بينما اتصفح القصص القرآني وجدتني اندمج في تفاصيل الحادثة التى حكى الكتاب الكريم تفاصيلها بخصوص ثلاثة من الصحابة الذين تخلفوا عن مرافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى غزواته .. وبرروا تخلفهم عن المشاركة في الدفاع عن مستقبل وطنهم بأنهم غير قادرين على المسير في حرارة الشمس .. ولم يكن المتخلفون عن واجب الوطن ثلاثة فقط .. بل كانوا عددا من المتأمرين ضد كرامة وطنهم من محاولات العصف والقصف التى تتربص بوطنهم الدوائر .. ولَم يكتف هولاء بالامتناع عن الخروج تلبية لمطالب وطنهم .. بل كانوا يحثون ويحرضون غيرهم على عدم الخروج قائلين لهم : لا تنفروا في الحر .. ولَم يعلم هولاء المتخلفون عن نداء وطنهم أن نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون نواميس الكون .. لكن ماذا نقول فيمن طمس الله على قلوبهم وعلى سمعهم وجعل على بصرهم غشاواة .. وظنوا أن جريمتهم سوف تمضى ولن يعلم بها أحد .. ولكثرة الغشاواة المتراكمة على قلوبهم لم يعلموا أن الله عليم بذات الصدور .. وأنه سبحانه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .. وفضحهم الله على مرأى ومسمع .. وما كان مخفيا في الصدور صار معلوما للغادي والبادي .. ووقتها أدرك هولاء المتخلفون أن الجميع قد عرف بخيانتهم لوطنهم ومدى الجرم الذى اقترفته أيديهم .. فندم ثلاثة منهم معلنين توبتهم وجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدمون الأعذار .. ورغبة من التشريع الإلهي في تمحيص توبتهم قرر المولى سبحانه وتعالى مقاطعة هولاء المتخلفون عن واجب الوطن .. إنها جريمة عظمى .. فقد استمرت مقاطعتهم خمسون ليلة .. ولَم تتوقف مقاطعتهم إلا بعدما ضاقت عليهم الأرض بما رحبت .. وضاقت عليهم أنفسهم .. فتاب الله عليهم ليتوبوا .. وجاءتهم البشرى بالعفو الإلهي .. فبادلوا الإحسان بالرد الجميل .. راغبين في التخلي عن أموالهم التى كانت سببا في التنكر لوطنهم .
هذه الحادثة تنطبق تفاصيلها على خونة الوطن الذين يتخلفون عن واجب واطنهم بالحماية والرعاية في المجال الأمني عبر التهرب من الخدمة العسكرية أو حث غيرهم على ذلك .. والتهرب من دعم الاقتصاد الوطني بأموالهم بل والعمل على تخريب أسس وقواعد البناء التنموى والاستثماري بهدف التأثير على الأنظمة الوطنية وخلق الأزمات والفواجع خدمة لأجندات خارجية .. وليست الخيانة الوطنية قاصرة على هذا فحسب بل هناك ترويج الشائعات ونشر الأكاذيب وتشكيل اللجان الإليكترونية لزعزعة الأمن الاجتماعي .. ومن الخيانة للوطن تخريب منشآته أو سرقة أمواله أو تغييب عقول ابنائه .
نحن في رحاب شهر الخير والكرم الرباني .. وعلى كل خائن أن يعلم أن الله سيفضحه عاجلا ام آجلا .. وسينكشف على الملأ ما كان يخفيه .. فالأوطان لها قداسة في الأديان ومكانة في الشرائع .. فما بالنا لو كان هذا الوطن مصر المحروسة البلد التى اختصها الله بالجمال والنور الرباني .. وشرّفها بأن جعلها قبلة الخائفين وأمان الطالبين للحماية والرعاية
أقول لمن خانوا وطنهم بالعمالة لصالح أجندات الشر : توبوا إلى وطنكم بالامتناع عن الخيانة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة