أكرم القصاص - علا الشافعي

رقص فى العلن وخير فى الخفاء .. "3" راقصات يعرفن الله..تدين سامية جمال

الأحد، 08 ديسمبر 2019 08:00 ص
رقص فى العلن وخير فى الخفاء .. "3" راقصات يعرفن الله..تدين سامية جمال أخر ظهور لسامية جمال
زينب عبداللاه

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

البعض ينصبون من أنفسه آلهة..يقسمون الناس بين الجنة والنار..يمنحون صكوك الغفران ويحكمون على البعض بالكفر أو العصيان، يفتشون فى النوايا ويحكمون بالمظاهر، يزكون أنفسهم على الله، ويرون أنهم هم الملائكة وغيرهم شياطين، هؤلاء الذين يلونون الحياة بالسواد ويحاولون إغلاق أبواب الرحمة أمام العباد، فينتقدون حتى أفعال الخير إذا صدرت من البعض، و يقسمون الناس بين الجنة والنارطبقا لما يرتدون من ملابس أو يمتهنون من أعمال، ولا يدركون أن حسابات الله تختلف عن حساباتهم وأن رحمته أوسع وأن أبواب الخير مفتوحة لغيرهم، يدخلها عباد الله بالعمل الصالح الذى قد تعجز أبصارهم عن إدراكه ولكن عين الله تراه.

هؤلاء الذين يرون الفن حراما ويحكمون على الفنانين بالفسق والعصيان وأحيانا الكفر، وتزداد هذه الأحكام قسوة مع الراقصات اللاتى اعتاد الكثيرون أن يرون فيهن الشر ولايقبلن فكرة أن بعضهن قد يكن أفضل عند الله، وأنها قد تأت الله بفعل وعمل صالح يفتح لها أبواب الجنة، وأن من ترقص فى العلن قد يكون بينها وبين الله الكثير من أعمال الخير فى الخفاء، وأنهن قد يكن أفضل من كثيرين يتظاهرون بالتدين والقرب من الله وهم فى الحقيقة أبعد الناس عنه.

لا يدرك هؤلاء أن الجنة يدخلها من أتى الله بقلب سليم وأن أبواب الرحمة والمغفرة مفتوحة للجميع بلا استثناء، وأن الإنسان قد يتق النار بشق تمرة، وأن عشم الإنسان وثقته فى رحمة الله قد تكون طريقه للجنة، وان العلاقة بين العبد وربه لا يستطيع أن يحكم عليها البشر.

فى هذا الملف نعرض الكثير من مواقف راقصات رقصن فى العلن وعرفن الله وتقربن له ووقفن على بابه فى الخفاء دون أن يتاجرن بهذه العلاقة الخاصة ودون أن يلتفتن لهجوم بشر محدودى الرؤية والرحمة.

لا يعرف الكثيرون عنها سوى أنها إحدى أشهر راقصات مصر، الفراشة نجمة السينما والاستعراض سامية جمال، التى تداول الكثيرون أخبار قصة حبها لفريد الأطرش وزواجها من رشدى أباظة وأخبار أفلامها واستعراضاتها وطريقة رقصها، لكن يبقى الكثير من رحلة شقائها لا يعرفه ولم يشعر بها سواها، ويبقى هذا الجزء الغامض فى علاقتها بربها ووقوفها على بابه سراً لم تطلع عليه أحد ولكن جزءا منه تحدث عنه غيرها بعد وفاتها.

عانت الفراشة من قسوة الحياة والظروف وتعذبت بالجوع والضرب فى طفولتها التى حرمت فيها من كل ما هو مسموح لغيرها أو حتى لإخوتها، حيث عانت من أقسى أنواع العذاب على يد زوجة أبيها التى حرمتها من كل شيئ، التعليم، والطعام، واللعب، فكانت الصغيرة مجرد خادمة تنفذ كل أوامر وطلبات زوجة أبيها التى تفوق قدرته كطفلة، حتى هربت " زينب خليل إبراهيم محفوظ" إلى القاهرة ، وبدأت رحلتها مع الفن والرقص وحققت حلمها بمقابلة فنانها المفضل فريد الأطرش بل وتعاونت معه واصبحت بطلة أفلامه واستعراضاته، وجمعتهما علاقة حب ولكن لم تتوج بالزواج بعدما رأى فريد الأطرش أنها لا تناسبه فكسر قلب الفراشة.

وردا على هذا الجرح وافقت سامية جمال علي أول من طلب الزواج منها وهو متعهد حفلاتها الخارجية الأمريكي ريتشارد كينج، ولكنها اشترطت عليه أن يشهر إسلامه، وأن يكون مهرها مسجد يبنيه فى بلدها بني سويف، ولكن سرعان ما وقع الطلاق بينهما بعدما استولى الزوج على كل ما تملك.

عرفت سامية جمال دائما برقتها ورقيها فى التعامل،علمت نفسها بنفسها، كانت عطوفة ودودة، أكسبتها ظروفها وحياتها الصعبة حناناً وعطفاً بلا حدود على الضعفاء والبسطاء.

107647-سامية-جمال-بملابس-الإحرام-فى-أيامها-الأخيرة

وجمعتها علاقة حب بجان السينما الفنان الكبير رشدى أباظة، وتزوجا لمدة 17 عاما كانت فيها سامية جمال نعم الزوجة التى ترعى بيتها وتتجاوز عن أخطاء زوجها وتغفر له زلاته، كما كانت نعم الأم لابنته قسمت، التى عاشت معها حتى بعد طلاقها من رشدى أباظة،

وبعد انفصالهما بـثلاث سنوات رحل دنجوان السينما، وحضرت سامية جمال الجنازة متخفية بإيشارب ونظارة سوداء حتى لا تلفت النظر إليها، وبعدها زارت الفراشة قبره وقرأت له القرآن، وكانت تتمنى أن يموت في حضنها وإلى جوارها ولكن القدر قرر أمرا أخر.

 وفى السبعينات اعتزلت سامية جمال الفن وكان آخر أفلامها «الشيطان والخريف» عام ١٩٧٥، ومن قبله اعتزلت الرقص، إلا أنها وبعد أن وصلت لسن الستين مرت بظروف اقتصادية صعبة ورغم ذلك كانت عزيزة النفس و رفضت عرضاً من أحد أمراء الخليج بأن يهديها جناحاً خاصاً فى أحد فنادق القاهرة الكبيرة لتعيش فيها، ووافقت على عرض الفنان سمير صبرى بالعودة للرقص فى فرقته الاستعراضية.

وفى حوار معنا تحدث سمير صبرى عن هذه الفترة قائلا : غرقت شقة سامية جمال بسبب انفجار ماسورة مياه، وكانت حالتها المادية متعثرة، خاصة أنها كانت متكفلة بشقيقتها وأبناء شقيقتها الخمسة، فخطر لى خاطر بإعادتها للرقص من خلال فرقتى الاستعراضية"

وأضاف متحدثاً عن أخلاق ورقة سامية جمال: «كانت سيدة رائعة، تحضر كل يوم أطواق الفل لبنات الفرقة ليرتدينها فى أياديهن، وتجلس ساكنة تنتظر دورها، ويوم الافتتاح جاء التليفزيون الفرنسى ليصور معنا، فتحدثت الفرنسية فى البرنامج بطلاقة ، ومن عائد هذه الحفلات سددت ديونها، وأصلحت شقتها ودفعت ما عليها من ضرائب، وبعد سنة من هذا النجاح قالت لى: كفاية يا سمير أنا رقصت علشان أسدد ما على من التزامات، والحمد لله سددتها"

وبعد ذلك ابتعدت سامية جمال عن الأضواء وأدت فريضة الحج وكانت أخر ظهور وأخر صورة التقطت لها وهى بملابس الإحرام، ثم اعتكفت فى بيتها تقرأ القرآن وتصلى، وتتصدق على الفقراء متخفية وراء نقاب كما أوضح بواب عمارتها، كما كانت تعشق السيدة نفيسة وتذهب دائما للصلاة، وقبل وفاتها بشهرين اشترت مدفناً وعندما ذهبت لرؤيته وجدت المقاول وضع عليه لافتة " مدفن الفنانة سامية جمال" ، فاعترضت قائلة أن الموت ليس فيه فرق بين فنان وغيره، وأوصت بأن يخرج جثمانها من سلم الخدم وأن يصلى عليها في مسجد السيدة نفيسة، التى كانت تصلى فيه دائما، ورحلت في ١ ديسمبر عام ١٩٩٤، بعد رحلة فن وحب وعذاب ووقوف على باب الله.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة