سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 10 مايو 1950.. تجاهل رسمى لجنازة الشيخ محمد رفعت واحتفاء شعبى بالمقرئ الذى «تخشع له القلوب»

الجمعة، 10 مايو 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 10 مايو 1950.. تجاهل رسمى لجنازة الشيخ محمد رفعت واحتفاء شعبى بالمقرئ الذى «تخشع له القلوب» الشيخ محمد رفعت

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خلت جنازة الشيخ محمد رفعت مقرئ القرآن الكريم من مظاهر التكريم الرسمية، وكان ذلك جحودا من أجهزة الدولة ونكرانها لفضل عبقريته، حسب تأكيد الدكتور نبيل حنفى فى كتابه «نجوم العصر الذهبى لدولة التلاوة».. كانت الوفاة فجر يوم 9 مايو 1950، بعد إصابته بمرض «الفواق» منذ عام 1943.. «راجع ذات يوم 9 مايو 2019».
 
فى مقابل هذا الغياب الرسمى كان التقدير والإعجاب والمحبة شعبيا، فحسب محمود السعدنى فى كتابه «ألحان السماء»: «وفد على مأتم الشيخ آلاف من مختلف أنحاء البلاد لم تكن لهم صلات به إلا صلة التقدير والإعجاب»..يذكر السعدنى واقعة مؤكدًا أنها «حقيقة وليست خرافة» وهى «أقسم أحد كبار الجزارين أن جسد العبقرى لن يدفن إلا فى المقبرة التى أعدها له، وكان قد أعد فى صمت وبلا ضجيج مقبرة عظيمة تليق بعظمة الراحل الكريم، وأصر الجزار الطيب على أن يحمل نعش الشيخ بنفسه إلى مثواه الأخير».. يؤكد نبيل حنفى أن الصحف الصادرة يوم 10 مايو، مثل هذا اليوم، 1950 لم يتحدث فيها أى مسؤول بكلمة واحدة عن الشيخ، وفى المقابل «نشرت إعلانات النعى التى تكفل بنشرها البعض من محبيه بالإضافة إلى رابطة قراء القرآن الكريم بمصر وحزب العمل الاشتراكى «فرع الموسكى» والجمعية التعاونية لبائعى الصحف».
 
يذكر حنفى أنه إلى جوار إعلانات نعى الشيخ كان ثمة شىء لافت للنظر، ففى ثنايا النعى جاء خبر: «ومما يذكر أن مجلس الإذاعة اللاسلكية كان قد قرر منذ أسبوع زيادة الأجر المحدد لإذاعة الشريط المسجل للفقيد من خمسة جنيهات إلى سبعة جنيهات ونصف الجنيه، على أن تكون الإذاعة مرتين فى كل أسبوع».. يرصد«حنفى»مفارقة هى.. فى يوم 10 مايو 1950 غصت جنازة ضابطين طيارين هما زكى عجرمة وأحمد قنديل بالمسؤولين، يتقدمهم الفريق محمد حيدر باشا القائد العام للقوات المسلحة، بينما غاب الحضور الرسمى عن جنازة الشيخ رفعت، وفى صحيفة الأهرام يوم 11 مايو، حملت صفحة إعلانات النعى صورة التقطت للجنازة الرسمية للضابطين، وإلى جوارها نعى للشيخ أرسل به ودفع تكلفته سائق من طنطا يدعى كمال الحلو، ويأتى مع نعى سائق طنطا نعى آخر من المدعو أحمد منير القصبى بوزارة الشؤون، ونصه: «الشيخ محمد رفعت: عرفتك روحا طاهرة كالثلج على أجنحة الرياح، رقيقة كأنفاس النسيم فى فم الصباح، ونفسًا أبية سارع إليها المحسنون فيما ظنوه ساعة العسر، فردت إليهم إحسانهم شاكرة لاعن سعة وإنما عن عفة ورضا بما قسم الله..أحبك المسلمون وغير المسلمين، لأن تلاوتك كانت حلوة كحلاوة الإيمان، تفجر الرحمة فى القلب والدمع فى العين، فالقرآن اليوم حجة لك لاعليك، فهنيئا لك، وسلام لك من أصحاب اليمين، وسلام عليك حتى نلتقى فى نور اليقين».
 
وكتب الكاتب الكبير محمد زكى عبدالقادر فى مقاله اليومى «نحو النور» 11 مايو 1950: «أكان سحرا؟ أكان فنا؟ أكان نورا علويا؟ هذا الصوت العذب تخشع له القلوب والأنفس فتروح فى سماوات من الفيض والأمن والسلام.. هذه النبرات الحلوة تذهب على أمواج الأثير فكأنها ترتد إلى مصدر وحيها فى مثل الجمال الذى نزلت إلى الأرض يرف حولها. أتراه كان صوتا أم كان روحا؟ أتراه كان يرتل القرآن ترتيلا، أم يرسله كما جاء وحيا وتنزيلا، تباركت ربى.. أعطيت وأخذت..سلاما على الأرض، كان هذا الصوت، فكأنك بعثته فى مثل جلال ما أنزلت، فتوافق الأصل والصدى، والأداء والمعنى، فكان السحر الذى ليس بعده سحر».
 
هذا «السحر الذى ليس بعده سحرا» بوصف عبد القادر، وصل الشيخ إليه بالعلم إلى جانب الموهبة.. يذكر طارق خليل فى «القرآن الكريم ومشاهير القراء» عن «دار التحرير - القاهرة» أن الشيخ فقد بصره وهو فى الثانية من عمره، عندما داهمه المرض فى عينيه وأخطأ الطبيب فى علاجهما، مما حدا بالأب أن يوجه ابنه المبتلى فى بصره لحفظ القرآن وهو بعد ابن الخامسة، وعندما أتم الصبى حفظ القرآن فى العام التاسع من عمره، وكانت مواهبه الصوتية قد تبدت، فإنه اتجه لتعلم القراءات القرآنية، وإتقان طرق أداء القرآن أو ما يعرف بعلم التجويد، فتلقى درسًا فى القراءات السبع على يد الشيخ عبد الفتاح هندى، وتعلم فنون التجويد القرآنى على الشيخين محمد البغدادى والسمالوطى.
 
ويذكر الدكتور خيرى عامر، فى كتاب «مشايخ فى محراب الفن»: «لم تكن لتكتمل للقارئ الجديد أدواته بدون دراسة الموسيقى والإلمام بقواعدها وطبع صوته بسحرها، فأكب على تعلم قواعد الموسيقى من خلال العزف على العود وحفظ الكثير من إبداعات كبار ملحنى عصره من أمثال الشيخ محمد عبد الرحيم المسلوب وعبده الحامولى ومحمد عثمان، حتى أن هناك من الباحثين من يذكر أن من استمعوا إلى الشيخ وهو يردد بعض القصائد مثل «أراك عصى الدمع» و«وحقك أنت المنى والطلب» و«سلوا قلبى». 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة