الشروخ تتسلل لحكومة الرئيس الإيرانى.. استقالة صاحب الابتسامة الدبلوماسية تصدم التيار الإصلاحى..3 أسباب تلخص رحيل"ظريف"..تضييق خناق المتشددين.. رفض تشخيص مصلحة النظام الانضمام لـFATF.. والاتفاق النووى كلمة السر

الثلاثاء، 26 فبراير 2019 12:18 ص
الشروخ تتسلل لحكومة الرئيس الإيرانى.. استقالة صاحب الابتسامة الدبلوماسية تصدم التيار الإصلاحى..3 أسباب تلخص رحيل"ظريف"..تضييق خناق المتشددين.. رفض تشخيص مصلحة النظام الانضمام لـFATF.. والاتفاق النووى كلمة السر وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف
تحليل تكتبه: إسراء أحمد فؤاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"أتقدم بالشكر للشعب الإيرانى الشجاع والمسئولين الموقرين غلى مدى الأشهر الـ 76 الماضي، واعتذر لعدم قدرتى على مواصة مهامى وعن كل تقصير بدر منى" .. بهذه الكلمات المقتضبة قدم وزير الخارجية الإيرانى المعتدل محمد جواد ظريف استقالته المفاجأة على صفته الرسمية عبر موقع التواصل الاجتماعى إنستجرام دون إبداء الأسباب.

أحدثت الاستقالة صدمة بين الأوساط الدبلوماسية الإيرانية لاسيما التيار الاصلاحى والمعتدل المؤيد لروحانى، والتى قد يكون اتخذها جواد ظريف الوزير الأبرز ومهندس الاتفاق النووى الإيرانى، فى وقت سابق من اليوم الأحد، وبحسب مصادر اعلامية ودبلوماسية من داخل طهران قالت لليوم السابع، أن الوزير لم يشاهد اليوم خلال اللقاء الذى جمع الرئيس السورى بشار الأسد والمرشد الأعلى على خامنئى فى واقعة نادرة الحدوث، للوزير الذى اعتاد على حضور مثل هذه اللقاءات.

ظريف

أسباب استقالة الوزير الإيرانى

لتقديم الوزير الإيرانى استقالته عبر وسائل التواصل الاجتماعى كانت واقعة غير مألوفة فى إيران وتحمل دلالات كبرى فى وقت حساس تعانى منه طهران العقوبات والإنقسامات الداخلية والصراعات بين أجنجة السلطة، قد تؤشر عن وجود خلاف مع الرئيس حسن روحانى، حول الاستقالة، التى أعلن مدير مكتبه محمود واعظى عدم قبولها حتى كتابة هذه السطور، نافيا الأنباء التى تداولت قبول روحانى الاستقاله، وبذلك وضع ظريف روحانى بمأزق عبر إحداث فراغ بإحدى أهم الوزارات التى أولى الكثير من الاهتمام بها بعد ترأسه البلاد فى 2013، لاسيما وأنه نقل الملف النووى إلى الخارجية وسلمه بشكل شخصى لجواد ظريف بعد أن ظل الملف لسنوات فى مجلس الأمن القومى دون احداث أى تقدم به.

الوزير الايرانى المستقيل

ويمكن القول، إن استقالة جواد ظريف الذى كان له ثقلاً فى حكومة روحانى، جاءت نتيجة أسباب عديدة فى مقدمتها، بلوغ صراعه مع التيار المتشدد إلى ذروته الأشهر الأخيرة، لاسيما مع رفض المتشددين الذين يهيمنون على مجمع تشخيص مصلحة النظام انضمام إيران إلى مجموعة مراقبة العمل المالي (FATF) والامتثال إلى معايير المجموعة والانضمام إلى اتفاقيتي مكافحة الجريمة الدولية (بالرمو) ومكافحة تمويل الإرهاب (CFT)، بذريعة أنها تعارض خصائص الثورة الإيرانية، وخشية منع تدفق الدعم الإيرانى للحركات الموالية لها ومن بينها حزب الله فى لبنان، رغم دعوات جواد ظريف ورجال الخارجية لرجال المجمع بقبول الانضمام للإتفاقية كى تتمكن طهران والانضمام للسوق العالمى والنظام المصرفى الدولى عبر التنظيم والشفافية البنكية، والهجوم الحاد الذى شنه المتشددون ضده بعد أن كشف عن وجود عمليات غسيل أموال تحدث فى جهات عليا (الحرس الثورى).

وبالعودة للوراء قليلا فقد تفجر الصراع بين وبين المعسكر المتشدد، عندما وقع الاتفاق النووى بعد مفاوضات ماراثونية فى عام 2015 أمام القوى الست الكبرى، ونعت المتشددين ظريف "بالخيانة"، واستدعاه البرلمان للاستجواب بعد توقيع الصفقة ولتقديم إجابات على تساؤلات النواب حول عملية المفاوضات، ووقعت مشاداة كلامية بينه وبين نائب متشدد فى البرلمان، اتهمه النائب فيها "بالخيانة" للمرشد الأعلى، وعدم مراعات الخطوط الحمراء التى حددها فى المفاوضات النووية.

جواد ظريف مع كيري

ويرجح مراقبون أن تكون استقالة ظريف نتيجة ضغوط من النظام للإنسحاب من الاتفاق النووى، الذى انسحب منه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى مايو 2018، وبعد أن أعاد فرض العقوبات على طهران، فى حزمتين هى الأشد فى تاريخها فى أغسمس و نوفمبر 2018، واستهدفت حرمان طهران من مبيعات النفط، الأمر الذى شكل كارثة اقتصادية على ايران من تقليص مخزون العملة الأجنبية وتبعات اقتصادية أخرى.

ظريف1

من هو محمد جواد ظريف؟

ولد محمد جواد ظريف عام 1960 فى طهران، واشتغل بالدبلوماسية والشئون الخارجية، ووصف بالسياسى التكنوقراطى البراجماتى، وعرف عنه إطلاعه على الولايات المتحدة وطريقة عمل الأمم المتحدة، بعد أن أمضى عشرات السنين فى العمل معهم، حيث تلقى تعليمه العالى فى الولايات المتحدة، وحصل على شهادة البكالوريوس فى العلاقات الدولية من جامعة ولاية سان فرانسيسكو عام 1984، وبعدها حصل على شهادة الدكتوراه فى كلية جوزيف كوربل للدراسات الدولية فى جامعة دنفر فى القانون والسياسة الدولية عام 1988.

انضم "ظريف" إلى البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة، حيث عمل مستشارا للأمم المتحدة التى امتدت بين عامى 1982 و1988، وبعد حصوله على شهادة الدكتوراه أصبح ظريف المستشار والقائم بالأعمال فى البعثة الإيرانية الدائمة لدى الأمم المتحدة، وبين عامى 1988 و1989 تم تعيينه مستشارا لوزير الخارجية الإيرانية وقتها على أكبر ولايتى، ثم أصبح أستاذا زائرا فى كلية العلاقات الدولية فى طهران، ومن عام 1989 إلى 1992 عاد ظريف إلى الأمم المتحدة نائبا لمندوب إيران الدائم لدى نيويورك، وبسبب عمله مع الدول الغربية وصداقته لبعض المسئولين الغرب لم يكن محل إعجاب من قبل المتشددين الإيرانيين، وكان يلقى محاضرات بمركز التدريب التابع لوزارة الخارجية فى جامعة بشمال العاصمة الإيرانية طهران.

ظريف2

وبين عامى 1992 و2002 عين ظريف فى منصب نائب وزير الخارجية للشئون القانونية والدولية قبل أن يعود إلى الأمم المتحدة مرة أخرى بين عامى 2002 و2007 مندوب إيران الدائم هناك، وخلال هذا الوقت تولى ظريف مجموعة من الوظائف داخل الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامى وحركة عدم الانحياز.

وشغل وزير الخارجية الإيرانى عضوية التحرير لعدد من المجلات العلمية، بما فى ذلك مجلة "الشئون السياسية والدولية الإيرانية"، ومجلة "السياسة الخارجية الإيرانية"، كما كتب العديد من الأبحاث حول مواضيع مختلفة، مثل نزع السلاح وحقوق الإنسان والقانون الدولى والصراعات الإقليمية، وفى عام 2003 وذلك بحسب "تريتا بارسى" رئيس المجلس الوطنى الإيرانى الأمريكى، وفى عام 2007 كان ظريف المتحدث الرئيسى فى مؤتمر المجلس الإيرانى- الأمريكى الذى حضره "تشاك هيجل" و"دينيس كوسينتش" و"نيكولاس كريستوف" و"آندروس ليدن".

واستقال ظريف من منصبه ممثلا دائما لإيران لدى الأمم المتحدة عام 2007، وهو أول وزير فى الجمهورية الإسلامية يمتلك صفحة على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" و"تويتر" يديرهما بنفسه، على العكس من المتشددين فى إيران الذين يرونها أداة للتجسس وينبغى حجبها.

خاص الوزير المستقال جواد ظريف مفاوضات ماراثونية أمام 6 دول غربية، توجت باتفاق نووى تاريخى وتمكنت طهران من الاعتراف بحقها فى امتلاك الطاقة النووية وقللت مخاوف الغرب تجاه برنامجها، وصفه الإيرانيون بالبطل القومى وشبهوه برئيس الوزراء محمد مصدق فى عهد شاه إيران الذى أمم النفط الإيرانى ووقف أمام إرادة الغرب الطامع فى ثروات إيران آنذاك، وبعد حل أزمة الملف النووى مع الغرب أصبح ظريف رمزا لحل أزمات بلاده، وآملاً لتوفير حياة أفضل للشعب الإيرانى الذى عانى على مدار سنوات من عقوبات أثقلت كاهله وأنهكت اقتصاده، وطمح فى تحقيق انفراجة فى سياسات طهران الخارجية لاسيما فى علاقاتها مع الولايات المتحدة، والانفتاح على كل دول العالم، وإيجاد طريق للخروج من العزلة المتزايدة.

وزير خارجية ايران

واجهة دبلوماسية معتدلة للحوار مع الغرب

وأصبح ظريف وجها معتدلا جديدا لسياسة خارجية جديدة وعد بها روحانى أمام وزراء الخارجية المتشددين الذين سبقوه، واختاره الرئيس الإيرانى لقيادة الوفد الإيرانى فى المفاوضات النووية مع الغرب، نتيجة لعلاقاته الدبلوماسية مع العديد من الأطراف الغربية، وهى سمة مكنته من تخفيف التوترات مع الولايات المتحدة والدول الغربية.

 

 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة