القارئة سارة عبد العزيز عمران تكتب تمهل رمضان

الجمعة، 31 مايو 2019 02:00 م
القارئة سارة عبد العزيز عمران تكتب تمهل رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

اليوم كنت فى طريقى إلى بيتنا بقريتنا الصغيرة ، استوقفنى مشهد حصاد القمح  متوافقاً مع اقتراب انتهاء الشهر الكريم ، فشعرت بمعنى الحصاد للصائمين والراكعين والساجدين والقائمين على مدار الشهر الكريم وفرحتهم بكثرة العبادات والطاعات، فقلت: تمهل يا رمضان فلم يأت يوم حصادك بعد .

إنك ضيف عزيز علينا تزورنا مرة كل عام ننتظر قدومك بلهفة و قرب انتهائك نشعر بألم الرحيل ونقول لك تمهل قبل الرحيل، فعندما تأتى يأتى معك الخير والبركات والصدقات وصلة الأرحام .

إن مظاهر الاحتفاء بالشهر الكريم متشابهة ومتكررة فى كثير من البلدان فى أرجاء مصر ؛ لكن للقرية سمات خاصة تميزها، فتجد البساطة والهدوء وهى سمات تبدو أكثر فى تفاصيلها لمن تركوا القرية فيزداد اشتياقهم لها فى أوقات ومناسبات محددة أكثرها وأقربها للقلب هو الإفطار مع الأهل ؛ حيث يجمعهم الشوق لذكريات ماضية ؛ كما تزداد روح التسامح والمحبة والشعور بفرحة غامرة قد يخلو منها سبب واضح .

وقد تلمح بعض التشابه بين القرية وشهر رمضان الكريم .

فما الذى يجمع بين القرية وشهر رمضان من صفات ؟

 القرية لها طابع خاص فى رمضان ؛ حيث تحمل بعض التفاصيل المتكررة على مدار سنوات طويلة ، لم تتغير ولم تتبدل ، فيكفى أن تزور قريتك بعد غياب طويل أو قصير لتستحضر كل ذكريات الماضى كأن الزمن متوقف عندها .

يتبادل الأهل والأصدقاء الإفطار فى البيوت ، فالقرية تخلو من موائد الرحمن وهى أشبه بأسرة كبيرة فلا داعى لإطعام الناس فى الشوارع ، حتى الغرباء يمكن إطعامهم فى المنازل هكذا الكرم والجود أكثر .

الصغار فى القرية يستمتعون بصنع الزينة بأيديهم ، فهى أقل تكلفة وتبعث على نفوسهم البهجة والسرور خاصة فانوس رمضان ، وفى شهر رمضان تعود محتاجون القرية أن تذهب إليهم المساعدات والصدقات وأموال الزكاة طوال الشهر الكريم ، كما تنشط فى القرية الكتاتيب وتعقد مسابقات لحفظ القرآن الكريم والتى يحرص فيها عمدة القرية على حضور حفل التكريم احتفاء بشهر نزول القرآن الكريم.

وتعمر المساجد بالمصلين والمصليات لأداء صلاة التراويح ، وهى لدى السيدات بمثابة لقاء نسوى لتقوية الصلات واستعادة العلاقات الطيبة ، فالقرية بمثابة أسرة كبيرة يجعل هذا اللقاء لا يخلو من الثرثرة أحياناً حول أحوال الناس وأخبارهم .

 وفى هذا الشهر الكريم تكثر الأمسيات الدينية فى مركز شباب القرية ، كما يقيم بعض الأشخاص ليلة للمدائح النبوية فيتم توزيع الطعام على البيوت البعيدة ويجتمع الأهل والأصدقاء للإفطار معاً ثم يستمعون للمدائح والأناشيد ابتهاجاً بالشهر الكريم. .  

وهناك مشهد لا تخلو منه القرية فى نهار رمضان ؛ وهو أن أن ترى بين الحقول والمزروعات بعض الأشخاص يقرأون أو يذاكرون للامتحانات ، وقد ترى هناك شخص مندمج فى التفكير يتمشى بين الحقول فى صمت بالغ يُعجزه عن سماع تحية البعض فالمكان يغرى بالاستغراق فى التفكير .

ورغم انتشار محلات الحلوى فمازالت السيدات يتفنن فى صنعها فى البيوت لتفوق الحلوى الجاهزة .

وقبل وقت الفجر بساعتين تسمع صوت المسحراتى وتلحظ ارتباطه بكل أطفال القرية وهو ينادى كل باسمه دون أن يرى وجهه إلى أن يأتى يوم العيد فينادى لأخذ العيدية أول أيام  العيد .

والآن وقد أوشك الضيف العزيز على الرحيل واقترب العيد ، فنقول له تمهل قبل أن تمضى ، ليت السنة كلها رمضان ... !

فانتظارك لعام كامل له شوق كبير فى النفس ،وقد لا نجتمع مع نفس الأشخاص فى العام القادم ، فصحيح أن الشهر أيام معدودات لكنه بمثابة مدرسة عظيمة فى التغيير

تغيير النفس قبل كل شىء "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".

نسأل الله أن نكون عنده من المقبولين فى هذا الشهر الكريم ، وأن يهل علينا يوم العيد بفرحة الفائزين بالقبول وأن يكون حصاده كله خير بركة .










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة