كريم خالد عبد العزيز

" سلاح ذو حدين "

الجمعة، 15 فبراير 2019 08:49 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
السكين التي تقطع الطعام الذي يأكله الإنسان ليحيا هي نفسها التي تقطع أحشاءه ليموت .. القلم الذي يمدح ويرفع من قدر أشخاص كثيرين هو ذاته الذي يذم ويخفض من قدر آخرين .. العلم الذي ينفع الناس هو أيضاً الذي قد يضرهم .. الكلمة التي تخرج من فاه الإنسان لتزرع المحبة في قلب إنسان آخر هي نفسها التي تخرج كالأشواك وتجرح وتقطع قلبه .. لأن معظم الأشياء في حياتنا سلاح ذو حدين.
 
لو لم يكن للشيء حدين ما كان لعقل الإنسان أن يكون لأن وظيفة العقل البشري الأساسية هي التمييز بين الأشياء وإختيار أحد النقيضين .. العقل السوي هو من يختار حد الخير وغير السوي من يختار حد الشر .. على كل إنسان أن يفكر بعقله ويحدد إتجاهاته الفكرية ولا ينظر للمعطيات من حوله على أنها واحدات محددة تؤخذ كما هي بل عليه أن يعرف أن كل وحدة يمكن أن تقسم إلى جزئين ليكون كل جزء  له وظيفة مختلفة عن الجزء الآخر ولا يتم هذا إلا بواسطة العقل الذي يقوم بدور السكين التي تقطع لتفصل .. والقلم الذي يكتب ليعبر .. والعلم الذي يُدرس ليُفهم .. والكلمة التي تخرج لتحدد.
 
حتى معاني الكلمات وتفسيراتها قد تكون سلاح ذو حدين .. على سبيل المثال لو قلنا كلمة "وحدة" : العقل الإيجابي سيترجمها إلى الوحدة الوطنية أو الرياضية أو الإنسانية بينما العقل السلبي سيترجمها إلى الوحدة التي تؤلم الإنسان وتكئبه وتعزله عن الناس .. نفس الكلمة لها تفسيران متضادين.
 
حتى الدين لا يُنظر إليه من جهة واحدة فمثل ما يحتوي الدين من نصوص تنذر بعذاب الأشرار يحتوي أيضاً على نصوص تبشر بنعيم الأبرار .. ليس العيب فيما يعرضه الدين وإنما العيب في العقول التي تفهمه من إتجاه أو حد واحد .. ومن هنا خرج رجال دين متشددين لا يفهمون الأمور إلا بطريقتهم الخاصة حسب إتجاههم الوحيد ورجال دين آخرين يعرفون الأمور بالطريقة الصحيحة لأنهم ينظرون إليها من الإتجاهين ويضعون أنفسهم مكان الآخر.
 
أقول لكل إنسان .. لا تنظر للشيء من منظور واحد محدد فتحكم عليه بالسلب أو بالإيجاب وإنما انظر إليه من عدة مناظير وأعلم أن بعقلك تستطيع أن تستخدمه بالأسلوب الذي تريده .. وقبل أن تختار إعلم أن إتجاهك ليس شرطاً أن يكون هو الصحيح لأن غيرك الذي إختار إتجاهك المعاكس قد يكون هو الأصح .. ليس المهم أن تختار وإنما المهم أن تكون مقتنعاً بإختيارك ومطمئناً له كغيرك.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة