فيديو.. الرقص فوق دماء طاهرة.. قطار الإخوان يفرم الضحايا ويتاجر بالأرواح.. فى حكم الجماعة: 9 حوادث قطارات.. والإخوان: مرسى لا يقود القطارات.. فى عهد السيسى: تجاهلوا التطوير وزيفوا التصريحات للمزايدة على الرئيس

السبت، 02 مارس 2019 09:00 ص
فيديو.. الرقص فوق دماء طاهرة.. قطار الإخوان يفرم الضحايا ويتاجر بالأرواح.. فى حكم الجماعة: 9 حوادث قطارات.. والإخوان: مرسى لا يقود القطارات.. فى عهد السيسى: تجاهلوا التطوير وزيفوا التصريحات للمزايدة على الرئيس حادثة قطار محطة مصر ومزايدات الجماعة الإرهابية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ـ الجماعة الإرهابية تمارس إرهاباً معنوياً لحصار الدولة.. وتزييف التاريخ القريب لتحويل المآسى إلى مكاسب


ـ «الحرية والعدالة» يرفض إقالة هشام قنديل أو وزير النقل.. والكتاتنى والعريان: حوادث القطارات ميراث مبارك


ـ معتز مطر يترك خدمة الحزب الوطنى لمهاجمة مبارك فى قنوات الإخوان.. ويدعو الآن لعكس ما روج له قبل 7 سنوات

فى السياسة ليس من الحصافة أن تغلق الباب خلفك، لا مجال للأحكام النهائية ولا وجاهة فى ادعاء امتلاك اليقين، عليك دائمًا أن تترك مساحة للمناورة، وأن تُبقى خطوط الرجعة مفتوحة، إذ ربما تضطر لسلوكها بعدما يثبت لك خطأ التقدير أو تجد نفسك فى الدائرة التى حاولت إغلاقها حول خصومك. وفى الحياة بوجه عام يتعين عليك أن تكون عاقلا وموضوعيا ومنضبطا بالمنطق، وحدّ ذلك الأدنى ألا تسقط فى فخ التناقض، وألا يكون قانونك متلونا وحمال أوجه، يحركه الهوى ليطلق أحكاما متضادة فى وقائع متطابقة.. باختصار إذا ركبت قطارا إلى البدرشين أو أسيوط مثلا، فلا تنتظر أن تنتهى رحلتك أو تحقق غرضك فى «محطة مصر».
 

 
 
يُؤمن رجال السياسة بنسبية الأمور، وبأن لكل حادث حديثا، ووراء كل واقعة مسؤولا مباشرا يجب أن يتحمل مسؤوليته، والأهم أن المواقف المتشابهة تُدار بآلية واحدة، حرصا على المنطق وضمانا للموضوعية والاتساق. والفارق الجوهرى بين الساسة والإرهابيين، أن الأخيرين يذهبون دائما إلى المدى الأقصى، حتى لو اتخذوا فى كل مرة موقفا مناقضا تماما لسوابقه، فيُعبئون بنادقهم بالرصاص أو آيات القرآن أو الأحكام اليقينية المطلقة، ثم يُطلقون زخات عشوائية فى كل اتجاه، فلا يجد خصومهم مفرا إلا فى مسلكين: إما التسليم لهم بما أرادوا على تناقضه وفساد منطقه، أو الانسحاق ومغادرة المشهد تحت ضغط قذائفهم.. هكذا تعمل الذهنية المتطرفة، وتتصور أن الوصول بالأمور إلى مفترق الطرق ضمانة لإصابة الغاية، ولو كانت مشبوهة أو معتلة أو فاسدة، وفى هذا تراهن على احتشاد الموالين والأشياع ممن يغريهم الصدام ويفتتنون بتطاير الشرر، ولا يلحظ الجميع أن مصارع الأفكار والمواقف فى ثغراتها الداخلية، وفيما يملأ جسدها من شقوق وشروخ، لا تصمد بالضرورة أمام أى بحث عميق أو مُساءلة واعية!
 

 
 
وفق الطريقة السابقة تعمل كل التيارات والجماعات الراديكالية، خصوصا الأصولية الدينية منها. ويمكن أن تلحظ تلك التناقضات فى بناء جماعة الإخوان وهندستها الفكرية، وتصادمات أفكارها المعلنة مع تحركاتها العملية. فمنذ نشأتها فى العام 1928 اعتمد مؤسسها حسن البنا صيغة شمولية لمجال عملها، قائلا إنها «جماعة روحية، وعقيدة سلفية، وحقيقة صوفية، وشركة تجارية، وهيئة سياسية، وحركة كشفية، وفرقة رياضية...».. لكنه فى الحقيقة لم يكن أيا من تلك الأوصاف، فالجماعة التى ادعت الانحياز للدين والوطن، اتصلت بالمخابرات البريطانية وجيش الاحتلال، وحصلت على معونات ومساعدات مالية منهما ومن شركة قناة السويس. قالت إنها جماعة روحية لكنها سارت فى طريق المصلحة حتى غلبتها المادة، قالت إنها عقيدة سلفية.. لكنها عادت السلفيين واخترعت عقيدة مزجا بين السنة والتشيع، وبين خطاب القيمة وانتهازية الممارسة، وقالت إنها هيئة سياسية لكنها حملت السلاح ونفذت الاغتيالات وأعمال الإرهاب ردًا على فشل مؤسسها فى الانتخابات، وعلى اتساع دائرة تعريفها لنفسها، لم تخلص إلا لكونها «شركة تجارية» تحركها حسابات المكسب والخسارة، حتى لو غشّت ودلّست ووضعت يدها فى جيوب زبائنها بدون حق، وما زالت حتى اللحظة الراهنة تُدار بذلك الإرث الذى كرّس له المؤسس، وزرعه فى طينتها السوداء، حتى لو أثمر تناقضا فى المواقف وفرحا بالمصائب وشماتة فى الموت!
 

ـ الإخوان وحادث محطة مصر

منذ الدقائق الأولى التالية لحادث اصطدام جرار قطار بالمصد الخرسانى لأحد أرصفة محطة مصر، صباح الأربعاء الماضى، نشطت آلة الإخوان الدعائية للتعامل مع الواقعة بالمنطق الإرهابى سالف الذكر. لم تتوقف أمام الأمور الملحة والعاجلة، لمتابعة تطورات الحادث وأعداد الضحايا وحالات المصابين وما توفر لهم من رعاية، وإنما انشغلت بالبعد السياسى فى محاولة لتطويع الحادث لرؤاها ومواقفها من الدولة ومؤسساتها، ومحاولة الزج به كأداة حشد وتوجيه فى معادلة الصراع التى تحرك الجماعة فى خصومتها المفتوحة مع النظام منذ ست سنوات، وسعيًا إلى تكريس ذلك المنطق والوصول به إلى المدى الأقصى، بدأت تداول صور ومقاطع فيديو، تقطع كل المعايير الإعلامية والإنسانية بعدم جواز تداولها؛ لما تتضمنه من انتهاك مباشر للضوابط الأخلاقية وحقوق الضحايا والمصابين، ثم ألحقت بها صورًا لمصابين فى عمليات قصف سابقة لقطاع غزة، ومواد أرشيفية لتظاهرات شهدها ميدان التحرير، مع تغذية مسار من التأويلات والاستنتاجات والمعلومات المغلوطة، المستبقة لمسارات الفحص والتحقيق الطبيعية، وصولًا إلى إدانة الحكومة والنظام، فى عملية كيد سياسى كاملة الأركان، لم تُراع الظرف الإنسانى، ولم تُشفق على الضحايا أو توقر جلال المصاب، ولم تتوقف عن الرقص فوق الجثث احترامًا للوطن ودموع الناس.
 
أنتجت ماكينات الدعاية الإخوانية حكاية مغلقة عن الحادث، ثم وظفت كتائبها الإلكترونية لترويجها والتكريس لها، حتى تسيدت مواقع التواصل الاجتماعى، ودشنت جدارًا عاليًا فى وجه كل المحاولات العاقلة للبحث والفهم، وبالفعل نجحت فى ضمان الردع الاستباقى لمن يأخذون موقفا من تلك الرواية. أصبح أحاد الناس ممن يقفون للتثبت، وينقلون المعلومات المدققة والبيانات الرسمية، متهمين بالتعتيم على الحادث ومساندة النظام، لا لشىء إلا أن الجماعة وظفت المنطق الإرهابى الذاهب إلى المدى الأقصى فى معالجة الأمر، واستغلت سيولة الإعلام الاجتماعى واندفاع مستخدمى منصاته فى خلق تصور زائف عن الحدث، وتمكينه من عقول المتابعين عبر ترويجه على نطاق واسع، لتنتقل من تلك النقطة إلى إدانة الحكومة والقيادة السياسية، ليتحول ضحايا الحادث وحقوقهم إلى أداة للمناورة، لا غاية إنسانية وقيمية. مع تجاهل كامل للتحركات الرسمية سريعة الإيقاع، وبطبيعة الحال تجاهل خطاب الجماعة نفسها، وحركات مسؤوليها، فى الوقائع الشبيهة إبان سيطرتها على الحكم ومفاصل الدولة.
 
بين منتصف 2012 ومنتصف 2013 كانت جماعة الإخوان تحتل قمة هرم السلطة فى مصر، وخلال تلك الفترة شهدت البلاد عديدًا من الحوادث والمشكلات والأزمات فى قطاعات الصحة والكهرباء والطاقة والتموين والنقل والسكك الحديدية، لكنها كانت تحاول دائمًا الهروب من مسؤولياتها، إما بتعليق الأزمة فى رقاب أطراف خفية، مثل فودة و«عاشور بتاع سكينة الكهرباء» الذى تحدث عنه المعزول محمد مرسى فى أحد خطاباته، أو إلقاء اللوم على مراحل سياسية وتنفيذية سابقة، ومحاولة الظهور فى صورة الضحية بدلًا من تحمل المسؤولية المعنوية فى حدها الأدنى، المتصل بالإهمال وسوء الإدارة.. كان الموقف الأكثر حضورًا فى تلك النقطة إدانة الجماعة وحزبها «الحرية والعدالة» وممثليها فى الحكومة والسلطة التنفيذية، للنظام السابق ورئيسه حسنى مبارك.
 

ـ الانقلاب على «مبارك»

لم يُعرف عن الإخوان طوال تاريخ الجماعة أن لهم موقف من السلطة. فى أربعينيات القرن الماضى فاز الوفد بالأغلبية البرلمانية فى أحد الانتخابات، فكتبت صحيفته فى صدر صفحتها الأولى «الشعب مع الوفد»، لترد صحيفة الإخوان المسلمين فى اليوم التالى بعنوان «الله مع الملك». وإلى جانب ما تكشفه حرب الصحف عن طبيعة الجماعة وولاءاتها، كان حسن البنا وثيق الصلة بالضابط يوسف رشاد، طبيب الملك فاروق ومؤسس «الحرس الحديدى» الذى اضطلع بمهمة مواجهة خصومه وتصفيتهم، وعرض «البنا» على الطبيب الشاب دعم مجموعته بالرجال والأفكار، طالبًا اعتبار الإخوان من حاشية الملك وخدمه المخلصين. وفى علاقتهم بثورة يوليو كانوا وثيقى الصلة باللواء محمد نجيب، ودعموا الضباط الأحرار طمعًا فى مقاسمتهم السلطة، ولم ينقلبوا على جمال عبدالناصر إلا بعدما أخذ موقفًا من محاولات سيطرتهم على الإدارة الجديدة، لكنهم تحالفوا لاحقًا مع السادات وتولوا مواجهة وتصفية مجموعات الناصريين والشيوعيين فى الجامعات، فى صفقة جمعت الرئيس الراحل بمرشدهم عمر التلمسانى، وأسفرت عن خروجهم من السجون وتحسين وضعيتهم السياسية ومنحهم امتيازات مالية وتجارية.
 
لم تختلف الأمور طوال حكم مبارك عما كانت عليه فى عهد السادات. ظلت الجماعة على اتصال وثيق بالسلطة ورجال النظام، وجمعهم اتفاق ضمنى بأن تُخلى الجماعة الساحة السياسية وتتخلى عن المنافسة والصدام، مقابل إخلاء المساجد والملاعب الرياضية ومراكز الشباب لهم، ومنحهم عددًا متفقًا عليه من المقاعد فى المجالس النيابية، وظلت الصفقة قائمة طوال ثلاثين سنة قضاها مبارك فى السلطة، انتهت بثورة لم تكن الجماعة واحدة من مكوناتها الأساسية، فبحسب مصادر بأحد التكتلات السياسية قبل ثورة يناير، حضر القياديان الإخوانيان محمد البلتاجى وعصام العريان اجتماعا تنسيقيا بين القوى السياسية الأعضاء بالتكتل قبل تظاهرات 25 يناير 2011 بيوم واحد، لكنهما غادرا سريعا بعدما اختلفا على طبيعة المظاهرات وشعاراتها، رافضين الهتاف ضد «مبارك» أو المطالبة بسقوطه. سبقت ذلك بعدة شهور تصريحات لمرشد الجماعة محمد بديع، قال فيها «مبارك أب لكل المصريين ولا مانع لدى الجماعة فى ترشحه لفترة سادسة ولا نمانع فى ترشح جمال مبارك للرئاسة».
 
الصورة القدسية التى حافظت عليها الجماعة لمبارك طوال 30 سنة، انقلبت رأسا على عقب بعدما أطاحت الثورة المفاجئة بالرئيس السابق، فنشطت ماكينات الإخوان فى انتقاده وإلصاق كل نقيصة به، بعدما كانت الجماعة تسبّح بحمده وتُقدّس له، وكانت ذروة الانقلاب المستهين بالعقول والذاكرة ما قاله محمد سعد الكتاتنى، رئيس حزب الحرية والعدالة «الذراع السياسية للجماعة» ورئيس مجلس الشعب الذى سيطر عليه الإخوان، عقب أحد حوادث القطارات العديدة فى فترة حكم المعزول مرسى: «تكرار حوادث القطارات المفجعة دليل على انهيار شبه كامل للبنية التحتية جراء سنوات الفساد فى حكم مبارك»

ـ 9 حوادث فى 7 شهور إخوان

تبرير الكتاتنى السابق لم يكن موقفا حقيقيا من الجماعة، وإلا كانت اعتمدته طوال الوقت، فالحقيقة أن مضمون جملته صحيح تماما، لكن هدفها مشبوه بالجملة، فالوجه السياسى الثانى فى الإخوان بعد «مرسى» لم يكن يتحدث من حيث كونه يقر واقعا، وإنما كان يغسل يد الجماعة حتى من مجرد الإقرار بقدر من الإهمال وسوء الإدارة، والدليل أن الماكينات التى روجت جملته واعتمدتها تبريرا للحوادث وقتها، هى نفسها التى تنفى تلك الحقيقة الآن، رغم أنها مضغت تلك العبارة عدة مرات فى بضعة شهور.
 
تولى «مرسى» السلطة فى 30 يونيو 2012، وبعد انقضاء الأسبوعين الأولين بقليل وقع أول حادث قطار فى ولايته، وبعيدا عن صعوبة الوقوف على حجم المشكلات والأزمات التى وقعت خلال سنة واحدة قضاها فى قصر الاتحادية، لكثرتها وتنوعها، يمكن رصد 9 حوادث قطارات أودت بحياة أكثر من 123 مواطنا، إضافة إلى مئات المصابين، وذلك فى الشهور السبعة الأولى فقط من حكمه.
 
ففى 17 يوليو 2012 استُشهد 15 مواطنا فى اصطدام وقع بمحطة البدرشين بين القطار الإسبانى رقم 990 المتجه من القاهرة إلى سوهاج وقطار الفيوم رقم 162، وبعد 14 أسبوعا تقريبا صدم القطار 14 القادم من الإسكندرية سيارة نقل بين مدينتى طوخ وقليوب ما أسفر عن استشهاد 10 مواطنين، تبعه بعد عدة أسابيع استشهاد 14 مواطنا صدمهم قطار منوف القاهرة فى أثناء عبورهم المزلقان، وفى 10 أكتوبر من العام نفسه استُشهد شخصان بعدما صدم القطار 534 سيارتهما عند مزلقان «ميت حلفا»، وبعدها بعشرة أيام سقط عشرات الركاب أسفل عجلات قطار شبين القناطر رقم 974 إثر توقفه المفاجئ ليُستشهد 6 منهم، وفى 10 نوفمبر اصطدم قطارا «الإسكندرية الفيوم» و«الفيوم القاهرة» مُخلّفَين 4 شهداء، وكانت الفاجعة الأكبر فى 17 نوفمبر باستشهاد 51 طفلا بين 6 و9 سنوات بعدما صدم قطار أسيوط حافلة تابعة لمعهد «نور الإسلام الأزهرى» عند مزلقان منفلوط، وفى 15 يناير 2013 استُشهد 18 مواطنا فى انقلاب قطار بالبدرشين، تبعه بعد يومين فقط اصطدام قطار بسيارة أجرة على مزلقان أرض اللواء بالجيزة، ما خلّف وراءه 4 شهداء.

ـ حوادث واحدة ومواقف متناقضة

فى مقابل كل تلك الحوادث وضحاياها، رفضت جماعة الإخوان، وحزبها، ونوابها فى البرلمان، ومنصاتها الإعلامية، تحميل «مرسى» والحكومة أية مسؤولية، أو حتى تحمل جانب من المسؤولية السياسية، فقال الكتاتنى: «الحوادث جرس إنذار لنا جميعا بضرورة تجاوز الخلافات السياسية، والتعاون لإعادة بناء مصر، فلم يعد لدينا وقت لنضيعه»، متابعا فى تصريحات أخرى أن «الرئيس مرسى يبذل مجهود كبيرا لمواجهة الفساد الذى تعانى منه الدولة فى كل مرافقها»، وقال عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، إن الحكومة غير مسؤولة عن تلك الحوادث والمطالبة بإقالتها تزيد ومزايدة مرفوضة، وذهب الداعية المولى للجماعة صفوت حجازى إلى حيز أبعد بالقول لقناة الإخوان: «الحادث لا يستحق كل هذا الاهتمام الإعلامى، والرئيس مرسى يستحق التكريم لتحمله كل هذه السخافات، وأدعو للنزول تكريما للرئيس على إنجازاته»، ورد عبدالرحمن نجل القيادة الروحية للجماعة يوسف القرضاوى الأمر إلى نظام مبارك، قائلا: «مصر فى حاجة إلى تنظيم من أول وجديد، فكل مرافق الجمهورية فى حالة انهيار منذ 30 عاما، كما أن ميزانيتها بها عجز دائم منذ ذلك التاريخ».
 
صفحة الحرية والعدالة على «فيس بوك» ردت فى 17 نوفمبر بإعداد تقرير يرصد حوادث القطارات بين عامى 1992 وبدايات 2012، متجاهلة أغلب الحوادث التى وقعت خلال حكم» مرسى» بينما زورت عدد الضحايا فى حادث أتوبيس أطفال أسيوط مدعية أنهم 35 شهيدا بدلا من 51، وقالت أمانة الحزب فى محافظة السويس، إن تلك الحوادث يعيد للأذهان جرائم مبارك طوال 30 سنة من الفساد والإفساد والإهمال والفوضى فى كل مرافق الدولة، وتلك هى الثمار المُرة للشجرة الخبيثة التى زرعها، مطالبا «مرسى» بحملة تطهير سريعة لأذناب النظام السابق فى كل مرافق الدولة، واستخدام السلطة التشريعية المخولة له لوضع حزمة قوانين لمواجهة المفسدين فى الأرض، ومحاسبة رئيس هيئة السكك الحديدية المقال والرئيس السابق له وصولا إلى أصغر عامل، بدون أى ذكر للحكومة أو وزير النقل، وفى المسار نفسه اعتبر مراد على، المستشار الإعلامى لحزب الحرية والعدالة، حوادث القطارات إرثا لفساد مبارك طوال 30 سنة، وأن «خطوات إصلاح البلد تسير ببطء بسبب صراعات وتناحر القوى السياسية، ونحن فى حاجة للتركيز ولمّ الشمل.. البلد فى حالة انهيار للبنية التحتية، وبدلا من الصراع السياسى يجب العمل على الأرض، وترك التناحر والصراعات».
 
على امتداد عدة حوادث وقعت فى الشهور الأولى لحكم مرسى رفض الإخوان تحميله المسؤولية هو أو الحكومة، بل رفضوا حتى الحديث عن إقالة وزير النقل. وقتها شاعت فى صحيفة الحرية والعدالة وموقع إسلام أون لاين وقناة مصر 25 وفى برنامج هانى صلاح الدين وعلى لسان معتز مطر الذى ترك حديثا خدمة أحد رجال الحزب الوطنى للالتحاق بخدمة الإخوان، أن تحميل المسؤولية للرئيس والحكومة ووزير النقل مزايدة سياسية، وأن «مرسى لا يقود القطارات»، المحامى الإخوانى صبحى صالح رفض محاسبة الإخوان أو مرسى وحكومته، قائلا إن «المسؤولية تقع على مسؤولى الصيانة فى وزارة النقل وليس الوزير، حاسبوا مبارك ونظامه، لأن كل هذا نتائج طبيعة لفساده وليست وليدة عهد مرسى». وذهب محمد صادق الشربينى، رئيس لجنة النقل فى مجلس الشورى الذى سيطرت عليه الجماعة وترأسه صهر مرسى، إلى أن «الحكومة غير مسؤولة، والمطالب الشعبية بإقالة الوزير مزايدة لا داعى لها، وتعبير عن حالة شعبية تجهل آليات العمل السياسى»، لكنهم هللوا جميعا فى وقت لاحق لاستقالة وزير النقل رشاد المتينى بعد 4 حوادث أودت بحياة العشرات، وقال مراد على إنها تعبير عن الديمقراطية ومصر الجديدة، ورحب الحزب بالقرار باعتبار الوزير «مسؤولا سياسيا عن الحادث، والاستقالة تقليد ديمقراطى افتُقد فى السابق» ورأى العريان أن «المسؤولية المرتبطة بزمن الديمقراطية هى التى أجبرت الوزير على الاستقالة».

ـ إرهاب بالقانون والأكاذيب

الترحيب باستقالة المتينى التى احتاجت 4 حوادث كبرى وضغطا عظيما من الرأى العام، قابله تشكيك فى استقالة هشام عرفات التى جاءت بعد ساعة تقريبا من الحادث، ومقابل تهاون هشام قنديل فى التعامل مع الحوادث وزيارة موقعى حادثتين فقط من إجمالى 9، إلى حد أن محافظ أسيوط ومدير الأمن ووكيل التربية والتعليم بالمحافظة قالوا إنه لم يتواصل هو أو «مرسى» معهم بخصوص حادث أتوبيس الأطفال إلا بعد ساعات من وقوع الاصطدام وجمع الجثث والأشلاء، أصبح مصطفى مدبولى الذى زار محطة مصر بعد دقائق من الحادث هدفا لمنصات الجماعة وكتائبها الإلكترونية، وحتى معتز مطر الذى دافع عن مرسى وقنديل فى قناة الإخوان سابقا، وقف على الضفة المقابلة محاولا توظيف الحادث لغرض سياسى يخدم أجندة الجماعة التى التحق بخدمتها متأخرا، ويستميت فى إثبات ولائه لها بكل الصور، وامتد تناقض الجماعة إلى تغيير النائب العام فى 2012 لضمان خنق المسار القانونى، واستخدام نائبهم الجديد طلعت عبدالله فى وأد كل التحركات القانونية ضد الجماعة، ومنها البلاغ 4188 لسنة 2012 الذى اختصم مرسى وهشام قنديل ورشاد المتينى، ليحصروا الموضوع فى عمال المزلقانات والتحويلات، والآن يرون أن المسار القانونى الذى ارتضوه واعتمدوه لمواجهة الفساد والإهمال يجب أن يتسع، فقط لأنهم ليسوا فى السلطة.
 
لا يمكن لعاقل إنكار فداحة ومأساوية حادث محطة مصر، لكن لا يمكن لواع أن يوافق على توظيفه فى عملية كيد مفتوحة تمارسها جماعة الإخوان الإرهابية ضد الدولة والنظام السياسى، لأن ذلك من شأنه تقويض جهود العدالة ومحاولات إصلاح ما يعترى المنظومة من خلل، والأهم أنه إذا كانت الجماعة خاضت رحلة أكثر سوادا وامتلاء بالمشكلات، وعلقت الأمر فى رقبة مبارك وميراث الفساد الطويل، فليس منطقيا الآن أن تسن قانونا جديدا يرضى تطلعاتها، ويتاجر بمواجعنا، وأن تضغط معنويا لتسييد رؤيتها وردع من يخالفونها، لأن هذا المسلك ليس من السياسة أو الرشد، وإنما هو إرهاب معنوى يكمل حلقات إرهابها المادى المتصل فى حق هؤلاء الضحايا الذين تتاجر بهم الآن.
 

 






مشاركة



الموضوعات المتعلقة


لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة