"الشيشة من حق الزوجة".. فقهاء اعتبروا "الدخان" جزءا من نفقة المطلقة وعلماء يعتبرونه تراثا شاذا.. خالد الجندى: تصور لعصر سابق تخيل أن التبغ يفيد غذائيا.. وأزهرى: رأى فردى.. أمين الفتوى: حلله الفقهاء للتسلية

الأربعاء، 13 مارس 2019 12:00 م
"الشيشة من حق الزوجة".. فقهاء اعتبروا "الدخان" جزءا من نفقة المطلقة وعلماء يعتبرونه تراثا شاذا.. خالد الجندى: تصور لعصر سابق تخيل أن التبغ يفيد غذائيا.. وأزهرى: رأى فردى.. أمين الفتوى: حلله الفقهاء للتسلية سيدات يدخن الشيشة
كتب - إسماعيل رفعت

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"الشيشة من حق الزوجة"..هذا ليس اسم لفيلم مثل فيلم "الشقة من حق الزوجة" الذى جسد واقعا قانونيا واجتماعيا لحق من حقوق المرأة فى فترة ما، بل هو رأى فقهى نسب لعلماء شافعية وحنابلة قالوا فيه: "إن اعتادت شرب الدخان تفكها وجب على الزوج توفيره لها ضمن حقها في النفقة"، وأوردته كتب الفقه كدليل لدى من تبنى هذا الرأى أنه يجب على المطلق أن يدفع نفقة زوجته التى اعتادت التدخين من باب "التفكه"، وتناوله البعض من باب السخرية، والبعض الآخر من باب الاستغراب أن يتناول الفقه هذه القضية ويتبناها بهذا الشكل ولهذه الدرجة.
 
 
وتفسيرا للنص القديم الذى يعد جزءا من كتب التراث رأى الشيخ أشرف سعد، مدير إدارة الأبحاث بالأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن هذا النص صحيح، ولكن الفقهاء أفتوا به في سياق اجتماعي مختلف عن الذي نعيش فيه حاليًا، ففي القرون السالفة كان "التدخين" من مظاهر الترف أو التسلية أو التفكه، الذى يستخدمه الأثرياء للتفاخر، وكان يباع تحت اسم "تومباك"، ورأى الفقهاء بوجوب شراء الزوج السجائر لشريكة حياته لتعيش فى نفس المستوى الذى كانت تعيش فيه ببيت أبيها.
 
وأضاف سعد لـ"اليوم السابع" أن بعض الفقهاء كانوا "يشربون السجائر"، ولا يجب أن ننتقدهم، فطبيعة الحياة تختلف تمامًا عن الظروف الاجتماعية والثورة المعرفية التى نعيشها، مضيفا أن المشايخ لم يصدروا حكمًا بتحريمها، نظرًا لعدم وجود أبحاث علمية تثبت ضررها كما هو الحال فى عصرنا الحالى، مشيرا إلى الطب كان غير الطب الحالى، والتبغ نفسه كان غير التبغ الحالى وتناوله كان من باب التسلية ولم تعرف حرمته.
 
الشيخ خالد الجندى، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أكد أن هذا الحكم مبنى على تصور فقهى لظروف عصره، وربما تصور المفتى وقتها بأن التدخين والتبغ قد يفيد فى نفع للإنسان من غذاء ما، وقد تضاربت الأحكام الفقهية تجاه التدخين وقتها، البعض يحلله، والبعض يحرمه، ولذلك جعله الفقهاء المؤيدون لهذا الرأى حق للزوجة وقتها بناء على تصورات هذا العصر.
 
واستكمل الجندى: وفى وقت لم يظهر الطب أخطار التدخين، ولم يتوفر لديه معطيات وأسباب تدفعه للتحذير من أضرار التدخين الذى بات معلوما للجميع أنه يمثل خطورة على الصحة.
 
وأضاف الجندى، لـ"اليوم السابع"، أن عدم حرمة التدخين قديما كانت بناء على عدم الكشف عن أخطاره مما جعل بعض العلماء يرى أن فيه حق للمطلقة أن تأخذه من زوجها لتناول شيء لم يكن محرما، أما وقد ظهرت أضرار التدخين وتناول التبغ، وهو الأمر الذى ينعكس على تصور المفتى بدليل قاطع أنه ضار، وبناء عليه بات التدخين محرما ولا يمكن لمحكمة أو قاضى أو مفتى أن ينسب حقا لإنسان فيه ضرر له أو لغيره وهو الأمر المتحقق فى التدخين.
 
وقال الجندى، يجب مراجعة هذا الرأى بعد أن ثبت بما يشبه الاجماع حرمة التدخين اتفاقا على ضرره الواقع على الإنسان، وهذا تصور فقهى عصرى تجاه التبغ ومشتقاته وهو رأى معتبر لا يخلفه رأى آخر، مؤكدا أنه تصور لعصر سابق تخيل أن التبغ يفيد غذائيا.
 
قال الدكتور عبد الفتاح خضر، أستاذ الدراسات القرآنية بجامعة الأزهر: إن من الخطأ الشنيع وصف كلام غير كلام الله ورسوله بالقدسية فلا قدسية إلا لكلام الله ورسوله، فكل كلام يؤخذ منه ويرد إلا كلام النبى صلى الله عليه وسلم، والثوابت التى أوجب الله حفظها، وهى 5 ثوابت، منها: حفظ العقل وحفظ المال، مضيفا أن الرأى المنسوب الى بعض الفقهاء من أنه يجب على الزوج أن ينفق على زوجته فى شربها للدخان رأى ساقط مهمل لا يستحق الرد أصلا لمصادمته صحيح قول الإسلام وصحيح قول القرآن.
 
 
وأضاف خضر، لـ"اليوم السابع"، أن صحيح الإسلام يقول لا ضرر ولا ضرار والدخان مضرة، فكيف يعقل أن يؤخذ هذا عن عالم له قدره إن كان له قدر، مضيفا أن صحيح القرآن، قال إن النبى يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، وقد ثبت علميا وعقليا وفقهيا وصحيا أن الدخان خسيسة من الخسائس وخبيثة من الخبائث، فكيف يلزم الفقهاء زوجا ينفق على هلكة زوجته، وتدميرها، بل وتشويه أنوثتنا، وتحويل نفسها إلى نفس عفنة، يجافى طبيعتها الحسنة وينفر منها أى شخص يريد الزواج منها.
 
وأشار خضر، إلى أنه يعتبر هذا الرأى من الأقوال الساقطة والأقوال التى لا تستحق شغل الرأى العام والأذواق السليمة لا تحتاج إلى دليل، إذ كيف يكون وضع الزوجة وهى تدخن أمام أبنائها.
 
قال الشيخ عبد الله رشدى، من علماء الأزهر الشريف "هذا رأى من 200 سنة، وليس هو الرأى المعتمد المعبر عن مذهبى الشافعية والحنابلة، وهو رأى فردى، وجاء فى عصر لم يكن فيه الطب متقدم".
 
 
وأضاف رشدى، لـ"اليوم السابع"، أن هذه النصوص الموجودة فى حواشى المؤلفات لا تعد هى الرأى المعبر، وحتى مجرد إثارتها لا يفيد، مضيفا أن الطب بتطوره وتقدمه أثبت العكس، والذى يتبناه المفتى، على مبدأ أن شرع الله يكون أينما كانت مصلحة الناس، وأن الأشياء تكون محرمة إذا اتضح ضررها، وهو الأمر المتحقق فى مسألة التبغ والتدخين الذى يفتى بأنه محرم، ولا يجوز أن يكون نفقة.
 
ومن جانبها قالت دار الإفتاء المصرية، فى فتوى لها حول التدخين: حَرم الإسلامُ على الإنسان كلَّ ما يَضُرُّ بالبَدَن حِسِّيًّا أو مَعنَوِيًّا، وقد قال ربنا تبارك وتعالى:﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾، فالطيبات هي كل ما عاد على الإنسان بالنفع الحسي أو المعنوي أو لم يضره، والخبائث كل ما ضرَّ الإنسان حسيًّا أو معنويًّا.
 
وقال عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾، ولقد رُوِى عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لا ضرر ولا ضرار» رواه أحمد فى مسنده وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، ورواه مالك فى الموطأ عن يحيى المازنى رضي الله تعالى عنه، ورواه ابن ماجه عن عبادة بن الصامت 
وقد ثبت طبيًّا أن التدخين بكل أنواعه مضرٌّ بصحة وبدن الإنسان، فيكون محرمًا. 
 
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة