إن الحق في التنمية هي عملية متكاملة ذات أبعاد إقتصادية وثقافية وسياسية تهدف إلي تحقيق التحسن المستمر لرفاهية الشعوب ويعتبر مفهوم المشاركة من أكثر المفاهيم المرتبطة بالحق في التنمية أهمية فهو الوسيلة الأساسية التي يمكن من خلالها حشد كل طاقات المجتمع ومصادره بشرية كانت أم طبيعية ومكافحة عدم المساواة والتمييز والفقر وأشكال التهميش الأخرى لفئات تعاني من الحرمان في المجتمع كالمرأة والأقليات وحتى تكون المشاركة ذات تأثير فعال يجب أن لا تقتصر على اتخاذ خطوات حتى لو كانت هامة وجوهرية بهدف تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وإشراك الأفراد والجماعات للوصول إلى ذلك الهدف بل يجب أن تكون تلك المشاركة ديمقراطية في صياغتها وفي نتائجها إن ضمان المشاركة بطريقة ديمقراطية وتساوي الفرص وتحقيق الاحتياجات الأساسية للإنسان تشكل جوهر الحق في التنمية وتوفر تلك الشروط الأساسية لاحترام حقوق الإنسان وتمكين الأفراد من الانخراط في دائرة الفعل السياسي والاجتماعي كما أن احترام حقوق وحريات الإنسان الأساسية هدف أساسي له إن دعم حقوق الإنسان في حد ذاتها كحقوق مدنية و سياسية و اقتصادية و اجتماعية و ثقافية يتطلب احترام و إعمال حقوق الشعوب فبما أن دعمها أيضا مسؤولية المجتمع الدولي ان هذه الشروط تتطلب رفع العراقيل الخارجية و القبول بقواعد أكثر عدالة في العلاقات الاقتصادية والسياسية لذا نجد أنه من بين أهم الأسباب لعدم تحقيق تلك التنمية المنشودة غياب الإرادة السياسية في المقابل ضعف السياسات العمومية المتبعة نظرا لتفاقم المديونية وبطئ الإصلاحات الإقتصادية والإجتماعية وعدم الإهتمام برأس المال البشري وغياب فرص الإستثمار نتيجة لتواجد اختلالات بنيوية عميقة ومن الواضح أنه لا يمكن إيجاد مجتمع عادل بيئيا واجتماعيا عندما تكون الحياة الاجتماعية فيه واقعة تحت هيمنة وتأثير قوى السوق والربح كما أن النزعة الاستهلاكية غير المقيدة تؤدي إلى الاستغلال وبناء عليه فإن معالجة تلك القضايا يتطلب تفكيرا جديدا يعترف بالعلاقة المتداخلة بين الإنسان والبيئة في ظل التنمية التي توازن بين التغير الإبداعي والتقدمي والمحافظة على البيئة وتحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز سعادة الأفراد والمجتمع وتستطيع المؤسسات العامة فيها الحفاظ على نوع من التضامن الاجتماعي الذي يمكن من خلاله المساهمة في سعادة وخير الجميع فمفهوم التنمية لم ينحصر في المستوى الاقتصادي فقط بل يتعداه إلى الممارسة الفعلية لجميع الحقوق بدون استثناء كما يربط بين التنمية وحقوق الإنسان في عالميتها ويعتبر الدولة المسئول الأول والأساسي للحق في التنمية
- ونجد ان الاتفاقيات الدولية تتضمن حقوقا يجب ان تكفلها الحكومات لمواطنيها كالحق في العمل اللائق وليس مجرد العمل والحماية الاجتماعية لاسيما للفقراء والعاطلين عن العمل والمسنين وحقوق الاسرة وتحسين الظروف المعيشية عموما وتأمين وضمان الصحة والتعليم للجميع وحق السكن اللائق والمشاركة في الحياة الثقافية بحرية إن شعوب الدول النامية تحتاج إلى إعمال الحق في التنمية في بلدانها من خلال سيطرتها على مواردها وثرواتها الطبيعية يتطلب وضع سياسات تنموية تستند أساسا إلى تشريع قوانين وتشريعات تنموية ضافة إلى ضرورة أن يشكل الدستور وثيقة تنموية عامة ينطلق منها واضع السياسة في وضع خططه التنموية بناء علي الواقع وأولوياته فلا تنمية مع التبعية وتحرير الإرادة الوطنية كما أن هناك ضرورة لوضع سياسات للنهوض بالتعليم والقدرات العلمية والتكنولوجية حيث اصبح اطراد التنمية واكتساب مزايا تنافسية رهنا بتوافر قوى عاملة متعلمة وماهرة وبتوافر قاعدة وطنية متينة للعلم والتكنولوجيا وثمة حاجة الى سياسات للمحافظة على البيئة وصيانتها في سياق التنمية حيث لم يعد يجدي تأجيل التعامل مع قضايا الموارد الطبيعية ومشكلات التلوث وما اليها الى مراحل متقدمة في مسيرة التنمية واخيرا ثمة حاجة الى ئسياسات لاعادة تصحيح الهياكل والمؤسسات القائمة واستحداث هياكل ومؤسسات جديدة تعمل كقنوات توصيل وتفعيل للسياسات المراد تنفيذها وتكفل المشاركة الشعبية والإرادة السليمة والحكم الجيد بكل مقوماته إن دعم التمتع بحقوق الإنسان الاقتصادية و الاجتماعية يتطلب أكثر من مجرد إقرار شبكات للضمان الاجتماعي في إطار نفس السياسات الداخلية و الدولية المنتجة للفقر و للأوضاع التي تتطلبها هذه الشبكات
هيثم عواد حسين
عضو تنسيقية شباب الأحزب والسياسيين
الحزب الناصري