قدمت مسرحية " الملك لير" مرارا وتكرارا، سواء على خشبات المسرح العالمي أو في السينما العالمية، وكان آخرها فيلم "King Lear "الذي قام ببطولته النجم العالمي أنتوني هوبكنز عام 2018، إلا أن النجم يحيي الفخراني كان له السبق والشهرة الأكبر في تقديم تلك الشخصية في المنطقة العربية، وأصبحت شخصية "الملك لير" حينما يأتي الحديث عنها يتبادر في ذهن الجميع الفنان يحيى الفخراني بملامحه، فالصورة الذهنية للير أصبحت تتطابق مع الفخراني.
مسرحية الملك لير
ومقارنة بأدائه في تجسيد " لير" وبين من قدموها مثله من قبل سنجد أن الفخراني قدمها بطريقته الخاصة وبطعمه ووصل لمرحلة في الأداء ليس لها وصف غير الأداء العالمي الذي يستحق عنه الأوسكار، وعبقريته في تقديم تلك الشخصية الثرية بالمشاعر المتناقضة تكمن في تقديمها أكثر من مرة، ولكن المرة الأخيرة التي يقدمها مع المنتج مجدي الهواري والمخرج تامر كرم تختلف كثيرا عن تجربته في تقديمها علي مسرح الدولة من قبل، من حيث ضخامة الإنتاج والرؤية الإخراجية الجديدة التي تناولها بها المخرج الشاب تامر كرم، ومجموعة النجوم الجدد الذين شاركوا النجم الكبير يحيى الفخراني تقديمها ومنحوا العرض بريقا كبيرا .
فريق عمل مسرحية الملك لير
الملك لير تراجيديا لـلشاعر الكبير وليم شكسبير كتبت ما بين سنة 1603 م وسنة 1606 م وقدمت على المسرح لأول مرة سنة 1606، وبعدها تعاقب تقديمها في كل بلدان العالم لما تحمله من موضوع إنساني يخص البشر جميعا على كوكب الأرض، وهي بالمناسبة من أصعب نصوص شكسبير ودائما يقول عنها النقاد أنها نص يقرأ ولا يمثل وتحويلها من نص مسرحي مكتوب لعمل مسرحي حي يعتبر إنجازا ومجهودا كبيرا، خاصة عندما تقدم بسلاسة .
-
حرفية وعبقرية الأداء للفخراني امتزجت مع الانتاج الضخم للهواري والرؤية الجديدة لتامر كرم فخرج لنا عملا نفتخر به جدير بمشاهدة الأسرة المصرية
الملك لير برؤية جديدة
تتناول مسرحية " الملك لير " قصة ملك بريطانيا الأسطوري الذي عاش شبابه فارسا من أقوى الفرسان، وعندما تقدم به السن وقرر تقسيم مملكته بين بناته الثلاث (جنريل) و(ريجان) و(كوردليا) ، طلب من بناته الثلاث أن يعبرن عن حبهن فتملقته جنريل وريجان في إظهار حبهما له، ولكن لم تتملقه ابنته الثالثة، فقالت له :" انا احبك مثل الاشخاص الذين يحبون والديهم "..
وهنا غضب عليها لير ظنا منه أنها لا تحبه لذلك طردها من مملكته بلا شىء، ولكن تزوجها ملك فرنسا لرؤيته أنها لا تطمع بشىء من المال، لذلك هو من سوف يتزوجها فلم يستطع الملك العجوز أن يفرق بين المداهنة والنفاق المنمق بالكلمات المعسولة والمزركشة بالمبالغات الكاذبة وبين الحب المخلص، الذي قد لا يجيد تجسيد الإحساس العظيم في تعبير لفظي خلاب، وبهذا فتح «الملك لير» الباب على مصراعيه لتقع مملكته بعد تمزيقها في براثن داهيتين بارعتين في ادعاء الحب وصولاً إلى تحقيق مآربهما لإشباع شهوة السلطة المسيطرة عليهما حين أخذت الابنة الكبرى والوسطى نصيبهما الكبير بالإضافة إلى اقتسام نصيب أختهما الصغرى الصادقة التقية «كورديليا» التي لم تعرف التعبير عن مشاعرها لأنها كرهت ابتذالها في كلمات رغم حبها العميق الأمين الذي تكنه لوالدها وبلادها.
جانب من العمل المسرحي
جنريل وريجان بعد حصولهما علي ميراث " لير " قامتا بطرد أبوهما من المملكة لذا قررت كورديليا " أن تساعد أبوها فأرسلت جيش قوى إلى إنجلترا وقامت حرب بين إنجلترا وفرنسا من أجل تحرير الملك لير، بعد ذلك انهزم جيش فرنسا وانتصر جيش إنجلترا فقامت جونريل وأختها ريجان بإلقاء القبض على كردليا والملك وأسرهما في السجن، وعندئذ عرف الملك لير كم تحبه ابنته كردليا، وأن ما قامت به الأختان الأخريان ماهو إلا تملق من أجل الحصول على العرش فندم ندما شديداً.
مسرحية الملك لير للكاتب الكبير وليم شكسبير
الفنان يحيى الفخراني بالفعل يعيد في كل مرة يقدم فيها الملك لير البريق لتلك الشخصية الصعبة وفي التجربة الأخيرة تمتزج حرفيته وعبقريته في أداء الشخصية مع توفير الإمكانيات والضخامة في الإنتاج لمجدي الهواري، والرؤية المختلفة والجديدة للعمل من قبل المخرج تامر كرم لنشاهد في النهاية عملا مسرحيا نفتخر بكونه صناعة مسرحية مصرية فاخرة تضاهي وتنافس التجارب العالمية .
نجح مخرج المسرحية في تقديم رؤية بصرية وفرجة تحقق المتعة للمشاهدين، بالإضافة لتقديم معالجة ومضمون عن موضوع إنساني يخص النفس الإنسانية وصراعها في الحياة بين الخير والشر، ومع شخصيات المسرحية يشعر المشاهد أنه يعيش أحداثها ليتعلم أن يفكر في القرار قبل اتخاذه، وأن لا يتسرع فيه حتى لا يعاني من نتائجه الحتمية.
نجح مخرج المسرحية في تقديم رؤية بصرية وفرجة تحقق المتعة للمشاهدين بالإضافة لتقديم معالجة ومضمون عن موضوع إنساني يخص النفس الإنسانية وصراعها في الحياة بين الخير والشر، ومع شخصيات المسرحية يشعر القارئ أنه يعيش أحداثها ليتعلم أن يفكر في القرار قبل اتخاذه وألا يتسرع فيه حتى لا يعاني من نتائجه الحتمية.
وفي النهاية كل التحية لفريق العمل بالكامل ونخص المنتج مجدي الهواري صاحب التجربة الواعدة في المسرح المصري، بما يقدمه من أعمال ستمثل فيما بعد ذاكرة المسرح المصري وأرشيف مهم لكل المسرحيين وللأجيال القادمة وهو لا يبخل في إنتاجها ويسخر كل الإمكانيات لخروج أعمال مسرحية تحمل متعة بصرية ومضامين ورسائل مهمة .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة