أكد الدكتور مصطفى الفقى مدير مكتبة الاسكندرية إن الأديان براء من الجرائم التى ترتكب باسم الدين، وأن الحديث فى الشأن العام مفتوح أمام الكافة طالما أن هناك التزاما بالوطنية المصرية، ولكن يظل الحديث فى الدين للعلماء.
جاء ذلك فى افتتاح الحلقة النقاشية التى أقامتها مكتبة الإسكندرية بعنوان "مسئولية الحديث فى الشأن العام "الإسلام والسياسة"، وشارك فيها عدد كبير من العلماء، ورجال الدين، والمثقفين والإعلاميين.
وأضاف مدير مكتبة الاسكندرية أن مصر لا تعرف الطائفية التى تتجذر فى دول أخرى، وتخلف الصدامات بين الطوائف آلاف القتلى والجرحى، أما المسلمون والمسيحيون فى مصر فهم أخوة، من دم واحد.
ومن جانبه نبه الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، إلى ضرورة استخدام مصطلح "التأسلم السياسي" بدلا من "الإسلام السياسي"، لافتا إلى أن هذه الظاهرة تحولت من دعوة تدعى أنها إسلامية، وتدعو إلى إحياء شعائر الإسلام فى نفوس الناس، والتمسك بالقيم الإسلامية ومكارم الأخلاق إلى كابوس مزعج للأمة الإسلامية، والعالم بأسره. وشدد على أن الإخوان المسلمين، والجماعات التى خرجت من عباءتها، حولوا الدعوة الإسلامية إلى دعوة إجرامية هدامة، وكل مرحلة مرت بها هذه الجماعات كانت أسوأ وأضل سبيلا من سابقتها.
واستعرض مفتى الجمهورية، أسباب وعوامل انهيار وفشل مشروع "التأسلم السياسي" مؤكدا أنه حمل منذ نشأته عوامل الفشل فى ذاته، وهو ساقط أخلاقيا وإنسانيا ودينيا، لأنه قام على أسس واهية ومفاهيم خاطئة وتصورات باطلة.
وأضاف علام، أن جماعات التأسلم السياسى توزع الأدوار فيما بينها، فهناك جماعة لنشر المفاهيم الجامدة واختصار الإسلام فى مظاهر بعينها، وجماعة أخرى تتبنى العنف، وجماعة ثالثة تشارك فى الانتخابات، ولا غرض لها إلا مناهضة الدولة.
واستطرد مفتى الجمهورية، قائلا: "لعلنا نتذكر فتاوى التكفير، وغزوات الصناديق، ووصول المشروع المتأسلم إلى سدة الحكم، وفشل أصحاب هذا المشروع وهم فى الحكم أن يغالبوا شهوة أسلوب الجماعة التى هى فى وجدانهم فوق الدولة والمؤسسات وكل شيء، ولم يستطع هؤلاء أن يذوبوا فى نسيج مصر وشعبها وحضارتها، ولم يعرفوا معنى المؤسسية والولاء للوطن، فأبت كرامة المصريين الشرفاء أن تنحدر مصر إلى هذا المنحدر، وهذا دليل على سلامة ونقاء وعظمة الشعب المصرى".
واختتم قائلا: "سقط مشروع التأسلم السياسى، ولم يسقط الإسلام، وجميع شعائر الإٍسلام متجذرة فى قلوب المسلمين، مصونة من إخواننا الأقباط، ونحن نقف صفا واحدا مع وطننا فى ظل قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي".
وتناول الأنبا أرميا رئيس المركز الثقافى القبطى مفهوم الشأن العام من زاوية مصالح البلاد، واللجوء إلى رأى المتخصص فى مجال تخصصه. مضيفا أن الشأن العام يحتاج إلى بناء المواطن، واتاحة وسائل المعرفة من مصادرها الحقيقية، واحترام حقوق وحريات الأفراد، وغرس روح المواطنة، وإبراز الإنجازات والمشروعات التى تتحقق، والتوعية بمخاطر الفكر المتطرف.
وتحدث فى الحلقة النقاشية كوكبة من المفكرين والعلماء والشخصيات العامة، حيث أشارت الدكتورة آمنة نصير أستاذة العقيدة والفلسفة الإسلامية إلى تكريم الله للإنسان، فى الوقت الذى تستغله الجماعات التى تتخذ الدين ستارا لتحقيق مآرب سياسية. ودعا الدكتور سعد الهلالى أستاذ الفقه المقارن إلى أهمية أن يشمل الخطاب الدينى توقيرا للأديان، واحترام دين الآخر، والتحلى بروح المسئولية والمواطنة، ولفت الوزير السابق منير فخرى عبد النور إلى أهمية أن يراعى الخطاب الدينى الوحدة الوطنية سواء كان اسلاميا أو مسيحيا، وأشار الكاتب حلمى نمنم وزير الثقافة السابق إلى أن مشروع الإسلام السياسى غير قابل للنجاح والاستمرار، لأنه ينطوى على أفكار متناقضة وغير سوية، وتابع: أن الإخوان المسلمين هو نسخة من مذهب ولاية الفقيه لدى الشيعة، حيث استبدلت المرشد بالفقيه.
ومن ناحية أخرى أكد الدكتور عبد المنعم المشاط أستاذ العلوم السياسية أن الدولة القومية الحديثة تقوم على الفصل بين الدين والدولة، وليس معاداة الدين، داعيا إلى تواصل أفضل مع أفراد المجتمع، ولاسيما الأجيال الشابة بهدف نقل أفكار التقدم والمواطنة والتسامح على نطاق واسع.
وقال الدكتور نظير عياد، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، أن الشأن العام هو المظلة التى تندرج تحتها المصالح الخاصة، والرؤى الفردية، مشيرا إلى أن الأزهر يشارك فى الشأن العام من خلال العديد من المبادرات منها بيت العائلة الذى يعزز ثقافة المواطنة، والعلاقات بين أبناء الوطن الواحد.
وبدأت الحلقة النقاشية بعرض فيلم تسجيلى قصير عن جرائم جماعات الإسلام السياسى التى استهدفت مصر وشعبها. ويعد هذا اللقاء ضمن مشروع "إعادة إحياء كتب التراث"، الذى تشرف عليه الدكتورة الشيماء الدمرداش العقالى، والذى سبق أن عقد ندوة عن العلاقة بين الدين والدولة نشرت أعمالها لاحقا فى كتاب منذ عدة أشهر.
جانب من اللقاء
جانب من المتحدثين
مصطفى الفقى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة