"دنشواى العزة".. أول حكم قضائى بالإعدام شنقا من محكمة مصرية.. المحاكمة استمرت 3 أيام فقط.. والمجزرة نُفذت ضد 4 مصريين وطنيين عام 1906.. وهيئة المحكمة ضمت أول نقيب للمحامين و"بطرس غالى" و"فتحى" شقيق سعد زغلول

الخميس، 05 ديسمبر 2019 12:00 ص
"دنشواى العزة".. أول حكم قضائى بالإعدام شنقا من محكمة مصرية.. المحاكمة استمرت 3 أيام فقط.. والمجزرة نُفذت ضد 4 مصريين وطنيين عام 1906.. وهيئة المحكمة ضمت أول نقيب للمحامين و"بطرس غالى" و"فتحى" شقيق سعد زغلول دنشواى العزة
كتب علاء رضوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

المشهد عبارة عن منصة إعدام يتدلى منها حبل متين ذي عقدة مميزة يتحكم فيه شخص يظهر عادة مفتول العضلات والشوارب يُطلق عليه "عشماوي"، على رقبة المحكوم، وذلك إيذانًا منه بتنفيذ العقوبة.. تلك هي الصورة التي تتناقلها السينما والدراما المصرية في تصوير عمليات الإعدام وهي بالفعل صورة شبه حقيقية لعملية تنفيذ عقوبة الإعدام في مصر حاليًا، بينما كان مسألة تنفيذ حكم الإعدام مختلفاَ قديماَ.  

 

الإعدام منذ العصر الفرعوني

مصر في حقيقة الأمر عرفت عقوبة الإعدام منذ وجود الدولة الفرعونية حيث اتسم تنفيذها حينها بالشدة والقسوة، وذلك عبر أغلب العصور الفرعونية، فقد كانت السلطات فى العصر الفرعوني في ذلك الوقت تعطي الشخص المحكوم بالإعدام أعشاب تخفف عنه بعضًا من آلام التعذيب حتى يموت، وهو الأمر الذي تتبعه بعض الدول الأوربية حالياَ.  

46445951_540655466383603_3997960755474333696_n

عرفت مصر عقوبة الإعدام كما ذكرنا منذ العصر الفرعوني مروراَ بالعصر القبطي والإسلامي سواء الأموي أو العباسي وغيرها من الدول والممالك التي قامت مروراَ بعهود الاحتلال، كما حدث مع "سليمان الحلبي" قاتل كليبر في زمن الحملة الفرنسية وغيرها من أحكام الاعدام، ولكن تلك الأحكام لم تكن المحكمة فيها مصرية خالصة ولم يكن يحكمها قانون الدولة.

 

حادثة دنشواى

إلا أن واقعة "دنشواى" تُعد أول تنفيذ لحكم بالإعدام شنقاَ في العصور المعروفة بالحديثة تلك الواقعة التى كانت بمثابة انطلاق للثورة المصرية ضد الاحتلال الإنجليزي ووقف فيها أهالي قرية دنشواى بمركز الشهداء ضد ضباط الاحتلال الإنجليزي، تلك الحادثة التي هزت أركان بريطانيا جاءت أحداثها في 11 يونيو 1906 عندما تحركت القوات البريطانية من القاهرة إلى الإسكندرية عبر الطريق الزراعي ثم وصلت إلى المنوفية يوم الأربعاء 13 يونيو 1906.  

908

وفى تلك الأثناء – كان صيد الحمام ممنوعاَ بحكم القانون ولكن البريطانيين تجاوزوا كل الحدود وما أن وصلوا إلى دنشواى بقيادة "الميجور كوفين" وأصبحوا يتجولون بالقرب من القرية المنكوبة وتراهنوا لاصطياد الحمام من على أشجار دنشواي، وبالفعل قام كل من "كوفين"، و"بول" و"بوستك"، بإطلاق الأعيرة النارية لاصطياد الحمام بجوار الأشجار.

 

 لحظات سقوط مبروكة

شاءت الأقدار فى تلك اللحظات أن يتوغل الجنود داخل القرية لوجود أبراج الحمام ويصوب "بورثر" بندقيته إلى جرن الحمام الخاص بمؤذن القرية الشيخ محمد عبد النبى، ولأن الوقت كان وقت الحصاد وكانت أبراج الحمام في الجرن الذي يوجد فيه القمح فإن شرارة إحدى الرصاصات أشعلت الحريق في المحصول واعترض فلاح وصاح الفلاحون وكانت في أيدي القوات الإنجليزية البنادق ومع الفلاحين الطوب والحصى، وكانت في الجرن وقت الضرب مبروكة أول شهيدة زوجة محمد عبد النبي مؤذن الجامع أصابتها رصاصة فهاجم زوجها الإنجليزي فضربه الإنجليزي بكعب بندقيته.

912

 بدأت عمليات الصراخ والعويل من سيدات القرية، فهب الفلاحون وأصيب الضابط "ستوك" وجرى بفزع فأسرع كل من "بول وبوستك" بالهرب لإحضار النجدة من المعسكر، وفى الطريق سقط "بول" مغشيا عليه من آثر العطش وأشعة الشمس الحارقة، وقام جنود المعسكر لنجدة المحتجزين في القرية ولكنهم في الطريق يجدون زميلهم ميت، وأندفع الجنود الإنجليز باتجاه القرية وقاموا بمهاجمة البيوت والأجران والحقول فقبضوا على 60 فردا نجح ثمانية في الهرب من رجال وشباب القرية واحتجزوهم داخل الجامع تمهيدا لمحاكمتهم.

 

التحقيقات في تلك الواقعة جرى بشكل سريع وعاجل، وذلك لأن ضابطًا مات من أثر ضربة شمس بعد هروبه من دنشواي، وأصر اللورد كرومر الغاضب جدا مما حدث لضباطه وأهانتهم وموت أحدهم والقبض على بقيتهم من أهالي القرية وصمم على الانتقام من أهل القرية وإلا سوف تكون العواقب وخيمة على مصر وفى يوم 20 يونيو 1906 أي بعد انقضاء سبعة أيام على وقوع الحادثة

37390801_1709305659182685_6033984341376237568_n

نصب المشانق قبل صدور الأحكام

والغريب والعجيب الذى لم يتحرج منه الإنجليز أنه فى يوم 18 يونيو 1906 نصبت المشانق في مدينة "دنشواي" قبل صدور أية أحكام ضد الأهالي، وانعقدت المحكمة في يوم الأحد 24 يونيو بشبين الكوم وعين عثمان مرتضى رئيس أقلام وزارة الحقانية سكرتيرًا للمحكمة، والهلباوى مدعيًا عامًا، كان عدد المتهمين 52 قدموا مقبوضًا عليهم، وكان منهم سبعة من الغائبين.

 

قائمة الشهداء

استمرت المحاكمة ثلاثة أيام 24، 25، 26 يونيو، وفى صباح الأربعاء 27 يونيو، صدر الحكم الذي تلاه سكرتير الجلسة وكان يقضى بإدانة 21 متهمًا، انتهت المحاكمة بإعدام أربعة، وهم كل من: "حسن محفوظ، ويوسف سليم، والسيد عيسى سالم ومحمد درويش زهران"، وبالأشغال الشاقة المؤبدة على أثنين، والأشغال الشاقة 15 عاما لواحد والأشغال الشاقة 7 سنوات على 6 آخرين، والجلد 50 جلدة بالقطة الإنجليزي ذات الأذرع الخمسة على 8 من أهل القرية، وأن يتم الإعدام والجلد بقرية دنشواي وأن يقوم مدير مديرية المنوفية بتنفيذ الحكم فورًا.

37420332_1709306029182648_6589371746447523840_n

في تمام الساعة الثانية بعد ظهر يوم الخميس 28 يونيو جرى تنفيذ الحكم، في نفس المكان الذي مات فيه الكابتن بول كان يتم شنق واحد ثم ينفذ الجلد في واحد وهكذا بالتناوب، والأهالي يشاهدون ما يجرى أمامهم حتى انتهت المجزرة.

 

قضاة المذبحة

أبطال هذه المذبحة من داخل جدران القضاء، بطرس غالي ترأس المحكمة التي أصدرت الأحكام الجائرة على فلاحي مذبحة دنشواي، وإبراهيم الهلباوي الذي كان شيخ المحامين في ذلك الوقت، وأكثرهم شهرة، وأحمد فتحي زغلول شقيق الزعيم الوطني سعد باشا زغلول.  

 
في عام 1910 تحين الفرصة لـ"الهلباوى" ليكفر عن خطأه الذي ارتكبه، ففى 20 فبراير من ذات العام أطلق صيدلي شاب أسمه "إبراهيم الوردانى" الرصاص على "بطرس غالى" الرئيس السابق للمحكمة التى أصدرت أحكام "دنشواى"، فقرر "الهلباوى" الترافع عنه وقال فى مرافعته:"جئت للدفاع عن قاتل القاضي الذي حكم على أهالي دنشواي بالإعدام، جئت مدافعًا أستغفر مواطنينا عما وقعت فيه من أخطاء شنيعة، اللهم أني أستغفرك وأستغفر مواطنينا".
 

 

911
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة