أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 فبراير 1908 .. سعد زغلول يواصل انتقاده لمصطفى كامل ويتعجب من إجماع الناس على أن خسارته لا تعوض

السبت، 16 فبراير 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 فبراير 1908 .. سعد زغلول يواصل انتقاده لمصطفى كامل ويتعجب من إجماع الناس على أن خسارته لا تعوض سعد زغلول

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عقد سعد زغلول، وزير المعارف، اجتماعًا مع مستشار الوزارة الإنجليزى «دنلوب باشا» صباح 16 فبراير- مثل هذا اليوم- 1906، حسب الجزء الأول من مذكرات سعد، تحقيق: «الدكتور عبدالعظيم رمضان.. جمع «سعد باشا» نظار المدارس الثانوية والعالية، وحدثهم فى الشأن الذى دار فى اجتماعه».. غير أن المناسبة حفزت سعد إلى مواصلة انتقاده اللاذع لمصطفى كامل، المتوفى يوم 10 فبراير 1908.
 
يذكر «سعد» أنه تحدث مع «دنلوب» فى كيفية التعامل مع طلاب المدارس فى مظاهراتهم على أثر وفاة مصطفى كامل، ويقول: «تكلمت مع المستشار فى مسائل التلامذة، ومايصنع معهم، فاستقر الرأى على أن لا يصنع شيئًا ضدهم، وأن يراقب منهم من يكون متمردًا ومهيجًا، وجمعت نظار المدارس الثانوية والعالية وحادثتهم فى هذا الشأن، وأكدت عليهم أن يفتحواعيونهم، ويوجهوا إلى هذا الأمر اهتمامهم»، ويضيف: «كانت تشاع عنهم إشاعات مختلفة، فمن قائل إنهم سيطوفون الشوارع حاميلن رايات وأعلامًا سوداء، منشدين قصائد الرثاء، وعليهم علامات الحداد، ومن قائل غير ذلك، واجتمعت عندى أقوال الثقات بأنهم متحمسون للغاية، ويريدون أن يحدثوا حدثًا يكون من وراءه إلفات أذهان الحكومة وإقصاؤه «دنلوب» عن وظيفته».
 
تعجب «سعد» من الحالة التى سادت بسبب وفاة مصطفى كامل.. يقول: «من العجب أن كل الناس كانوا متحركين بشعور واحد، وإحساس واحد، يقولون إن البلاد خسرت بوفاة مصطفى كامل خسارة لاتعوض، وبالغ بعضهم فى أوصافه حتى كاد يجعله فى مصاف الأنبياء، ورٌوى عن محام أنه قال: لوكان مصطفى ادعى النبوة لكنت أول المؤمنين به، وأخذ أصحابه والذين كانوا موظفين عنده ينشرون المقالات الطويلة العريضة عن كيفية تعرفهم به واجتماعهم عليه ومعاملته لهم، ومراسلته، والفائز منهم من ينشرخطابًا تلقاه من المتوفى، أوكلمات وجهها إليه.. وقد ذهب بعض الناس إلى أن الحركة فى مبدأها مدبرة، ثم انتشرت بالعدوى والتقليد هذا الانتشار، وسندوا هذا الزعم بأن أصحاب المتوفى صرفوا يوم وفاته أربعين جنيهًا على التلغرافات التى أرسلوها لجميع الجهات تنعيه، وزعم آخرون بأن للمعية «بلاط الخديو» يدًا فى ذلك، وإنى أظن أن الزعيمين لا يبعدان أن يكونا موافقين للواقع، وأضيف عليها ما قاله قوم من أن الجناب العالى «يقصد الخديو عباس حلمى الثانى»، ساعد على ذلك بإظهاره الانعطاف والارتياح نحو هذه الحركة».
 
كانت حالة سعد يوم «16 فبراير 1908» امتدادًا لحالته يومى 14 و15 فبراير، وخاض حولها نقاشًا حادًا مع قاسم أمين.. يقول «سعد» فى مذكراته: «قاسم بك أمين، وهو من الذين لم يسلموا من لسان المتوفى، فقد حمل على كتابه «تحرير المرأة» حملة عواء، وانتقده أشد الانتقاد، لااعتقادًا بضرورة، ولكن تقربًا من الجناب العالى، ونفاقًا لذوى الأفكار المتأخرة والمتعصبين من الأمة، ومن الذين كانوا لغاية وفاته يعتقدون أنه نصاب خداع، ومنافق كذاب- قاسم بك هذا حضر إلى يوم الجمعة 14 فبراير 1908، فى اليوم الرابع من الوفاة، وكان أول ما بدأنى به: ماذا تقول فى وفاة مصطفى كامل؟، إن اهتمام الناس بها لدليل على تنبه عام، وحياة فى الناس جديدة، وهذه قيمة تستحق الإعجاب، وأنه معجب أيضًا للطفى بك السيد، الذى اقترح إقامة التمثال، ولم يبق عنده الآن شك فى حياة الأمة ونهضتها».
 
يعترف سعد باشا، أنه استغرب من كلام قاسم، وقال له: «نعلم أن الرجل ليس بشىء، وأنه نصاب»، فقال قاسم: «كذلك».. لكن النتيجة التى ترتبت عليه تستحق الإعجاب»، فرد «سعد»: «إن هذا الشعور عظيم».. فى اليوم التالى «15 فبراير1908» كان النقاش أشد وأعنف.. توجه «سعد» إلى بيت قاسم بيك أمين.. يؤكد فى مذكراته: «جرى ذكرالوفاة.. وناقشت قاسم مناقشة شديدة، حاصلها أنى أستغرب من رئيس لجنة الجامعة، ومن صاحب كتاب «تحرير المرأة» أن يكون له مثل هذا الرأى فى مصطفى كامل، وأن يقول إنه موحد الحركة الوطنية فى مصر.. كيف يسند إلى هذا الشاب ذلك الأثر، مع أنه وجد قبل أن يخلق، وقبل أن يصير إنسانًا؟.أين الشيخ جمال الدين الأفغانى، والشيخ محمد عبده، وعبدالله نديم، واللقانى «إبراهيم اللقانى المتوفى عام 1906 محامى وأديب ومن أول قادة النهضة الذين التفوا حول الأفغانى».
 
وأضاف «سعد»: «أين الجرائد التى أنشأها قوم من أصدقائهم وبمساعدتهم؟، أين الثورة العرابية؟. أين الاحتلال؟. أين خلاف اللورد كرومر والخديوى؟. أين المحاكم التى أقامت العدل؟. أين القوانين التى رسمت الحدود وفصلت الحقوق والواجبات؟. أين جريدة المؤيد ومقالاتها الطنانة الرنانة قبل أن يتنازل إلى المقام الأعلى «يقصد مهادنة صاحبها على يوسف للخديو عباس الثانى»، أين الجرائد الأخرى؟. أين كل هذا؟.. أليس هذا إجحافًا بحقوق العاملين أن ننسب هذه النهضة إلى مصطفى كامل وحده؟.
 
رد قاسم: «إنى أعدل قولى، بأنه كان من أكبر عوامل هذه النهضة»، فرد سعد: يجوز أن تقول ذلك، ولكن يلزم أن تفصل الكلام التضحيات التى قدمها.. هو مثل رجل أطلق صوته بالغناء، فوجد إناسًا يسمعون، فاستمر فى غنائه، وصار يزيد من الصياح كلما مازاده الناس إصغاء، ولم يصادف فى طريقه شيئًا من العقبات».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة