فى مارس 1622 تم إعلان كل من إغناطيوس دى لويولا وفرنسيس كسفاريوس، قديسين فى الكنيسة الكاثوليكية، وهما معروفان فى تاريخ المسيحية بوصفهما مؤسسى الرهبنة اليسوعية.
واعتمادا على كتاب "الذكريات الشخصية"، وهى آخر مؤلفات القديس "إغناطيوس دى لويولا" سنتوقف عند حياة الرجل وأفكاره، وهذه السيرة لم يكتبها "دى لويولا" بل سردها شفهيا للويس جونسالفس دا كامرا، خلال نزهتهما ما بين 1553 و 1555.
يبدأ اغناطيوس، المولود فى إسبانيا، باسم "إيجينيو" عام 1491 ورحل فى عام 1556، وسرد حياته ملخصًا السنوات الست والعشرين الأولى بالقول "حتى السادسة والعشرين من عمره، انهمك فى أباطيل العالم؛ وكانت هوايته المفضلة الفنون الحربية، تدفعه إليها رغبة عظيمة وباطلة لاكتساب الشهرة"، وخلال معركة ضد الفرنسيين فى بامبلونا، أصابته قذيفة فى إحدى ساقيه فكسرتها وجرحت الأخرى، واستسلم رفاقه للفرنسيين فأسروهم، ولكنهم عاملوه "بجميع أنواع المجاملة والصداقة" وساءت حال إينيجو (اسمه الحقيقى قبيل اختياره لاسم اغناطيوس نظرًا لتكريمه وإعجابه بالقديس اغناطيوس الأنطاكى الشهيد) الصحية وبعد عدة عمليات كانت صحته ضعيفة جدًا ولم يكن يقوى على النهوض فلازم الفراش.
وخلال فترة النقاهة الطويلة أراد إيجينو أن يملأ فراغ وقته بقراءة الكتب التى كانت مولعًا بها أى روايات الفروسية، ولكنهم لم يجدوا فى البيت الذى كان فيه كتابًا واحدًا من الكتب التى كان يطالعها فأتوه بكتاب "حياة المسيح" للراهب الشرتوزى لودولف الساكسى وكتاب آخر عن سير القديسين للراهب الدوينيكى كاد دى فورجين.
ويخبر اغناطيوس فى سيرته أنه كان "يكثر من القراءة فى هذه الكتب ويشعر ببعض الانجذاب إلى ما ترويه، وكان عندما يتوقف عن القراءة يفكر تارة بما قرأه وتارة بأمور العالم التى كان اعتاد أن يصب كل اهتمامه عليها.
وكانت مخيلته الخلاقة تحمله إلى قضاء الساعات فى تخيل ماذا لو فعلت ما فعله القديس فرنسيس، أو ما فعله القديس عبد الأحد؟
وبدأ اغناطيوس فى تلك الفترة مسيرة توبته الشخصية، منطلقًا من إدراك عطش قلبه الحق، والإصغاء لهذا العطش حمله إلى التخلى رويدًا رويدًا عن الأحلام الباطلة، والتمسك بالرغبات العميقة فى قلبه وقرر أن يحج إلى القدس بعد شفائه، مزمعًا بعد عودته أن يعتزل فى دير للشرتوزيين بأشبيليا.
وبعد شفائه بدأ مسيرته قاصدًا القدس، وتوقف ليلة فى مونسراتا، وقضى الليل فى الصلاة وكان لا يأكل لحمًا ولا يشرب خمرًا، ويعيش سيرة تقشف كبيرة.
وزاول اغناطيوس عيشة نسكية مديدة، فكان يقضى يوميًا سبع ساعات فى التأمل وفى مانريسا كتب كتابه "الرياضات الروحية" وهى عبارة عن تدوين لخبرة الصلاة التى عاشها ليشرك بها الآخرين، الذين منذ ذلك الحين كانوا يعتبرونه قديسًا وكانوا يأتون إليه للمشورة. وتوالت الخبرات الصوفية، والرؤى.
وبعد عودته من أورشليم قرر أن يدرس لأنه أدرك أنه يستطيع بهذا الشكل أن يساعد النفوس بشكل أفضل، ودرس الفلسفة واللاهوت فى باريس التى أمّها سيرًا على الأقدام ووصلها فى فبراير 1528. وخلال فترة الدراسة كان يلقى الرياضات الروحية على العديد من الأشخاص، وخلال هذه الفترة بدأ يلتف حوله جمع من الرفاق، من بينهم فرنسيسكو كسافييروس.
ورسم اغناطيوس كاهنًا وكان يريد أن يحتفل بقداسه الأول بعد استعداد دام سنة كاملة فى الأراضى المقدسة، إلا أنه لم يتمكن من تحقيق رغبته فاحتفل بالقداس فى روما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة