كريم عبد السلام

إسلاموفوبيا (1)

الإثنين، 18 مارس 2019 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الباحث والمؤرخ والسياسى البريطانى الصهيونى، برنارد لويس، عاش أكثر من مائة عام، كانت كافية ليشهد مخططاته وأفكاره السامة ضد المسلمين والعرب، تتحول إلى أطر فكرية مهيمنة على الإدارات المتتابعة فى الدول الغربية الكبرى، وبرامج تطبيقية يتم تنفيذها حرفيا فى منطقة الشرق الأوسط الكبير الممتد من أفغانستان شرقا وحافة المحيط الهندى حتى موريتانيا غربا على المحيط الأطلسى.
 
الرجل منذ الستينيات من القرن الماضى وهو يعكف على وضع الأطر الفكرية والسياسية التى يجب أن يتعامل بها الغرب الاستعمارى  مع المسلمين والإسلام بمنطقة الشرق الأوسط، وأول هذه الأطر الفكرية « شيطنة الإسلام» واعتباره الخطر الأكبر على الحضارة والمدنية الغربية، والترويج لمفهوم صراع الحضارات بدلا من مفهوم التعايش السلمى، ووضع الدول الغربية فى معسكر الحضارة، والمسلمين فى معسكر مضاد باعتباره خطرا على العالم، مؤكدا أن الصراع بين المعسكرين لابد وأن ينتهى بالقضاء على أحدهما.
 
وكانت أطروحته الصغيرة المعنونة بـ«جذور الغضب الإسلامى» هى أساس كتاب صامويل هانتنجتون المعروف بـ«صراع الحضارات» والذى أصبح إنجيل الغرب الذى يوصى باستبدال الإسلام بالشيوعية أو الخطر الأخضر بالخطر الأحمر، وحتى تتحقق أفكار برنارد لويس وتلامذته، كان لابد أن تظهر تلك الكيانات الهلامية المتطرفة التى تتميز بالوحشية وتنتسب زورًا إلى الإسلام مثل تنظيمات القاعدة وداعش وجبهة النصرة وفجر الإسلام والفصائل المسلحة للإخوان، وكلها تنظيمات تقدم الصورة الذهنية المراد رسمها وتنميطها فى العالم كله عن الإسلام، باعتباره الخطر الجديد الذى لابد من مواجهته، كما تمنح الحكومات الأمريكية والغربية المتتابعة غطاءً أخلاقيا براقا ليس فقط للتدخل فى البلاد الإسلامية ومن ضمنها طبعا الشرق الأوسط كله، بل منحها غطاءً لقتل المسلمين والعرب دون حدود.
 
برنارد لويس هو الأب والمؤسس للإسلاموفوبيا، لأنه أول من اعتبر ونظر وروج ومنهج الصدام بين الإسلام والحداثة وبين الغرب والعالم الإسلامى، وكأنه أمر حتمى قدرى لا سبيل للفكاك منه أو تجاوزه، وكتبه على سبيل المثال «العرب فى التاريخ» و«الصدام بين الإسلام والحداثة فى الشرق الأوسط» و«الإرهاب غير المقدس» و«أزمة الإسلام» منحت المخابرات الأمريكية حدودا واسعة لتصميم جماعات إرهابية شديدة التطرف لتشويه صورة الإسلام من السماحة إلى التطرف.
 
عشرات الجماعات المتطرفة ظهرت فى باكستان وأفغانستان ومصر وسوريا والعراق وليبيا واليمن والخليج، لتتصدر صورة العنف والقتل والدم المراق والإعدامات البشعة للأبرياء صورة الإسلام بدلا من الصورة القديمة السمحة التى فتح بها التجار البلاد الوثنية بدون سلاح، وامتلك الساسة الغربيون تفويضًا على بياض لغزو ما يريدون من البلاد العربية والإسلامية وضرب أى مكان فى العالم بزعم مواجهة الإرهاب الإسلامى!
 
كما روج برنارد لويس، ومن بعده صامويل هانتنجتون، لتلك النظرة الاستعمارية الاستعلائية التى ترى  بلدان الشرق الأوسط مجتمعات غير متماسكة وخليطا من الطوائف والأعراق، وأن المصلحة الغربية تتحقق من خلال دعم وتأييد الطوائف والطائفية وتأجيج الصراع بينها على اعتبار أن المنطقة لم تستقر بعد، وأن حدودها ومسمياتها ومجتمعاتها ودولها يمكن إعادة النظر بشأنها وإعادة رسم الخرائط الجغرافية والبشرية ومسميات الدول من جديد، وكذا القضاء على أى عوامل يمكن من خلالها تحقق الوحدة العربية اقتصاديا أو جغرافيا أو سياسيا.
 
وأمام تفعيل البرامج المنبثقة من أفكار ونظريات برنارد لويس، وظهور الجماعات والتنظيمات الإرهابية شديدة الخطورة المنتسبة للإسلام، كان لابد للوباء أن ينتشر فى مناطق لم تكن فى الحسبان، فظهرت الأحزاب اليمينية المتطرفة فى أوروبا والغرب، كما عادت للظهور الحركات السرية المتطرفة التى تعادى الأجانب وتكره الغرباء المختلفين وفى مقدمتهم المسلمون، وتطالب بقتلهم أو طردهم من البلدان الغربية، ولم يكن حادث مسجدى نيوزيلندا الأول، ولن يكون الأخير، طالما استمرت الأنظمة الغربية الاستعمارية تستخدم الجماعات الإرهابية أداة سياسية للسيطرة والغزو واستنزاف الدول الإسلامية الغنية.. وللحديث بقية.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة