انتهت انتخابات البلدية التركية بنتائج جاءت أكثر من مجرد ضربة لنظام الرئيس رجب طيب أردوغان، الذى يقبض على الحكم منذ نحو 16 عاما. فقد حزب العدالة والتنمية سيطرته على العاصمة والعديد من المدن الكبرى وأهمها إسطنبول، التى حاول بائسا إدعاء الفوز فيها حتى أعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات فوز مرشح حزب الشعب المعارض.
وحظيت هذه النتائج بتغطيات واسعة من وسائل الإعلام الدولية، حيث أشارت صحيفة نيويورك تايمز، إلى أن تلك النكسة الانتخابية الكبرى التى منى بها أردوغان لأول مرة منذ عقد ونصف فى السلطة، جاءت بعد تسعة أشهر من انتخابات وطنية مددت سيطرته على السلطة. وينظر إليها كمقياس لشعبيته بين الناخبين بعد سقوط الاقتصاد التركى فى الركود واستيلاء أردوغان على سلطات تنفيذية جديدة.
وأوضحت نيويورك تايمز، أنه للمرة الأولى فى حياته السياسية، يتذوق الديكتاتور التركى الهزيمة فى السباقات البلدية فى مركز القوة السياسية التركية، أنقرة، وحتى فى مسقط رأسه، إسطنبول، مركز اقتصاد البلاد حيث كانت تتركز أعين المراقبين على الأغلب.
وقال روسن كاكير، وهو معلق تركى مخضرم، على موقع تويتر، إن هذا التحول كان تاريخيًا مثل وصول أردوغان على المسرح السياسى عندما فاز فى سباق بلدية اسطنبول. وأضاف "إن الانتخابات اليوم تاريخية مثل الانتخابات المحلية عام 1994.. إنه إعلان عن صفحة تم فتحها قبل 25 عامًا ويتم إغلاقها الآن."
وقال سونر كاجابتاى، مدير برنامج الأبحاث التركية فى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "فى حين أن خسارة اسطنبول هزيمة فاضحة لأردوغان، فإن خسارة أنقرة، التى تعتبر اختصارًا للسلطة السياسية والحكومة، خسارة كبيرة جدًا."
وفى إشارة إلى مدى حساسية هذه الانتخابات له، عقد أردوغان ما يصل إلى ثمانية مسيرات انتخابية يوميًا فى جميع أنحاء البلاد، متحدثا على المنصات فى البلديات حيث التصويت على أنه "بقاء وطنى" وفرصة لتدعيم إدارته "إلى الأبد".
وأشارت شبكة بلومبرج، إلى نتائج الانتخابات تشكل انقلابا من قبل أكبر مدن تركيا على أردوغان، التى أعربت عن رفض لاذع من خلال صندوق الاقتراع واستيلاء المعارضة على مسقط رأس الرئيس فى إسطنبول.
وقالت نورا نيوتوم، الخبيرة الاقتصادية لدى بنك ABN Amro Bank NV فى أمستردام: "فقد الحزب الحاكم السيطرة على المدن الكبرى إشارة تحذير واضحة بأن الناس غير راضين عن السياسة الاقتصادية الحالية للنظام". وأضافت: "من المرجح أن تكون لدى الحكومة الحالية شهية محدودة للإصلاحات، وربما تركز أكثر على الحلول السريعة، مثل إغراق الاقتصاد بمزيد من الائتمان الرخيص".
وأعتبرت صحيفة وول ستريت جورنال ايضا النتائج بأنها نكسة كبرى لحزب أردوغان، وسط معاناة البلاد من التضخم والبطالة وهبوط العملة.
وأشارت الصحيفة، إلى أن حتى كتاب الأعمدة فى الصحف المؤيدة للحكومة حذروا من أن الفساد والمحسوبية يحولون الناس بعيدا عن الحزب الحاكم. كما أن ممارسات أردوغان الإستبدادية ضد معارضيه أثارت الكثير من الاستياء فى البلاد، فضلا عن تمرير تعديلات منحته سلطة جديدة واسعة على المجلس التشريعى والقضاء.