محمد فودة

محمد فودة يكتب.. "الابتهالات".. أصوات السماء التى نفتقدها الآن

الجمعة، 10 مايو 2019 11:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كلما استمعت للشيخ سيد النقشبندى وهو ينشد رائعته الخالدة "مولاى إنى ببابك قد بسطت يدى" أشعر وكأنى أذوب عشقا فى ملكوت الله حيث ينقلنى هذا الصوت الملائكى العذب الى عالم آخر ليس هذا وحسب بل ويجعلنى أهيم شوقاً فى سماوات الحب الالهى حيث الفضاء الروحانى الذى لا أول له ولا آخر.
 
وكيف لا يكون الأمر على هذا النحو من الروعة وقد ارتبطت تلك الابتهالات والاناشيد الدينية فى ذاكرة الأمة الاسلامية بروحانيات الشهر الكريم فضلاً عن ذلك فقد اصبحت بالفعل تمثل جزءاً اساسياً ومهماً من حياتنا الروحانية خلال شهر رمضان المباركة . 
 
 لقد اعتدت أن استمع منذ بداية رمضان الى النقشبندى وصوته يصدح عبر أثير الراديو فتذكرت الملحن المبدع بليغ حمدى حينما قال جملته الشهيرة موجها كلامه للنقشبندى "سوف اصنع لك لحناً خالداً يعيش مائة عام " وبالفعل ها هو الابتهال الخالد "مولاى " ما يزال يعيش بيننا وكأن القدر شاء أن يكون الرئس الراحل انور السادات من عشاق النقشبندى حيث طلب من بليغ حمدى أن يضع لحنا ليسمعه فى الراديو بصوت النقشبندى وعلى الفور تم فتح ستوديوهات الاذاعة ليلتقى بليغ والنقشبندى و بدأ العمل على قدم وساق من اجل هذا العمل الذى ينتظره السادات وفى هذه الأثناء دخل الاعلامى الراحل وجدى الحكيم على النقشبندى فوجده حزينا شارد الذهن وفضفض له بانه يشعر بمرارة فهو لا يحب ان يرتبط اسمه بالألحان الراقصة .. ولكن تبدد هذا الاحساس بمجرد أن  التقى بليغ والنقشبندى حيث استمع الى اللحن فوجده مختلفاً تماما مما  جعل الشيخ يشعر بنوع من الراحة واطمئنان شديد ومن هنا بدأ التعاون الذى أثمر ى عن 6 ابتهالات اشهرها اللحن الذى طلبه السادات وهى الالحان التى قال عنها النقشبندي نفسه فى حوار اجرته معه الاذاعة المصرية "لو مكنتش سجلت الايتهالات دى مكنش بقالي تاريخ بعد رحيلي"
 
وبالفعل رحل بليغ ورحل النقشبندى ولكن عاشت ابتهالاتهما الخالدة التى ما نزال نسمعها بحرص وباهتمام شديدين فكلما سمعناها شعرنا بأننا نسمعها لأول مرة وذلك فى تقديرى أن النية كانت لدى الاثنين خالصة لوجه الله الكريم بل كان كل منهما يحاول قدر استطاعته ان يثبت للجميع  أنه جدير بأن يكون الافضل ، فكانت النتيجة أن انصهرت الحان بليغ حمدى بصوت سيد النقشبندى فى بوتقة الابداع فقدمت لنا  صوتاً ملائكياً كلما سمعناه نشعر وكأننا نسمع صوتاً قادم من السماء يأخذنا معه الى ما لا نهاية من حيث الاستمتاع والشعور بالطمأنينة وراحة البال .
 
والحق يقال فإننى وبينما اتناول هذا النوع من الانشاد والابتهالات الدينية اترحم على تلك الايام التى مضت بلا رجعة واشعر بمرارة بسبب اختفاء هذا النوع من الابتهالات التى للاسف الشديد لم يظهر مثلها على الرغم من التطور الهائل الذى طرأ على الادوات والاجهزة الحديثة التى يمكن أن تساهم فى تقديم مؤثرات صوتيه من شأنها إضفاء حالة من الخشوع  على الابتهالات الدينية التى اصبحنا نفتقدها الان خاصة بعد رحيل العباقرة الذين كانوا يمتلكون مواهب فذه لذا فقد حفروا اسماءهم بحروف من نور فى هذا المجال الروحاني.
 
وللإنشاد الديني قصة تؤكدها كتب التراث تشير الى أن بدايته كانت مع بداية الاذان حينما كان بلال المؤذن يقوم بالتجويد فيها كل يوم خمس مرات كما كان ايضا يرتلها ترتيلاً حسنًا بصوت جميل جذاب ومن هنا جاءت فكرة الأصوات العذبة في التغني بالأشعار الإسلامية ثم تطور هذا المجال على أيدي المؤذنين في الشام ومصر والعراق وغيرها من البلدان وأصبح له قوالب متعددة وطرائق شتى حيث يتفنن كل منشد فى اسلوب وطريقة تقديمه الابتهالات الدينية معتمداً على جمال صوته من ناحية وعلى الكلمات التى يقوم بادائها من ناحية أخرى.
 
وفي بدايات القرن العشرين أصبح للإنشاد الديني أهمية كبرى حيث تصدى لهذا اللون من الغناء كبار المشايخ والمنشدين الذين كانوا يحيون الليالي الرمضانية والمناسبات الدينية وتطورت قوالب هذا الفن فأصبحت له أشكال متعددة وأسماء كثيرة تمجِد الدين الحنيف وتدعو لوحدة المسلمين وتشجب الأعمال التى تخالف شرع الله  وتدعو إلى الفضيلة وتمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وقد برز على الساحة العديد من المنشدين فى مقدمتهم على الاطلاق الشيخ طه الفشني والشيخ سيد النقشبندى.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة