سيدة لم تعرف من الأمومة سوى اسمها، ولا من العاطفة سوى نطقها، حيث أعمت الأموال قلبها، فراحت تبحث عنها بشتى الطرق، حتى وإن كان ذلك على حساب رضيعتها، التى استغلتها فى أعمال التسول لجمع أكبر قدر من الأموال، فقررت تأجيرها لمتسولة تدفعها لها يوميًا مقابل 100 جنيه إيجار، بواقع 3 آلاف جنيه شهريًا، حيث باتت هذه الطفلة بمثابة «الصندوق السحرى» للأم، تدر عليها الأموال دون عناء، فيما استفادت السيدة المتسولة من الطفلة المستأجرة فى استعطاف قلوب المواطنين وجمع مزيد من الأموال دون عناء.
تتحرك الأم يوميًا من منطقة عين شمس قاصدة منطقة وسط البلد، حيث تكون المتسولة فى انتظارها تتسلم الرضيعة من والدتها، وتستبدل ملابسها بأخرى ممزقة، وتتأكد من سوء منظرها قبل البدء فى مراسم عملها.
«شارع الألفى» بوسط البلد، مسرح الجريمة الذى تمارس به المتهمة جريمتها فى جمع الأموال، والقدرة على استخراجها من «جيوب المواطنين» من خلال عبارات وقصص حزينة تلقيها على مسامع المواطنين والجالسين على الكافيتيريات بالشارع، فسرعان ما يتعاطفون معها، ويخرجون «اللى فيه النصيب» ويضعونه بين أيديها.
ساعات قليلة تتحرك فيها المتسولة فى الشارع ذهابًا وإيابًا كفيلة لجمع مبالغ مالية ضخمة، تأخذ منها 100 جنيه تعطيها لوالدة الطفلة التى تعود بها لمنزلها، حتى «ترضع» وتنام، قبل أن تعود لممارسة مهامها فى اليوم التالى.
«الست دى أصبحت مألوفة لينا.. وبتجمع فلوس كتير»، هكذا تحدث «إسلام.م» عامل بإحدى الكافيتيريات بشارع الألفى لـ«اليوم السابع»، مضيفًا «تحمل طفل أو طفلة، مش متذكر، على يدها وتستعطف الزبائن على الكافيتيريا، ولا تتحرك حتى تحصل على الأموال، وكانت تتسبب فى إحراج لنا مع الزبائن، ونحاول التصدى لها، لكنها تكرر المحاولة عدة مرات حتى تجمع الأموال، وأحيانًا توزع سلع «تافهة» لجمع الأموال مثل «السوادنى»، وأحيانًا أخرى تلجأ لتوزيع الكتب الدينية وأوراق تشير لعدم قدرتها بالإنفاق على أسرتها، وكلها أمور واهية لجمع الأموال.
«شوهوا منظر الشارع الحضارى.. والحمد لله إن الشرطة خلصتنا منهم».. هكذا تحدث «شريف.م» أحد سكان الشارع لـ«اليوم السابع»، مضيفًا «المتسولين يستغلون زحام الشارع وجلوس الزبائن على الكافيتيريات، خاصة الأسر و«الناس المبسوطة» ويتسارعون نحوهم لجمع المال، والمتهمة كانت أحد هؤلاء المتسولين».
وبدورها، قالت المتهمة «أعمل فى مهنة التسول منذ عدة سنوات، وسبق صدور حكم ضدى قبل 5 سنوات من الآن، وأتسلل لمنطقة وسط البلد المزدحمة بالمواطنين للحصول على الأموال منهم، خاصة بشارع الألفى الذى يموج بالعديد من الكافيهات التى تجلس عليها الأسر». وأضافت المتهمة «اتفقت مع سيدة تدعى «سماح.م» تبلغ من العمر 19 سنة ومقيمة فى مساكن عين شمس وهاربة من القضية رقم 5677 لسنة 2018 فى الدقى بالجيزة «تسول»، والمقضى فيها بالحبس شهرين بجلسة 21 مايو 2018، وذلك بقصد استغلالها فى أعمال التسول».
وأردفت المتهمة «اتفقت مع والدة الطفلة على منحها 100 جنيه يوميًا مقابل «استلاف» الطفلة منها، واستغلالها فى استعطاف قلوب المواطنين، حيث إن البعض يتعاطف مع الأطفال، وبذلك أتمكن من الحصول على مبالغ مالية أكبر، والمبلغ الذى كان برفقتى جراء عملية التسول».
وأرشدت المتهمة عن والدة الطفلة، وتم إيفاد مأمورية أمنية والقبض عليها، حيث اعترفت الأم باتفاقها مع المتسولة على إيجار الطفلة بـ100 جنيه يوميًا، حيث تجمع 3 آلاف جنيه جراء عمل الطفلة الرضيعة شهريًا، ولسان حالها يقول «المفعوصة بتصرف علينا».
ووردت معلومات لضباط إدارة رعاية الأحداث مفادها قيام إحدى السيدات تدعى «سماح.ط» تستأجر طفلة رضيعة وتستغلها فى استجداء المارة وأعمال التسول بشارع الألفى بمنطقة الأزبكية معرضة حياتها للخطر، مما يعد جريمة بالاتجار بالبشر بالمخالفة للقانون رقم 64 لسنة 2010م مكافحة جرائم الاتجار بالبشر والقانون رقم 12 لسنة 1996م المعدل بالقانون رقم 26 لسنة 2001م من قانون الطفل، وبإجراء التحريات تبين صحة ما ورد من معلومات.
وعقب تقنين الإجراءات وبإعداد الأكمنة اللازمة بأماكن تردد المتهمة تم ضبطها، وتبين أنها تدعى «سماح.ط» تبلغ من العمر 23 سنة، ربة منزل مقيمة فى منطقة أبو وافية فى الشرابية، ومطلوب التنفيذ عليها فى القضية رقم 1780 لسنة 2014م الموسكى «تسول» والمقضى فيها بالحبس شهر بجلسة 19 يونيو 2014، وعثر برفقتها على طفلة رضيعة تدعى «وعد.و» تبلغ من العمر 9 أشهر، وبحوزتها 300 جنيه وهاتف محمول.
