- ضرورة اختيار الاستثمار الذي يتناسب مع مهارته وقدراته
- مدارسنا ومؤسساتنا التعليمية لا توفر المهارات المطلوبة لتكوين الثروة والحفاظ عليها وهذا قصور عام في كل بلد- الإحصائيات تقول أن ثلثي أثرياء العالم عصاميون
- المال ليس شرطا للثراء كما أنه ليس ضامنا له ولا يجب استعماله كعذر أو مبرر لعدم العمل- الحياة هي أفضل مدرسة ولا يجب استخدام التعليم وعدم الحصول علي الشهادة كعذر لعدم السعي وتحقيق الثراء
- مجالات الاستثمار تنحصر في أدوات الدين والأسهم والعقارات والمشاريع الخاصة أو التجارة وهي مجالات مغرية- هناك أشخاص يؤمنون بأن العلم والمال لا يجتمعان وكأن المال هو شئ وضيع بينما الفقر شئ نبيل.
خارج أروقة معرض الكتاب السعودى الذى ضم لفيف من الناشرين والمؤلفين وإعلاميين بالوطن العربى كان اللافت للانتباه اعجاب مجموعة كبيرة من المثقفين بكتاب " طريق الثراء " للمؤلف والاقتصادى المعروف الدكتور وليد عرب هاشم أستاذ الأقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز وعضو اللجنة الاستشارية العليا لكلية الأقتصاد والإدارة، والذي كان نتاج جهده العلمى فور تخرجه من الجامعة الأمريكية بالقاهرة مع مرتبة الشرف، ثم التحاقه بجامعة جورج تاون بواشنطن لينال درجتى الماجستير والدكتوراه.
الرجل الذى عرف عنه الجميع أنه تقلد مناصب عديدة منها عضو بارز بمجلس الشورى السعودى على مدى ثمان سنوات، كما تولي رئاسة مجلس إدارة جريدة " عكاظ " وهي من كبرى الصحف العربية، واشتهر في إدارة الاستثمارات لكبار رجال المال والأعمال، مثل الامير الوليد بن طلال وشبكة روتانا وفوكس، والشيخ صالح كامل وشبكة " ART " بالإضافة لتعينه بالهيئة الإستشارية للشئون الأقتصادية العليا بالمملكة العربية السعودية،حيث تكشف هذه المناصب القيادية العديدة عن رؤيته العقلية من خلال عشرات الإصدارات للكتب العلمية والأدبية والأقتصادية والاجتماعية، وقد كشف هذا الكتاب عن قدرة الكاتب الفكرية وتحكمه بأدوات الكتابة الاحترافية لجذب القراء من الشباب العربى، ليصدر لنا أخر مؤلفاته وهي كتاب " طريق الثراء "، حيث بدأه بمقدمة طويلة مهد في سطورها أدلة تثيت أن الثراء ليس حكرا على أحد واتبعها بستة عشر عنوانا فرعيا تمثل فصول الكتاب الذى جاء فى 229 صفحة وتم استخلاصه من تجارب الأقتصاد والنظريات العلمية العالمية.
بدأت مقدمة الكتاب بأية قرآنية لتكون قاعدة تنطلق منها التجربة، حيث بدأ بالآية القرآنية "إن الله يرزق من يشاء بغير حساب" مشيرا إلي أهمية العمل علي تكوين الثروة، مؤكدا علي أن كل أثرياء اليوم كانوا عصاميون، وقد تنوعت طرق الثراء ما بين الاعتماد علي الحظ، في حين اعتمد البعض علي الصلات الاجتماعية، ومنهم من اعتمد علي الوظائف، وإن كانت هذه العوامل وغيرها لا يمكن أن تضمن الثراء، فمن الممكن تحقيق الثراء بها أو بدونها ، كما أن أيا منها ليس شرطا كافيا للحفاظ عليها.
وأوضح الكاتب أن الثراء أسلوب للحياة، وهو سلوك للنجاح وليس ضربة حظ، أو نصيب من الإرث أو صدفة أخري قد تكرمنا بالمال، بل علي العكس فأن كل من يحصل علي المال بهذه الطريقة يضيعون أموالهم ويعودون كما كانوا أو أسوأ مما كانوا، فالأسلوب السليم للثراء والحفاظ عليه يتطلب مهارات معينة ليست صعبة، ولكن تحقيقها والتحلي بها يحتاج الرغبة والعزيمة والثبات والمثابرة ، وفي النهاية فأن الثراء سيتحقق .
وللأسف فان مدارسنا ومؤسساتنا التعليمية بصفة عامة لا توفر المهارات المطلوبة لتكوين الثروة والحفاظ عليها، وهذا قصور عام في كل بلد، فالتعليم يركز علي أساسيات الكتابة والقراءة والحساب وعلوم أخري، وقد يكون بعضها مهم وأساسي للحياة، ولابد من اكتسابه، ولكن الحياة تتطلب أيضا القدرة علي النجاح في تكوين الثروة وفي تجنب الفقر، وعندما ينجح المرء في تحقيق الثراء فأن هذا ينقله من شخص قد نحتاج أن نموله إلي شخص لديه فائض ويمكن أن يساهم في نماء المجتمع، والذي ينطبق علي الفرد ينطبق علي المجتمع.
وعرض الكتاب الذي يتكون من عشرة أجزاء، الخطوات المختلفة للثراء، حيث كانت الخطوة الأولي هي الرغبة في الثراء، وسطرت هذه الخطوة عبارة شهيرة لعلي بن ابي طالب تقول "لو كان الفقر رجلا لقتلته"، وقد تحدثت هذه الخطوة عن أن المال يلعب دورا أساسيا في استقرار الأسرة، وأن هناك حالات انفصال كثيرة حدثت بسبب الأزمات المالية التي تتعرض لها الأسر في كل دول العالم ، وهو ما يتسبب في ذكريات مؤلمة لدي الأطفال بأن المال سبب كل المشاكل التي عانت منها أسرته، وهو ما سيرسخ في ذهنه أن المال والنفوذ هما سبب المشاكل، وهناك من نشأ في أسرة تكره الأثرياء بسبب أن أسرته تكرر علي مسامعه - سواء والديه أو أخوته أو أصدقائه أو مدرسته أو في الأعلام - الذي يكرر عليه أن الأثرياء بصفة عامة أشخاص متكبرين أو راشيين أو مرتشيين أو أنهم لا يهتمون بالمال وأنهم مستعدون للقيام بأي عمل أخلاقي أو غير أخلاقي في سبيل تحقيق الثراء، وبالتالي فهو ينظر إلي الأثرياء علي أنهم مجموعة من المتغطرسين الأنانيين المتكبرين، وهو ما يجعله يتضايق عندما يري أي شخص تظهر عليه ملامح الثراء.
وقد لا يكون الفرد ممن يكرهون الأثرياء، لكنه يتحاشي الثراء لأن للثروة مسئولية ومتاعب منها أزمة الحفاظ علي الثروة، خاصة وأن خسارتها يعني الفشل الذي سيعرضه للانتقاد والاستهزاء كما أن هناك أسبابا أخري منها " ملامة الأخرين "، فالجميع يتوقع المساعدة من الغني، وإذا رفض فأن تهمة البخل ونكران الجميل هي التهمة الأولي التي ستلاحقه، وهو ما يعني أن المال سيحمل الفرد مسئولية قد يشعر معها بأنه في غني عنها، أضف إلي هذه الأسباب سببا أخر تمثل في خوف البعض من ابتعاد أصدقائه المخلصين مع بقاء شلة المنتفعين حوله ممن لهم استفادة من بقاءهم حول الشخص الثري، وقد يكره الفرد الثراء لأنه يشعر بأن ثراء غيره هو سبب فقره، وكأنما هناك مقدار محدد من المال أو الرزق، وقد لا يكره الشخص المال لكنه يحتقره، فهناك أشخاص يؤمنون بأن العلم والمال لا يجتمعان، وكأن المال هو شئ وضيع ، بينما الفقر شئ نبيل.
وعندما تجتمع هذه المشاعر والاعتقادات وتترسخ في العقل الباطن فأنها تمنع الشخص من تحقيق الثراء، خاصة وأن العقل الباطن لديه قوة كبيرة تسيطر علي معظم تصرفاتنا، حتي أن الشخص قد يضيع كل الفرص التي تأتيه للثراء دون قصد بسبب تحكم العقل الباطن وتغلبه علي التفكير المنطقي واظهار الفقر علي أنه شئ نبيل، رغم أن الفقر هو سبب كل المشاكل التي يعاني منها البشر، بل أن التفكير بهذا الشكل يناقض الفطرة، فحب الثراء غريزة بشرية طبيعية ، وأنه فضل ورزق من الله.
أما الخطوة الثانية فهي القدرة علي تحقيق الثراء، حيث يتعين علي الفرد هنا التخلص من وهم عدم القدرة، لأنها قناعات وهمية تمنع الفرد من القيام بأي فعل، وبالتالي علي الفرد أن تكون لديه قناعة بقدرته علي الفعل، بشرط ألا نخلط الأمور بين القناعة والأحلام التي لا يمكن تحقيقها، لأن هناك فرق كبير بينهما، فالقناعة لابد وأن يصاحبها عمل، فلا يكفي أن تكون هناك طموحات وقناعات بالنجاح ، كما أن الظروف المحيطة بنا لها تأثير قوي علي العمل، فهناك فرق بين أن يكون العمل في الولايات المتحدة الأمريكية أو السويد، أو أن يكون في دولة متخلفة تخنق الحريات، ولا تسمح لأي فرد بالعمل او المبادرة بدون تراخيص وأذونات، ولعل المثل في الكوريتين خير دليل علي بيئة العمل، فرغم أنهما كانتا دولة واحدة، إلا أنهما صار دولتين يحملان نفس اللغة والعادات والتقاليد، ومع ذلك سنجد أن كوريا الجنوبية حققت ازدهارا أكثر من كوريا الشمالية، وهو ما يعني أن اللغة والجنس والتقاليد ليس لها دورا في بيئة العمل، ولا تمثل عذرا في العمل، لأن هناك عوامل أخري لها دور في العمل منها " المال "، فهناك قناعة بأن المال يجلب المال، وبالتالي فأن هناك اعتقاد بأن من لا يملك المال لن يحقق الثراء، وهو اعتقاد خاطئ، لأن الاحصائيات تقول أن ثلثي أثريا العالم عصاميون، بداءوا حياتهم من الصفر واستطاعوا تحقيق ثروات ضخمة مثل بيل جتس ووارن بافيت، وهو ما يعني أن المال ليس شرطا للثراء، كما أنه ليس ضامنا له، ولا يجب استعماله كعذر أو مبرر لعدم العمل.
ويري البعض أن للمنصب دورا في الثراء، إلا أن الاحصائيات لا تدعم هذا الاعتقاد ولعل هذا الاعتقاد الخاطئ يدفع الشخص الي التوقف عن العمل بدعوي أنهم ليس لديهم حظ، وهذا العذر أيضا ليس له سند علمي، لأن الأصل في الثراء هو العمل، كما أن احتمالات النجاح تتزايد كلما زاد العمل والاستعداد له، ويكفي أن تعرف أن المخترع اديسون مخترع لمبة الكهرباء لم يقتنع بدور الحظ بعد أن فشل مئات المرات في تجربته قبل أن ينحج في اختراعه، حتي أن البعض ينسب له مقولة " لا أعلم ما هو الحظ ولكني أعلم أنه كلمت عملت أو استعددت أكثر كلما كنت أكثر حظا " بل أن الأخطر من ذلك هو أن اعتماد البعض علي الحظ يجعله يتقاعس عن العمل.
ويري البعض أن الرواتب الكبيرة تكفي لتحقيق الثراء، وكثيرا ما نسمع كلمة " ومن أين لنا هذا " أو " دخلنا علي قده " فيعتمد عليه الفرد للتقاعس عن العمل والاجتهاد، لكن يكفي معرفة أن معظم أصحاب الدخول الكبيرة تكفيهم دخولهم بالكاد لسداد متطلباتهم، بل أن بعضهم لجأ للدين لسداد باقي احتياجاته، في المقابل فقد يحقق أصحاب الدخول المتواضعة الثراء، ويكون عامل ضعف الراتب دافعا لتحقيق حلم الثراء.
وهناك عاملان هامان يلعبان دورا هاما في العمل وتحقيق الثراء أولهما ايمان الفرد بأن للقسمة والنصيب دورا هاما في العمل وتحقيق الثراء، وهو ليس عذرا لعدم العمل والاجتهاد، وثانيهما هو التعليم ، فالعلم لا يعني الشهادات، ولا يعني التعلم في المدارس ، فالحياة هي أفضل مدرسة، لذلك فانه لا يجب استخدام التعليم وعدم الحصول علي الشهادة كعذر لعدم السعي وتحقيق الثراء، ويكفي أن نعرف أن البرت اينشتاين، وأكبر ثري في العالم وهو بيل جيتس لم يحصلا علي شهادة جامعية.
ورصد الكتاب الخطوة الثالثة من خطوات الثراء تحت عنوان " التغيير "، حيث تتطلب هذه المرحلة تغيير قناعات الفرد السلبية، إلي قناعات ايجابية خاصة إذا كان هذا التغيير مصحوبا بالثقة، فيتحول هذا التغير إلي قناعة تترسخ في أذهاننا، وهو ما يعني عدم الاستهانة بالقناعة، حتي أن هناك مدرسة بأكملها من المفكرين والباحثين تقوم علي ما سمي " بقناعة الجذب "، حيث يؤكد أصحاب هذه المدرسة علي أن المشاعر والاعتقادات والأفكار الراسخة عند أي فرد أو بمعني أوضح أن " الشخص النكدي سوف يجلب النكد .. والشخص البشوش سوف يجلب السعادة "، ولعل أصحاب هذه المدرسة لاحظوا ذلك، وهو ما يتماشي مع الحديث القائل " لا تتمارضوا فتمروضوا"، داعيا الفرد إلي التفاؤل وهو ما يتماشي مع ديننا الحنيف الداعي للتفاؤل بشكل دائم.
ونوه الكتاب إلي مدي تأثير الأشخاص المحيطين بالفرد في قدرته علي تحقيق الثراء، فهناك أشخاص قابلين للتغيير وسلوكياتهم قابلة لتحقيق الثراء، وهناك أفراد أبعد ما يكونوا عن تحقيق الثراء بسبب أصحابهم وأقربائهم المحيطين بهم، حيث أن لدي البعض منهم سلوكيات تعوق تحقيق الثراء، وهو ما يتطلب سرعة قيام الفرد باجراء التغيير الكلي، شريطة أن يكون هذا التغيير تدريجيا لضمان نجاحه،خاصة وأن الأنسان لديه قدرة معينة سواء عقلية أو ذهنية أو جسدية أو نفسية، وعندما يضع لنفسه هدفا صعبا لتغيير كل سلوكياته فانه سيفشل وسيعود كما كان عليه دون أن يستطيع تغيير شئ.
وتحدث الكتاب في صفحاته أيضا عن الخطوة الرابعة من خطوات الثراء وهي عوامل النجاح التي ضمت تحتها بندا من عوامل النجاح تنوعت ما بين صلة الرحم والأمانة والصدقة والزوجة الصالحة، علاوة علي الأصدقاء وتقبل الفرد للفشل في بداية حياته، وتحويل هذا الفشل لنجاح كبير، إضافة إلي المرونة وتقبل التغيير مع المراجعة المستمرة للتحسين وعدم التقليد الأعمى، مع تجنب عناد النجاح والتخطيط الجيد والاعتماد علي النفس والاعتزاز بالذات، والتركيز في العمل وتحمل المسئولية، إضافة لدور الحظ في عملية الثراء، أضف اليها الحسم والحزم والعلاقات والصلات الأجتماعية والانضباط والصبر، علاوة علي ضرورة الاستشارة وتفويض المهام والأعمال.
اما الخطوة الخامسة من خطوات تحقيق الثراء هي العمل والجهد، فالعمل شرط أساسي وضروري لتحقيق أي نجاح، فلا نجاح بدون عمل، وهو ما يعني أن كل المؤهلات والسلوكيات والخصائص والعلاقات المفيدة جميعها تذهب سدي إن لم تستفيد منها في العمل، وقد أوضح استيبان لعدد من الأثرياء الأمريكيين حول دور العمل فأجاب 90% منهم بأن العمل الجاد كان من أهم عوامل النجاح، بل أنهم أكدوا علي أنهم يعملون أكثر ممن حولهم، وقد ساق الكاتب قصة السيدة مريم العذراء التي عمدت إلي العمل " بهز النخل " لتجد نتيجة عملها وجهدها بأن نزلت عليها " رطبا جنيا "، كما استشهد الكاتب علي أهمية العمل بحديث الرسول صلي الله عليه وسلم الذي قال فيه " إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتي يغرسها فليغرسها،" وهو ما يعني أن الإسلام دين عمل وليس الأماني، مشيرا إلي أن العمل عادة ما يواجه بعدد من التحديات منها الخوف من الفشل، إضافة إلي التأجيل والتسويف والتي تتمثل في كلمات مثل " بكرة " و " بعدين " أو " خليها شوية " وهو ما يعني أن هذا العمل لن يتم، كما أن الفاعلية تدخل ضمن التحديات التي تواجه العمل، لأن العمل لا يمكن أن يكون عملا بدون هدف ويؤدي إلي نتائج مثمرة ، ومن المهم أن نفرق بين العمل بجد وما بين العمل بفاعلية .
وأشار الكاتب إلي أن هناك مجموعة من العقبات التي تواجه العمل، وهو ما يحتاج لسلسلة من الإجراءات الواجب اتباعها لمواجهة هذه العقبات منها تحديد الهدف مع ترتيب الأعمال والأولويات مع ضرورة الإقدام علاوة علي الخبرة التي يجب أن يتمتع بها الفرد المقبل علي العمل، إضافة إلي الاتقان والمثابرة مع اتخاذ الخطوات الصغيرة لأنها تساعد علي منح فرصة للتدريب والتجربة.
ويجب علي الفرد ألا يتحمل ما لا يطيق من أعمال، لأنه سيأتي بنتائج عكسية، علاوة علي ضرورة الحرص من المجاملات الزائدة، لأنه من الصعب أن يسعي الشخص لإرضاء الغير عن طريق تكليف نفسه بأعمال شاقة، مع ضرورة الايمان بأن نتائح الأعمال في يد الله وحده.
أما الخطوة السادسة من خطوات العمل فهي التدبير والادخار حيث افتتح الكاتب هذه الخطوة بالآية القرأنية الكريمة " كلوا واشربوا ولا تسرفوا "لأن التدبير والادخار هما أساس الثروة، فالتدبير يصب في الادخار والادخار ينتج من التدبير، خاصة وأن هناك خلطا شديدا بينه وبين البخل، إلا أن هذا التشابه هو تشابه صوري، فالأنسان عليه القيام بالأنفاق ولكن في حدود المعقول دون تبذير.
أما عن الادخار، فقد قسمه الكاتب إلي طريقتان للادخار، حيث تكمن الأولي والتي تبدو أكثر انتشارا في النظرة للادخار علي أنه ما تبقي من مال بعد خصم المصروفات من الايرادات، بمعني أن الادخار هو النتيجة النهائية أو الحصيلة المتبقية من الدخل أو الراتب أو الإيرادات بعدما يتم صرف متطلبات الشهر، هذا إن تبقي شئ يذكر، لذلك فأن هذه الطريقة للادخار تعتمد علي ضبط النفس والتقيد عند الصرف وعمل ميزانية من أول الشهر وتقسيم الراتب أو الدخل، كما أن هناك أسلوبا أخر يلجأ اليه موظفي الدولة بالذات وهو " الجمعيات " حيث يتم استقطاع جزء من المال والاشتراك مع مجموعة من الزملاء ليأخذ كل واحد دوره في الحصول علي المبلغ المجمع، وهو ما يعني أن تغييرا تم علي الادخار بحيث يصبح في الجزء الأول من معادلة الإنفاق بمعني أن يدخر الفرد المبلغ أولا ثم يقوم بصرف المتبقي من المال.
انتقل الكاتب إلي الحديث عن الخطوة السابعة من خطوات الثراء وهي " الاستثمار "، وأكد بأنه إذا كان التدبير هو أساس الثروة التي نزرعها، فأن الاستثمار هو بمثابة الأرض والماء والشمس والهواء الذي يسمح لهذه البذرة أن تنمو لشجرة ضخمة، فالشخص الذي لا يستطيع الاستثمار لا يستطيع تحقيق الثراء.
وتحدث الكتاب عن أهمية الاستثمار وضرورة التخلص من أعباء المديونيات قبل البدء في الاستثمار خاصة المديونيات الموجودة لدي البطاقات الائتمانية، ثم تأتي مرحلة الإقدام علي الاستثمار كخطوة تالية، حيث تتطلب هذه الخطوة التخلص من الخوف، والقبول بأن الاستثمار قابل للربح والخسارة.
ونبه الكتب لضرورة الحذر من الأرباح السريعة، لأن هناك فارق كبير بين المستثمر والمقامر، فعمليات المضاربة والسعي وراء الربح لها نتائج واضحة، هي إما الخسارة من الأول، أو الخسارة من المؤجلة، وهي نتيجة حتمية لأي عمليات تشبه القمار.
وتحدث الكتاب عن عدم البيع أو الشراء، وهو ما يسمي بغريزة الاحتفاظ بالشئ الذي تم شرائه، وهو من الأشياء التي تعرقل الاستثمار، وهو ما يعني ضرورة التخلص من أية مشاعر في الاستثمار، سواء في عمليات البيع أو الشراء، وتنضم صفتي الجزع والجشع لهذه المحاذير في عمليات البيع والشراء، لأنهما يدفعان المستثمر للشراء في الوقت الخطأ، ومن الممكن أن يدفعه الخوف أو الجزع عند انخفاض قيمة الاستثمار إلي البيع رغم انخفاض الأسعار ، كما يدفعه الجشع إلي شراء الأسهم لمواكبة موجة الارتفاعات رغم أن الارتفاع قد يكون بسبب اشاعة، لكن جشعه دفعه إلي الشراء بأسعار كبيرة، في حين دفعه الخوف إلي البيع بأسعار منخفضة، وفي كل الأحوال ينبغي علي الفرد تقبل فكرة الخسارة، خاصة وأن اخفاء الأخطاء لن يؤدي إلي زوالها، وهنا تبرز فكرة ضرورة المشورة، لأنه " ما خاب من استشار "، لذلك من الضروري اللجوء لأهل الخبرة في الاستثمار، وعلي الفرد ألا يكتفي باستشارة واحدة، بل عليه اللجوء لاستشارات متعددة.
وتناول الكتاب فكرة المخاطرة والعائد، فهناك قبولا عاما بأن المخاطرة لأي استثمار تزيد من العائد المتوقع منه، بمعني أن هناك علاقة طردية بين المخاطرة والعائد، فالاستثمار ذو العائد الأقل يتوقع أن يكون أكثر مخاطرة، والاستثمار ذو العائد الأقل يتوقع أن يكون أقل مخاطرة، ووجه الكاتب نصيحة للمقبلين علي الاستثمار بضرورة أن يستثمر الفرد في نفسه أولا.
اما الخطوة الثامنة التي يراها الكاتب مهمة في رحلة البحث عن الثراء هي مجالات الاستثمار، وتتمثل هذه الخطوة في اختيار الاستثمار المناسب، ولكل خيار مدرسته، ومجالاته التي تبدا عندنا بالاحتفاظ بالمدخرات في شكل سائل كنقود في الخزانة أو في المنزل أو في حسابات جارية، ثم يأتي بعدها الاستثمار في أدوات الدين، ثم الاستثمار في الأسهم والعقارات والأعمال الخاصة كالمشاريع، حيث يمكن حصر مجالات الاستثمار في النقود والمعادن الثمينة وأدوات الدين والأسهم والعقار ثم الأعمال الخاصة كالمشاريع أو التجارة.
واختتم الكتاب صفحاته بالتأكيد علي أنه ليس بالإمكان حصر جميع مجالات الاستثمار فهي متعددة ومختلقة باختلاف أهواء البشر، مشيرا إلي أن مجالات الاستثمار التي تتمتع بشعبية انحصرت في أدوات الدين والأسهم والعقارات والمشاريع الخاصة أو التجارة ، وهي مجالات مغرية وذات جدوي، شريطة أن يختار الفرد ما يتناسب مع مهاراته وميوله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة