مرصد الأزهر: خطاب الكراهية ضد الإسلام وراء الهجمات على المساجد فى نيوزيلندا

السبت، 16 مارس 2019 11:13 ص
مرصد الأزهر: خطاب الكراهية ضد الإسلام وراء الهجمات على المساجد فى نيوزيلندا حادث نيوزيلندا
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أصدر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف تقريرًا عن الهجوم الإرهابى الذى وقع فى مسجدين بنيوزيلندا اليوم وأسفر عن استشهاد نحو 49 شخصا وإصابة العشرات.

وذكر المرصد فى تقريره أن العالم استيقظ اليوم على جريمة نكراء، ترفضها الأديان السماوية والأعراف الإنسانية، ويتبرأ من شناعتها العقلاء، إذ إن منفذيها استهدفوا بيتًا من بيوت الله ولم يراعوا حرمة الدماء وحرم دور العبادة، فازدادت الجريمة قبحًا على قبح، واكتسب فاعلها جرمًا على جرم، حيث لم يأبه بحرمة إنسان أو بقدسية مكان، وأن أحداث نيوزيلندا اليوم تؤكد أن المسلمين يقعون ضحايا لخطاب الكراهية ضد الإسلام وظاهرة "الإسلاموفوبيا" المقيتة

وأضاف مرصد الأزهر أنّه تابع ما قام به إرهابيون من "اليمين المتطرف" فى نيوزيلندا، من ارتكاب جريمة إرهابية بشعة بحق المصلين فى مسجدين مختلفين بمنطقة كرايست تشرش فى نيوزيلندا خلال صلاة الجمعة.

وأكد شهود العيان أن أحد المسلحين الذى يبلغ من العمر 28 عامًا، قد استخدم بندقيَّتين أحدهما نصف آلية "من ست بنادق فى سيارته"، وكتب عليهما أسماء أشخاص نفذوا هجمات مماثلة، وكأنَّه يعلن أنه يسير على درب هؤلاء القتلة.

وذكرت سلطات نيوزيلندا أن منفذ الهجوم نشر على موقع تويتر 87 منشورًا يفيد فيها اعتزامه القيام بهجوم إرهابى. وأشار فى أحد منشوراته أنه يستلهم هجمات القتل الجماعى من مثل عمليات "أندرز برايفيك" الذى قتل 77 شخصًا فى "أوسلو" بالنرويج عام 2011. وأطلق الإرهابى على معتنقى الإسلام الجدد "خائنى الدَّم"، أى الدم النيوزيلندى.

وأكدت السلطات أن الإرهابى ذكر على صفحته على تويتر أنه كان ينوى تنفيذ مثل هذا الهجوم منذ سنتين، وأنه بدأ بالتخطيط للهجوم منذ 3 أشهر ليقلل من أعداد المهاجرين بالنسبة للأوروبيين. وأشار أنه نفذ الهجوم انتقامًا لمقتل إحدى الفتيات السويديات "إبا أكيرلوند" فى هجوم إرهابى عام 2017. وأن الهجوم "انتقامٌ من المسلمين الذين استعبدوا ملايين الأوروبيين، وانتقامًا لآلاف الأوروبيين الذين زُهقت أرواحهم على أرض أوروبا بأيد المسلمين". حسب زعمه.

وأكّد مرصد الأزهر أن هذا الإرهابى قد تجرد من كل معانى الإنسانية وارتكب هذه الجريمة النكراء، وقام بتصوير بث مباشر لتلك الجريمة البشعة من خلال تثبيت كاميرا على رأسه، ويبين المقطع أن الإرهابى أعاد شحن بندقيته عدة مرات، ووقف على أجساد الضحايا وأطلق النار عليهم مرارًا، وفى الرأس ليتأكد من مفارقتهم للحياة

وفى إطار متابعته للحادث الأليم، طرح مرصد الأزهر تساؤلًا إلى عقلاءَ العالم، وأصحابَ الثقافة والحضارة، ودعاةَ المدنية والتقدم، وغيرَهم من أصحاب الفكر: إلى متى يظل المسلمون هم ضحايا العمليات الإرهابية دون نكير من أحد؟ وإلى متى يُحبس الإسلام فى قفص الاتهام، وعند كل حادثة صغرت أو كبرت تُلصق به تهم القتل والإرهاب؟ ولكن عندما يكون المسلمون هم الضحايا لا يتكلم أحد؟

وحذر مرصد الأزهر من النظرة الازدواجية والكيل بمكيالين فى التعامل مع مثل هذه الأعمال الإرهابية، حيث تكال الاتهامات للإسلام والمسلمين بمجرد أن يكون هناك شك أو احتمال بأنَّ منفذ الهجوم مسلم قد خرج عن تعاليم هذا الدين السمح، فى حين نجد صمتًا غير مبرر عندما يتبين للجميع أن منفذ الهجوم ينتمى إلى دين آخر غير الإسلام، أو نرى الحادث الإرهابى يوصف بـ"إطلاق نار" وليس الإرهابى.

وحمّل المرصد وسائل الإعلام الغربية مسئولية كبيرة عن مثل هذا الحدث الإرهابى، نظرًا لما تبثه العديد من تلك الوسائل من خطاب كراهية نحو المسلمين، فمثل هذه المعالجات الخاطئة تمهد لوقوع جرائم إرهابية مثل حدث نيوزيلندا، حيث أن أثر تلك المعالجات يبقى له أثر فى نفوس المتربصين بالإسلام والمتطرفين، ويدعم انتشار ظاهرة "الإسلاموفوبيا" المقيتة.

وشدد مرصد الأزهر أن الإسلام حرَّم الاعتداء على النفس البشرية بغض النظر عن دينها أو فكرها أو لغتها. ويدعو المرصد كل الجهات المعنيّة بحقوق الإنسان وغيرها من المنظمات الحقوقية، ألا يمرَّ عليهم هذا الحادث مرور الكرام، بل لابد من الأخذ على يد القاتل المعتدي؛ ليكون عبرة لغيره ممن تسول لهم أنفسهم العبث بأرواح الآمنين ومقدّساتهم.

وتابع المرصد بيان البرلمانى النيوزيلندى السيناتور "فريزر آنينغ" يصف فيها المسلمين بـ"الجناة" وليس"الضحايا"، ورغم إدانته لكل "أشكال العنف" إلا أن السيناتور أعرب عن تخوفه من الوجود الإسلامى فى أستراليا ونيوزيلندا، وبرر الجريمة الشنعاء بأنَّ "أولئك الذين يتبعون نهج العنف يجدر بهم ألا يندهشوا حين يكون الجزاء من جنس العمل"، مما يعبر عن خلط واضح عنده بين المسلمين المعتدلين وبين ما تقوم به التنظيمات المتطرفة مثل "داعش" وأخواتها

وأفاد مستشار السيناتور النيوزيلاندى بأنه لم تمض دقائق معدودة حتى امتلأت صفحات التواصل بردود الفعل الغاضبة على البيان، ومن بين الشخصيات التى أدانت البيان، رئيس الوزراء الأسترالى، سكوت موريسون، الذى أكد أن لوم المقتول لا القتيل "يبعث على الاشمئزاز" وأن مثل هذه الآراء لا وجود لها تحت سماء أستراليا، بالإضافة لإدانة بعض الكتاب السياسيين من أمثال الصحفى كيران جيلبيرت والبريطانى بييرز مورجان

وشدد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف فى تقريره على ضرورة النظر بعين الاعتبار إلى جرائم الكراهية ضد المسلمين، وأن تحذو كافة الدول حذو مثيلاتها فى تغليظ العقوبة وتكثيف برامج التأهيل للمتطرفين على اختلاف توجهاتهم، والمتشددين واليمينيين المتطرفين.

وأشار إلى أن هجوم اليوم دليل على وجوب التفرقة بين الأديان وسماحتها وما تدعو إليه وبين بعض المنتسبين إليها، حيث أن الإسلام تعرض لظلم كبير طيلة السنوات الماضية بسبب أن بعض المنتمين إليه خالفوا تعاليمه، واليوم نرى شخص مسيحى يخالف تعاليم سيدنا عيسى عليه السلام ويقتل الأبرياء بدون ذنب، لكننا لا يمكن أن نصف الدين أبدا بالإرهاب لأن الأديان كلها بريئة من الإرهاب ومن أفعال الذى خرجوا على تعاليمها.

وتساءل المرصد: هل ستكشف التحقيقات كيف أن أربعة أفراد فقط استطاعوا أن يخططوا وينفذوا جريمة بهذا الحجم فى وضح النهار، وأن يدخلوا أحد المساجد ليقتلوا من فيه ثم إلى مسجد آخر لارتكاب الجرام ذاته! ولماذا طغى خطاب العنف والكراهية على الخطاب المعتدل؟!

وشدد المرصد على أنّه قد آن الأوان لدول العالم أجمع أن تضع حدودًا رادعة لأى خطاب كراهية يحض على أى عنف أو مساس بالآخر. كما يحذر المرصد من استغلال الجماعات الإرهابية لمثل هذه الأحداث الإرهابية لبدء مرحلة جديدة من العنف لتبرر بها ما تقوم به من وحشية، بعد ما انفضح تبريرها من خلال استخدامها الخاطئ للنصوص الدينية واجتزائها من سياقاتها.

وفى ختام تقريره، نوَّه مرصد الأزهر إلى ما تضمنته وثيقة الأخوة الإنسانية من ضرورة "التحلِّى بالأخلاقِ والتَّمسُّكِ بالتعاليمِ الدِّينيَّةِ القَوِيمةِ لمُواجَهةِ النَّزعاتِ الفرديَّةِ والأنانيَّةِ والصِّدامِيَّةِ، والتَّطرُّفِ والتعصُّبِ الأعمى بكُلِّ أشكالِه وصُوَرِه"، لتجنب كافة مظاهر العنف الذى تجلّى فى حادث اليوم فى أسوأ مظاهرها.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة