تفخيخ العقول والأدمغة.. خطة الإخوان لسرقة شباب مصر عبر "السوشيال ميديا".. الجماعة تمارس قصفا ذهنيا للمراهقين وأبناء 30 يونيو.. وتروج للعدمية وعدم الانتماء و"الأممية الدينية" بالأكاذيب وحروب الجيل الرابع

الإثنين، 04 مارس 2019 11:00 ص
تفخيخ العقول والأدمغة.. خطة الإخوان لسرقة شباب مصر عبر "السوشيال ميديا"..  الجماعة تمارس قصفا ذهنيا للمراهقين وأبناء 30 يونيو.. وتروج للعدمية وعدم الانتماء و"الأممية الدينية" بالأكاذيب وحروب الجيل الرابع عنف الاخوان
كتب كامل كامل- هشام عبد الجليل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- توزيع أدوار بين أجنحة الإخوان للترويج للعدمية والتطرف «فيس  بوك وواتس آب وتليجرام» أبرز أدوات الاستقطاب

 

- الجماعة توظف جروبات الرياضة والفن لركوب الموجات الرائجة بين الشباب وتسعى لتعويض الانشقاقات بتجنيد مزيد من التابعين

 
 
 
يوما بعد يوم تتصاعد الأزمة داخل الإخوان، الجماعة تفقد كثيرا من قواعدها، إما بالانشقاق أو التحول إلى تنظيمات أخرى، وتغذى صراعات القادة والخلافات المالية والفضائح المتبادلة فى قطر وتركيا تلك الهجرات الواسعة، ما فرض على الجماعة البحث عن موارد بديلة من الأعضاء والمناصرين، ويبدو أنها وجدت ضالتها فى قطاعات واسعة من صغار السن الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعى. منذ تدشين الجماعة قبل أكثر من 90 سنة، اعتمد مؤسسها حسن البنا، الذى كان يعمل مدرسا للخط العربى فى إحدى مدارس الإسماعيلية، على طلاب المدارس والعمال الصغار من محدودى الوعى والثقافة، وتحقق له ما أراد عبر آليات مُحكمة للحشد والتوجيه وغسيل الدماغ، سهلت له تجنيد قطاعات واسعة من المواطنين، وسهولة توجيههم لتحقيق أهداف الجماعة استغلالا لتلك الحالة من محدودية الوعى وضعف القدرة على الفرز وتقييم الأفكار والمواقف، وفى الوقت الحالى تحاول الجماعة تكرار تجربة «البنا» مرة أخرى.
 
 
وفق الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء من واقع تعداد 2018، فإن عدد الشباب فى مصر بين 18 و29 سنة يبلغ 20.2 مليون نسمة، بنسبة %21 من إجمالى السكان «%50.6 للذكور و%49.4 للإناث»، وبحسب بيانات التعداد العام للسكان والإسكان فى العام نفسه، فإن إجمالى من يستخدمون الحواسب الآلية من الشباب %44.6، ومن يستخدمون الإنترنت %47.4، وسجلت القاهرة أعلى نسبة للشباب مستخدمى تكنولوجيا المعلومات بـ%13.5 «%13 للذكور و%14.1 للإناث».
 
من واقع الإحصائية السابقة، فإن أكثر من خُمس مصر من الشباب، وهى نسبة عالية مقارنة بباقى دول العالم، وأغلب تلك المجموعات كانوا فى مراحل الطفولة والمراهقة وقت ثورة 30 يونيو قبل ست سنوات من الآن، ومن ثمّ فإن كثيرين منهم ربما لا يعون حجم الصراع الذى عاشه الشعب مع جماعة الإخوان الإرهابية، ولا حجم التخريب والدمار اللذين أحدثتهما عناصر الجماعة فى أنحاء مصر على مدى شهور تالية للثورة. واستغلالا لتلك التركيبة السكانية، ولحالة عدم الوعى المسيطرة على كثيرين من الشباب، وضعتهم جماعة الإخوان الإرهابية نصب أعينها، ووضعت خططا وتكتيكات عملية لمخاطبة هؤلاء الشباب واستقطابهم، سعيا لتوسيع قاعدة مناصريها فى المقام الأول، وبغرض التغلب على حالة التفسخ وموجات الانشقاقات التى تضرب أركان الجماعة فى السنوات الأخيرة.
 
 
 

أسلوب التجنيد فى الإخوان

محاولات الاستقطاب والتجنيد الدائمة فى الإخوان ليست وليدة اليوم، فالحقيقة أن الجماعة الإرهابية تمتلك آلية ثابتة أو منهجا عاما فى التجنيد، انتهجته طوال العقود الماضية منذ نشأتها، ولم يكن ذلك المنهج فكرا خالصا أو إنتاجا خاصا لها فى واقع الأمر، وإنما استفادت فيه من الخبرات المتراكمة والمشروعات السابقة للجماعات والتنظيمات والأفراد المحسوبين على اليمين الدينى، وخضعت آلية الجماعة فى التجنيد والاستقطاب لبعض التعديلات والمواءمات بين وقت وآخر، لتناسب طبيعة كل مرحلة تعيشها الجماعة، وطبيعة علاقتها بالدولة والنظام السياسى، فخلال عهد الملكية مثلا كانت لديها آليات أكثر ارتباطا بالسياسة والأبعاد الاجتماعية، بينما عندما تحولت مصر من الملكية إلى الجمهورية واصطدمت الجماعة بالدولة تغيرت آلياتها، فاختلف أسلوب الجماعة فى الاستقطاب والتجنيد ليتجه إلى خطاب دينى يوظف الشعارات الوطنية، وفى مرحلتى السادات ومبارك، راهنت على العمل الاجتماعى والنقابى وتأثير المهنيين فى محيطهم، وبعد ثورة 25 يناير تطورت تلك الآليات لتراهن على السياسى بدرجة أكبر، بينما كان التحول الأكبر عقب ثورة 30 يونيو التى شهدت احتراق أصابع الجماعة والقاعدة العريضة من مؤيديها وتحالفاتها، لتبدأ دمج الشعارات القومية والدينية مع الخطاب السياسى المعادى للدولة، وتعود من جديد للرهان على حشد المتعاطفين والمؤيدين بدون انتماء مباشر للجماعة، بعدما تخلت عنهم سابقا مع نجاحها فى السيطرة على الحكم.
 
 

التجنيد التقليدى والمتطور

عن طرق الاستقطاب والتجنيد داخل الإخوان، يقول طارق البشبيشى، القيادى السابق بالجماعة: كانت هناك كتب تقليدية تدرب العضو الإخوانى وتعلمه كيفية تجنيد الأنصار، منها كتاب «الدعوة الفردية» للمرشد الأسبق مصطفى مشهور، وكانت أبرز ميادين التجنيد محصورة فى المساجد ومراكز الشباب والجامعات والتجمعات الشبابية التى سُمح للإخوان بالتحرك فيها بحرية، أما الآن فقد تطور الأمر وتطورت وسائل التجنيد لتلائم الثورة التكنولوجية الهائلة.
ويرى «البشبيشى» أن الإخوان قمة جبل المؤامرة الظاهر أمامنا، أما بقية الجبل فإنه غاطس بعيدا عن العيون، لهذا لا نراه، بمعنى أن التنظيم أحد الأذرع المهمة فى الحرب على مصر، لكن الحرب نفسها تطورت وأصبحت تستند إلى آليات عصرية تستخدم الصورة والفيديو ومواقع التواصل الاجتماعى، التى أصبحت واحدة من أهم وسائل التجنيد لجى التنظيم وكل كارهى مصر وأعدائها، وفى الوقت الحالى يخصصون مليارات الدولارات لتلك الوسائل، ليس لضم أعضاء جدد، وإنما لخلق جيل متمرد غير منتمٍ لوطنه، وكاره له، وعلى استعداد لفعل أى شىء لتدميره، متابعا: «الجماعة فى تلك المرحلة لا تحتاج أعضاء جددا، وإنما تعمل على أن يكفر الشباب بالوطن ويتحولوا إلى معاول هدم له بدلا من أن يكونوا قوة بناء، فإذا كان عدونا ينفق كل تلك الأموال، فإنه لا ينفقها لضم الأنصار، وإنما لضم مراحل عمرية حديثة يسعى إلى توظيفها فى مشروعه المعادى للوطن».
 

تقرير سرى يفضح التجنيد فى الإخوان

أحمد شاكر واحد من الرعيل الأول فى تنظيم الإخوان، لكنه كان أكثر شرفا من مؤسس الجماعة وأعضائها، إذ لم يرض بمواصلة السير معهم فى طريق عداء الوطن، بعدما تكشفت له الحقيقة، وعرف نوايا التنظيم التآمرية، فقال فى كتابه «التعليم والقضاء فى مصر»، وهو عبارة عن تقرير سرى رفعه كنصيحة للملك عبدالعزيز آل سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية: «إن حركة حسن البنا وإخوانه قلبوا الدعوة الإسلامية إلى دعوة إجرامية هدَّامة، حركة ينفق عليها البريطانيون واليهود كما نعلم ذلك علم اليقين، لاستهداف المنطقة»، ويمكن مراجعة مذكرات حسن البنا نفسه التى يقول فيها عنوان «هبة شركة القنال»:  «قبل بناء المسجد والدار تصادف أن مر البارون دى بنوا، مدير شركة القنال، ومعه سكرتيره المسيو بلوم، وجاء أحد الموظفين يدعونى لمقابلة البارون، ذهبت إليه، فتحدث إلىّ عن طريق مترجم قائلا إنه يود أن يساعدنا بتبرع مالى، فشكرت له ذلك وانصرفت، ومضى على ذلك شهورا، كدنا ننسى فيها البارون ووعده، لكننى فوجئت بعد ذلك بدعوة ثانية إلى مكتبه، فذهبت إليه، فرحّب بى ثم ذكر أن الشركة اعتمدت لنا 500 جنيه مصرى، فشكرت له ذلك، وأفهمته أن هذا المبلغ قليل جدا، لأنها فى الوقت نفسه تبنى فيه على نفقتها كنيسة نموذجية تكلفها 1500 جنيه، أى نصف مليون جنيه، فاقتنع بوجهة نظرى، ولكنه أسف لأن هذا هو القرار، وشكرته مرة ثانية وقلت إن تسلم المبلغ ليس من اختصاصى، لكنه من اختصاص أمين الصندوق الشيخ محمد حسين الزملوط، وسأخبره ليحضر لتسلّمه، وقد كان.
 
وتسلم أمين الصندوق المبلغ»، بهذه الوثائق وغيرها بدأ إبراهيم ربيع القيادى السابق بجماعة الإخوان حديثه عن فكرة الاستقطاب داخل التنظيم، قائلا: «كان الأساس الصلب لهذا البناء تماسك النسيج الاجتماعى والوحدة الوطنية والمواطنة التى تجلت فى ثورة 1919، بتعانق الهلال والصليب، وخطبة أحد رموز الكنيسة فى الأزهر، فكان المخطط الغربى بقيادة بريطانيا العظمى آنذاك هو تكسير الدولة المصرية، فإن لم يكن فتعطيلها عن النهوض والبناء، وكان لا بد لتحقيق هذه المهمة من تأسيس كيان داعم لها، ولما كان الدين المدخل الطبيعى والأزلى والمقدس عند كل الشعوب، خاصة الشعب المصرى، استغلوا الإسلام فى الدخول إلى عقل ووجدان المواطن، بتكوين الإخوان بشعارات إسلامية، ووُضعت لها استراتيجية عامة تتمثل فى تفكيك هوية وثقافة المجتمع المصرى وبعثرة أولوياته، عبر اختراق المجتمع من خلال أصغر مكوناته، الأسرة».
 
ويرى «ربيع» أن تنظيم الإخوان مارس الانتهازية وكل المحظورات كعادته، من الكذب إلى التدليس والتزوير والتطرف والإرهاب، لتحقيق المهمة المكلف بها، وكانت البداية بتكليف خلاياهم فى وزارة الأوقاف والأزهر الشريف بتوجيه قوافل دعوية لمساجد القرى والنجوع، للاستطلاع والبحث عن العناصر المستهدفة، وكانت أغلب تلك القوافل فى فترة امتحانات نهاية العام للجامعات والثانوية، حيث كثافة وجود الشباب فى المساجد، وبدأت الجماعة طرح شباكها فى نهر المجتمع المتدفق بالشباب، ثم تتولى لجنة خاصة فرز ما جمعته شباك القوافل الدعوية، حسب استعداد كل فرد، فى ضوء خطة التنظيم للتعامل مع المحيط المجتمعى، وهى تكليف دائم لكل فرد تنظيمى.
 
وعن تكليف الفرد الإخوانى من تنظيمه داخل المجتمع، قال: «يشمل التكليف تكوين 4 دوائر، الأولى دائرة الانتشار وتكون فى حدود 100 شخص، تستهدف توصيل نشرات ومطبوعات ووسائل دعائية ودعوة تلك العناصر للمؤتمرات الانتخابية والمظاهرات النوعية تحت شعارات قومية، ثم انتقاء دائرة أقل منها تسمى دائرة الربط العام، تكون فى حدود 50 شخصا، وتستهدف توصيل رسائل تحمل مفاهيم التنظيم حول الحياة والدين، ودعوتهم للمشاركة فى الأعمال العامة كالندوات والحملات النوعية، مثل حملة الحجاب أو التبرع لغزة، وربط ذوى الحاجات منهم من خلال منحهم مخصصات نقدية أو عينية شهرية من الجمعيات التابعة للتنظيم، تلى ذلك انتقاء دائرة أصغر اسمها دائرة التواصل الشخصى فى حدود 10 أفراد، تستهدف كل ما سبق، وتزيد عليه حضور بعض الحلقات الخاصة فى المساجد، والدورات الرياضية فى مراكز الشباب، والحفلات الخاصة كالزفاف وعقيقة المولود، ثم انتقاء الدائرة الأصغر باسم دائرة الدعوة الفردية، فى حدود 3 أفراد، تستهدف كل ما سبق، لكن التنظيم يعتبر الأشخاص الثلاثة كريمة التصفيات وصفوة التابعين، بغرض تجهيزهم للانضمام للجماعة بشكل كامل».
 

استهداف الشباب من 18 لـ25 سنة

وعن الدعوة الفردية، قال إبراهيم ربيع: إنها تركز على الشباب من 18 حتى 25 سنة، لتميز تلك المرحلة بالقدرة على تكوين شبكة علاقات سريعة، والقدرة على الاستمرار فيها، عكس مرحلة الأربعينيات مثلا التى تقل قدرتها على بناء علاقات، ومرحلة المراهقة من 14 إلى 17 سنة التى تملك قدرة على بناء شبكة علاقات لكنها لا تملك قدرة الاستمرار فى تلك الشبكة، بسبب 
 

تقلبات النمو الجسدية والنفسية.

وأشار إلى أن أولوية الانتقاء للدعوة الفردية تكون للأشخاص الانطوائيين الهادئين الذين لا يتكلمون كثيرا، ويطيعون الأوامر ويُنفذون ما يُطلب منهم من أعمال، ويتقدم من هؤلاء من ينتمون إلى أسر تعانى من مشكلات اقتصادية أو اجتماعية، مع التركيز على المتفوقين دراسيا ممن لا يملكون مهارات حياتية أو اجتماعية كبيرة، مع استبعاد من لهم أى ميول أو انتماءات للجماعات الدينية الأخرى مثل السلفيين أو الجماعة الإسلامية أو الأحزاب السياسية، ويحرص التنظيم على أن تكون العناصر المستهدفة بدون خلفيات أو انحيازات تعكر صفو الاستقرار النفسى للعضو. وتركز الجماعة فى انتقائها للأفراد المكلفين بالدعوة الفردية على الشباب ذوى الجاهزية والتطلعات التنظيمية، ممن اجتازوا اختبارات الانتماء للإخوان بتفوق، ثم يجرى تجهيزهم لمهمة الدعوة من خلال دورات خاصة ينفذها مسؤول قسم التربية بشكل مباشر، ويدعى المرشد العام لحضور الحفل الختامى للدورة، لشحن المختارين وتغذية الانتماء للجماعة داخلهم، وغالبا ما يؤكد المرشد فى حديثه معهم أنهم «كتائب المهام الخاصة» وأن الجماعة تراهن عليهم بالدرجة الأكبر. لافتا إلى أن الهدف الاستراتيجى طوال كل مراحل التجنيد الفردى تعظيم شعور العنصر المستهدف للتجنيد بالانهزام النفسى والاحتياج لمعلمه والتسليم بأستاذية القائم بتجنيده، مع مراعاة تقارب السن والسكن والطبقة الاجتماعية والمستوى التعليمى بين القائم بالتجنيد والشخص المستهدف.
 

واتس آب وتليجرام وفيس بوك

فى خطتها لاستهداف الشباب وتوسيع رقعة التجنيد والاستمالة، تراهن جماعة الإخوان فى الوقت الحالى على مواقع التواصل الاجتماعى وتقنيات الاتصال الحديثة بشكل عام، لكنها تركز على عدد من المواقع والتطبيقات الأكثر انتشارا وسط المراهقين، التى توفر لها فرصا أكبر لبث رسائلها بقدر من التنوع والشمول.
 
وبحسب «ربيع» فإن التعامل فى ملف الاستقطاب والتجنيد تضطلع به أقسام متخصصة تهتم بمرحلة الشباب والمراهقة، مثل قسم الأشبال الذى يتعامل مع المرحلة العمرية من 10 إلى 14 سنة التى غالبا ما تكون من أبناء الأعضاء أو المرتبطين معهم بصلة قرابة أو جيرة، وقسم الثانوى الذى يتعامل مع المرحلة الثانوية العامة والفنية، وقسم الطلاب الذى يتعامل مع المرحلة الجامعية، وتخصص الجماعة ميزانيات مفتوحة لتلك المجموعات لتنفيذ خطتها وتعزيز جهود الاستهداف والتجنيد. أما فيما يخص أبرز التطبيقات التى تراهن عليها الجماعة، فإنها تستهدف موقع «فيس بوك» فى المقام الأول باعتباره الأكثر انتشارا فى أوساط المراهقين فى مصر، إضافة إلى ما يوفره من تنوع فى الوسائط التى يسمح بعرضها، بين البصرى والسمعى والمكتوب، بما يسمح بحصار المستهدفين بمنظومة كاملة من رسائل الجماعة، يليه تطبيق «تليجرام» الذى يوفر فرصة لتبادل المقاطع المصورة والكتب والملفات المكتوبة التى تتضمن أفكار الجماعة أو توجيهاتها أو خطط العمل، وفى الأخير يأتى تطبيق «واتس آب» الذى يستهدف تعميق التواصل الشخصى والربط المباشر مع المجموعات المستهدفة، وتبدأ الجماعة رحلتها فى كل تلك الوسائط من خلال العناوين والموضوعات ذات الطابع العام، سواء فى الفن أو الثقافة أو الرياضة، ثم تبدأ التحول تدريجيا لدمج الخطاب السياسى وتسريب أفكار الجماعة داخل خطابات ومحتوى تلك المجموعات.
 

حرب المعلومات أخطر من الرصاص

فى ضوء الأهمية التى احتلتها وسائل التواصل الاجتماعى فى السنوات الأخيرة، فإن الجماعة توليها اهتماما أكبر فى عمليات الاستقطاب والتجنيد، وبفضل التصاق تلك الوسائل بالمستخدمين الشباب طوال الوقت، فإن قدرة الجماعة على النفاذ إلى دوائر أوسع من المراهقين والشباب تبدو أكبر. وتكشف مصادر مقربة من التنظيم، أن جماعة الإخوان تخصص تدفقات مالية ضخمة لإدارة مجموعاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعى، بدءا من عشرات الصفحات متنوعة الاهتمامات، بين الرياضة والفن والثقافة والتنمية البشرية، ومديرى تلك الصفحات، ومجموعات الناشطين والكتائب الإلكترونية التى تتولى ترويج الرسائل المصنوعة وصناعة «التريندات» وتسويقها، ووسط تلك الدائرة المتشابكة يمكن للجماعة أن تصل إلى العناصر الجاهزة أو الأكثر قابلية لدخول دوائرها، والانتماء لأفكارها، على طريقة الدوائر القديمة، لتبدأ مراحل التصفية المتتابعة. تستهدف المجموعات النشطة عبر مواقع التواصل الاجتماعى إشاعة مناخ الحرب المعلوماتية والشائعات والفوضى بين المستخدمين، استنادا إلى أدوات وتقنيات حروب الجيل الرابع، بدءا من الاشتباك الملون مع القضايا والموضوعات المثارة، وإشاعة الأخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة بغرض إرباك المشهد، وإضعاف الروح المعنوية وتغذية شعور النقمة والإحباط والكفر بالوطن. هكذا يرى هشام النجار، الباحث فى شؤون الحركات الإسلامية، موضحا أن الحرب المشتعلة عبر وسائل التواصل الاجتماعى تعتمد على شقين: الأول من المتخصصين فى اختلاق الأكاذيب وفق طبيعة المرحلة، إذ يترقبون الأحداث ليعيدوا إنتاج الأخبار والمعلومات المتصلة بها بشكل موجه، وبث الشائعات بشأن كل القطاعات والمؤسسات، وترويج حالة الهزل والسخرية من خلال الفيديوهات المعاد تحريرها والصور الساخرة والكوميكس وتركيب صور قديمة أو من دول أخرى على حادثة بعينها، بينما يعتمد الشق الثانى على تنشيط ماكينات تداول وترويج تلك الأكاذيب والشائعات ودفعها لتصدر قوائم الأكثر تداولا، متابعا: «هناك فئة تتداول الشائعات لتعيد الجماعة استغلالها والعمل عليها من خلال قنواتها ومواقعها، باعتبارها أخبارا ومعلومات موثقة، واتجاه الإخوان الكثيف إلى مواقع التواصل يأتى كمحاولة لتعويض الخسائر التى تكبدها التنظيم بسبب الحصار الأمنى الجيد لمخططاتهم على أرض الواقع، فعمدوا إلى أدوات وحروب الجيل الرابع التى تستهدف إشاعة الفوضى ونشر الإحباط وعدم الثقة بين الشباب، تمهيدا لاستقطاب هؤلاء الشباب وتجنيدهم على الأرضية الفكرية للجماعة، وانتقاء من يصلح منهم لعضوية التنظيم». وأشار «النجار» إلى أن الجماعة وكتائبها الإلكترونية يستغلون بعض الوقائع والأحداث لتعزيز حالة انعدام الثقة لدى مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى، وتغذية الشعور بعدم الانتماء والكفر بالوطن، وهو ما يسهل لاحقا حشدهم وتوجيههم، مطالبا بالتصدى الجاد والحاسم لتلك الشائعات والأكاذيب، بدءا من امتلاك خطاب إعلامى فعال يواجه تلك التحركات، وصولا إلى تكاتف كل مؤسسات الدولة وسن تشريعات لتغليظ العقوبة لمروجى الشائعات، وتعظيم دور الأجهزة الرقابية، وتوفير خط ساخن تابع لوزارة الاتصالات للإبلاغ عن الصفحات المشبوهة والحسابات المزيفة التى تبث السموم بين الشباب، والتحرك الجاد لاتخاذ اللازم بشأنها، والعمل على زيادة الوعى لدى المواطنين، خاصة الشباب، حتى لا يكونوا فريسة لتلك الأفكار المشبوهة والشائعات التى تستهدفهم بهدف بث الإحباط بينهم، وخلق جيل غير قادر على تحمل المسؤولية، وذلك من خلال إلقاء الضوء على المشروعات والإنجازات القومية الجارية على أرض الواقع، ودورها فى المستقبل وسرعة الرد فى بعض الوقائع لقطع الطريق على من ينفذون أجندات خارجية مشبوهة ضد مصلحة الوطن.
 

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة