سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 22 مايو 1936.. مقتل الراقصة «امتثال فوزى» يفتح الجدل حول سطوة الفتوات فى القاهرة وحمايتهم بالامتيازات الأجنبية

الأربعاء، 22 مايو 2019 11:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 22 مايو 1936.. مقتل الراقصة «امتثال فوزى» يفتح الجدل حول سطوة الفتوات فى القاهرة وحمايتهم بالامتيازات الأجنبية امتثال فوزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
افتتحت الراقصة امتثال فوزى،  صالتها للرقص «كازينو البوسفور» بمنطقة الأزبكية بالقاهرة،  يوم 2 مايو 1936،  ووفقًا للدكتور عبد الوهاب بكر فى كتابه «مجتمع القاهرة السرى 1900-1951»: «اتصل بها البلطجى فؤاد الشامى عارضًا خدماته «الحماية»،  إلا أنها رفضت،  وفى أكثر من مناسبة أمرت بطرد البلطجى وأعوانه من الصالة عندما كانت تجدهم يحتسون الخمر بلا مقابل.. وعندما لم تذعن لمطالب عصابة فؤاد الشامى بدفع إتاوة، قامت العصابة بالاعتداء عليها بالضرب ليلة 15 مايو 1936، وعندما لجأت لقسم الأزبكية الذى لا يبعد عن مرقصها بأكثر من ألف خطوة، أفهمها الضباط المرتشون هناك بأن دورهم ليس حماية الناس من التهديد، وإنما ضبط الوقائع بعد وقوعها».
 
يضيف بكر: «رغم أن قسم الأزبكية حرر المحضر عن حادث الضرب، إلا أن ضباط القسم أخلوا سبيل أفراد عصابة «الشامى».. وفى ليلة 22 مايو، مثل هذا اليوم، 1936 اتصل أعضاء العصابة بالراقصة وهددوها بالقتل إن لم تستجب لمطالبهم بدفع الإتاوة، ومرة أخرى ذهبت إلى قسم الأزبكية تبلغ بواقعة التهديد، وتستنجد من التهديد بالقتل، لكن الضابط المختص صرفها، وبعد ساعتين من عودتها وأثناء مرورها بصالتها للإشراف على العمل اعتدى أحد أفراد العصابة «حسين إبراهيم حسن» عليها بضربها بزجاجة خمر مكسورة فى رقبتها، فسقطت مضرجة فى دمائها».
 
وفقًا للكاتب والناقد شعبان يوسف فى عرضه لكتاب مجهول فى «التحرير-2 مايو 2015» بعنوان «مقتل الراقصة الحسناء امتثال فوزى..الفتوات والبلطجية والبرمجية فى مصر»: «نشأت امتثال فى قرية» مير-مركز ديروط–أسيوط»، واسمها الحقيقى «أسما»، وتزوجت وهى فى الرابعة عشرة من ابن أحد المستشارين بمحكمة الاستئناف، بعد أن تعلمت اليونانية، ولكن والدها يقع فى حادثة قتل، فتترك الأسرة على أثرها الصعيد، وتذهب إلى الإسكندرية وفيها التحقت بعالم الفن»، وحققت شهرة فى الإسكندرية ثم جاءت إلى القاهرة، وحسب عبد الوهاب بكر: «بلغت شهرة كبيرة فى المنطقة بفضل مهارتها فى الرقص والغناء، ثم تشاركت مع زميلتها «مارى منصور» فى صالة الأخيرة بشارع عماد الدين، ثم تركت العمل مع الراقصة بديعة مصابنى، وأدارت كازينو البوسفور بمنطقة الأزبكية بالاشتراك مع مارى منصور، وكان الكازينو فى حقيقته صالة للرقص، وبوصفه هذا يدخل فى إطار اهتمامات كبير بلطجية شارع عماد الدين «فؤاد الشامى» وشقيقه مختار».
 
يؤكد صبرى أبوالمجد فى الجزء الثانى من كتابه «سنوات ما قبل الثورة-1930-1952»، أن قتلها كان «من ذيول الامتيازات الأجنبية المفروضة على مصر، وكانت تنتقص من استقلالنا القضائى بل واستقلالنا السياسى».. ويذكر: «هالت الجريمة البشعة كل إنسان، فصاحب الدولة مصطفى النحاس باشا، رئيس الوزراء ووزير الداخلية، قرر انتداب اثنين من كبار موظفى الداخلية ليشهدا التحقيق ثم يتقدمان إلى دولته بتقرير وافٍ يحددان فيه مسؤولية رجال البوليس».. يضيف أبوالمجد، أن الصحافة أجمعت على المطالبة بوضع حد لنهاية «عصر الفتوات» الذين يستهينون بالمسؤولين عن حراسة الجماهير، وفرض سيادة الدولة على كل شىء».
 
يعطى «بكر» صورة وافية عن عالم البلطجة والفتونة فى القاهرة حتى وقوع جريمة «امتثال»: «كان لكل حى فتوة، ومن الأسماء المشهورة فى هذا النشاط أوائل القرن العشرين «إبراهيم عطية» فتوة الحسينية، وخليفته «مصطفى عرابى»، وعبده الجباس فتوة عابدين وحارة السقايين، وسيد حداد ومحمود الحكيم، فى منطقة الدرب الواسع والدرب الإبراهيمى، وكان هناك «رزق الحشاش»، و«جرجس بن تهتة» و«ميخائيل العجوز»، وفى الثلاثينيات كانت عزيزة الفحلة، و«الزفتاوية» و«المغربية» و«الفيشاوى» و«أحمد البيومى» و«الأسيوطى» بحى الظاهر، أشهر الفتوات فى القاهرة، وفى حارة اليهود كان هناك «جداليا» و«بالميطو» و«لولى»، ويبدو من أسمائهم أنهم جنسيات أجنبية».
 
يضيف بكر: «كانت أهم معاقل هؤلاء البلطجية«عزبة الصفيح»فى العباسية، وعزبة«البراد»فى شبرا، و«عشش الترجمان والغلابة» ببولاق، و«الترعة البولاقية» فى بولاق، و«الخرطة الجديدة»فى الخليفة، و«زين العابدين فى حى السيدة زينب».. وكان للبلطجية نفوذا لدى أقسام الشرطة بدرجة غيبت تنفيذ القانون بدليل ما حدث فى جريمة امتثال..يؤكد بكر: «هؤلاء البلطجية وثقوا علاقتهم بصغار ضباط الشرطة، وأصبح قسم شرطة الأزبكية فى الثلاثينيات يدار من الحانات والصالات التى اتخذها أعضاء عصابة البلطجية مقارًا لهم يحتسون فيها الخمور بلا مقابل، ويحصلون على الإتاوات من الراقصات والمومسات وأصحاب الأنشطة المشابهة فيها.. وكانت أشهر عصابة فى المنطقة «عصابة فؤاد الشامى وشقيقه مختار».. يذكر أبو المجد: «أثبتت التحقيقات فى جريمة مصرع امتثال أن هؤلاء الفتوات لم يكونوا فتوات صالات وحسب، ولكنهم فتوات انتخابات أيضًا، كما أن «مهنة الفتونة» لم تكن مقصورة على المصريين، بل كثير من الأجانب يحترفونها، وكانت الامتيازات الأجنبية المفروضة على البلاد وقتئذ تحميهم، والطريف أن البلطجية كانوا يعملون وفق تسعيرة محددة، فتحطيم المنزل بخمسين قرشا، وإحداث إصابة بجنيه واحد، والعاهة المستديمة بعشرة جنيهات، والتهديد الشفهى أو الكتابى بمائة وخمسين قرشا، هذا عدا مصاريف أتعاب المحامى الذى يوكل للدفاع عن الجانى، وكذلك الإنفاق عليه طوال مدة سجنه».
 
قضت المحكمة بسجن فؤاد الشامى ومتهمين آخرين بالأشغال الشاقة المؤقتة، وأفرج عنه عام 1957 بعد أن قضى فترة عقوبته كاملة غير منقوصة. 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة