كشف التصنيف المعروف بـ"PISA" أي "برنامج تقييم الطالب العالمي"، جنسيات أفضل الطلاب في العالم من حيث الأداء في عدة مواد، وسط اكتساح آسيوي للمراكز الأولى.
وبحسب التقرير الأكاديمى، الذى يجرى الإعلان عنه كل ثلاث سنوات، وتجريه منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD، والتي تعتبر المعيار الدولي الرئيس لقياس جودة الأنظمة التعليمية في البلدان المختلفة، فإن الطلاب الصينيين، هم الأوائل على مستوى العالم، وفقا للنتائج التى تم الإعلان الرسمي عنها فى مقر المنظمة بالعاصمة الفرنسية باريس.
ويقوم هذا البرنامج على تقييم قدرات الطلاب في ثلاثة مواد، وهي الرياضيات والعلوم والقراءة، واعتمد على عينة ضخمة من 710 آلاف مراهق يبلغون 15 عاما وينحدرون من 79 بلدا في العالم.
كانت الدول الخمس الأولى في الاختبارات ، التي تم إعلان نتائجها فى التقييم السابق 2016 ، سنغافورة، واليابان، واستونيا، وتايوان، وفنلندا، حيث حصل الطلبة في سنغافورة على 556 نقطة في المتوسط، مقارنة بالمتوسط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وقدره 493 نقطة، في الوقت الذي كانت فنلندا تحتل مركز الصدارة في التفوق في مجال التعليم.
لماذا تم اختيار الطلبة في عمر 15 سنة؟
تم اختيار متوسط العمر 15 سنة لأن الشباب في معظم الدول تقترب من نهاية مرحلة التعليم الإلزامي، ويعتبر اختيار المدارس والطلبة شاملاً قدر الإمكان بحيث تأتي عينة الطلبة من مجموعة واسعة من الخبرات والقدرات.
وحل السنغافوريون في المرتبة الثانية، بينما جاء إقليما هونغ كونج وماكاو، الخاضعان للحكم الذاتي في الصين، في المركزين الثالث والرابع.
جاء طلاب إستونيا في المركز الخامس، ثم تلاهم الطلبة الكنديون في المرتبة السادسة، والفنلنديون في المركز السابع، أما كوريا الجنوبية فحلت في المركز الثامن، فيما جاء الطلاب البولنديون في رتبة تاسعة، وتبعهم السويديون في المركز العاشر.
وبحسب النتائج، فقد تقدمت دولة الإمارات 8 نقاط في مهارات الرياضيات، وحلَّت المدارس الخاصة في دبي في المرتبة 19 عالمياً، فيما حلت المغرب ضمن آخر 5 دول في اللائحة، حيث احتل المرتبة 75، ويعتبر المغرب البلد الافريقي الوحيد، وسادس بلد عربي، إلى جانب الإمارات العربية المتحدة، السعودية، الأردن، لبنان، الذي يشارك في هذا البرنامج الدولي لتقويم التلاميذ فى دورة 2018، فيما جاءت لبنان وكوسوفو والدومينكان والفلبين التي تذيلت الترتيب.
وأغلب الدول ذات الأداء الجيد كانت ممثلة بتلاميذ مسجلين بالمستوى العاشر ، ومستوى الحادية عشرة.
قدرات تطبيق مهارات التعليم فى الحياة اليومية
ويقيس البرنامج الدولي لتقييم الطلبة " PISA "، مدى قدرة الطلبة على استخدام مهارات الحياة الواقعية في مجالات الرياضيات والعلوم وبالقراءة وتطبيقها في المواقف العملية اليومية، وما يتطلبه ذلك من مهارات كالثقة، والقدرة على حل المشكلات، والمثابرة، والتعاطف، والتي ترتبط جميعها بجودة الحياة.
ويوضح التقرير أن الطلاب لم يسألوا عن الأمور الأكاديمية بشكل صرف، بل طلب منهم أيضا أن يتحدثوا عن أنفسهم وعلاقتهم بالآخرين ونظرتهم للمستقبل، وتسعى الدراسة إلى فحص مدى جاهزية الطلاب المقبلين على إنهاء مرحلة التعليم الإلزامي، ومدى استعدادهم للإندماج والمساهمة في بناء المجتمع.
وكانت أول مرة في عام 2000، ويعد البرنامج الدولي لتقييم الطلبة، اختبار يجرى كجزء من بحث دولي في مجال التعليم، الذي يتم مرة كل ثلاث سنوات، منذ عام 2000، ويتم الاشراف على الدراسة من قبل إدارة التربية والتعليم من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).
الاستعداد للعالم الرقمي
وألقت النتائج التي توصلت إليها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الضوء على مخاوف حيال "الجاهزية للعالم الرقمي"، لكن عدد الدول التي تريد التعرف على مدى ملائمة طلابها للمعايير الدولية في مجال التعليم يتزايد في الفترة الأخيرة.
وأصبحت هذه الاختبارات، التي تصنف الدول حسب متوسط درجات الطلاب في كل دولة، من أدوات القياس المؤثرة في معايير التعليم الدولي، إذ توفر منظورا مختلفا مقارنة بالاختبارات المحلية، ويدخل الطلاب تحديات حقيقية أثناء هذه الاختبارات، والتي قد تكون في شكل أسئلة تتناول اتخاذ القرارات المالية السليمة، وتحقيق الاستفادة المثلى من المعلومات.
وعلى سبيل المثال، كان هناك سؤال في اختبارات 2018 يقيس مهارات القراءة، مبني على أساس حوار متخيل على أحد منتديات الإنترنت، وفيه يتساءل صاحب مزرعة دواجن عما إذا كان تناول دجاجه للأسبرين آمنا أم لا.
ويزود البرنامج البلدان المشاركة كل 3 سنوات بالبيانات والتحليلات المنهجية للنظر في تأثير قرارات السياسات والبرامج ذات الصلة، وإذا كانت التقييمات أكثر تواتراً ، فلن تمنح الوقت الكافي للتغييرات أو الابتكارات لإظهار التحسن أو التراجع ، وإذا كان التكرار أقل، فذلك يعني أن التراجع في الأداء لا يمكن معالجته على الفور.
انتقادات بعدم الدقة
وكتبت صحيفة "شوسن إلبو" الكورية الجنوبية، أن تصنيف البلد الآسيوي تراجع بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة بعدما كان يحتل الصدارة.
في غضون ذلك، كتبت صحيفة "واشنطن بوست"، أن عدة أسئلة تثار بشأن هذا التصنيف لأنه لا يتسم بدقة كبيرة، وأوردت أن 100 مؤسسة أكاديمية في العالم طالبت بحظره، وأضافت أن هذا التصنيف قوبل بالانتقاد بسبب عدة ثغرات مثل الاختلاف حول الأسئلة المطروحة في الاختبارات ومعايير اختيار العينات التي تشارك في الدراسة الواسعة.
وتتكون منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من 37 دولة، أغلبها دول متقدمة، مثل الولايات المتحدة، واليابان، ودول أعضاء في الاتحاد الأوروبي،وشاركت 79 دولة وإقليم في هذه الاختبارات، مما يُعد رقما قياسيا، حيث شارك 800 ألف.
وفي كل عام يختار التقييم العالمي حقلًا واحدًا يخصّه بتقرير أكثر تفصيلًا، وهذا العام كان لمهارات القراءة، حيث يهدف التحليل إلى تحديد تأثير المستويات الاجتماعية والاقتصادية على متوسط درجات مهارات القراءة، وقد تبين أن هذين المعيارين كان لهما دور بنسبة 12% في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
الفتيات يتفوقن على الفتيان فى القراءة
كشفت النتائج عن وجود فوارق كبيرة بين أداء النساء والرجال، إذ ثبت أن الفتيات يتفوقن في الأداء على الفتيان في القراءة، ويظهرن تقدما هامشيا عليهم في العلوم (بمقدار نقطتين في المتوسط)، بينما أثبت الفتيان تفوقا على الفتيات في اختبارات الرياضيات ( بنحو خمس نقاط).
رغم ذلك، أشارت النتائج إلى أن الفجوة التعليمية بين الدول المتقدمة والدول النامية ليست كبيرة كما يعتقد البعض.
أكد الاستقصاء نتائج تم التوصل إليها في وقت سابق تشير إلى أن تكليف الطلبة بفروض منزلية كثيرة، أو بمواد تعليمية إضافية لم يكن بالضرورة عاملاً أساسيًا من عوامل النجاح في العلوم.
جدلية الصين
كانت الصين هي صاحبة التصنيف الأعلى في ثلاث من الجولات الأربع الأخيرة في هذه الاختبارات الدولية، لكن كان هناك تحفظ بأن مشاركة الصين كانت مقتصرة على مناطق معينة في البلاد.
وكانت فنلندا هي الدولة صاحبة الأداء الأفضل في النسخ الثلاث الأولى من اختبارات برنامج التقييم الدولي للطلاب في أعوام 2000، و2003، و2006، بينما احتلت سنغافورة الصدارة في اختبارات 2015.
شلايشر الأب الروحي للمقارنات التعليمية
وتفيد عملية المشاركة في هذا التقييم الدولي، صناع القرار التربوي في تقدير البيانات الناتجة عن التقييم، بغية الاستفادة منها في رسم السياسات والتخطيط الملائم المرتبط بالمواد المشار إليها، وإجراء التصحيح المستمر في المنهجية التعليمية المتعلقة بها.
والمسؤول عن الاختبارات "أندريس شلايشر"، وهو إحصائي ألماني، وباحث في مجال التعليم، ويعمل في مقر المنظمة في باريس، وقد أصبح شلايشر الأب الروحي للمقارنات التعليمية، حيث تتمتع آراؤه باحترام كبير في الدوائر التعليمية حول العالم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة