سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 23 فبراير 1920.. «دولت فهمى» تظهر فى مكتب النائب العام وتدعى أنها عشيقة الفدائى عبدالقادر شحاتة

السبت، 23 فبراير 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 23 فبراير 1920.. «دولت فهمى» تظهر فى مكتب النائب العام وتدعى أنها عشيقة الفدائى عبدالقادر شحاتة دولت فهمي

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هرب عبدالقادر محمد شحاتة إلى الشوارع الجانبية بعد أن ألقى القنبلة على محمد شفيق باشا وزير الأشغال، وظل يمشى فى الشوارع حتى وصل إلى شارع النزهة.. «راجع - ذات يوم 22 فبراير 2019».
 
ينقل مصطفى أمين فى كتابه «الكتاب الممنوع - أسرار ثورة 1919» من مذكرات «شحاتة»، أنه لاحظ أن هناك من يتبعه عن بعد.. ويتذكر شحاتة: «أسرعت ومعى صديقى عباس حلمى الذى كان ينتظرنى فى شارع النزهة، ووجدنا مدرسة بنات قبطية، فدخلناها، وشعرنا بأن البوليس يحيط بالمدرسة، وإذا بناظرة المدرسة تطلب منى المسدس وتخفيه، ووصل الحكمدار «رسل باشا» و«إنجرام بك» فلم يجدا شيئا»..يؤكد شحاتة: «لست أعرف اسم هذه الناظرة التى أظهرت هذه الشجاعة العجيبة فى هذه الظروف، وقبض على ووضعت فى السجن، وتعرف على، محمد شفيق باشا وزير الأشغال، ومدير مكتبه حسين سرى «باشا ورئيس للوزراء بعد ذلك».
 
بدأ التحقيق مع «شحاتة» فور القبض عليه بعد ارتكاب الجريمة يوم 22 فبراير 1920، وتواصلت التحقيقات فى اليوم التالى 23 فبراير- مثل هذا اليوم.. يتذكر: «قلت فى التحقيق أننى الذى ألقيت القنبلة، وكانت السلطة العسكرية البريطانية تريد إثبات أن الحادث هو مؤامرة كبيرة، وتبحث عن الشركاء، وتحاول أن تعرف من هم قواد الجهاز السرى، وفوجئت بتوفيق عبدالمقصود الذى كنت أستضيفه بمنزلى يشهد بأننى كنت أبيت خارج المنزل من عدة شهور.. وشهد عبدالعزيز سرى وكيل المحامى الذى كان يقطن فى حجرة بأسفل العمارة بهذه الشهادة نفسها، وإذا بالمحققين يحاصروننى، ليعرفوا أين كنت أبيت؟ ولو ذكرت المكان لعرف الإنجليز حسنى الشيشتاوى «عضو الجهاز السرى وهو الذى رشح عبدالقادر شحاتة للانضمام له»، وعرفوا فهمى، وربما وصلوا إلى بقية الجهاز السرى».
 
كان «شحاتة» محاصرا بالمحققين ومضغوطا بالتفكير، بينما كان قادة الجهاز السرى مشغولون بخطة إنقاذ.. يتذكر وهو على هذا الحال: «إذا بى أتلقى داخل السجن رسالة من الجهاز السرى بأن سيدة اسمها «دولت فهمى» ناظرة مدرسة «الهلال الأحمر» ستتقدم للشهادة، وتقول: «إننى كنت أبيت عندها، وأنه يجب أن أعترف بهذا، ورغم أن هذا يسىء إلى سمعتى وسمعتها، لكنها قبلت أن تقوم بهذه التضحية، واستدعانى النائب العام توفيق رفعت باشا للتحقيق من جديد ليسألنى» أين كنت أبيت؟، فقلت وأنا أظهر الخجل: «كنت أبيت عند دولت فهمى.. وأصدر النائب العام أمرا بالقبض عليها، وجاءت إلى النيابة مكبلة بالحديد».
 
يتذكر شحاتة: «دخلت سيدة حسناء إلى غرفة النائب العام، وإذا بدولت هذه تهجم على، وتقبلنى وتنادينى: يا حبيبى.. يا حبيبى».. واعترفت بأننى أبيت عندها وأننى عشيقها، وذهل النائب العام والحكمدار ووكيل الحكمدار، وحاول الإنجليز إغراء السيدة بأن تمتنع عن هذه الشهادة، وتقرر عدم معرفتى بها، فرفضت رفضا باتا».. يضيف شحاتة: «حكمت المحكمة العسكرية البريطانية على وعلى صديقى عباس حلمى بالإعدام شنقا، ومكثت ارتدى البدلة الحمراء 21 يوما، وفى اليوم الثانى والعشرين استدعانى القائد العام للجيوش البريطانية، وأبلغنى أن جلالة ملك بريطانيا استبدل حكم الإعدام بالأشغال الشاقة المؤبدة طوال الحياة، وكان عمرى وقتها 21 عاما، وأمضيت أربع سنوات فى سجن طرة أكسر الأحجار إلى أن أفرج عنى سعد زغلول فى 11 فبراير 1924».
 
لم تغب «دولت» عن بال «شحاتة» لحظة واحدة طوال سنوات السجن، ويؤكد، أن أهم شىء أراد أن يعرفه بعد خروجه، أين هى؟ من تكون؟، وأين صديقه «فهمى» همزة صلته بالجهاز السرى؟، وكانت المفاجأة: «عرفت أن «فهمى» اسم مستعار، والاسم الحقيقى هو أحمد عبدالحى كيرة «عضو الجهاز السرى وأحد أبطاله المجهولين، وتم تهريبه خارج مصر عام 1922، وقتلته المخابرات البريطانية فى إسطنبول عام 1930».
 
يؤكد: «مضت الأيام ولم أر دولت منذ أن قبلتنى فى غرفة النائب العام فى فبراير 1920، وبحثت عنها فى كل مكان، وسألت عنها زعماء الجهاز السرى، فطلبوا ألا أسأل عنها، وأصررت على السؤال عنها.. كانت تعيش كل هذه السنوات معى فى زنزانتى.. أحسست أنى أحبها.. وأخيرا علمت أن أهلها قتلوها عندما عرفوا من التحقيق أننى بت معها فى بيتها ليلة الحادث.. وأنا الذى لم أرها إلا فى غرفة النائب العام».
 
فى سرده الروائى لدراما «دولت فهمى»، يذكر أحمد مراد فى روايته «1919» أنها من قرية «إبشاق الغزال» مركز «بنى مزار» محافظة المنيا، وأن شقيقها أخذها من القاهرة.. «ترجرج القطار بهما حتى المنيا.. نزلا فأركبها حمارا استأجره ومشى بجانبها.. رحلة قاسية وقف فيها مرة واحدة تحت ظل شجرة جميزة ليريح الحمار.. هناك بدأت تتحدث، أقسمت أنها عذراء.. طاهرة نقية بلا دنس.. وأن ما قالته فى التحقيق كان من أجل إنقاذ رجل من الموت.. اتهمها بالعشق، فأقسمت بالنفى.. ثم حكت ثانية فلم تخترق كلماتها الطين المالئ أذنيه.. أصم لم يلتفت.. لم ينفعل».
 
يصل مراد إلى مأساة النهاية: «حبسها فى زريبة، ثم جرها إلى الجهة الغربية حيث المقابر المهجورة، قبض على مقدمة شعر رأسها جذبه فأوجعها قبل أن يمرر السكين على رقبتها ليشقها».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة