اعترف بأن الفنان المتألق ماجد المصرى استطاع أن "يربكنى" ويجعلنى أعيد النظر فى العديد من القناعات الذاتية المتعلقة بمقاييس ومعايير النجومية، فبينما نشاهده فى مسلسل زلزال الذى يعرض حاليا على قناة دى إم سى، حيث يشارك فيه مع النجم محمد رمضان استطاع أن يجذب المشاهدين نحوه بقوة، بل استطاع وعن جدارة أن يقلب المعايير الإبداعية، ويربك من يشاهده ويدفعه لأن يغير أيضاً من النظرة تجاه الفنان الذى يقوم ببطولة الدور الثانى فى أى عمل، حتى وإن كان هذا العمل يقوم ببطولته نجم فى حجم ومكانة محمد رمضان.
فعلى الرغم من أن ماجد المصرى لا يقوم بدور البطولة فى هذا المسلسل، ولكنه على أرض الواقع ومن خلال هذا الأداء الرائع وتلك القدرة الفائقة على التمثيل وذاك التمكن الكامل فى التعبير عن مكنونات النفس البشرية، نجده وقد استطاع أن يجبر كل من يشاهده على أن يكرهه، وهو يقوم بدور الأب الجاحد الأنانى البخيل أن يصدقه وأن يكرهه، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نجد أن تلك الشخصية صعبة جدا ولا تحب الخير لأحد كما أنه بخيل على نفسه وعلى أهل بيته أيضاً وهى صفات أعتقد أن توافر صفة واحدة منها فقط كفيل بخلق حالة من العداء والكراهية تجاه هذه الشخصية، وهو ما نجح فيه بالفعل ماجد المصرى الذى من شدة اتقانه للشخصية كرهه الجمهور وناصبوه العداء، لأنهم صدقوه واقتنعوا بأدائه.
وعلى الرغم من أن الجمهور قد كره ماجد المصرى وهو يؤدى هذه الشخصية المعقدة وشديدة التناقض، إلا أنه فى نفس الوقت لا يتردد نفس الجمهور فى أن يقف احتراماً وتقديراً لفنان موهوب يمتلك قدرة فائقة على تغيير جذرى فى تلك النظرة المحدودة تجاه هذه الشخصية، بل تحول ماجد المصرى وبفضل هذا الدور (الثانى) إلى نجم (أول) بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وإحقاقاً للحق فإن هذا لم يكن على حساب بقية النجوم الذين يقومون بيطولة المسلسل، ولكنه استطاع أن يصنع لنفسه ولشخصيته مساحة أخرى لدى المشاهدين، مساحة رسمها بنفسه على مقاسه هو فقط ليصبح هذا المسلسل مليئا بالنجوم، مما يجعلنا أمام عمل ناجح بكل المقاييس، وهو عمل تتوه فيه القوالب التقليدية، لنصبح فى نهاية الأمر أمام عمل متكامل يشارك فيه كوكبة من النجوم.
خلاصة القول أننا أمام فنان يتمتع بثراء فى الموهبة وهذا الثراء جعله حتى وإن كان لم يتمكن حتى الآن من تقديم أى بطولة مطلقة إلا أنه فى حقيقة الأمر يشار اليه دائماً بأنه نجم فى هذه المنطقة.. وأعنى بها منطقة الدور الثانى.
فإحقاقاً للحق هو لديه حساباته واعتباراته الشخصية فى تلك المنطقة، حيث يحرص دائماً على اختيار أدواره بناءً على أهمية الدور وعلى ما يمكن أن يقدمه من خلال هذا الدور، حتى وإن كان بضعة مشاهد قليلة، فماجد المصرى من تلك النوعية من الفنانين الذين لا يتعاملون مع الدور بعدد المشاهد التى يقدمها، ولا بالمساحة التى يحتلها فى الأحداث، وإنما الذى يهمه أولاً وقيل كل شىء هو مدى تأثير هذا الدور فى المشاهدين، ومدى قدرته على تجسيده بالشكل الذى يصدقه فيه الجمهور، ففى هذه الحالة فقط يكون قراره بالموافقة على هذا الدور أو ذاك وبعيداً عن الحسابات الأخرى التى نسمع عنها، خاصة تلك المتعلقة بمشاكل وخلافات ترتيب الاسم على التتر أومكان وصورته فى بوستر العمل.
أعتقد أن فناناً يفكر بهذه الطريقة، ويمارس مهنة التمثيل على هذا النحو الذى يتسم باحترام ذاته واحترام فنه، فإنه جدير بأن يأخذ حقه وأن يعرف الجميع أنه خارج حسابات الأنانية المفرطة التى أصبح يتسم بها الغالبية العظمى من النجوم.
فماجد المصرى لم يجبره أحد على قبول الدور الثانى فى مسلسل زلزال ولكنه قبل هذا الدور عن قناعة تامة لأنه من ناحية يحب العمل مع محمد رمضان ولا يخجل من العمل معه فى دور ثانى، ومن ناحية أخرى فهو لا يحمل فى قلبه عدة "النقص" التى يعانى منها الغالبية العظمى من الفنانين الذين يورطهم الغرور الفنى فى تقمص دور البطولة ويعيشون فى هذا الوهم الى أن يفيق الواحد منهم على الحقيقة المرة وهى أن قطار النجومية قد تحرك وانهم باقون فى أماكنهم على رصيف محطة الفن.
من أجل هذا وذاك فإننا دائماً نجد ماجد المصرى يتنقل دائماً بحرية تامة وهو يقدم لنا ادواره من دور لآخر ومن شخصية لأخرى فهو على قناعة تلمة بأنه ليس لديه سقف وهو يجسد شخصياته فالابداع لديه ليس مجرد تقديم شخصيه كما هى مكتوبة على الورق وحسب بل أن الابداع كما يراه ماجد المصرى يمثل مجموعة اشياء كلما اجتمعت لدى هذا الفنان أو ذاك استطاع أن يحقق النجومية حتى ولو كان يقوم بالدور الثانى .
هكذا يكون الفنان الذى يتعامل على أساس أن للنجومية مقاييس أخرى صنعها بموهبته واحتفظ لنفسه بسر "الخلطة السرية" لها والتى لا يعرفها أحد سواه فاستحق من جمهوره كل حب وتقدير واحترام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة