واحدة من القصص الدينية الأكثر ذكرا فى الرسالات الإبراهيمية الثلاثة، هى قصة أصحاب الكهف، والتى ذكرت فى الكتاب المقدس فى عهده الجديد "الإنجيل" باسم "السابعة النائمين"، وفى القرآن الكريم تم ذكرهم فى سورة "الكهف".
وتدور قصة أصحاب الكهف عن عدد من المؤمنين الذين آمنوا بعبادة الله الواحد وتركوا عبادة الأوثان، وذلك فى عهد الاضطهاد المسيحى، فى ظل حكم الحاكم الرومانى ديقيانوس، والفتية السبع كما وردت فى الوثائق المسيحية: مكسيميليانوس، أكساكوستوديانوس، يامبليكيوس، مرتينيانوس، ديونيسيوس، أنطونينوس، وقسطنطينوس، (أبو يوحنا).
الذكر القرآنى لقصة أصحاب الكهف التى وردت فى السورة التى تحمل نفس الاسم، لم تختلف كثيرا عن مضمون القصة التاريخية الدينية، إلا أنها لم تحدد عددهم على وجه التحديد كما جاء فى النص الإنجيلى، حيث جاء فى سورة الكهف:"(21) سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّى أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22)".
مدخل كهف الرقيم -عمان الأردن
ورغم عدم إشارة النصوص الدينية إلى مكان محدد لكهف أهل الكهف، إلا أن القصة وموقع حدوثها احتلت اهتماما خاصا عند العديد من المسيحيين خاصة السريان، وتعرف باسم قصة "أهل مغارة أفسس"، ولا يزال بعض السواح إذ يزورون آثار أفسس القديمة، يقصدون بجوار هيكل أرطاميس وكاتدرائية مار يوحنا زيارة كهوف أهل الكهف.
ويذكر كتاب "مسالك الأبصار فى ممالك الأمصار" 1-27 فى 15 مجلد ج2" لصاحبه ابن فضل الله شهاب الدين العمرى، عددا من الأماكن التى نسبت لموضع أهل الكهف، فقيل أن مدينة " أفشين" التركية، هى مدينة أصحاب الكهف، فهم كانوا فى كهف برستاق بين عمروية ونيقية، وهذا الكف هو فى جبل علوه ألف ذراع.
وتابع كتاب "مسالك الأبصار فى ممالك الأمصار"، كما يزعم أهل الشام على قولين فى أصحاب الكهف: فأهل دمشق يزعمون أنهم فى كهف بذيل جبل قاسيون، وهو صورة مسجد على باب شعب لا يعرف إلا بالكهف، لكن المؤلف أوضح أنه قول جهال فهذا المكان لا ورد فيه أثر ولا ظهرت له شبهة تقتضى أن يكون مكان أهل الكهف، فيما قيل فى قول آخر أنهم كان فى قرية تسمى الرقيم، تقارب جبلا هناك فيه كهف أقرب إلى الشبهة بأنه موضع أصحاب القصة، ويقال إن هذا المكان يقع بالقرب من البلقاء من أطراف الشام، لكن يبقى الوضع الأصح كما ذكر معجم البلدان بأنه الكهف المذكور بين عمورية ونيقية وبينه وبين طرطوس عشرة أيام.
كهف أفسوس قرب إزمير
ويوضح كتاب "أطلس الأماكن فى القرآن الكريم" للباحث الدكتور سامى بن عبد الله المغلوث أن الكهف المذكور فيه أصحاب الكهف يقع بين عمورية ونيقية، وبينه وبين طرطوس عشرة أيام، مستندا إلى الموسوعى ياقوت الحموى فى كتابه "معجم البلدان- ج 3، ص 61،63"، والذى ذكر أيضا بعض الأقاويل عن وجوده بالبلقاء نواحى دمشق موضعا يزعمون أنه هو الكهف، كما ذكر أنه فى الرقيم قرب عمان، وذكروا أن عمان الحالية هى مدينة دقيانوس وقيل هى أفسس من بلاد الروم قرب أبلستين.
لكن الكتاب عاد وأشار إلى أن كهف الرقيم الموجود بالعاصمة الأردنية عمان، ظهر فيه ثمانية قبور بالقرب من باب الكهف، وتم العثور على جمجمة كلب "الفك العلوى فقط"، وبعض المقتنيات الأثرية، ما يرجح كفة وجود مكان الكهف الأصلى فى عمان.
الكتاب يشير إلى العثور على جماجم فى كهف الرقيم بالأردن
بينما يوضح كتاب "قرية الفتية أصحاب الكهف (آراء دينية - تاريخية - أثرية - علمية)" للدكتور محمد هشام النعسان، أن هناك عدة أماكن لكهوف يدعى أنها لأصحاب الكهف، تواجد فى نحو 40 دولة، قيل إنه فى قمران أو أيلة بفلسطين، أو طليطلة أو لوشة أو جنان الورد بالأندلس، أو جبل قاسيون فى ظاهر دمشق بالشام، أو نينوى بالعراق، أو جبل عكران بالسعودية، أو قرية المعقاب أو منطقة السعدى أو ذمار باليمن، أو أفسوس إلى عربسون أو طرطوس بتركيا، إلى بريطانيا محتارين بين عدة كنائس بلندن، إلى شبه جزيرة إسكندنافيا (الدنمارك، السويد)، حيث عثروا على سبع جثث غير بالية على هيئة الرومانيين، إلى روما فى جوار الفاتيكان، حيث سراديب وكهوف "الكيتا كومز" وجد رسم على الجدران لأهل الكهف السبعة، كما يعتقد بأنه فى نخجوان بالقفقاز بأذربيجيان، أو كهف الوصيد بإيران.
خربة قمران قرب البحر الميت
ويذكر الكتاب أن المستشرق كلارمون جانو، يرى أن كهف الرجيب بالأردن هو كهف أهل الكهف، بينما يرى الدكتور عبد المنعم سيد أن المكان هو منطقة البتراء، حيث وجد كلمة "رقمو" بالنبطية محفورة على الصخر بمدخل المدينة، كما يوجد نقوش باليونانية على الجدران تعود لسنة 446م، وأكد الكاتب أن هناك من يرى أنها فى نينوى وآخرون يرون أنه فى دمشق، وذكر البعض أنهم كانوا فى روما فى سراديب الكتاكومب أو فى اسكندنافيا، حتى أن البعض ذهب بأنه موجود فى بريطانيا.
وعلق المؤلف: وهكذا يطير الكهف شمالا وجنوبا وكل كهف فيه سبعة قبور!، إن مكان الكهف الحقيقى غير معروف على وجه التأكيد، وما من قرائن تاريخية، أثرية جازمة تشير إلى المكان الذى عاش فيه أصحاب الكهف على وجه التحديد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة