سامح جويدة

بين الكبار ودول الجوار

الخميس، 28 فبراير 2019 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

علينا أن نتفق على أن مصر الآن تشهد طفرة فى مكانتها الدولية وتتقدم الصفوف لتأخذ دورها كقوة محورية فى النظام العالمى.. فمنذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى المسؤولية وسياسات مصر الخارجية تخطو خطوات واسعة وثابتة تؤكد ذكاء هذا الرجل وقدرته على تحريك الأمور لصالحنا مهما بلغت التحديات والكوارث التى تعانى منها المنطقة.. نختلف أو نتفق فى شؤوننا الداخلية، لكن علينا أن نعترف أن الرجل وضع مصر فى مكانة ريادية عالمية قلما عرفتها من قبل واستغل كل التحديات والمشاكل الإقليمية والعالمية، ليظهر دور مصر وقدرتها على المساهمة الفعالة فى مواجهة هذه التحديات، وطرح بدائل للتعامل معها وأصبحنا فجأة قوة محورية لها ثقل عالمى واضح فى الشرق والغرب.. حينما تم انتخاب الرئيس السيسى كان الكثيرون يعتقدون أن أفضل الأوضاع العالمية لمصر هى الاستكانة والتقوقع حتى تنهض اقتصاديا وتتوافق اجتماعيا، ويكون لها القدرة على مواجهة هذا الكم الهائل من المؤامرات والأطماع الخارجية التى طحنت المنطقة، وكانت سفريات الرئيس الكثيرة ومشاركته المستمرة فى المؤتمرات والمنتديات العالمية وحرصه على عقد لقاءات ثنائية مع رؤساء جميع الدول الكبيرة والصغيرة مثار جدل واختلاف بين السياسيين والمفكرين وتصاعد هذا الجدل مع إقامة مصر للعديد من المؤتمرات الإقليمية والعالمية والاقتصادية، فكان البعض يظن أنها بلا طائل ولا فائدة مما ينفق فيها، ولكن النتائج التى نصل إليها كل يوم تؤكد أهمية هذه التحركات الدولية الكثيفة والحنكة السياسية التى اتسمت بها، ويكفى أن ننظر لنتائج العديد من المواجهات التى أجبرت مصر على خوضها مع دول المنطقة، وكيف نجحنا فى خوض هذه المواجهات وتكوين تكتلات عالمية تساند مواقفنا تجاهها.. فأين نحن الآن من قطر وتركيا وإثيوبيا والجماعات الإسلامية التى كانت تشوه صورتنا أينما كانت.. كل النتائج السياسية جاءت لصالحنا «الحمد لله» وبدون أى خسائر، بل على العكس اكتسبنا احترام العالم وريادة إقليمية يعترف بها الجميع، وفتحنا سبل للتعاون والتوافق مع كل التوازنات الدولية سواء الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين أو أوروبا،  واستطعنا أن نوضح موقفنا فى كافة القضايا العربية، وأن نقنع بها أشقاءنا من الخليج إلى المحيط، وأن نعزز علاقاتنا الثنائية مع القيادات العربية لحل العديد من المشاكل الإقليمية ومواجهة الدول الداعمة للإرهاب وتجفيف منابعه والتعاون فى العديد من المشروعات الاقتصادية الكبرى التى تخدم الاستثمارات العربية وتنميها فى الداخل بدلا من النزوح للخارج.. وتمكنا بعد سنوات طويلة من العزلة والتجاهل أن تصبح مصر رئيسة الاتحاد الأفريقى، وأن تتولى مسؤوليتها تجاه دول الجوار الأفريقى فى مكافحة الإرهاب والمشاركة فى وضع حلول للحروب الأهلية والأزمات العرقية، وأيضا فى وضع ملامح لسوق أفريقى مشترك والعمل على مواجهة الفقر والجهل والمرض الذى يعانى منهم أغلب سكان القارة، ومطالبة الغرب والمؤسسات الدولية بمساعدة هذه الدول والنهوض بها بعد استغلالها واستعمارها لسنوات طويلة.. وقدمت مصر رسالة واضحة للعالم كله فى منتدى أفريقيا 2018 الذى ضم قيادات من كل الدول الأفريقية شرحت فيه بالتفصيل مشاكل القارة السمراء، وطالبت بعمل طرق برية لربط الدول الأفريقية للنهوض بالتجارة البينية ودعم الاقتصاد الإقليمى بالقارة كأول خطوات النهوض الاقتصادى وتداول السلع وفتح الأسواق وتشجيع الاستثمار،  وتشهد شرم الشيخ الآن فاعليات قمة مشتركة بين جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبى برئاسة مصر وبحضور قيادات 50 دولة «22 دولة عربية و28 دولة أوروبية»، ليجتمع على أرضنا رؤساء وملوك الشرق والغرب، ليناقشوا العديد من الملفات المصيرية التى تشغل الدول العربية والأوروبية، وفى مقدمتها قضايا الإرهاب والأمن واللاجئين والهجرة غير الشرعية والأوضاع المتعلقة بالأزمات فى ليبيا واليمن وسوريا والعراق، وكذلك قضايا التجارة والاستثمار والعلاقات العربية الأوروبية فى مختلف المجالات، وأتصور أن هذه القمة التى تقودها مصر ستكون بداية لدور افتقدناه لعقود طويلة وسنعود لنربط ثقافات ومصالح الطرفين ونشكل محور أساسى فى التعاون الدولى بينهما ورغم افتخارنا الشديد بعودة هذا المكانة والتمكن مجددا من هذا الدور، وبشكل أفضل تاريخيا مما سبق.. إلا أن هذا القمة لها موازنات أخرى وتحديات مختلفة يجب أن ننتبه لها، خاصة أن وجود مصالح مشتركة بين أوروبا والعالم العربى قد لا تكون موضع ترحيب من بعض القوى الدولية، وهذه القمة العالمية المصغرة التى تقودها مصر لابد وأنها أقلقت هذه الدول، وقد تظهر ردود أفعالها فى الأيام المقبلة، ولكننى مؤمن جدا بما تفعله مصر الآن ومتفاءل بقدرتها على فرض رؤيتها حول أهمية الاستقرار والاستثمار كمنظومة سياسية واقتصادية نواجه بها مشاكل العالم، سواء الإرهاب أو الفقر أو الحروب الأهلية أو الهجرة غير الشرعية.. مصر الآن لديها ما تقدمه للعالم، وقررت أن تكون من الدول الكبيرة، وأتمنى أن تتقن اللعب مع الكبار، وأن يساعدها أبناؤها فى ذلك.

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة