ارتفاعها عن سطح الأرض لا يتجاوز متر ونصف، والدخول إلى ساحتها من باب خشبى ضيق بين صخور الجبال يمنع أى محاولات للحيوانات المفترسة والهوام الولوج عبرها وتهديد حياة ساكنيها، وفى داخلها كل سبل المعيشة، وعلى جوانب الحوائط تعلق السيوف والخناجر وأسلحة تقليدية.
إنها "القفل" وهو الاسم لبيوت نحتت تحت سفوح الجبال فى إمارة رأس الخيمة والفجيرة بدولة الإمارات العربية المتحدة، ولا تزال بقاياها حاضرة تحفظ لذاكرة أبناء الجيل الحالى من أبناء الجبال فى الإمارات كيف كان يعيش الأولون من آبائهم وأجدادهم.
واستحضر معهد الشارقة للتراث بيوت القفل، بمحاكاة لنماذج منها تعرض ضمن فعاليات أيام الشارقة التراثية، التى افتتحها الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى حاكم الشارقة فى 2 إبريل الماضى، وتتواصل حتى 20 إبريل الجارى تحت عنوان "حرفة وحرف".
"اليوم السابع"، عايش جانبا من استحضار حياة سكان جبال الإمارات فى الماضى فى بيت "القفل"، أحد أهم معالم تراث البيئة الجبلية المجسدة بكامل تفاصيلها فى يوميات الشارقة التراثية.
ووسط ارتفاعات صخرية شيد البيت، وعلى بابه يستقبل الزائرين الشاب "راشد الظهورى"، وهو أحد أحفاد قبيلة الظهوريين الذين كانوا يتخذون تلك المساكن منازل لهم فى الماضى.
ووصف "الظهورى" المنزل لـ"اليوم السابع" بقوله: "إنه يمثل عبقرية الأجداد عندنا فى الجبال"، لافتا إلى أنه يبنى وسط الجبال وليس فى أى أرض خلاء، ومدخله مقابل شروق الشمس، للاستفادة من إشراقتها الأولى فى دخول أشعتها لداخل المنزل لتطهره وتبعث الدفئ فى جنباته، مستطردا أن المنزل يسكن فى الشتاء فقط.
وأشار راشد الظهورى، إلى أن المنزل يبنى تحت سفوح الجبال بعد أن يتم حفر ونحت موضعه تحت سطح الأرض بما يقارب متر ونصف على مساحة تقريبية 11 مترًا وبحائط من مكونات الحصى الكبير.
وأضاف "الظهورى"، أنه قبل الشروع فى عمل السقف يتم من أعلى إدخال أوانٍ فخارية كبيرة تستخدم فى تخزين الماء، وتسمى باللهجة المحلية "الخروص"، ويتم إدخالها مسبقا لكبر حجمها، ولأنه يصعب مرورها من الباب فهو يصمم على مساحة تسمح بدخول الشخص فقط كعامل أمان وحماية، وحفاظا على دفئ البيت.
وتابع "الظهورى"، أنه يتم سقف المنزل من جذوع قوية لأشجار معمرة تنبت فى المناطق الجبلية وهى شجر المزى والسدر والسمر، نظرا لصلابتها ومتانتها، ثم توضع فوق جذوع السقف صفائح تسمى "الصفى"، لتمنع سقوط الماء والطين داخل البيت، ويكون سطح البيت من فوق مدبب شيئا ما، حتى لا يتجمع ماء المطر ويطرد من كافة الاتجاهات فور سقوطه.
وبحسب قول راشد الظهورى، حفيد من سكنوا بيوت القفل، إن ما يميز هذه المنازل هو "قفل" أبوابها فهو أداة تسمى "العلق" عبارة عن شريط حديدى محدب يوصد بها باب القفل، وتختلف من باب بيت لآخر بحيث لا يستطيع فتحها إلا صاحب المنزل اعتمادا على فكرة اختلاف القياسات.
وقال "الظهورى"، إن البيت هو مسكن أهل الجبال فى الشتاء يحقق لمن يقطن فيه الحماية الكاملة من عوامل الطبيعة من برد وأمطار ورياح وسيول، فضلا عن الحماية من خطر الحيوانات المفترسة والهوام.
وأشار "الظهورى" إلى أنه داخل المنزل توضع كل مؤن الحياة اليومية وأدوات المعيشة وأهمها سلاح "الجرز"، وكما يطلق عليه باللهجة المحلية "اليرز"، ويأخذ شكل فأس مصغر، ويصنع من المعدن، فضلا عن السيوف والخناجر التقليدية بأحجامها المختلفة، وأدوات حفظ الماء والطعام واللبن وتعلق الفوانيس التقليدية للإضاءة التى تعتمد على الفتيل المشرب بالزيت.
وأضاف راشد الظهورى، أنه يفتخر بعرض تراث أجداده القديم فى فعاليات أيّام الشارقة التراثية ليشاهدها كل العالم، لافتا إلى أن البيوت الجبلية لا تزال حاضرة فى مناطق رأس الخيمة والفجيرة، وتم إصلاح وترميم ما ورثوه عن ما سبقوهم منها.
واستطرد "الظهورى"، أنهم كشباب ورغم كل الحداثة والتطور الذى تمر به دولة الإمارات، إلا أنهم يفتخرون بماضيهم وتراثهم ويحافظون عليه، مضيفا: "إذا راح هذا التراث راحت حضارتنا".
وأمام واجهة مشهد بيت القفل ضمن فعاليات أيّام الشارقة التراثية، تنوعت مظاهر تجسيد حياة أهل الجبال فى دولة الإمارات العربية المتحدة، بينها صناعة الأسلحة التقليدية، وحرفة تقطيع الطبول التى يستخدمها الأهالى فى أداء فن "الرواح"، وصناعة قربة الماء، وتجميع الأعشاب الطبية، وصناعة الرحى لطحن الحبوب.
وقال الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العليا المنظمة لأيام الشارقة التراثية، إن الفعاليات يشارك فيها 700 مشارك من 60 دولة و22 فرقة دولية، و16 منظمة وبرنامج ثقافى وتراثى.
وأشار "المسلم"، إلى أن أيّام الشارقة التراثية هى هدية إمارة الشارقة للتراث وجسر يجمع ثقافات العالم.
عدد الردود 0
بواسطة:
abdala
تراثنا العريق
شكرا لليوم السابع انها نقلت تراثنا وصور من حياة اجدادنا ليصل لكل الناس فى كل مكان وشكرا لأيام الشارقة التراثية انها وصلت صورة عن تراث الامارات لكل العالم