طارق الحريرى يكتب: يوميات المترو (9).. معركة فى عربة السيدات

الخميس، 19 ديسمبر 2019 02:00 م
طارق الحريرى يكتب: يوميات المترو (9).. معركة فى عربة السيدات مترو الأنفاق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

إحدى عربتى السيدات يسمح فيها بركوب الرجال اعتبارا من التاسعة مساء، والحقيقة العربتان المخصصتان للنساء غالبا ما تقل الأعداد فيها كثيرا اعتبارا من الثامنة أو السابعة مساء، فى حين يزداد الزحام فى العربات الأربعة االباقية المشتركة التى لا تقتصر على الرجال، وهذا النظام فى تقسيم عربات القطار ما بين عربتين للنساء وأربع عربات مشتركة متبع فى خطوط مترو الأنفاق الثلاثة، وفى كل هذه الخطوط يخف كثيرا.

وصل القطار إلى المحطة وأبطأ وهو يستعد للوقوف، كنت أقف فى بداية العربة المشتركة الملاصقة لعربة السيدات التى يسمح فيها بالركوب للرجال اعتبارا من التاسعة، ولمحت هذه العربة بها مقاعد خالية، بينما العربة المشتركة مكتظة بالركاب، فنظرت إلى الساعة المعلقة فى سقف المحطة فوجدتها تعدت التاسعة بحوالى دقيقتين.. خوفا من تكون ساعة المحطة غير دقيقة أخرجت بسرعة الموبايل من جيبى أراجع ساعتة التى ضبتها بدقة مع الساعة الصوتية للسنترال ووجدت أن الساعة تعدت التاسعة بثلاث دقائق، لم أفوت الفرصة وقفزت فى عربة السيدات التى انتهى حظر ركوب الرجال فيها وذهبت إلى أحد المقاعد الخالية.

فجأة وجدت نفسى كمن كان يتجول فى حديقة الحيوان وسقط فى قفص ضوارى مفترسة، هاجت ضدى بضراوة بنات حواء فى العربة، كان القطار قد تعطل قليلا وتعالت الأصوات إنزل دى عربية سيدات، إيه اللى جابك فى العربية بتاعتنا، ولأننى كنت على ثقة أننى لم أخالف القانون تجاهلت محاولة طردى من العربة، ولم أبد أى استجابة لطلبات نزولى ولم أتحرك بتاتا من على مقعدى، لكن نبرة الأصوات الناعمة بدأت تتحول إلى زعيق وشخط ونطر، إلا إننى واصلت تجاهلى على هذه الثورة الفاشلة.. هدوء أعصابى و"تطنيشهم" وعدم الالتفات نحوهم جعلهم يستشيطون غيظا ضدى، فاخذوا يصبون على غضبهم، مش نازل وأعلى مافى خيلكم اركبوه.. طيب والله لأكون مودياك السجن لو حا أروح معاك المحكمة الدستورية.. انفجرت بضحة مدوية أمام جهل هذه السيدة التى لا تفهم طبيعة عمل المحكمة الدستورية.. قمت برد متهكم.. المحكمة الدستورية ترفض التعامل معاكى.. وبدأ فاصل من الهجوم الجماعى ضدى.

- نادى يا بنتى على العسكرى الراجل ده دبور زن على خراب عشه.

- إذا كان فاكر نفسه فتوة إحنا كمان عندنا فتوات.

- هو أيه ده ياخواتى هى المرازية فى البيت وفى المترو كمان.

- إحنا نتلم ونجرجره نرميه برة العربية.

- نجيب له العسكرى هو اللى ينزله غصب عنه.

- آه يدفع غرامة والحكومة توريه شغله وتعلمه يحترم القانون.

- هو إيه ياختى الراجل اللى مايعرفش العيب ده.. وقابل على نفسه يحشر نفسه بين الستات.

تحولت العربة إلى حلبة مصارعة دون اشتباك بالأيدى، بين رجل وحيد ومجموعة من النساء، ثم وقفت فتاة لا تتعدى العشرين دميمة بدرجة خاصمتها فيها أى لمحة جمال وأقتربت منى تصيح فى هياج

- رجالة آخر زمن بيتلككوا عشان يقربوا من الستات.. وانت مين يعبرك.. إوعى تكون فاكر نفسك فيه واحده ممكن تعبرك فى العربية.

- وهو انتى من ساعة ماطلعت العربية شفتينى بصيت لوحده.. ولا عبرت واحدة من اللى لقحوا كلام ورديت عليها.

- ليه هو انت تستجرى تبص ولا تعاكس.

- أن كان على البص أقدر أبص ونص.. أما المعاكسه فأخلاقى ماتسمحش بكده.

- طيب لو عندك أخلاق اتفضل انزل من عربيتنا.

- دى عربية المترو مش عربية حد.

- لا دا إنت باين عليك مش ناوى تيجبها لبر.

قامت إحدى السيدات واتجهت إلى الباب تنادى يادفعة.. يادفعة.. يادفعة يا بتاع الشرطة.. تعالى بسرعه فى واحد راكب فى عربيتنا.. متنح وقليل الذوق ومش عايز ينزل.

ما أن صعد الجندى أغلق الباب بعد أن قفز فى اللحظة الأخيرة عدة رجال من أبواب مختلفة فى العربة وبدأوا فى الجلوس.. نظر الجندى حوله.. كان فى موقف محرج وهو يظن أن عدة رجال يخالفون القواعد وعليه تصويب الموقف.. فنبه بصوت عالى.. ياحضرات.. الرجاله اللى فى العربية لو مانزلتش المحطة الجايه أنا التعليمات عندى أوقف القطر.. وتيجى قوه تنزلكم غصبن عنكم.. رد أحد الركاب مش حاتقدر يادفعه توقف القطر لأنك لو عملت كده حتعرض نفسك ياوحش للمسؤولية.. إزاى يعنى وأنا بنفذ القانون.. هاجت الستات لتأليبه على الرجال فى العربة.. وبدأ الموشح

- شوف ياختى الراجل غلطان وبيهدد العسكرى الغلبان.

- الرجاله باين عليهم اتجنوا.

- والله أنا لو فى أيدى سلطه كنت حبستهم.

- لا.. دول ما يتسكتلهمش.. دول لازم يروحوا القسم.

- (انفعلت إحداهن بعصبية) والله لامسك الشبشب وأشبشب التخين فيهم

فى التو رد أحد الركاب شبشب مين ياولية ياشرشوحة يا بقية النسوان.. والله أقطعهالك قبل ما تمديها وأمشيكى بنص دراع.. أمسكت بها الجالسه بجواره عندما همت بالقيام قائلة إخذى الشيطان.. الراجل دا باين عليه شرانى.. وشكله مسجل خطر.. العسكرى حايجيب الحكومه تجرجرهم على الكركون.

ناديت الجندى وهمست له بص الساعه كام فى موبايلك يا دفعة.. أخرج الموبايل من جيبه ونظر فيه بذهول وهو يحدث نفسه بصوت خافت النسوان كانوا حيودينى فى مصيبة لو كنت وقفت القطر.

وصل القطار للمحطة التالية.. نزل الجندى وسط ترقب الستات لرد فعله.. وقف ونظر للستات مؤنبا كنتم حا تودونى فى داهيه.. ثم ركب أكثر من رجل.

نظرت السيدة الوحيدة التى كانت ترقب الموقف ولم تفتح فمها بكلمة واحدة إلى ساعة يدها.. تكلمت بصوت مرتفع ما كانشى فيه داعى لكل اللى حصل.. أحنا يا ستات اللى غلطنين.. فردت عليها الشرشوحة ليه ياختى اسم الله عليكى.. عشان الراجل اللى ركب فى الأول ركب بعد الساعة تسعة.. يعنى ما غلطشى فى حاجه.. إحنا ياستات اللى غلطنا.  







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة