بدأ العد التنازلى لانطلاق أهم بطولة كروية أفريقية، فيما تفقد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى اللمسات النهائية باستاد القاهرة استعدادا لهذا الحدث الكبير الذى يكتب صفحة جديدة فى ثقافة الساحرة المستديرة بأبعادها وجوانبها المتعددة.
وكان الدكتور مصطفى مدبولى قد تفقد أمس "الجمعة" مع عدد من المسئولين اللمسات النهائية لأعمال تطوير استاد القاهرة الدولى استعدادا للبطولة الثانية والثلاثين لكأس الأمم الأفريقية التى تنطلق من المستطيل الأخضر المصرى فى الحادى والعشرين من شهر يونيو الجارى فيما كان الاهتمام واضحا بتجهيزات الاستقبال والضيافة لجماهير المشجعين فى أهم بطولة كروية أفريقية.
وسواء فى استاد القاهرة الدولى الذى أسس فى عام 1958 وافتتح عام 1960 ويتسع لنحو 75 ألف مشجع أو الملاعب الأخرى التى تقام بها مباريات البطولة الكبيرة، فإن العمل يجرى على قدم وساق لتجهيز الملاعب على أكمل وجه لاستقبال الجماهير وكل الأشقاء الأفارقة والضيوف القادمين من كل مكان فى العالم وبما يليق بمصر.
والملاعب تزداد أهميتها حسب البطولات التى تقام عليها فها هو ملعب "واندا ميتروبوليتانو" فى العاصمة الأسبانية مدريد يتردد اسمه بقوة فى الصحافة وكل وسائل الإعلام باعتباره الملعب الذى يستضيف اليوم "السبت" المباراة النهائية لدورى أبطال أوروبا بين فريقى ليفربول وتوتنهام الإنجليزيين.
ولأن الجماهير هى بهجة الملاعب فمن الطبيعى أنه كما تتحدث الآن وسائل الإعلام عن جماهير ليفربول وتوتنهام التى تجوب ساحات مدريد مرددة الأغانى والهتافات بأسماء نجومها وهى تترقب لحظة دخول ملعب "واندا ميتروبوليتانو" فيما يرتدى المشجعون قمصان فريق النادى الذى ينتمون له وخاصة جماهير ليفربول أو "فريق الريدز" الذى عرفت جماهيره بقوة الانتماء والحماس البالغ.
وإذ يتفق معلقون سواء داخل مصر أو خارجها على أن الرياضة جزء من ثقافة المجتمعات فإن البطولة الأفريقية المرتقبة، والتى يشارك فيها لأول مرة 24 منتخبا أفريقيا تشكل فرصة ثمينة لتفاعل حميم فى الملاعب وكذلك فى ساحات أخرى من بينها ساحة التفاعل الثقافى لتعزيز الأواصر بين أبناء القارة الواحدة.
ومن هنا طرح بعض المعلقين والكتاب فى صحف ووسائل إعلام مثل الدكتور وحيد عبد المجيد اقتراحات ترمى لتفعيل البعد الثقافى لهذا الحدث الرياضى الكبير بتنظيم ندوات وعروض مسرحية وسينمائية وأمسيات شعرية ومعارض فنية لمبدعين من الدول الافريقية المشاركة فى البطولة الثانية والثلاثين لكأس الأمم الافريقية وهى البطولة التى لم يزد من قبل عدد المنتخبات المتنافسة فيها عن 16 فريقا.
وإلى جانب أستاد القاهرة الدولى تتوزع مباريات البطولة الثانية والثلاثين لكأس الأمم الافريقية التى تختتم فى التاسع عشر من يوليو المقبل على ملاعب مصرية أخرى هى استاد 30 يونيو واستاد السلام واستاد الإسكندرية واستاد السويس واستاد الإسماعيلية.
وفى سياق تناوله لهذه البطولة الكروية الكروية الأفريقية الكبيرة التى تستضيفها مصر للمرة الخامسة ، كان الناقد الرياضى الكبير حسن المستكاوى قد اكد انه من الأهمية بمكان ان "يشعر ضيوفنا بالسعادة والبهجة وهى مسؤولية كل المصريين" لافتا الى أهمية تنظيم مصر "للأحداث الرياضية والفنية والأدبية والثقافية".
وقال المستكاوي:"سوف تفتح مصر ذراعيها لشباب وجماهير ونجوم القارة فالرياضة قوة ناعمة مذهلة ليس لها مثيل فى تأثيرها وسوف تلتف كل الأيدى المصرية حول هدف واحد وهو إنجاح البطولة فتتحول المدن التى تستضيف مباريات المجموعات الست الى حالة شعبية احتفالية فيها المثير من البهجة والمتعة".
والجماهير العاشقة للساحرة المستديرة يحق وصفها "بالسوبر مشجعين" أو "المشجعين السوبر" كما هو العنوان الطريف لكتاب جديد صدر بالانجليزية بعنوان "سوبر فانز" أى "مشجعين عظام او رائعين او فائقين او فوق العادة وغير عاديين" لأن ظلال المعنى أو المرادفات لكلمة "سوبر" كثيرة للغاية وان كانت كلها تتفق فى المدلول ومعنى العظمة الفائقة والقوة الهائلة وكلها تتفق مع صفات الجماهير المصرية العظيمة.
ولعل جورج دورمان مؤلف هذا الكتاب الجديد والصحفى المتوج بأهم جوائز الصحافة وهى جائزة "بوليتزر الأمريكية" قد انتبه لمعادلة صعبة عندما تحدث فى العنوان الرئيس للكتاب عن "المشجعين السوبر" فى عالم الرياضة كظاهرة ايجابية بينما اختار عنوانا فرعيا دالا يحمل ظلال قلق وهو :"فى قلب مشجعى الرياضة الذين تتسلط عليهم الهواجس".
وهو عنوان يومئ لظواهر سلبية ومجافاة للسوية!..أما متن الكتاب كرحلة فى أعماق عالم المشجعين فيخلص لوجود فوارق بين المشجعين السوبر والمتعصبين لأفكار غير سوية وان تخفوا خلف اقنعة المشجعين المتحمسين فيما توغل هذه الفئة أحيانا فى ممارسات بالملاعب ابعد ماتكون عن القيم الرياضية والسوية الإنسانية.
وكما يوضح هذا الكتاب الجديد "فالمشجع السوبر" لا يمكن ان يعيث فسادا فى الملاعب بذريعة حماسه فى تشجيع فريقه ولا ينتمى لتلك الفئة التى تتسلط عليها هواجس بعيدة عن قيم الرياضة وغاياتها السامية حتى لفتت اهتمام خبراء فى علم النفس الرياضى بالغرب، كما يقول المؤلف والكاتب الرياضى جورج دورمان مضيفا ان "المشجع السوبر يعبر بأفضل طرق التشجيع فى الملعب عن هوية فريقه".
وهذا ما تفعله الجماهير المصرية العظيمة والوفية لمصر وهويتها وكلها يصدق عليها وصف "السوبر مشجعين" بقدر ماتعبر عن أروع معانى الانتماء وتجسيد الهوية فى وقت تتوالى فيه الطروحات والكتب الجديدة التى تتناول كل ابعاد وجوانب ثقافة الساحرة المستديرة.
والبطولات الرياضية الكبرى كبطولة كأس الأمم الأفريقية تشد دوما اهتمام مثقفين واكاديميين مثل الدكتور سامى عبد العزيز الأستاذ بكلية الإعلام فى جامعة القاهرة الذى رأى من قبل فى سياق بطولة "مونديال الشباب" التى استضافتها مصر عام 2009 ان مثل هذه الأحداث لم تعد مجرد حفل افتتاح وإقامة عدة مباريات وإنما أصبحت صناعة ثقيلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة