تتعدد أوجه الأزمة التى تعيشها فنزويلا، ويواجه البلد الذى يملك أكبر احتياطي للنفط فى العالم، أزمات اقتصادية وسياسية وأمنية فقط، بل كارثة إنسانية تهدد حياة السكان، ومن ذلك نقص الأغذية والأدوية، وتتجه إلى حافة الانهيار، خاصة مع وجود رئيسين، نيكولاس مادورو، وزعيم المعارضة خوان جوايدو، الذى أعلن نفسه رئيسا للبلاد، وتهديدات بالتدخل العسكرى من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
س: كيف بدأت الأزمة الاقتصادية فى فنزويلا؟
ج: بدأت الأزمة فى فنزويلا مع انهيار أسعار النفط، خاصة وأن البلد الكاريبى اعتمد بشكل أساسى على النفط فقط، وعندما انخفضت أسعار النفط قلت عائداته واتجهت فنزويلا إلى الديون، خاصة من الصين وروسيا وإيران.
س: كم سيكون نسبة التضخم فى 2019؟
ج: التضخم فى فنزويلا سيصل إلى 31 مليون% بنهاية 2019.
عقدت غرفة التجارة الأمريكية الفنزويلية (VenAmCham) ، التى تضم رجال أعمال مختلفين، منتدى 2019 حول المنظورات الاقتصادية، حيث استنتج أن التضخم فى فنزويلا سيصل إلى 31 مليون% العام الجارى، كما أكد رجال الأعمال أن الناتج المحلى الإجمالى للبلاد سوف ينكمش خلال عام 2019 بنسبة 11.29٪.
ولكن صندوق النقد الدولى توقع فى تقرير حديث أن التضخم فى فنزويلا سيصل إلى 10 ملايين % فى نهاية 2019، وتم تقديم دراسة أخرى حول التضخم فى فنزويلا فى بداية يناير الماضى من قبل شركة التحليل الاقتصادى Torino Economics ، ومقرها فى نيويورك، والتى توقعت فى تقريرها الأول لهذا العام أن التضخم فى فنزويلا سيكون 23 مليون% لعام 2019.
س: ماذا حدث خلال محاولات ادخال المساعدات الإنسانية الأمريكية إلى فنزويلا؟
ج: أعلن جوايدو، الذى نصب نفسه رئيسا انتقاليا للبلاد، الفنزويليين إلى التظاهر يوم السبت الماضى للمطالبة بدخول المساعدات، قائلا: " أدعو يوم (السبت) الثالث والعشرون من فبراير كل شعب فنزويلا ليكون فى الشارع للمطالبة بدخول المساعدات الإنسانية".
وأغلقت كاراكاس مساء الجمعة الحدود فى ولاية تاخيرا (غرب البلاد) المجاورة لمدينة كوكوتا الكولومبية التى ينوى جوايدو استلام المساعدات الأمريكية من خلالها.
ورفض الرئيس مادورو دخول المساعدات الأمريكية على الرغم من حاجة البلاد الماسة إليها، مبررا رفضه بأن هذه المساعدات هى "ستار لخطة أمريكية للتدخل في شؤون البلاد"، وخلق ذلك العديد من الاشتباكات راح فيها عدد من الضحايا، 12 قتيلا، و300 مصاب.
س: هل واشنطن بالفعل تستغل ازمة فنزويلا للتدخل العسكرى؟ولماذا تسعى إلى ذلك؟
يعتبر دعم الولايات المتحدة الأمريكية للعملية التى قادها رئيس المعارضة جوايدو، من إعلان نفسه كرئيس للبلاد، ومحاولات ادخال المساعدات الإنسانية بهدف كسر وحدة نظام مادورو، واستغلال عدم سماح الرئيس الفنزويلى بادخال تلك المساعدات، لفرض عقوبات جديدة ضدتها، مثير للقلق.
ويقاوم مادورو، بالدم والنار، أى محاولة للتدخل العسكرى الأمريكى للبلاد، ولكنه يجهل أن استخدامه للعنف والقمع ضد السكان المدنيين المتطوعين لإدخال المساعدات الإنسانية إلى البلد، قد يكون مبرر لهذا التدخل العسكرى ويجب أن يتجنب الحرب بأى ثمن، ولكن أيضا يبدو أن مادورو لا مانع لديه فى موت مواطنيه من أجل البقاء فى السلطة، ولا يدخر دونالد ترامب صبرا، لإحداث ذلك.
وكان ترامب قال فى السابق إن التدخل العسكرى فى فنزويلا يعد "خيارا" ، وأن كل الخيارات مطروحة على الطاولة.
وبالتأكيد فإن النفط والسيطرة عليه، أهم دوافع التدخل الأمريكة بفنزويلا، حيث إن فنزويلا تمتلك احتياطات هائلة من الزيت الفائق الكثافة تقدر احتياطاته بنحو 270 مليار برميل، ولذلك فتعتبر واحدة من الدول التى بمقدورها تزويد العالم بنصف احتياجاته بحلول 2020، وعلى الرغم من أن أمريكا تمتلك أيضا احتياطى بترولى من النفط الصخرى، إلا أن إنتاج برميل واحد منه يكلف حوالى 60 دولار بينما إنتاج البرميل العادى لا يكلف سوى 7 دولارات.
س: ماذا سيعود على واشنطن حال التخلص من الرئيس الفنزويلى نيكولاس مادورو؟
ستزيد السيطرة على الدول الغنية بالنفط من أجل الضغط على السعودية كأحد أكبر مصدريه عالميا، وتغير الرئيس الفنزويلى، يعد بداية الهيمنة الأمريكية على مخزون النفط الفنزويلى.
س: كيف استغل أردوغان الأزمة الاقتصادية؟
ج: فى قائمة المستغلين تأتى تركيا، فأنقرة دون غيرها من زبائن الذهب الفنزويلى لا تقدم فى المقابل عملات أجنبية مثل اليورو أو الدولار، وإنما تقدم منتجات تركية الصنع فى استغلال صريح لما يعانيه ذلك البلد اللاتينى من أزمات.
ويعتبر الذهب هو الثروة التى تعتمد عليها حكومة نيكولاس مادورو لتوفير العملة الصعبة لفنزويلا لسد احتياجات البلاد الرئيسية من الغذاء والسلع الضرورية، وحوالى 300 ألف شخص من الباحثين عن الثروة نزحوا إلى المناطق الجنوبية الغنية بالمعادن من أجل كسب لقمة العيش، وذلك بأمر من حكومة الرئيس نيكولاس مادورو الذى سمح لهم بالعمل بشكل غير رسمى لدى الحكومة لاستخراج الثروة المعدنية للبلاد من دون أن يكون هناك تنظيم أو استثمار حكومى.
س: وماذا وراء دعم بوتين لمادورو؟
إذا اضطر نيكولاس مادورو إلى مغادرة السلطة، فقد تخسر روسيا تحالفا بدأ مع حكومة هوجو تشافيز (1999-2013) جعله حليفا رئيسيا له فى المنطقة، منذ ذلك الحين أصبحت البلاد أيضا الدائن الثانى فى كاراكاس بعد الصين.
فسقوط نيكولاس مادورو سيزيد بالنسبة لروسيا "مخاطر فقدان استثماراتها"، وسوف تزداد على نحو خطير"، حيث فى ديسمبر، خلال زيارة مادورو لموسكو، وعدت روسيا باستثمار 6000 مليون دولار فى قطاع النفط والتعدين فى البلاد.
ففى البداية كانت الاتفاقيات مع روسيا عسكرية بشكل أساسى، مع طلبيات كبيرة للدبابات وبنادق الكلاشينكوف والطائرات، ووافقت روسيا على القروض لتمويل هذه المشتريات العسكرية، وبعد ذلك تم إنشاء العلاقات فى قطاع النفط.
ومنذ عام 2005، اشترت فنزويلا ما مجموعه 11 ألف مليون دولار أسلحة روسية، وفقا لحسابات العديد من وسائل الإعلام فى البلاد، هذا ما يجعل موسكو أول مورد للأسلحة فى البلد الواقع فى أمريكا الجنوبية.
وفى قطاع النفط، استثمرت روسيا مليارات الدولارات، بشكل رئيسى من خلال شركة النفط روزنفت شبه العامة، بقيادة إيجور سيشين المؤثر، القريب جداً من فلاديمير بوتين، الذى كثيراً ما يزور كراكاس، وتشارك روزنيفت فى العديد من مشاريع التنقيب وإنتاج النفط والغاز فى فنزويلا بالتعاون مع شركة النفط الحكومية الفنزويلية (PDVSA)، التى تخضع الآن لعقوبات من واشنطن.
ويتم تسديد جزء من دين فنزويلا إلى روسيا بالهيدروكربونات بموجب اتفاقيات بين PDVSA وRosneft كما وافقت روسيا على إعادة هيكلة هذا الدين عدة مرات.
س: ما هو دور الجيش الفنزويلى فى ازمة كاراكاس؟ولماذا يؤيد مادورو؟
ج : يمثل الجيش الفنزويلى مفتاح اللعبة فى فنزويلا،حيث يتمسك مادورو بالسلطة بدعم من القوات المسلحة الذى يتكون بين 95 ألفا و235 ألف شخص، وفقا لرؤسائه، وهم موالون للحكومة وللرئيس مادورو ويرفضون الاعتراف برئيس المعارضة خوان جوايدو.
هناك العديد من الأسباب التى تجعل الجيش الفنزويلى يؤيد استمرار مادورو فى السلطة، والتى أولها "الجيش هو المسئول عن قطاع التعدين والصناعات الكهرومائية وعن دولة بتروليوس دى فنزويلا PDVSA)، وهناك أكثر من 42 شركة مواد غذائية تخضع لإشراف مباشر من وزارة الدفاع، وحال رحيل مادورو، سيتحول الأمر لأيدى المعارضة.
كما أن الجيش متواطئ فى الانتهاكات الانتخابية التى تم توثيقها من قبل المنظمات الفنزويلية، وتقول المعارضة إن الجيش لديه خطط لسرقة المساعدات الإنسانية فى فنزويلا.
وقالت NGO ، وهى المنظمة التى كانت مسئولة عن توثيق حالات هامة من الفساد فى البلاد المنتجة للنفط من خلال الدعم العسكرى، وقال مديرها التنفيذى مرسيدس دى فريتاس لمادورو أن مجموعة من الجنود متواطئين فى فساد الحكومات وبالتالى لا يجرؤون على رفض مادورو.
ولكن ما يثير المخاوف والقلق هو بدء الانشقاقات داخل الجيش، حيث أن أكثر من 100 جندى فنزويلى انشقوا وعبروا الحدود إلى كولومبيا، ويأتى هذا الانشقاق بعد أن دعا زعيم المعارضة فى فنزويلا، جوايدو، الذي أعلن نفسه رئيسا مؤقتا للبلاد، الجيش إلى التخلى عن مادورو ومساعدته على إدخال المساعدات لتخفيف النقص فى الأغذية والأدوية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة