"النور مكانه فى القلوب، والإعاقة ليست فقدان حاسة من الحواس التى رزق الله بها العباد، ولكن الإعاقة هى العجز عن تحقيق الحلم والوصول إلى الأمنيات".. بهذه الكلمات عبر عدد من متحدى الإعاقة بمحافظة أسوان عن المعنى الحقيقى للإعاقة لديهم وليس كما يبدو ظاهرياً لكثير من الناس، ومن هؤلاء أصحاب القدرات الخاصة من يجتهد ويصل إلى الأحلام التى يراها البعض مستحيلة.
"اليوم السابع" يلقى الضوء على بعض هذه النماذج التى حققت نجاحات مجتمعية واستطاعت أن تكون محل فخر لدى المجتمع الأسوانى كافة، بعد أن برعوا فى مجالات عديدة وتفوقوا فى الرسم والتعليم والذكاء ومهارات التعامل مع التكنولوجيا وغير من الأشياء التى عجز الكثيرون من غير ذوى الإعاقة تحقيقها.
"دعاء ومروة" شقيقتان حرما منذ الولادة من نعمة الإبصار، ورغم تأخرهما فى الالتحاق بالتعليم، إلا أن إصرار والدهما على التعليم كان نقطة تحول بالنسبة لهما.
وقالت مروة السبع محمد: أبلغ من العمر 24 سنة، وتكبرنى شقيقتى "دعاء" بعامين، وولدنا مكفوفتين بالإضافة إلى شقيق ثالث اسمه "محمد" بالصف الثالث الثانوى كفيف أيضاً، ولكن باقى أخواتنا مبصرين، ولعدم معرفة والدى بوجود مدارس للمكفوفين قرر الانتقال من محافظة قنا محل الميلاد إلى العيش فى مدينة كوم أمبو بمحافظة أسوان، وهناك التحقنا بمدارس النور للمكفوفين وكنتُ أنا وشقيقتى دعاء فى نفس المرحلة التعليمية حتى المرحلة الجامعية.
وأضافت مروة أنهما عندما وصلا إلى المرحلة الجامعية التحقا بكلية الآداب قسم اللغة العربية، ولم تكن الدراسة بالأمر الهين عليهما كما كان فى السابق بمدارس المكفوفين والتى تتعامل مع طلاب مكفوفين فقط، موضحةً أنهما كانا يستلمان كتباً عادية ويلجأن إلى تحويلهما إلى ملف Word أو pdf ثم يقومان بقراءتها بمساعدة برنامج "ناطق" على الكمبيوتر، مشيرة إلى أنهما كانتا حريصتين على التطوير من شأنهما سواء فى الالتحاق بالدورات التدريبية فى مجال الكمبيوتر أو فى التعليم أو حتى دورات التنمية البشرية، موضحةً أنها ارتبطت بشخص اسمه "فريد" كفيف أيضاً حاصل على ليسانس الألسن قسم اللغة الأسبانية من جامعة عين شمس بالقاهرة، ويعمل حالياً بإحدى المؤسسات المجتمعية، وتعاهدا على مواصلة التعليم والنجاح.
وأشارت شقيقتها دعاء السبع، إلى أنهما تخرجا فى الجامعة والتحقا بالعمل فى الجامعة بنظام عقود اليومية، فهى تعمل بمركز المعلومات، وشقيقتها مروة تعمل فى إدارة رعاية الشباب بكلية دار العلوم، خاصة أنهما يساعدان الأسرة فى مصروفات المنزل بعد وفاة والدهما، ووصلت إلى أن تكون مدربة ومساعدة فى تدريب الشباب وخريجى الجامعات على مهارات الكمبيوتر سواء كانوا أكفاء أو مبصرين، ونجحتا أيضاً فى نيل احترام كل المحيطين بهما والتفاف المجموعة الكفيفة بالجامعة والبالغ عددهم نحو 16 كفيفا وكفيفة.
وفى سياق متصل، تعد "رفيدة نصر عبد المنعم" واحدة من النماذج الناجحة، واستطاعت أن تتحدى إعاقتها البصرية أيضاً وأن تتفوق على دفعتها خلال الفصل الدراسى الأول وأن تحصد المركز الأول متفوقة على المبصرين بكلية الألسن قسم اللغة الإنجليزية، وأن تسعد والدها الكفيف أيضاً بهذا التفوق.
وعلى الجانب الآخر، وفاء عبد النعيم، صاحبة لقب "أم المكفوفين" فى محافظة أسوان، وسبب إطلاق هذا اللقب عليها هو لعدم تزوجها وحصولها على أبناء، فقررت أن تتخذ من المحرومين من نعمة البصر أبناءً لها، وولدت "وفاء" فى مدينة كوم أمبو بأسوان كفيفة محرومة من نعمة الإبصار، كما حرمت أيضاً من التعليم وهى صغيرة ولكنها استطاعت أن تؤسس جمعية لتقديم كافة المساعدات للمكفوفين.
وقالت "وفاء"، "بدأت أبحث عن فرص للتعليم ومحو الأمية من جديد، حتى التحقت بمدرسة ابتدائى رغم أنى وصلت لسن الأربعين، لكن إصرار مديرة المدرسة أن وجودى بمدرستها غير قانونى، جعلنى لم أستمر سوى عام فقط، ومن بعدها خرجت من المدرسة ولم أتعلم شيئا شعرت بإحباط شديد لكن إصرارى جعلنى أبحث عن فصول لمحو الأمية وبالفعل نجحت تلك المرة، وتعلمت القراءة والكتابة بطريقة برايل، وبدأت التواصل مع مكفوفين نفس ظروفى، ومن هنا جاءت الجمعية التى كانت موجودة بالفعل لكنها كانت مهملة ولم تساعدنا فى أبسط الحقوق على الإطلاق".
"أحمد الصاوى"، من دفتر قصص نجاح المكفوفين بأسوان، استطاع هذا الشاب رغم صغر سنه والذى لم يتجاوز الـ25، إلا أنه استطاع أن يبتكر آلة حاسبة للمكفوفين والقيام بالتدريب على برامج الحاسب الآلى سواء البرمجة أو الصيانة، بالإضافة إلى تعلمه بعض اللغات الأجنبية الإنجليزية والفرنسية، وممارسة هوايته فى السباحة وركوب الدراجات.
ولد أحمد على فهمى الصاوى، فى عام 1994 بمدينة أسوان، أصيب منذ ولادته بمياه زرقاء على العين أفقدته نعمة الإبصار، ولكنه استطاع بمجهود من أسرته المكونة من والده ووالدته وأخواته أن يجعلوا منه إنساناً متمرداً على ظروف الحياة القاسية هادفاً إلى النجاح والتميز، وتفوق أحمد الصاوى دراسياً، وكان يحقق المركز الأول دائماً فحصده على نطاق محافظة أسوان بالصف السادس الابتدائى وحصد أيضاً السادس على الجمهورية فى نفس السنة الدراسية، وأتم حفظ القرآن الكريم وهو بالصف الثانى الإعدادى، ثم حصل على ترتيب متقدم على مستوى الجمهورية فى مرحلة الثانوية، ثم التحق بجامعة الأزهر وحصل على ليسانس أصول الدين قسم التفسير، ويستكمل حالياً دراسته بمرحلة الدراسات العليا بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر بالقاهرة.
أحمد الصاوى
الأختان دعاء ومروة السبع
أم المكفوفين
دعاء السبع
مروة السبع محمد
مروة السبع_1
مكفوفون على أجهزة الكمبيوتر
وفاء أم المكفوفين
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة