أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد الدسوقى رشدى

الحقيقة المؤلمة فى مشهد التعديلات الدستورية

الخميس، 11 أبريل 2019 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
س1: هل من حق الدولة، أى دولة، إجراء تعديلات دستورية؟ 
ج: إذا تم الأمر وفق المسارات القانونية والدستورية والشرعية تصبح الإجابة بنعم. 
 
س2: هل من حق تيارات سياسية أو أفراد الاعتراض ورفض التعديلات الدستورية؟
ج: إذا تم الأمر وفق المسارات القانونية والدستورية والشرعية تصبح الإجابة بنعم.
 
من هنا تبدأ قصة أخرى أهم وأخطر مما يدور فوق السطح المشتعل والمنشغل بالتعديلات الدستورية وبنودها وموادها ومصير إجراءاتها، قصة تبدأ بسؤال نتغافل ونتكاسل عن طرحه منذ اللحظات الأولى التالية لأحداث ثورة 25 يناير 2011، لماذا لا يمارس أعضاء التيارات السياسية المعارضة بما يتبعهم من أفراد منحتهم الأيام تسميات نشطاء وحقوقيين وشباب ثورة، دورهم السياسى الحقيقى القائم على المشاركة لا النواح أو الهرب أو التشكيك؟ لماذا لم تصبهم الأيام والتجارب السابقة بالنضج أو الإخلاص وتخلع عنهم ثوب اللاعب الضعيف الذى كلما استقبل مرماه هدفا هرول ناحية الحكم صارخا ومفتعلا للمشاكل، وصرخ فى وجه الكاميرات مشككا فى ذمة التحكيم والمؤامرات بدلا من التركيز فى تحسين مستواه، او مراجعة أخطاء فريقه.
 
على قدر تنافر واختلاف التيارات السياسية المصرية خلال السنوات الماضية، وعلى قدر فشلها الدائم فى التنسيق والتعاون، وفشلها مجتمعة فى إنجاز أى شىء لصالح هذا الوطن على المستوى النظرى أو العملى، إلا أنها نجحت وربما بالصدفة فى أن تلد من بين صفوفها تيارا جديدا يمكن تسميته بتيار إهدار الفرص والنواح.
 
جماعة سياسية جديدة تضم كثيرا من الإخوان وأهل حركات اليسار والاشتراكيين الثوريون والنشطاء تزعم فى أكبر كذبة عرفها عالم السياسة أنهم يمارسونها، ولكن واقع الحال يكشف أنهم أبعد الناس عن قواعد المشاركة السياسية التى يرفعونها فى شعارات أو يلخصونها فى دراسات أو نظريات، يعايرون أهل مصر بسلبيتهم وهم صناع السلبية الأوائل، يعايرون المواطنين بعدم الاشتباك مع الواقع السياسى والمشاركة فيه وصكوا مصطلحات عن المواطن المصرى السلبى السائر فى بطن الحيط، بينما هم أنفسهم بناة هذه الحوائط، خاصة بعد أن أثبتت تجارب السنوات الماضية أن المصريين حاضرون فى المظاهرات حينما احتاج الوطن إلى ثورتهم، وصابرون متحمسون فى طوابير الاقتراع حينما تأتى لحظتها إيمانا منهم بأن المشاركة بأصواتهم هى أصل المشاركة السياسية من أجل الصالح العام. 
 
تقول كتب العلوم السياسية، إن المشاركة السياسية هى نشاط سياسى يرمز إلى مساهمة المواطنين ودورهم فى إطار النظام السياسى، وبالنظر إلى تعريف «صموئيل هنتنجتون» و«جون نيلسون»، فإن المشاركة السياسية هى النشاط الذى يقوم به المواطنون بقصد التأثير فى عملية صنع القرار الحكومى، سواء أكان هذا النشاط فرديا أم جماعيا، منظما أم عفويا، متواصلا أم منقطعا، فعالا أم غير فعال، بهدف أساسى هو تغيير مخرجات النظام السياسى، بالصورة التى تلائم مطالب المواطنين كما قال حسين علوان، فى كتابه «المشاركة السياسية والعملية السياسية».
 
بمراجعة الواقع المصرى فى السنوات الماضية سيكون الاكتشاف مذهلا، والحقيقة واضحة وصادمة بأن تيارات المعارضة ومعها الإخوان وبصحبتهم النشطاء والمتصدرون الصور مثل البرادعى وممدوح حمزة وبهى الدين حسن وغيرهم لا يقدمون فعلا واحدا يمكن أن يطبق عليه تعريف المشاركة السياسية، فلا اشتباك مع الواقع أو عمل مع الأرض يمنحهم ثقة الناس، ولا مشاركة حقيقية فى أى استحقاق انتخابى تقول مؤشراته إن الغلبة فيه ليست لهم، دوما تجدهم سائرين فى طريق واحد أدواته الشجب والندب والنواح والتحجج بالظرف السياسى والأمنى، ثم التشكيك ثم شعارات المقاطعة، دون أن يعترفوا ولو لمرة أن لجوءهم لتلك الأدوات هو اعتراف بفشلهم عن خلق بدائل أو جسور ثقة مع المواطن المصرى فى الشارع. 
 
وفقًا لهذا الواقع الذى يعيشه النشطاء والإخوان وتجسده تغريدات البرادعى، يبدو موقفهم من التعديلات الدستورية الأخيرة طبيعيا ومفهوما، بدلا من خوض غمار المعركة بالمشاركة منذ اللحظة الأولى فى الحوار المجتمعى الدائر حول بنود المواد المطروحة للتعديل، وبدلا من العمل على الأرض لرفضها فى الإطار السياسى الشرعى عبر صناديق الاقتراع، دفعهم إدراكهم بأنه لا شعبية على الأرض تسندهم، ولا رصيد ثقة من المصريين يسمح لهم بالحصول على دعم شعبى، لجأوا إلى ما اعتادوا عليه من تشكيك وتخوين ودعوات مقاطعة، وهنا يتجلى الفشل حتى فى استغلال الفرص، لأن معطيات الأحداث فى مصر تقول بأن التعديلات الدستورية الأخيرة إن كان ما يروج له الإخوان والنشطاء صحيحا بأنها مرفوضة شعبيا فهى فرصة لأن يعملوا على الأرض ويشاركوا ويستثمروا هذا الرفض الشعبى فى إحراج السلطة بنسب رفض يراها العالم أجمع، ولكنهم لم يفعلوا ربما لأنهم يدركون ضعفهم أو عدم ثقة الشعب فيهم، أو لأنهم يعلمون جيدا أن الأكاذيب التى يتم ترويجها ستفضحها صناديق الاقتراع. 
 
أبسط الأسئلة النظرية هنا يخص ما يدور حول زيادة المدة الزمنية للفترة الرئاسية والترويج بأنها تهدف لإبقاء الرئيس مدى الحياة، لماذا تبذل كل هذا الجهد فى إشاعة ذلك بين الناس، بينما كان الأولى بك توجيه كافة جهدك نحو الشارع ونحو تياراتك المختلفة من أجل خلق بديل قوى قادر على منافسة هذا الرئيس فى أول انتخابات رئاسية قادمة؟ سيخبرونك وقتها بأن الأجواء السياسية لا تساعد، وغيرها من العلل والأسباب التى يسوقونها لتبرير فشلهم منذ سنوات حكم مبارك رغم أن واقع استفتاء دستور 2011 وانتخابات الرئاسة فى 2012 أثبتت بما يدع مجالا للشك وهمية هذه الأسباب، لأن الأجواء كانت مواتية ومناسبة، ومع ذلك لم يظهر لهم رمز ولم ينجحوا فى دعم مرشح ولم يحصدوا سوى الخسارة والفشل فى مشهد مرسى وشفيق الشهير، فهل آن الأوان لمواجهة الحقيقة المؤلمة واعترافهم بفشلهم بدلا من محاولات التغطية على هذا الفشل مرة بإلقاء اللوم على الشعب وسلبيته ومرة أخرى بإلقاء اللوم على السلطة وممارساتها.. نحن فى الانتظار.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة