تناول تقرير لمعهد رويترز للأخبار، أهم التحديات التى تواجه المنابر الصحفية والإعلامية فى المرحلة الراهنة، حيث أكد فى دراسة له أن عزوف الناس وعدم رغبتهم فى دفع الأموال مقابل الحصول على الأخبار يمثل أحد أهم التحديات، موضحًا أنه حتى الفئات التى لديها استعداد لدفع الأموال، فإنها تفضل أن تقدمها نظير الحصول على خدمات ترفيهية كمشاهدة الأفلام أو الاستماع إلى الأغانى.
ولعل الطفرة التكنولوجية، أصبحت بمثابة منافسا غير تقليدى للصحف، وربما المنابر الإعلامية بشكل عام فى السنوات الأخيرة، خاصة بعدما انتشرت الهواتف الذكية، لتصبح أسرع وسيلة لوصول الخبر إلى القارئ، وربما أكثر مصداقية، حيث يمكنه من خلالها معرفة كل الأبعاد لمختلف القضايا من أكثر من مصدر، بعيدا عن التقيد بالسياسات التحريرية التى تلتزم بها كافة المنابر الإعلامية فى العالم.
التطور التكنولوجى ساهم بصورة كبيرة، إلى جانب ارتفاع موجة الغلاء، فى انخفاض الإيرادات التى تتحصل عليها العديد من الصحف، مما دفعها إلى الاستغناء عن أعداد كبيرة من العاملين لديها، بينما تعرضت بعض المؤسسات إلى عمليات استحواذ من قبل شركات عملاقة، فى حين البعض الأخر لجأ إلى تعليق جزئى وأحيانا كلى لأنشطتها.
ومما يزيد من تفاقم الأزمة التى تمر بها المؤسسات الصحفية هو أن أغلب القراء لا يرغبون فى تقديم مقابل مالى لحصولهم على الأخبار عبر شبكة الانترنت.
الاشتراكات الإليكترونية
ففى تقرير أصدره معهد رويترز لدراسة الصحافة، كشف أن أغلب الناس لا يريدون دفع الأموال مقابل الحصول على الأخبار عبر الانترنت، وإن كانت هناك زيادة طفيفة فى عدد الأشخاص الذين أبدوا استعدادا لذلك خلال السنوات الأخيرة.
إلا أن هذه الزيادة بين الراغبين فى الدفع لم تخلو من المنافسة، حيث وجدت المؤسسات الصحفية منافسين جدد على أموال الاشتراكات الإليكترونية، فى ظل توقف المشتركين فى بعض الخدمات الصحفية عن دفع التزاماتهم لصالح المؤسسات الصحفية لصالح الاشتراك فى خدمات أخرى، على غرار الحصول على الأفلام أو الاستماع للموسيقى بدلا من الأخبار.
وهنا تثور التساؤلات حول ما إذا كانت بعض المؤسسات الإعلامية فى طريقها للانهيار أم أن هناك خيارات بديلة فى المرحلة المقبلة يمكنها إنقاذ تلك الصناعة.
يقول راسموس كلايس نيلسن، مدير معهد رويترز هاتفيا "قطاع كبير من الناس راض تمام الرضا عن الأخبار التي يمكنهم الإطلاع عليها مجانا وحتى بين من هم على استعداد لدفع المال فإن الأغلبية مستعدة فقط للتعاقد على اشتراك واحد."
وأضاف "كثيرون من جمهور الناس يشعرون بالانسلاخ فعلا عن الكثير من الصحافة التي يطلعون عليها. فهم لا يجدون أنها جديرة بالثقة ولا يجدونها صائبة ولا يرون أنها تنقلهم لمكانة أفضل."
وفي حين أن مؤسسات إخبارية كثيرة لا تتيح الإطلاع على أخبارها إلا لمن يدفع وأن بعضها يشهد زيادات في الاشتراكات الرقمية فلم يحدث تغير يذكر في نسبة من يدفعون المال مقابل الإطلاع على الأخبار على الإنترنت باستثناء الزيادة التي أحدثها انتخاب الرئيس دونالد ترامب في الولايات المتحدة في 2016-2017.
وفي الولايات المتحدة، من المرجح، أن يكون من يدفعون اشتراكات للأخبار على الإنترنت من حملة الشهادات الجامعية والأثرياء. وقد حققت صحف نيويورك تايمز وول ستريت جورنال وواشنطن بوست نتائج طيبة في المجال الرقمي.
ومع ذلك فقد قال معهد رويترز، استنادا إلى مقال منشور في موقع فوكس الإخباري، إن حوالي 40% من الاشتراكات الرقمية الجديدة في صحيفة نيويورك تايمز موجهة للكلمات المتقاطعة ووصفات الطبخ.
وفي بريطانيا قال حوالي ثلث المشاركين في استطلاع إنهم يتحاشون الأخبار بسبب ملابسات انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي. وقال من صوتوا بالموافقة على الانفصال إنهم يتحاشون الأخبار لأنها تُحزنهم ولأنه ليس بوسعهم الثقة في صحة الأخبار.
خدمات الترفيه
في الوقت الذي تتصارع فيه المؤسسات الإخبارية على الإيرادات فإنها تواجه تهديدا متزايدا من مقدمي الخدمات الترفيهية مثل نتفليكس وسبوتيفاي وأبل ميوزيك وأمازون برايم.
وقال نيك نيومان الباحث الأول بمعهد رويترز "في بعض البلدان ربما يكون العجز عن مواصلة دفع الاشتراك قد بدأ يستقر وتفضل الأغلبية إنفاق ميزانتيها المحدودة على الترفيه (نتفليكس وسبوتيفاي) بدلا من الأخبار."
وأضاف "ليس مفاجأة أن تأتي الأخبار في مكان متأخر بالقائمة عند مقارنتها بخدمات أخرى مثل نتفليكس وسبوتيفاي وخاصة للنصف الأصغر سنا من السكان."
وعند سؤال المشاركين في الاستطلاع عن نوع الاشتراك الإعلامي الذي يختارونه إذا كان المتاح لهم اشتراك واحد للعام التالي وقع اختيار 7% فقط من الناس دون سن الخامسة والأربعين على الأخبار.
وأوضح التقرير أن 37% يختارون خدمات الفيديو عبر الإنترنت و15% يختارون الموسيقى على الإنترنت.
وتتحين المؤسسات التي تتيح الأخبار من عدة مصادر الفرصة. فتعرض خدمة أبل نيوز بلس اشتراكا واحدا يتيح الإطلاع على أخبار صحف ومجلات مرموقة منها تايم وذي أتلانتيك وذا نيويوركر وفوج ووول ستريت جورنال ولوس أنجليس تايمز.
وهذا قد يحرم المؤسسات الناشرة من الصلة المباشرة بالمستهلكين ويحد من المعلومات التي تمتلكها من أجل زيادة فاعلية الإعلانات الموجهة وزيادة قيمتها.
وقال نيومان "رغم الفرص الأكبر للمحتوى المتاح بمقابل مادي فمن المرجح أن تظل أكثر عمليات تقديم الأخبار التزاما بالأسس التجارية مجانية للمستهلك النهائي معتمدة على الإعلانات ذات الربح المنخفض وتلك سوق تملك فيها المنصات التكنولوجية الكبرى أغلب الأوراق."
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة