قمع وسجن وتنكيل فى الداخل وملاحقة وعمليات عصابات فى الخارج، هذه هى استراتيجية الديكتاتور التركى رجب طيب أردوغان فى مواجهة معارضيه وإنقاذ نظامه المتداعى، حيث حذرت مجلة فورين بوليسى الأمريكية، من ممارسات النظام التركى وخاصة فى أوروبا ضد معارضيه عن طريق سفاراته فى الخارج.
وتحدثت المجلة المقربة من الدوائر السياسية فى واشنطن، الأربعاء، عما وصفته بزراع تركيا الطولى فى أوروبا، مشيرة إلى أنه على مدار العقد الماضى، استثمرت أنقرة مبالغ كبيرة فى نمو كل من المنظمات الحكومية وغير الحكومية لتعزيز أجندتها السياسية فى جميع أنحاء أوروبا.
وبينما تسعى معظم هذه الأنشطة إلى بناء النفوذ من خلال الضغط والنشاط والتعليم، فإن لدى البعض الآخر أهداف أكثر خطورة؛ ففى الواقع كشفت الأجهزة الأمنية فى مختلف الدول الأوروبية باستمرار عن زيادة هائلة فى أنشطة وكالات الاستخبارات التركية على أراضيها.

وتضيف المجلة الأمريكية، أنه منذ محاولة الإطاحة بالرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، فى يوليو 2016، فإنه يلقى باللوم على حليفه الذى تحول إلى عدو، رجل الدين المنفى فتح الله جولن، ومن ثم تم توسيع نطاق تلك العمليات لتشمل مراقبة عدوانية وفى بعض الأحيان استهداف مباشر لخطف أنصار جولن، وكذلك الأكراد والعلمانيين وغيرهم من المعارضين لحزب العدالة والتنمية الحاكم، الذين يعيشون فى أوروبا.
وتتهم تركيا أيضًا بإساءة استخدام نظام "الإشعار الأحمر" الخاص بالإنتربول، عن طريق إضافة أسماء مجموعة واسعة من معارضى النظام، بمن فيهم لاعب كرة السلة إينيس كانتر، فى قاعدة بيانات المنظمة.

وكشفت وثائق داخلية تتعلق بالحكومة التركية، عن بعض هذه الديناميات فى عام 2017، بعد أن تم الإعلان عنها من قبل بيتر بيلز، وهو سياسى نمساوى بارز له حياة مهنية طويلة فى حزب الخضر، إذ حصل على وثائق مسربة من مصادر لم يكشف عنها.
وقال بيلز: "لقد فوجئنا بأنفسنا عندما رأينا أن تركيا أردوغان قد بنيت شبكة تجسس مشددة من اليابان إلى هولند، من كينيا إلى المملكة المتحدة"، وأضاف: "فى كل بلد، يتم استخدام شبكة تجسس ضخمة تتكون من جمعيات ونوادى ومساجد يتم إدارتها عبر السفارة والملحق الدينى وضابط المخابرات من أجل التجسس على منتقدى أردوغان على مدار الساعة".
وأكد بيلز أن السفارات تشرف على شبكة واسعة من الكيانات غير الحكومية، والتى تتراوح من المنظمات الدينية إلى الشركات الخاصة، ومن أهم العناصر فى هذه الآلة هو منظمة Milli Gorus (الرؤية الوطنية)؛ والتى تأسست فى أواخر الستينيات من قبل نجم الدين أربكان، المرشد السياسى لأردوغان، وهى منظمة إسلامية ذو نزعة قومية، كما أنها حركة تتبنى العديد من مواقف جماعة الإخوان وأهدافها وتكتيكاتها لكنها تضيف لمسة عثمانية جديدة، وتعمل الحركة منذ فترة طويلة فى أوروبا، حيث تضم ما يقدر بنحو 300000 من الأعضاء والمتعاطفين وتتحكم فى مئات المساجد، معظمها فى ألمانيا.
ويقول كاتب التقرير لورينزو فيدينو، مدير برنامج التطرف لدى جامعة جورج واشنطن، إن السلطات فى العديد من الدول الأوروبية تتحدث علنا أو سرا عن ديناميات مماثلة، وقد اكتشفت مرات مؤامرات لاختطاف معارضى النظام على أراضيهم، مضيفا أن أنشطة الحكومة التركية على الأراضى الأوروبية - سواء كانت تهدف إلى التجسس أو، كما هو الحال فى معظمها، التأثير- تقودها سفاراتها، التى تعمل تحت الحصانة الدبلوماسية.

وتابع: فى الآونة الأخيرة، فإن محاولات حزب العدالة والتنمية لممارسة نفوذ على المجتمعات المسلمة فى أوروبا قد تجاوزت السيطرة على منظمات الشتات التركية، إذ امتدت لتشكيل شراكة وثيقة مع المنظمات الإسلامية الأوروبية والأفراد الذين تربطهم صلات بجماعة الإخوان، نتيجة لهذه التغييرات، بدأت الحكومة التركية أو المنظمات غير الحكومية والمؤسسات المالية القريبة من الحكومة وحزب العدالة والتنمية فى توفير الدعم المتزايد للشبكات المرتبطة بالإخوان، والتى بدورها تعمل على الترويج لحكومة حزب العدالة والتنمية، وتشير فورين بوليسى إلى أن ممثل تركيا فى هذه العمليات هو القيادى البارز إبراهيم الزيات.
وأوضح أن الزيات تقلد العديد من المناصب العليا فى المنظمات الداعمة لجماعة الإخوان فى كل من ألمانيا وعلى المستوى الأوروبى، حتى أن رئيس إحدى وكالات الاستخبارات الأكثر قوة فى ألمانيا ، وصفه بـ "عنكبوت فى شبكة المنظمات الإسلامية"، وهو أيضًا مدير تنفيذى لشركة EMUG، وهى شركة مقرها ألمانيا تدير أكثر من 300 مسجد فى شبكة Milli Gorus.