كشفت صحيفة الجارديان البريطانية، أنه تم استهداف الهواتف المحمولة لما لا يقل عن 24 مسؤولًا حكوميًا باكستانيًا فى وقت سابق من هذا العام بالتكنولوجيا المملوكة لشركة التجسس الإسرائيلية "NSO Group".
وكان عشرات من كبار مسؤولى الدفاع والمخابرات الباكستانيين من بين أولئك الذين كان من الممكن تعرضهم للخطر، وفقًا لمصادر مطلعة على الموضوع - تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم - وتم اكتشاف الاستهداف المزعوم خلال تحليل 1400 شخص كانت هواتفهم محور محاولات القرصنة فى فترة أسبوعين فى وقت سابق من هذا العام، وفقًا للمصادر.
واستغلت جميع عمليات الاقتحام المشتبه بها ثغرة أمنية فى برنامج "واتس آب"، والتى من المحتمل أن تسمح لمستخدمى البرامج الضارة بالوصول إلى الرسائل والبيانات الموجودة على هواتف الأهداف، ودفع اكتشاف الاختراق فى مايو الماضى، شركة "واتس آب"، المملوك لشركة فيس بوك، إلى رفع دعوى قضائية ضد NSO فى أكتوبر الماضى، حيث اتهمت الشركة بالوصول غير المصرح به وإساءة استخدام خدماتها.
واتس اب
ادعت الدعوى أن الاختراقات استهدفت المحامين والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين والدبلوماسيين وغيرهم من كبار المسؤولين الحكوميين الأجانب، فيما قالتNSO ، إنها ستعارض بشدة هذا الادعاء وأصرت على أن تقنيتها لا تستخدمها إلا وكالات إنفاذ القانون فى جميع أنحاء العالم لاقتلاع المجرمين والإرهابيين ومثليى الجنس، بينما يعطى الاستهداف المزعوم للمسؤولين الباكستانيين أول نظرة ثاقبة على كيفية استخدام برنامج التجسس "Pegasus" الخاص بتوقيعNSO للتجسس "من دولة إلى دولة".
تثير التفاصيل أيضًا أسئلة جديدة حول كيفية استخدام عملاء NSO لبرامج التجسس الخاصة بها، فيما يتم تسويق هذا النوع من برامج التجسس على أنه مصمم للتحقيقات الجنائية، وقال جون سكوت رايلتون، الباحث البارز فى سيتيزن لاب، وهى مجموعة بحثية أكاديمية تقع فى جامعة تورنتو، إن :السر المفتوح يكمن فى أنه يتم استخدامها أيضًا فى المراقبة السياسية والتجسس من الحكومة، وعملت مع "واتس آب"، للمساعدة فى تحديد ضحايا الاختراق المزعوم".
ويقول تقرير الجارديان، "تساهم شركات برامج التجسس بشكل واضح فى انتشار التجسس التكنولوجى للدولة، ولا توجد حكومة تبدو محصنة بشكل خاص، وهذا ربما يزيد من صبر الحكومات فى جميع أنحاء العالم مع هذه الصناعة".
ومن جهتها، رفضت السفارات الباكستانية فى لندن وواشنطن، طلبات متعددة للتعليق، كما رفض "واتس آب"، التعليق، كذلك رفض ممثلو NSO التعليق على أسئلة حول ما إذا كان قد تم استخدام برنامج الشركة للتجسس الحكومى، رغم أنه سبق وصرحت شركة "NSO"، بأنها "تعتبره "إساءة استخدام" لمنتجها إذا تم استخدام البرنامج لأى شىء آخر غير منع "الجريمة الخطيرة والإرهاب"، وفى حين أنه ليس من الواضح من أراد استهداف مسؤولى الحكومة الباكستانية، فإن التفاصيل من المحتمل أن تثير تكهنات بأن الهند ربما كانت تستخدم تكنولوجيا NSO للمراقبة المحلية والدولية.
تواجه حكومة رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى، أسئلة من نشطاء حقوق الإنسان حول ما إذا كانت قد اشترت تقنية NSO بعد أن تبين أن 121 من مستخدمى "واتس آب" فى الهند قد تم استهدافهم فى وقت سابق من هذا العام، وشمل الرقم حوالى 20 ضحية مزعومة من الصحفيين والناشطين ومحامى حقوق الإنسان، وهى حقيقة دفعت معارضى مودى فى المؤتمر الوطنى الهندى إلى البحث عن تحقيق من المحكمة العليا فى هذا الشأن.
لم تعلن باكستان عن الاختراق المزعوم، لكن هناك علامات على أن الحكومة، بقيادة رئيس الوزراء عمران خان، تتخذ خطوات لمعالجة هذه المسألة، وقد قال الدكتور أرسلان خالد - الذى يشغل منصب كبير مستشارى خان فى القضايا الرقمية - فى تقارير صحفية محلية، إن الحكومة تعمل على تطوير بديل لتطبيق "واتس آب"، لاستخدامه فى البيانات الحكومية الحساسة وغيرها من المعلومات السرية، وبحسب ما ورد، نصح المسؤولون الحكوميون فى وزارة تكنولوجيا المعلومات فى باكستان، المسؤولين بالتوقف عن مشاركة المعلومات السرية عبر "واتس آب"، واستبدال الهواتف الذكية التى تم شراؤها قبل مايو 2019، وفقًا للتقارير الصحفية المحلية.
فيما، قالت NSO مرارًا وتكرارًا إن برامج التجسس الخاصة بها لا تُستخدم إلا فى مكافحة الإرهاب والجرائم الأخرى، مثل اختطاف الأطفال والجرائم الجنسية، وادعت الشركة أن استخدام الحكومات لبرامج التجسس الخاصة به قد أنقذ حياة الآلاف، ووضعت NSO أيضًا سياسة جديدة لحقوق الإنسان، تهدف إلى "منع وتخفيف" إساءة استخدام برامج التجسس الخاصة بها، وتنص السياسة على أن عملاء NSO لديهم "التزامات تعاقدية" للحد من استخدام منتجات الشركة على "منع الجرائم الخطيرة والتحقيق فيها، بما فى ذلك الإرهاب، ولضمان عدم استخدام المنتجات لانتهاك حقوق الإنسان".
لم تعلق NSO على ما إذا كانت قد تابعت أى تحقيقات داخلية فى اختراق "واتس آب" المزعوم، فيما تم ربط الهند لأول مرة بـNSO فى عام 2018، عندما حدد تقرير من Citizen Lab ، 36 من مشغلى Pegasus الذين تبين أنهم يستخدمون البرامج الضارة فى 45 دولة، وتم العثور على أحد المشغلين، والذى قام Citizen Lab بتحديده وتسمية الكود "Ganges"، منذ عام 2017، وأصبح نشطًا فى الهواتف المحمولة فى خمسة مواقع، هي: الهند وبنجلاديش والبرازيل وهونج كونج وباكستان، بينما لم يحدد Citizen Lab من يعتقد أنه وراء "نهر الجانج"، لكن البيانات الواردة فى تقريره تشير إلى أن معظم الشبكات المصابة بالتهابات كانت فى الهند.
وقال أب جوبتا، المدير التنفيذى لمؤسسة حرية الإنترنت (IFF)، فى مقابلة مع صحيفة الجارديان، إن حكومة مودى كانت مراوغة فى الإجابة على أسئلة النشطاء حول ما إذا كانت الحكومة قد اشترت أو لم تكن قد اشترت أو لم تقم مطلقًا بشراء تقنية NSO.
فيما، قال رافى شانكار براساد، وزير التكنولوجيا الهندى، فى تغريده، فى 31 أكتوبر الماضى، بعد أنباء عن الضحايا الهنود المزعومين، أن الهند "تشعر بالقلق إزاء انتهاك الخصوصية" على (واتس آب)"، ومع الضغط على ما إذا كانت الحكومة قد أبرمت أى عقود مع NSO، قالت وزارة الداخلية الهندية، إنه "لا توجد معلومات عن الحكومة التى تطلب Pegasus على الإطلاق"، وذلك وفقًا للتقارير المحلية، فيما رفضت السفارة الهندية فى واشنطن التعليق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة