أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد سليم

«الباغوز» ترسم نهاية مذابح الإيزيديين وداعش

الأحد، 10 مارس 2019 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ أن دخلت عصابات داعش إلى سوريا والعراق عبر الحدود التركية ولمدة ثمانى سنوات.. منذ بداية ما أطلق عليه الربيع العربى والدولتان تشهدان أسوأ مشاهد العنف من المنتمين لداعش.. مذابح جماعية القتل على الهوية واغتصاب الفتيات والسيدات واستعبادهن ثم بيعهن وكذا بيع الأطفال.. آلاف الداعشيين الذين تسللوا إلى سوريا والعراق والذين انتموا إليهم من أبناء الدولتين تقلصت سلطاتهم سواء فى العراق أو سوريا التى يشهد شمالها حاليا آخر حملات تطهير للجيب الداعشى المتمركز فى «الباغوز» وهى منطقة حدودية مشتركة مع العراق كانت تمثل الجيب الأخير لداعش بعد هزائمه المتتالية واختفاء زعيمه أبوبكر البغدادى.. التطورات الميدانية على الأرض تشير إلى قرب انتهاء الحملة التى قامت بها قوات «قسد» قوات سوريا الديمقراطية منذ الإعلان الأخير لترامب لسحب القوات الأمريكية.
 
المشاهد التى تبثها كاميرات التليفزيون والمواقع الإخبارية لمقاتلى داعش المستسلمين تؤكد أنها النهاية المعلنة، ولكنها لن تكون النهاية الحقيقية للوجود الداعشى سواء فى سوريا أو العراق وأيضا فى مختلف دول العالم، فهناك العشرات وربما المئات من الذئاب المنفردة التى عادت إلى دولها الأصلية فى أوروبا وربما أيضا الجزائر وبعض الدول الأفريقية.. «قسد» تحاول إنهاء سيطرة داعش على مساحة لا تتعدى كيلو مترا يحصنها أفراد التنظيم بالعديد من الأكمنة التى تمتلئ بالمتفجرات والتى امتد استعمالها إلى وضعها فى المنازل والتى شهدت تفجيرا لأربعة منازل كان أحدها مقرا لأبى بكر البغدادى.
 
الخروج المهين لداعش والهروب الكبير لهم من العراق ومن سوريا سبب هاجسا مرعبا لأوروبا التى تتخوف من وصول عناصر منهم إلى دولها خاصة أن الذين استسلموا منهم حوالى 800 شخص وتضم القائمة أجانب من أوروبا ودول الاتحاد السوفييتى السابقة هذه الدول تشهد استنفارا أمنيا ومتابعة مخابراتية لعناصر التنظيم وسط الاتجاه فى بعض الدول لإسقاط جنسيات المنتمين للتنظيم.
 
ما يحدث فى الباغوز يؤكد همجية داعش وخروجهم عن كل المبادئ الإنسانية فبعد معارك مع قوات «قسد» تم تحرير 14 طفلا إيزيديا من قبضة مسلحى داعش شمال منطقة الباغوز السورية وهؤلاء قد تم اختطافهم من منطقة شنكال مع عائلاتهم فى قوات سابقة.
 
تحرير منطقة الباغوز لن يكون فقط إعلانا عن تحرير آخر جيب لداعش فى الشمال السورى، ولكنه ربما يعنى أيضا نهاية المأساة التى تعرض لها الإيزيديون منذ اندلاع الصراع فى سوريا أو العراق، وتم خلاله اختطاف السيدات والفتيات لتتم المتاجرة بهم فى أسوأ مظهر من مظاهر الاستعباد، وفى أسوأ إساءة للإسلام فى تاريخه.. انهيار مقاتلى داعش دفعهم إلى القيام بمذبحة جديدة راح ضحيتها حسب ما ذكرنا صحيفة «ديلى ميل» البريطانية أكثر من خمسين سيدة وفتاة إيزيدية قام أفراد التنظيم بذبحهن بعد أن كانوا يستعبدهن جنسيا طوال السنوات الأربع الماضية وتم اكتشاف المذبحة عبر وحدة للقوات الخاصة البريطانية أثناء مشاركتها فى الهجوم على آخر معاقل داعش فعثرت على خمسين رأسا لفتيات وسيدات إيزيديات فى مقلب للقمامة بالباغوز.. هذه المذبحة تزامن معها بيع الإيزيديات فى سوق للنخاسة بالباغوز وصل فيه سعر الفتاة إلى 20 ألف دولار فى حين يصل سعر الطفل الإيزيدى إلى عشرة آلاف دولار.. نشطاء وعائلات إيزيدية يحاولون شراء من تبقى فى قبضة داعش خشية قتلهم.
 
ولكن ومع القرب من انتهاء الوجود المعلن لداعش فى سوريا والذى سبقه أيضا الإعلان عن ذلك فى العراق وتحول التنظيم الذى كان يسعى إلى تأسيس ما يسمى بدولة الخلافة وإنهاء حلمه مع ما يحدث فى العراق وسوريا من مواجهة سواء بقوات الدولتين أو بدعم التحالف الدولى أو الروسى.. الحلم الداعشى المنتهى اعتقد أنه لن يتوقف وسوف يواصل أعضاء التنظيم المتبقون أو الهاربون من هجمات «قسد» فى الشمال السورى أو حصار الجيش السورى فى أماكن أخرى.. هؤلاء لا شك أنهم وقيادات التنظيم المتبقية على قيد الحياة، خاصة أن مقر أبو بكر البغدادى حتى الآن غير معروف ولا يوجد تأكيد لمكانه، فهناك من يشير إلى عودته إلى العراق وهناك من يؤكد أنه شوهد فى الباغوز مؤخرا حسب شهادة لأبوهاجر وهو قيادى داعشى تم القبض عليه مؤخرا عن طريق قوات سوريا الديمقراطية.. المشهد السورى يتجه الآن إلى الإعلان عن تحرير الأراضى السورية من قبضة التنظيمات المسلحة واختفاء أغلب عناصر تلك التنظيمات وهروب قياداتها مع جفاف التحويل من بعض الجهات والدول.. يقابل ذلك تحرك قوات سوريا الديمقراطية والذى أنهى الوجود الداعشى فى الشمال السورى والاتجاه للإعلان عن منطقة آمنة وسط هدوء بوسط سوريا وجنوبها هذا المشهد ينبئ عن مرحلة جديدة فى سوريا ربما تشهد عودة للاجئين والبدء فى إعادة الإعمار.
 
المشهد العراقى الموازى أيضا يحمل ربما نفس التوقعات مع عودة للجيش العراقى، وإن كان الوجود القوى لقوات الحشد الشعبى يلقى ظلالا على من يحكم ويسيطر فعليا واختلاف المشهد العراقى فى وجود تقسيم سابق لمناطق السيطرة للشيعة أو السنة أو الأكراد، ولكن المظهر الأهم هو غياب تنظيم الدولة «داعش» عن الوجود فى الصورة بشكل واضح.. المشهدان العراقى والسورى ينبئان عن تغير واضح فى خريطة الشام بعد ثمانى سنوات من الصراع القوى فى سوريا وضعف ذلك فى العراق.. ولكن اختفاء داعش من الصورة لن يكون المشهد الأخير فى حياة تنظيم الدولة الذى تتوقع له مراكز الدراسات والمحللون أن يتوجه إلى الشمال الأفريقى وهى المنطقة الأخطر والتى تشهد تحضيرا ربما لربيع أسود آخر بعد انطلاق المظاهرات فى الجزائر وظهور الجيش كقوة مسيطرة وحاكمة وبدء تحرك جماعات إسلامية بحجة الدفاع عن الديمقراطية.
 
وربما يكون التحرك عبر عناصر التنظيم والتى يطلق عليها الذئاب المنفردة فى عواصم أوروبا والتى تشهد تفجيرات من حين لآخر وكذا محاولات عناصر أخرى بتنفيذ عمليات انتحارية فى دول مختلفة.
 
المشهد الأهم أن ما يحدث فى الباغوز يرسم ملامح نهاية تنظيم داعش ويسهم أيضا فى رسم نهاية حقيقية لما تعرض له الإيزيديون من مذابح واختطاف واغتصاب.. وينهى أيضا سنوات سوداء عاشها السوريون فى محافظات مختلفة.. وربما تشهد الأيام القادمة وضع ملامح للنهاية الفعلية للتنظيم فى الشام.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة