"الإعاقة لا تمنع شخصًا من تحقيق الأحلام وإنجاز الصعب والوصول إلى المستحيل".. بهذه الرسائل بدأ ناصر عبد العزيز ياسين، البالغ من العمر 44 سنة، مواطن أسوانى من ذوى الاحتياجات الخاصة، ولكنه استطاع بموهبته فى الرسم أن يتحدى الصعب ويخوض المستحيل، بحثاً عن تحقيق الأحلام وتحطيم صخرة العجز التى دائمًا ما تحبط من الروح المعنوية لكثير من المواطنين ذوى الاحتياجات الخاصة.
الفنان ناصر ياسين
ناصر عبد العزيز، يروى قصته لـ"اليوم السابع" قائلاً: "أنا مواطن أسوانى أعيش فى قرية حجازة التابعة لمركز كوم أمبو، ومتزوج ولدى أربعة من الأبناء، وتابع: "أصبت عندما كنت صغيراً بشلل الأطفال مما أدى إلى إعاقتى حركياً، ولكن هذه الإعاقة لم تمنعنى من ممارسة هوايتى بالرسم والتى اكتشفتها مبكراً منذ الطفولة، ونميتها مع مرور الوقت، وبدأت فى الرسم بشتى أنواعه وفنونه".
وأضاف "ناصر"، أن رسوماته لاقت استحسانا وإشادة من عدد كبير من الناس سواء فى المجتمع المحيط به أو كل من يتابع رسوماته، مشيراً إلى أنه بدء باستخدام الألوان العادية ثم تطور فى استخدام كل الألوان، موضحاً أنه رغم حصوله على مؤهل متوسط إلا أنه عمل فى المجال الذى يعشقه "معلم تربية فنية"، وأجاد استخدام فنون الرسم المختلفة والتى قد يحتاج بعضها إلى دراسة وتدريب أو الالتحاق بكليات الفنون الجميلة.
الفنان ناصر ياسين من ذوى الاحتياجات الخاصة
وأوضح "ناصر" أن من فنون الرسم التى يجيدها هو "الجداريات" أو فن الرسم على الجدران، وهو من الفنون المعقدة نظراً لاتساع المكان الذى يرسم فيه، بخلاف اللوحات الفنية التى تكون محددة المقاسات والأبعاد، فالجدار المنزلى يحتاج إلى دقة بالغة حتى يخرج الرسم بالشكل اللائق، لافتاً إلى أن هذا النوع من الرسم منتشر كثيراً فى صعيد مصر، ويرتبط بالمناسبات مثل "الحج أو العمرة أو الزفاف أو الموالد أو غير ذلك.."، مضيفاً أنه خاض هذه التجربة عندما طلب منه أحد الجيران رسم جدارية عن الحجيج، ورغم صعوبة الرسم والصعود على "سقالة" للرسم فى الأماكن المرتفعة إلا أنها خرجت فى النهاية بالشكل المطلوب والإتقان المثالى، وبدأ أهل القرية جميعهم فى تشجيعه وطلب رسومات للحجيج وللمناسبات الأخرى التى يتم فيها تجسيد رحلة الحاج إلى بيت الله الحرام من خلال رسم الطائرة أو السفينة قديماً والطواف بالبيت والسعى أحياناً والوقوف بعرفة مع كتابة بعض العبارات المتعلقة بمناسك الحج أو العمرة مثل التلبية أو الأحاديث النبوية الواردة فى فريضة الحج.
جداريات الحج
وأشار "ناصر" إلى أن إعاقته الحركية لم تمنعه من مواصلة فنه وابتكار الجديد فى عمله لدرجة أن من يزورون بيته يصفونه بـ"المتحف الفنى" فى إشارة إلى استخدام الرسومات والمجسمات التى يصنعها داخل منزله بقرية حجازة، لافتاً إلى أنه صنع "ماكيت" لمدينة كوم أمبو، وآخر لمصنع السكر، ومن الأشياء التى انبهر بها الناس هى صناعته لمجسم جهاز كمبيوتر باستخدام ألواح الخشب والزجاج ودهان لوحة المفاتيح ومكوناته بالألوان المطلوبة، حتى اعتقد البعض أنه جهاز كمبيوتر حقيقى، ومن الأمثلة أيضاً للأشياء التى جسدها وهى صناعة هيكل عظمى لجسد إنسان باستخدام "الجبس" الأبيض والذى يصعب تشكيله نظراً لتصلبه بسرعة بعد إضافة الماء عليه.
وتابع "ناصر"، أنه شارك مؤخراً فى معرض فنى لذوى الاحتياجات الخاصة أمام معبد كوم أمبو، والذى نظمه مكتب الرفيق التابع للوحدة المحلية لمركز ومدينة كوم أمبو، وشارك فيه بنحو 35 لوحة فنية تحكى الحياة الأسوانية والنوبية، بالإضافة إلى لوحة تجسد العادات والتقاليد الأفريقية فى إطار إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسى أسوان عاصمة الثقافة والاقتصاد الإفريقى وأيضاً عاصمة الشباب الإفريقى.
وناشد "ناصر"، اللواء أحمد إبراهيم محافظ أسوان، بإتاحة الفرصة للمواهب من ذوى الاحتياجات الخاصة من خلال إقامة معارض دائمة لهم لدعم المواهب الفنية والمنتجات المحلية التى دائماً ما تلاقى إعجاب عدد كبير من السائحين الأجانب، وعلق قائلاً: "أنا لا أسعى من فن الرسم إلى جنى المال، لأن لدى وظيفتى التى أحصل على راتبى منها، ولكن هدفى هو الاهتمام بذوى الإعاقة وتنمية مواهبهم".
رسومات الأطفال لناصر ياسين
رسومات الأطفال
رسومات الطبيعة الأسوانية
رسومات النوبة
رسومات النيل
محمد صلاح
معرض فنى بمعبد كوم أمبو
ناصر ياسين ويحمل لوحة فنية للرئيس السيسى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة