أكرم القصاص - علا الشافعي

مظاليم الفن (1ـ 4).. إبراهيم فرح الشهير بالشيخ عبد القادر: ممثل سودانى مخمور سبب مشاركتى فى الخواجة وتقاضيت عنه 7 آلاف جنيه.. تحملت الضرب بالكرابيج حبا فى التمثيل.. المخرجون حبسونى فى لونى.. وأحلم بتجسيد عطيل

الخميس، 14 فبراير 2019 05:13 م
مظاليم الفن (1ـ 4).. إبراهيم فرح الشهير بالشيخ عبد القادر: ممثل سودانى مخمور سبب مشاركتى فى الخواجة وتقاضيت عنه 7 آلاف جنيه.. تحملت الضرب بالكرابيج حبا فى التمثيل.. المخرجون حبسونى فى لونى.. وأحلم بتجسيد عطيل الفنان ابراهيم فرح
زينب عبداللاه

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كنجوم تضىء فتلفت الانتباه، وجواهر تلمع فتجذب الأنظار، أضاءوا ولمعوا وأبدعوا فنا صادقا لمس القلوب واستقر فى الوجدان.. مشاهد قليلة أو كثيرة محفورة فى الأذهان منحوها صدقا ومشاعر وتألقا جعلها باقية يحفظها ويتذكرها الكبار والصغار، ليصبح أصحابها وأبطالها حاضرين حتى وإن غابوا فترات طويلة، أو لم ينالوا ما يستحقون من شهرة وأضواء وأدوار، وتبقى ملامحهم وأدوارهم وأسماء الشخصيات التى جسدوها محفورة فى أذهان الجماهير التى أحبتهم  حتى وإن لم تشتهر أسماؤهم.

فى الملف التالى نتحدث مع أربعة من مظاليم الفن على حلقات، والذين أبدعوا ومنحوا أدوارهم صدقا ومشاعر وبقاء ورسوخا وأثبتوا أنهم لا يقلون إبداعا وموهبة عن كبار النجوم  الذين وقفوا أمامهم، ورغم ذلك لم ينالوا حقهم وظلوا فى خانة المظاليم.

إبراهيم فرح "الشيخ عبدالقادر"

بوجهه الأسمر ولحيته وملابسه البيضاء يجلس الشيخ عبدالقادر وكأن النور ينطلق من حوله، وينتشر من بين أصابعه، ومع كلماته التى تنطق بالصدق والحكمة ليتحدث مع الخواجة "هيرببرت الإنجليزى" عن حكم المحبة، فيقول بلهجة سودانية فى حوار حفظه الكثيرون وكان من أكثر المشاهد تداولا :" المحبة تحكم.. ..المحبة تستر.. المحبة سر عجيب ، فكل حب يتعلق بسبب يزول بزوال السبب، يعنى الحب ما ينفع بسبب لكنه هو نفسه سبب الوجود، ولو فى سبب يوم من الأيام هيزول ، الحبيب حبيب ، ما عشان جميل ولا كريم ولا لطيف، حبيب بس ، حتى لو منع أو بعد أو غاب".

hqdefault (2)
 

ربما جسدت هذه الكلمات محبة الفنان إبراهيم فرح الذى قام بدور الشيخ عبد القادر فى مسلسل الخواجة عبد القادر للفن والتمثيل، فالفنان الذى جذب الانتباه وأبدع فى هذا الدور المحورى فساهم فى نجاح المسلسل، واستطاع مجاراة عملاق التمثيل يحيى الفخرانى فى المشاهد التى جمعتهما، معا يعتقد الكثيرون أنه من أصل سودانى من شدة اتقانه للهجة السودانية، واشتهر باسم الشيخ عبدالقادر أكثر من شهرة اسمه الحقيقى، وتنطبق حكمة المحبة التى قالها فى هذا المشهد على محبته للفن والتمثيل " فهو يحب الفن حتى وإن منع أو بعد أو غاب" ، وحتى وإن لم يمنحه ما يستحق من أدوار تتناسب مع موهبته وبراعته الفنية التى أثبتها فى هذا الدور الذى كان من أكثر أدواره مساحة وتأثيرا، وأثبت من خلاله انه يستحق أدوارا أكبر، ولكنه يكتفى بالمتاح.

مفاجآت كثيرة عرفناها عندما تحدثنا مع الفنان إبراهيم فرح البالغ من العمر 67 عاما، والذى تنتمى جذوره إلى محافظة أسوان وليس كما هو مشاع بأنه فنان سودانى، يحمل الكثير من صفات وطريقة الشيخ عبدالقادر حتى لا تكاد تفصل بينه وبين الشخصية التى أداها.

WhatsApp Image 2019-01-23 at 2.02.03 PM
 

ولأننا تعجبنا مثل الكثيرين من أن يتمتع بكل هذه  القدرات الفنية، ورغم ذلك لم يكن معروفا قبل مسلسل الخواجة عبدالقادر الذى  تجاوز سنه وقت مشاركته فيه 60 عاما، سألناه " كنت فين من زمان ؟ ، فأجاب ضاحكا :"كان نفسى أسمع السؤال ده من زمان".

وتابع :" مريت بظروف خاصة بسبب إصابة والدى فى حادث فاضطررت لترك  معهد الفنون المسرحية بعد أسابيع من التحاقى به حتى أعمل وأعين أسرتى لأننى أكبر إخواتى".

WhatsApp Image 2019-01-23 at 2.01.43 PM
 

 

يتحدث عن بداياته وعشقه للفن منذ الطفولة :" أنا من أسوان ولكننى مواليد السيدة زينب ووالدى كان موظفا بسيطا فى وزارة الزراعة".

وعن حبه للتمثيل قال :"التمثيل بيجرى فى دمى من الصغر، وكانت أسرتى محبة للفن ، فكان جدى يعزف على العود ، ويمتلك والدى صوتا جميلا ، فكنا نجلس فى ساحة واسعة خلف منزل جدى فى أسوان ونستمع للغناء والعزف ، كما كان أخوالى على درجة كبيرة من الثقافة والقراءة وحب الفن".

وتابع :" فى طفولتى اشتركت بفرق التمثيل بالمدارس ، ومنها تعرفت على الفنان الكبير نور الشريف وكان له تأثير كبير فى حياتى ، حيث كان طالبا فى معهد الفنون المسرحية ويأتى مع زملائه لإخراج مسرحيات المدارس، وكان شارك فى مسلسل القاهرة والناس وفيلم قصر الشوق ، وأول لقاء معه  كنا بنعمل بروفة على المسرح المدرسى ، وبمجرد دخوله جرى الطلبة المشاركون فى المسرحية والتفوا حوله وتركوا البروفة ، فوقفت على المسرح وقلت " إحنا على المسرح والمسرح له احترامه" ، فلفت انتباهه احترامى للمسرح ونادانى وأعطانى رقم تليفونه وعنوان بيت عمته الذى يقيم فيه بالسيدة زينب ونشأت بيننا صداقة وصار من وقتها مثل أخى الأكبر ، حتى جمعنا مسلسل الرحايا وعمرو ابن العاص".

WhatsApp Image 2019-01-23 at 2.03.06 PM
 

ويكمل إبراهيم فرح تفاصيل رحلته الشاقة مع الفن :"بعد حصولى على الثانوية العامة التحقت بمعهد الفنون المسرحية ولكننى تركته بعد اسابيع لأعمل فى شركة الحديد والصلب، ورغم ذلك لم أنقطع عن المعهد ولم أترك الفن فكنت أمثل فى فريق التمثيل بالشركة وأشارك فى مسابقات التمثيل ، حتى فزت بجائزة ممثل أول فى الإلقاء الفردى على مستوى الجمهورية عن تجسيد  شخصية حمدى فى مسرحية "ليلى والمجنون" لصلاح عبدالصبور".

لم يكن هذا الفوز حافزا للفنان إبراهيم فرح بل رأى فيه نهاية الطريق الشاق :" قلت خلاص الحكاية صعبة وأنا مش لاقى سكة والوسط الفنى مليان هاروح فين وسط هؤلاء وأنا ظروفى صعبة ، اهتم بالشغل والدخل والمسئوليات".

WhatsApp Image 2019-01-23 at 4.42.33 PM

كان للصدفة دور كبير فى حياة "الشيخ عبد القادر"، ففى الوقت الذى قرر فيه التوقف عن التمثيل قابل زميله فى المعهد المخرج زكريا يوسف شقيق الفنان حسن يوسف وكان يستعد لمسلسل أطفال بطولة حسن يوسف باللغة العربية الفصحى :" كنت مشهورا بإتقان اللغة العربية لأن أسرتى كانت تهتم بتحفيظى القرآن فى الصغر، و قال لى مش عاوز تحترف وتقف أمام كاميرا فقلت له ايدى على كتفك، وكلمنى فى أغسطس 2001 ، وكان عمرى وقتها 49 سنة ، وسبحان الله كنت خرجت معاش مبكر من أيام ، وبالفعل شاركت بالمسلسل ومع أول مشهد صفق لى الجميع ولم يصدقوا أننى لم اقف أمام كاميرا من قبل وبكيت من شدة التأثر".

لا ينكر الفنان إبراهيم فرح أن لون بشرته الأسمر كان سبب اختياره فى بعض الأدوار التى قام بها، حيث تنحصر غالبا أدوار الفنانين ذوى البشرة السمراء فى أدوار محددة بالأعمال الدرامية والسينمائية :" كنت أؤدى فى هذا المسلسل دور أحد  العبيد ، حتى جاءنى دور فى مسلسل "من حياة الصحابة" وجسدت فيه شخصية سيدنا بلال ، وفى نفس الوقت كنت أشارك فى فيلم "اللعب فوق آثار النوبة" وجسدت فيه شخصية رجل نوبى مسن ، وهى المرة الوحيدة التى مثلت فيها عملين فى وقت واحد، أحدهما باللغة العربية الفصحى والآخر باللهجة النوبية".

ويكمل :"من حبى لشخصية سيدنا بلال فضلت أمثل مشاهد التعذيب فى آخر التصوير ، وأصريت يكون التعذيب حقيقى وأن يجلدونى بكرابيج سودانى حقيقية حتى أشعر ببعض ما شعر به الصحابة وما قدموه للدين".

وتابع :"بعدها اشتغلت مع العظيم اسماعيل عبدالحافظ  فى مسلسل"عفاريت السيالة" وعندما شاهد أسامة انور عكاشة تمثيلى قال ماينفعش تعمل مشهدين وتمشى انت معانا لآخر المسلسل ، ثم شاركت فى عدة أعمال ومنها  مسلسل الرحايا وعمرو بن العاص مع النجم نور الشريف وبعدها شاركت فى مسلسل شيخ العرب همام مع أستاذى يحيى الفخرانى".

كان للصدفة دور كبير فى حياة فرح وفى أدائه لدور الشيخ عبدالقادر فى مسلسل الخواجة عبدالقادر، وعن ذلك يقول :"رشحونى لدور صغير فى المسلسل وهو دور أحد مريدى الشيخ عبد القادر ،  وهو الشخص الذى يغار عندما يعطى الشيخ عباءته للخواجة، وكان  يقوم بدور الشيخ عبدالقادر ممثل سودانى يعمل فى سوريا ، ولكنه كان لا يفيق من الخمر".

ويكمل :" فى أحد أيام التصوير ذهبت كالعادة لأسلم على الدكتور يحيى ، فنظر لى نظرة غريبة ورد على وهو شارد ، فاعتقدت أنه غاضب منى  وسلمت على الممثل السودانى وكانت رائحة الخمر تفوح منه ، وبعد بدء تصوير المشهد الذى يظهر فيه طيف الشيخ ليعاتب الخواجة عبدالقادر على شرب الحشيش سمعت صوت شجار وفوجئت بأن الدكتور يحيى يطلبنى فشعرت بالقلق وبمجرد أن رأيته قال لى  فلان مش هايعمل الدور انت اللى هتعمله ، أنا باسأل نفسى ليه لم اختارك من البداية، هتتعلم اللكنة السودانية وهتعيد المشاهد اللى عملها الفنان السودانى".

لم يصدق إبراهيم فرح نفسه وشعر أنه أمام تحد كبير لأنه سيقف فى كل المشاهد أمام الفنان العملاق يحيى الفخرانى :"أخدت الورق وتدربت مع مصحح اللهجة ، وساعدنى الممثل السودانى الجميل عبد الخالق عمر الذى قام بدور فضل الله على اتقان اللهجة السودانية".

وتابع :" كان الزعيم عادل إمام بيعمل وقتها مسلسل فرقة ناجى عطالله وكنت مرشح أعمل دور وذهبت استأذن الدكتور يحيى فقال لى ماتعملش أى دور غير الشيخ عبدالقادر هذا العام وذاكره كويس وهيكون فاتحة خير عليك".

قد لا يصدق الكثيرون أن أجر الفنان إبراهيم فرح عن أداء شخصية الشيخ عبدالقادر لم يتجاوز 7 آلاف جنيه ، رغم أن الفنان السودانى الذى كان سيؤدى الدور قبله اقترب أجره من مليون جنيه، فضلا عن تذاكر الطيران والإقامة :" كان أجرى عن دورى الأول فى المسلسل 5 آلاف جنيه ، وبعد إسناد دور الشيخ عبدالقادر لى رفعوا أجرى ألفين جنيه ومكسبى الحقيقى مردود الدور وتأثيره لدى الناس".

يؤكد إبراهيم فرح أن شخصية الشيخ عبد القادر أثرت فيه وفى أسرته تأثيرا كبيرا:" احرص على كل أفعالى وأخاف أن أرتكب خطأ وأستحضر دائما شخصية الشيخ وأقول لا يجوز الشيخ عبدالقادر يعمل كدة ، واعتدت أنا وابنتى الصغيرة وهى بالمرحلة الاعدادية فى أى موقف صعب أو أى ضيق أن نقول "يارب يا قادر انقذ عبد القادر".

يؤمن ابراهيم فرح بمقولة أساتذة التمثيل" إذا أردت ان تكون ممثلا فلا يجب أن تمثل"، ورغم أنه شارك فى عدد من المسلسلات بعد الخواجة عبدالقادر ومنها  سراى القبة وجراند اوتيل ونكدب لو قلنا مابنحبش وسراى عابدين وكفر دلهاب وساحرة الجنوب وحلاوة الدنيا ، إلا أن مساحة الدور وتأثيره فى مسلسل الخواجة عبدالقادر كانت أكبر، كما شارك فى فيلم فيلم حرب كرموز الذى يقول عنه :"أصريت يكون مشهد الضرب حقيقى واضربت علقة موت علشان المصداقية".وأضاف :" لا تهمنى مساحة الدور بقدر اهتمامى بالشخصية التى أقدمها"

وعن أعماله القادمة يقول:"أشارك بمسلسل " أهو ده اللى صار"  واقدم شخصية رجل نوبى يمر بثلاث مراحل سنية وفى عز غضبه تظهر شخصيته الكوميدية " ، مشيرا إلى أن مساحة دوره فى هذا المسلسل ليست كبيرة.

وقال الفنان الذى حبسه لونه الاسمر كغيره من الممثلين ذوى البشرة السمراء فى أدوار معينة رغم قدراته الفنية التى جعلت ما قدمه من أعمال قليلة عالقا فى الأذهان :" لماذا يحبسوننا فى لون بشرتنا ، احنا مظلومين فى الأدوار ومش لازم نربط الشخصية بلونى ، كل السيناريوهات التى تعرض على تبدأ بعبارة رجل أسمر كبير".

وأضاف :"فى السينما العالمية أفلام كاملة للزنوج وكل الممثلين بها من أصحاب البشرة السمراء ، وهذه الأفلام تدخل مهرجانات وتحصل على العديد من الجوائز ، فلماذا و مصر هوليود الشرق نحصر أصحاب البشرة السمراء دائما فى أدوار البواب والسفرجى رغم أنهم جزء من تكوين المجتمع المصرى وموجودون فى كل مكان، وعندنا عباقرة تمثيل من ذوى البشرة السمراء لا يجدون فرص".

ويختتم الفنان إبراهيم فرح حديثه قائلا:" التمثيل متنفسى الوحيد ولو توقفت عنه أموت وأحلم بتجسيد شخصية عطيل".

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة