أحمد سليم

هنا يكتب تاريخ الوطن

الأحد، 03 فبراير 2019 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بناء الدولة يحتاج بنائين فى كل مجال.. يحتاج إلى شعب يتكاتف أبناؤه من أجل المستقبل.. وهذا ما تحتاجه مصر.. بناء مصر الحديثة لن يشيده المدونون.. لن تحمى الوطن لكلماتهم وتغريداتهم.. ولن يوقف مسيرة شعب أفراد امتهنوا التغريد والاختفاء وراء أجهزة الكمبيوتر، لو كنا قد استجبنا لتغريداتهم وقت أطلقوها تحت عناوين النهضة وحقوق الإنسان والعدالة والحرية، لكنا الآن ما زلنا نبحث عن الأمان.. زى النهاردة منذ ثمانى سنوات كنا محاصرين فى مبنى ماسبيرو، وكان ميدان التحرير وعبدالمنعم رياض مغلقين تماما ولا يسمح بالمرور إلا لأعضاء جماعة الإخوان، وكان مجرد التفكير فى الخروج من منزلك صباحاً أو مساء فى بعض الأماكن مغامرة عليك تحمل تبعاتها، كان الإخوان قد عادوا جميعا للظهور فى الميدان، ومطالب رحيل النظام تأخذ منحى هدم الدولة وبجوار كل مبنى رسمى دبابات القوات المسلحة تحرسه خوفاً من حرقه أو تخريبه أو نهبه، واختفى ضباط الشرطة وأفرادها من الشوارع، ومن تبقى منهم اختفى داخل معسكرات الأمن المركزى أو مبنى احترق جزئيا أو نجا من حرائق الثامن والعشرين من يناير. الهاربون من السجون اتجهوا إلى الميادين، ورجال الأمن اختفوا، كنا نسير بسرعة شديدة فى اتجاه اللادولة، حدود مستباحة من الشرق لأعضاء حماس وعصابات آخرى ينتشرون فى شمال سيناء وصحراء الإسماعيلية، ومن الغرب أسلحة تهرب عبر طرق معروفة وغير معروفة تمتلئ المخازن بها فى صحراء أكتوبر والصعيد، وتظل بقاياها حتى الآن هى المصدر الرئيسى لعمليات الإرهاب، قيادات قطرية تأتى بحقائب ممتلئة بالملايين من الدولارات لتدخل إلى البلاد دون سؤال، سفارة الولايات المتحدة تدير أغلب المشهد، زى النهاردة كانت مصر تكاد أن تنهار، ولكن فى خلفية المشهد كان هناك من يؤمن بأن مصر لن تسقط مادام فيها جيش قوى متماسك، وكان الحفاظ على الجيش ودوره هو أهم ما تم فى هذه الفترة، وعبر السنوات الثمانى الماضية قامت القوات المسلحة بدورها كاملا غير منقوص، وقدم أبناؤها المئات من الشهداء والجرحى الأبطال الذين كانت كتاباتهم على جدار الوطن تطبع حروفها بدمائهم فى وقت يطالبنا الغرب أن نحترم ونؤمن بكلمات لمدونين كتبوها وهم فى غرف نومهم تصدح حولهم الموسيقى وتقرع الكؤوس.
 
فى الوقت الذى يكتب فيه منسى ورفاقه عشرات القصص من البطولات عبر تضحيات يومية من شباب لا تزيد أعمارهم عن الثلاثينات، وفى الوقت الذى يطلب فيه ضابط شاب بترت ساقه أن يعود لزملائه فى سيناء، يطالبنا الرئيس الفرنسى بحقوق لمدونين يعرف أغلبنا ماضيهم القريب جدا قبل 2011.. يطالبنا بأن نحمى دومة وشركاءه، ولكن الرئيس وكما عودنا فى دفاعه عن الحق وفى الرد على الكلمات والشعارات قال: إن الوطن لا يبنيه المدونون، ولكى يرى ماكرون من يبنى الوطن اصطحبه الرئيس إلى العاصمة الإدارية، هنا من يبنى بحق، هنا من يتحمل الكثير من أجل الوطن، هنا من يظل ليله فى برد يناير عاملا يكمل البناء لا يسطر كلمات عبر مدونة، هنا بالفعل يكتب تاريخ الوطن، يحدثنا الغرب عن فتنة طائفية أو حقوق مغتصبة أو كنائس تغلق، فيرى الرئيس الفرنسى أكبر كتدرائية تم بناؤها فى الشرق الأوسط وفى عامين فقط لتقرع من فوقها الأجراس فى بداية بناء العاصمة الجديدة وتعميرها.. يحدثونه عن تطرف دينى ويلتقى ماكرون مع شيخ الأزهر والإمام الأكبر فيطالبه بتدريب الأئمةه فى فرنسا وبدور أكبر فى تقديم صورة عن الإسلام الوسطى الصحيح.
 
الذين تخيلوا وروجوا أن ماكرون أوصل رسالة أوجعت مصر فنسوا ما يحدث للنشطاء والمدونين فى باريس عاصمة النور والثقافة التى تغطيها يوميا سحب قنابل الغاز والحرائق.. الذين يتحدثون عن اضطرابات الشارع المصرى تناسوا سرقة أكبر محلات الشانزليزيه وحرق محلات أخرى وقتل المتظاهرين، لم يروا كيف صارت زيارة ماكرون لمصر، البداية كانت فى أحضان الحضارة، هنا وقف الرئيس الفرنسى ليرى منبهراً حضارة الفراعنة الذين علموا العالم وكانت حضارتهم هى البداية، والنهاية كانت فى العاصمة الجديدة، من هنا تبنى مصر حضارتها الجديدة، مسجد وكنيسة ومجمع فنون، عناق بين الثقافة والدين، شعب يحترم أقباطه ومسلميه وأيضا يبنى حضارة وثقافة.
 
زى النهاردة كدنا نسقط واليوم نقف مرفوعى الهامة.. نعم الحمل ثقيل ولكن الشعب الذى بنى الأهرامات والسد العالى وشق قناة السويس وانتصر فى أكتوبر قادر على التحمل.
 
وضعنا أساس البناء وانطلقنا يرتفع البناء، يوما بعد يوم يحتاج إلى ضبط بعض الأدوار وإلى وضع لمسات أخرى لتكتمل الصورة.. الشعب الذى حمى دولته.. سوف يبنيها.. الشعب الذى لم يسقط فى صراع ولم تشده شعارات ولم تقده مدونات قادر على استكمال مسيرته.. زى النهاردة لن يعود.. الذى سيأتى هو الغد.. نزرع له الأمل والعمل لنكتب تاريخ وطن جديد.. زى النهاردة أغلق معرض الكتاب، واليوم افتتحنا أحدث وأفضل معرض كتاب فى مبنى من أفضل مبانى المعارض فى الشرق الأوسط.. زى النهاردة حرقوا الأقسام وطاردوا الجنود والضباط.. واليوم تستطيع أن تتنقل فى أى مكان بمصر وسط أمان واستقرار بفضل شرطة تم تحديثها وروح وطنية تمت إعادة بثها.. زى النهاردة أغلقت المحلات وسرقة المولات واليوم عشرات المولات التجارية تنقلك إلى عالم آخر.. زى النهاردة كنا لا دولة واليوم عدنا مصر.. كلمة مسموعة فى المحافل الدولية.. وقوة استقرار فى المنطقة.. زى النهاردة كنا سنصبح مصدر عدم استقرار فى الشرق الأوسط، وربما العالم واليوم أصبحنا مصدر الاستقرار وأصحاب القرار فى الحفاظ على حقوق شعوب حولنا والحفاظ على وحدة جيوشها الوطنية وإعادة الاستقرار إلى دولها.
 
زى النهاردة أرادونا لا دولة واليوم أصبحت مصر هى الدولة الأهم والأقوى فى الشرق الأوسط.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة