل استقلالهم السيارة، لكنهم لم يكونوا يعلمون أن هذا هو التجمع الأخير لبعضهم، واستقلوا السيارة وتحركوا، إلى أن وصلوا لطريق الحسانين ذات الكوم بالجيزة، لتخرج سيارة نقل ثقيل من أحد المحاجر قاطعة الطريق وتسير عكس الإتجاه لتودي على الفور بحياة 5 أطفال وإصابة 3 آخرين.
في البداية قال أحمد مصطفى السحلي، محامي الأطفال الـ 5: الأطفال يعملون يوميا خلال فترة الأجازة الصيفية يعملون على مساعدة أولياء أمورهم نظرا لضيق ذات اليد، حيث أن جميع أولياء أمور هؤلاء الأطفال يعملون باليومية، وفي يوم الخميس الماضي تلقت القرية اتصالا في الساعة الخامسة إلا ثلث صباحا، بوقوع حادث بطريق الحسانين ذات الكوم بالجيزة، وعلى الفور تحركنا لموقع الحادث، وبالفعل وجدنا الأطفال على الطريق، وتم على الفور نقلهم إلى مستشفى أوسيم العام، أما بالنسبة للمصابين فتم نقلهم لمستشفى القصر العيني.
وأضاف "السحلي" لـ "اليوم السابع"، أنه على الفور تم البدء في إنهاء إجراءات وتصاريح دفن الأطفال، موضحا أنه بعد الانتهاء من استخراج تصاريح الدفن فوجئ الأهالي باستدعاء من قبل نيابة إمبابة، وتم إيقاف تصريح الدفن، لكن بعد تدخل بعض الجهات المسؤولة، تم على الفور الانتقال لمناظرة الجثامين للمستشفى، وتم بالفعل استخراج تصاريح الدفن للأطفال.
وأوضح محامي الأطفال الخمسة، أن مطالب أهالي الأطفال تتلخص في سرعة ضبط السيارة النقل الثقيل التي تسببت في الحادث، حيث أن السائق ضرب الأطفال وفر هاربا من موقع الحادث دون رحمة أو شفقة، لتطبيق القانون، فنحن لا نطلب إلا تطبيق القانون، حيث ان هؤلاء الأطفال كانوا يساعدون أولياء أمورهم في تدبير أمور المعيشة خلال فترة الأجازة الصيفية، مشيرا إلى أن أعمال الأطفال الشهداء تراوحت ما بين 10 سنوات وحتى 14 عام، بالمراحل التعليمية المختلفة.
ومن ناحيته قال ناصر حنفي محمود جعفر، والد الطفل محمود أحد ضحايا الحادث، إنه تلقي الخبر بصدمة مفجعة، حيث أنه يعمل باليومية، خاصة وأنه لم يفقد نجله فقط بل فقد نجل أخيه أيضا بالحادث، موضحا "أنا مفقدش ابن واحد بس أنا فقدت أثنين لأن ابن أخويا دا أنا اللي مربيه، وفقدت الوعي أول ما سمعت الخبر، ولولا ظروفنا المعيشية مكناش وافقنا على خروجهم للعمل نهائيا".
وتابع "ناصر" لـ "اليوم السابع"، أن نجله كان طالبا بالصف الثالث الإعدادي الأزهري، وكان في انتظار نتيجته التي أعلنت عبر الانترنت لكن لم نتمكن من الوصول لها فانتظرناها في المعهد، موضحا "كنت مستني أسمع خبر نجاحه في الشهادة الإعدادية الأزهرية، لكني سمعت خبر وفاته قبل نجاحه، ومفكرتش أني أجيبها تاني أو أسأل عنها لأن صاحبها راح للي خلقه، وكل اللي راحوا دول باعتبرهم أولادي لأنهم كانوا ييجوا يقعدوا مع ابني في البيت كتير".
وفي هذا السياق قال نور الدين حنفي جعفر، والد الطفل يوسف، أنه لابد من سرعة ضبط سائق السيارة النقل الثقيل الذي أفاض أرواح ابنائهم بدم بارد، ولم يقف حتي ليطلع على حالتهم أو نجدتهم لكنه لاذ بالفرار، تاركا الأطفال غارقين في دمائهم، موضحا "أنا علي باب الله ومش موظف وبشتغل يوم واتنين لا، وابني يوسف لسه مخلص خامسة ابتدائي، وقالي هساعدك مع أصحابه في مزارع البصل، لكنه راح ورجعلي في صندوق خشب".
فيما قال مسعد كمال البرادعي، والد الطفل محمد مسعد، 13 عام: " محمد ابني الوحيد وماليش غيره، بالرغم من صغر سنه إلا انه راجل بجد وبيحس بالدنيا من حواليه، وأول ما خلص دراسته في الشهادة الإعدادية قالي هساعدك يابابا، وفعلا خرج مع أصحابه لمزارع البصل في الجيزة، مع مقاول من البلد، كام يوم لحد اليوم المشؤوم".
وأضاف "كمال"، أن نجله هو الوحيد نظرا لوجود حساسية لدي والدته تمنعها من الحمل مرة أخرى، موضحا "والدته تعبت جدا لحد ولادة محمد، وساعة لما سمعنا الخبر قرية المنيرة كلها الكبير قبل الصغير كانوا واقفين على مدخل البلد، ومش بس المنيرة كل القري اللي حوالينا، وكل اللي بطلبه بس حقه ييجي علشان يرتاح في نومته".
وكانت قد شاركت رحاب المزين رئيس مجلس مدينة القناطر، في جنازة الأطفال الخمسة، مؤكدة أن الدكتور علاء مرزوق محافظ القليوبية، كلف بسرعة رعاية أسر الضحايا ومتابعة التحقيقات في الواقعة مع محافظة الجيزة وإنهاء أي إجراءات تسليم مستحقاتهم حيث وقع الحادث في نطاق محافظة الجيزة.
وأوضحت المزين، أن الحادث أسفر عن إصابة 2 هم أحمد عبده محمود، بارتجاج بالمخ وكسر بالعمود الفقري وتحويله لقصر العيني، ومحمد محمود سلامة، جرح قطعي بالجمجمة شبه نافذ وكسر مضاعف، ووفاة كل من محمود ناصر حنفي جعفر، ويوسف نور الدين حنفي جعفر، وهمام على حسين السحلي، ومحمود نجاح جابر شويطة، ومحمد مسعد كمال البرادعي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة