د. أحمد الصياد

"إيران" ذلك الهاجس الغامض! (3)

الثلاثاء، 12 مارس 2019 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ركبت إيران الثورة (1979) آلام الأمة العربية وذهبت بها بعيداً داخل الشأن العربى!، فعلى خلفية المعاناة العربية جراء اغتصاب إسرائيل لأراضيهم، وانحياز الولايات المتحدة الدائم لها، ضمنت إيران قدراً من الترحيب العربى، تراجعت معه، بالخطأ، أهمية البحث فى حقيقة ما يضمره النظام الإيرانى للمنطقة، اكتفاءً بما أعلنته الثورة الإيرانية من عداء عقائدى شديد لإسرائيل والولايات المتحدة، إلى جانب ما شكله ذلك من ضغط على الأنظمة العربية التى فشلت فى استرداد الحقوق العربية، وما كانت تستطيع مواجهة شعوبها إذا ما أهملت إيران المعادية بشدة لإسرائيل وحليفتها الأمريكية.

 ولم يخرج عن هذا السياق إلا مصر، ولأسباب خاصة يمكن حصرها فى سعى الرئيس السادات إلى الانخراط فى المعسكر الغربى بعد انتصار أكتوبر المجيد عام 1973، ثم اتفاقية كامب ديفيد (17 سبتمبر 1978) التى أعادت لمصر أرضها، ولجوء الشاه الإيرانى محمد رضا بهلوى إلى مصر، ووفاته بها (27 يوليو 1980) ودفنه فى أراضيها بعد جنازة عسكرية مهيبة ملفوفاً فى علم إيران، فضلاً عن الارتياب الإيرانى فى إمكانية ضم مصر بثقلها الكبير ودورها التاريخى تحت لواء شعاراتها الثورية الزائفة، بل إن إيران وجدت ضالتها فى الرفض العربى لاتفاقية كامب ديفيد، وما تبعه من بث الفرقة بين مصر والدول العربية الفاعلة فى المنطقة.  

   وعليه؛ فإن "الثورة" سلاح إيران الأول، وقاسمها المشترك مع محيطها العربي، ومن ثم كان تفضيل إيران للأجنحة الفلسطينية الأكثر تشدداً مع إسرائيل، فضلاً عن دعم حزب الله اللبنانى باعتباره تطويقاً للعدو، بينما الأمر محله الطبيعى تطوير إيران لنظام الإيالات القديم الذى كان متبعاً فى الدول الكبرى القديمة فى المنطقة؛ إذ كانت كل "إيالة" بمثابة وحدة إدارية وعسكرية تدين بالولاء التام للمركز وتقدم له المال والعطايا نظير حمايته لها، فتغير الحال مع التحديث الإيرانى للفكرة، وبات المركز "إيران" يقدم للإيالات المال والسلاح مقابل الطاعة ومد النفوذ الإيرانى عبر "الإيالة" وكأنها رؤوس حراب إيرانية، وعلى هذا النحو كان الدعم الإيرانى لحزب الله فى لبنان، وللحوثيين فى اليمن، ولفصائل فلسطينية بعينها دون أخرى مع ثبات العدو "إسرائيل"!، وفى ذلك لاك النظام الإيرانى التشيع ولفظه بطعم المصالح الإيرانية فى عقول فاعلة بالمنطقة، ما أفضى إلى تطبيق الشمولية بشكل يفصل المنطقة عن محيطها الدولي.

على هذا النحو أسست إيران "إيالات" لها فى لبنان وسوريا والعراق واليمن والبحرين وفلسطين، ولم يعد بمقدور الأجنحة المعتدلة داخل إيران تجاهل مقتضيات بقاء هذه "الإيالات"، ذلك أن تحول إيران إلى دولة "اعتيادية" يعنى وقف ما تقدمه من دعم مالى وعسكرى لهذه "الإيالات"، فتنكسر الهيبة الإيرانية، ويفقد النظام الإيرانى "ثوريته" بعد ما سيلحق به من فشل عسكرى يضاف إلى فشله الاقتصادى الواضح فى الداخل الإيراني، وهو ما لا تحتمله طهران، والنتيجة نفسها تتحقق إذا ما تحللت "الإيالات" بإرادتها، أو اتخذت سياسات "اعتيادية" غير ثورية؛ فيما يشبه ثورة من داخل النظام ذاته، وفى الحالين ينشأ فراغ قطعاً ستسده القوى الوطنية المعادية للأطماع الإيرانية فى المنطقة، بينما استمرار "الإيالات" يضيف بُعداً مُلتبساً على المنطقة، وأوراقاً متشابكة تشتت انتباه الغرب والعرب على حد سواء وهم يحاولون فك رموز النظام الإيراني.

وعليه، فإن تراجعاً إيرانياً عن دعم "إيالاتها" فى الدول العربية لا يُعد أمراً مطروحاً على كل طاولة تبحث بموضوعية فى مجابهة النفوذ الإيراني،

وإلى حديث قريب بإذن الله.

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة