ما بين الاتهام فى الدين، وعلاقة الإنسان بربه، ونفى أجزاء من السنة النبوية، تدور حلقات كلامية وشبهات يطلقها من يدعون أنهم خير مدافع عن سنة يتعمدون اجتزاءها خاصة فى مواسم دينية كان من بينها الإسراء والمعراج، الذى اعتبره علماء الوسطية أيقونة للحوار ووحدة الأمة والتسامح فى مقابلة من يخاصمون السنة النبوية ويتهمون الناس فى دينهم بالبدعة.
من جانبه قال الدكتور عبد الفتاح العوارى، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، إن إحياء كل شعيرة من شعائر الدين، تورث المسلم طمأنينة فى القلب وصفاء فى الروح، وتجعله يخشى ربه ويخاف عقابه فنكف جوارحه عن الشرور وتبعد عن مواطن الشهوات والشبهات.
وأضاف العوارى، لـ"اليوم السابع" أن الشعائر الدينية تضفى على المحتفى بها استقامة فى السلوك وسلامة فى التفكير فيكون عضوًا نافعًا فى المجتمع الذى يعيش فيه، حيث يعرف أن للوطن حقوقًا عليه وأن لجيرانه فى الحى حقوق عليه وأن لأهله حقوق عليه فيصلهم ويبرهم.
واستكمل العوارى: "هكذا يكون شأن الشعائر حيث نتخذ منها مناسبات فهى تحقق فينا معنى الأمن النفسى والفكرى والاجتماعى والحب والانتماء والخوف من الله، المتطرفون من يبتعدون عن إحياء شعائر الدين بحجة أن النبى وصحابته لم يقيموها حرموا رقة القلب وصفاء النفس، مؤكدًا أن رافضى الاحتفال يعانون من انحراف وبعد عن سماحته، لأن الباحث فى الكتاب والسنة لا يرى دليلا واحدًا يمنع من الاحتفال، وهذا يؤكد أن ثبوت الاحتفال أقوى من عدمه لأنه لا يوجد دليل يمنع ومن هنا يستشعر الناس القيم الراقية عندما يحيون ذكرى تعمل على تأليف القلوب.
ويقول الدكتور محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن "الصلاة على النبى صلى الله عليه وآله وسلم هى من أهم الأشياء التى ينبغى على الإنسان أن يحرص عليها فى ليلة الإسراء والمعراج، فهكذا كان دأب السلف الصالح فى أيامهم ومواسمهم الشريفة فكانوا يملئونها بالصلاة والسلام على المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.
وأضاف وسام، لـ"اليوم السابع، أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم هو منبع الخير وباب النور، وكلما كانت العبادة متسقةً مع طبيعة الذكرى كلما نال العامل والعابد أعظم أجورها وأكثر تجلياتها، وهذه المعجزة الفريدة هى من أعظم المعجزات التى منَّ الله بها على حبيبه صلى الله عليه وآله وسلم، فكلما انشغلت بالصلاة والسلام عليه وقراءة أحاديث هذه المعجزة كان ذلك أقر لعينه وأبهج لقلبه الشريف صلى الله عليه وآله وسلم، وكنت بذلك قد أحييت ليلة الإسراء والمعراج.
وشدد أمين الفتوى على ضرورة أن يتحلى الإنسان بأخلاق نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم؛ رحمة ولينًا وجودًا وعطفًا؛ لكى يزداد المرؤ بذلك قربًا من الحق سبحانه وتعالى.
وأكد أن من الأمور المستحبة فى إحياء مثل هذه الليالى المباركة: حضور حلقات الذكر ومجالس الصالحين، وأن على الإنسان أن يعيش معانى القرب فى هذه الليالى حتى يحصل منها على أوفى حظ وأوفر نصيب.
وقال وسام، لكل موسمٍ طاعتُه، ولكل وقتٍ عبادتُه، فإذا وافق المسلم بالعبادة وقت وجوبها أو زمان حصولها نال أوفى نفحاتها وأصفى تجلياتها، فالقرآن مثلًا نزل ليلًا؛ ولذلك كانت قراءته بالليل أكثر تأثيرًا وأشد تزكية وأعظم ثوابًا، وهو نزل فى رمضان، وفى ليلة القدر، فكلما وافق المسلم بقراءته هذه ليالى رمضان كان ذلك أعلى فى الدرجات، وأَهَلَّ للرحمات، وأجلبَ للنفحات والحسنات، ولعل الله تعالى ينظر إلينا فيها برضوانه وغفرانه، فتصيبنا نفحة لا نشقى بعدها أبدًا، وفى أعلى مقامات المعراج فرضت الصلاة، ولذلك فهى مستحبة فى هذه الليلة أيضًا؛ ابتهاجًا بفرضها، وفرحًا بالهدية العظمى التى أهداها الله إلينا.
أكد الشيخ محمد الدومى، إمام وخطيب مسجد مصطفى محمود بالمهندسين، أن معجزة الإسراء والمعراج ثابتة كما أنها ممكنة علميًا، حيث تخترق الأقمار الصناعية المجال الجوى وتصل إلى مداراتها فى وقت وجيز فكيف يرفض البعض انتقال النبى من مكان إلى مكان ثم عودته إلى المكان الأول فى بعض الليل.
وأضاف الدومى، لـ"اليوم السابع"، أن مصر أطلقت قمرًا ليصل إلى مداره فى الفضاء فى 3 أشهر، ثم اختزلت الزمان وأطلقت قمرًا لاحق إلى مدار أبعد فى ساعة زمنية، فكيف تستبعد عقول البعض حدوث الإسراء والمعراج بهذه الكيفية بقدرة الله إذا كانت قدرة البشر وهم خلق الله اختزلت الرحلة من الأرض إلى السماء فى ساعة، حيث لا مقارنة بين قوة الله وقوة البشر، وأن من أسرى بالنبى هو الله وليس بقوة النبى بل بقدرة الله.
وتدور فضائل ذكرى الإسراء والمعراج عند من يحتفلون بها حول عدة أمور، هى: أنها واقعة جليلة أوضحت مكانة النبى صلى الله عليه وآله سلم التى لم يحظ بها أحد من أهل السماوات والأرض، وأن صلاته إمامًا للأنبياء هو أكبر دليل على انه صلى الله عليه وآله سلم خاتم المرسلين وأنه شهيد على الناس، مؤكدين أنه على الرغم من المكانة المرموقة التى حصل عليها الرسول صلى الله عليه وآله سلم إلا أنه ظلّ متواضعًا.
ويرى من يقولون بضرورة الاحتفال بالذكرى العطرة، أنها جاءت نتيجة صبر الرسول صلى الله عليه وآله سلم وثباته: فالرسول صلى الله عليه وآله سلم كان قدوة فى كل حياته، وفى صبره على إيذاء الكفار له، وصبر صلى الله عليه وآله سلم على فراق أحبته وهم خديجة وعمه أبو طالب ولم يتضجر، ويؤكدون أن هذه المعجزة هى اختبار لصبر المؤمنين وصدقهم فى اتباعهم للإسلام، فالواقعة فوق مستوى العقل البشرى.
ويشيد المؤيدون بثقة الجندى وهو أبو بكر بقائده: فقد كانت ثقة أبو بكر الصديق بالرسول صلى الله عليه وآله سلم كبيرة جدًا ولا تهزها أى حادثة كانت، فقد ثبت أبو بكر الصديق فى هذا الموقف عندما كذبه الكثير من أهل مكة وارتدوا عن دينهم، وأن الذكرى تشير إلى وحدة الأمة وابتهاجها وتذكرها بقيمة الإيمان وتجديده فى قلوبها وإحياء السنن الشريفة، وأن كل الأنبياء يعبدون الله عز وجل وهم أخوة ودينهم واحد، وأن المعجزة تدلل على أهمية ومكانة المسجد الأقصى وأهمية المحافظة عليه والعمل على استعادته مرة أخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة